في القسم الأول من ملف (الشباب والمؤسسات الثقافية)، عرضنا لجملة من آراء المبدعين حول دور المؤسسات الثقافية في دعم الشباب الموهوب. وجاءت وجهات النظر متقاربة في مطالبتها بمزيد من العمل على استقطاب إبداعاتهم، حيث لا غنى لهذه المواهب عن دعم مؤسسي جاد يمنحها ما تحتاجه من دعم لتنمو وتزهر.
وفي القسم الثاني، تواصل صفحة فضاءات أدبية، استنطاق مبدعين ونقاد، لا يلقون باللوم على المؤسسات الثقافية، بقدر ما يحملون الشباب أنفسهم، أسباب إخفاقاتهم، نتيجة لرغبتهم في الظهور السريع والانتشار كالبرق، دون اعتناء حقيقي بتجاربهم من خلال الحضور والمشاركه والتفاعل والنشر.
ينظرون لأنفسهم كأفراد
إن ما ينقص هؤلاء الشباب –كما يرى الشاعر كريم رضي - أن يكونوا أكثر إصرارا على احتضان ذواتهم، "فلا تنس وأنت تفتح باعك للعالم أن تحتضن ذاتك، وجميع الأجيال والموجات الإبداعية التي اجتاحت العالم بدأت من شعور المجموعات أنها تمثل موجة تطرح ذاتها وثيماتها، لكن لا يزال الشباب لدينا ينظرون لأنفسهم كأفراد، كل شاعر مهتم بذاته لا بالمرحلة ولا بالجيل الذي يمثله، لذلك فيما عدا موجة شعراء السبعينيات وهي الموجة الطليعية لا نستطيع إجرائيا وصف المجموعات بأنها تمثل اتجاها".
ويعتقد أن أكثر سلبية في الشباب: أنهم لا يلتقون ببعضهم البعض ولا يحاورون أنفسهم وتجاربهم بشكل منظم ومنتظم، "صحيح أن على النقد دور يأخذه تجاههم، لكن في النهاية الدور الأساسي في صناعة التجربة وصهرها في أتون القراءة المتبادلة هو وظيفة الجيل نفسه بلا شك".
هذا لا يعني، بحسب رضي، أن المؤسسات الثقافية تقوم بما يكفي لاحتضان وتنمية المواهب الشبابية، "عليها بذل جهد أكبر في هذا المضمار، فلا توجد مهرجانات إبداعية مخصصة للشباب ولا مجلات أو مطبوعات مخصصة للإبداع الشبابي، كما لا يوجد نقد مختص لإضاءة التجارب الشبابية كما كان يفعل المعلم الكبير أستاذنا د.علوي الهاشمي في الصفحات الثقافية التي كان يحررها مثل حقيبة الأدب وغيرها والتي أخذت بيد مواهب كثيرة على الطريق الصحيح".
تذبذب الدعم
ويلاحظ الروائي والقاص أحمد المؤذن أن تعاطي المؤسسات الثقافية سواء الرسمية أو الأهلية مع المواهب الأدبية والفنية يتذبذب في المستوى العام من حيث طبيعة مفهوم الثقافة وكيف يتم إنتاجه واستهلاكه، "وبالتالي هناك تفاوت في الدعم، مثلا دعم الكتاب البحريني في الفترة الماضية من حوالي ثمان أعوام مضت، سجل تراجعا محبطا وصارت مدد الانتظار لكي يحصل الكاتب البحريني على فرصة إصدار نتاجه الأدبي ربما يحتاج لثلاث سنوات".
ويضيف: إن الكاتب المحلي يضطر في نهاية المطاف لتمويل نتاجه من جيبه الخاص، الجمعيات الأهلية المهتمة بالثقافة من مراكز شبابية أو سواها، مستوى الدعم الذي تقدمه محدود وضمن نطاق ضيق. هناك بعض المحسوبيات وهذا مفروغ منه لكن لا نستطيع التعميم، فيما يخص الجانب الفني لم تعد هناك الحماسة الكافية من قبل بعض مراكزنا الشبابية لدعم الحركة المسرحية أو تخريج أجيال جديدة .
ولا يتفق المؤذن مع أي حكم مسبق بشكل قاطع، في مسألة مستوى الدعم للمواهب الجديدة وفي أي مجال، فالأمور تؤخذ بروية بحسب رأيه، ومن المهم إعطاء الفرص وتوزيعها بشكل عادل سواء في المجال الأدبي أو الفني، ومن يمتلك الموهبة الحقيقية وعنده حلم يقاتل في سبيله فسوف يفرض نفسه. وفي النهاية يبقى التسويق ضمن الحدود الشخصية فقد ينجح أو بالعكس. ونحن في مملكة البحرين لابد لنا من اجتياز عقبات ومطبات كثيرة كي نضع أقدامنا على بداية الطريق في أي مجال، وهذا ما مررت به على صعيد تجربتي مع الكتابة.
لا موطيء قدم
أما الروائي والقاص جابر خمدن، فيقول بوضوح إن المؤسسات الثقافية لا تدعم المبدع، ولا تكتشف المواهب الجادة والواعدة سواء في الأدب أو في الفنون الأخرى، ضاربا مثلا على ذلك بتجربته مع ابنته الفنانة التشكيلية، "لقد وفرت لها البيئة المناسبة لكي تبدع، ودفعت من جيبي لمن علمها وللدورات التدريبية التي انتظمت فيها. وثابرت وتخصصت جامعيا في الفن الجرافيكي، حتى أتقنته. لم يدعمها أحد سواي، بالمقارنة مع زميلاتها من دول الخليج، اللاتي يحدثنها عن الدعم الكبير الذي يحظين به".
كذلك الأمر بالنسبة للكاتب الناشيء، كما يرى خمدن، "لا أجد أحدا يهتم به. إن هناك كثيرين من ذوي الموهبة في الشعر والسرد وكذلك النقد لكنهم مجهولون، بعضهم لم يجد من يأخذ بيده، وآخرين أبحروا في منصات التواصل وتمكنوا من نشر إبداعاتهم وكونوا صداقات وعلاقات أدبية مع كوكبة من الكتاب في الوطن العربي، وأنا أحد هؤلاء. على الأقل كونت لي صداقة وتواصلا افتراضي في مصر توجته بمقابلة أولئك المبدعين في معرض القاهرة للكتاب، ومازلت على تواصل معهم، ومشاركة في كتب ومجلات مشتركة".
ويعود خمدن ليؤكد: مقارنة بمؤسساتنا لن تجد دعما منها إلا إذا كانت لك صلة ببعض الأشخاص فيها، وإلا فإنك لن تجد لك موطيء قدم فيها. وعليه يحتاج المبدع أن يحفر في الصخر ويدفع من دم قلبه حتى يتواجد في الساحة، ربما بعد ذلك يحصل على فرصة في مؤسساتنا الثقافية، وعليه أن لا يتوقع أن يحتضنه أحد، بل يحتضن هو موهبته وينطلق بها لآفاق أرحب.
المؤسسة الثقافية أولا
ويتساءل الناقد د.فهد حسين: ما هي المؤسسات الثقافية لدينا في البحرين؟ هناك مؤسسة أهلية مهتمة بالأدب أساسا (الشعر والسرد) والنقد المعني بهما، وهي أسرة الأدباء والكتاب، ولدينا مركز كانو الثقافي المعني بكل صنوف المعرفة العامة من أدب وثقافة وفن وثقافة عامة، ولدينا المؤسسة الثقافية الرسمية، فضلا عن المركز الشبابية الثقافية.
ويؤكد: لو أخذنا مسحا سريعا من خلال أهداف هذه المؤسسات سنجد أنها تدعو إلى تنمية المواهب الشبابية واحتضانها، وهناك أدلة تؤكد ذلك، فماذا تسمي مجموعة تاء الشباب، وجمعية كلنا نقرأ، وماذا تعني لجنة الشباب التي كانت بمركز كانو، وماذا تفهم من الدعوات المستمرة من قبل مجالس الأسرة للشباب لمزاولة دوره الأدبي والثقافي من خلال الأسرة؟.
ويدعو د.حسين، من يعلن الشكوى، أن يطرح على نفسه السؤال: هل ذهب إلى المؤسسات الثقافية ورفض؟! هل حاول التواصل معها وفشل بسبب هذه المؤسسات؟، مؤكدا أن القضية ليست هنا بل في صاحب الشكوى الذي يريد الظهور السريع والانتشار كالبرق وعلى المؤسسة الثقافية أن تقدم له ما يريد، مشددا: لا ينبغي أن نفكر في مصالحنا بل في مصلحة المؤسسة الثقافية، ومن خلالها يتم تحقيق أحلام الشباب الذي عليهم الانخراط في العمل الثقافي التطوعي وإبراز مواهبهم المختلفة.
وفي القسم الثاني، تواصل صفحة فضاءات أدبية، استنطاق مبدعين ونقاد، لا يلقون باللوم على المؤسسات الثقافية، بقدر ما يحملون الشباب أنفسهم، أسباب إخفاقاتهم، نتيجة لرغبتهم في الظهور السريع والانتشار كالبرق، دون اعتناء حقيقي بتجاربهم من خلال الحضور والمشاركه والتفاعل والنشر.
ينظرون لأنفسهم كأفراد
إن ما ينقص هؤلاء الشباب –كما يرى الشاعر كريم رضي - أن يكونوا أكثر إصرارا على احتضان ذواتهم، "فلا تنس وأنت تفتح باعك للعالم أن تحتضن ذاتك، وجميع الأجيال والموجات الإبداعية التي اجتاحت العالم بدأت من شعور المجموعات أنها تمثل موجة تطرح ذاتها وثيماتها، لكن لا يزال الشباب لدينا ينظرون لأنفسهم كأفراد، كل شاعر مهتم بذاته لا بالمرحلة ولا بالجيل الذي يمثله، لذلك فيما عدا موجة شعراء السبعينيات وهي الموجة الطليعية لا نستطيع إجرائيا وصف المجموعات بأنها تمثل اتجاها".
ويعتقد أن أكثر سلبية في الشباب: أنهم لا يلتقون ببعضهم البعض ولا يحاورون أنفسهم وتجاربهم بشكل منظم ومنتظم، "صحيح أن على النقد دور يأخذه تجاههم، لكن في النهاية الدور الأساسي في صناعة التجربة وصهرها في أتون القراءة المتبادلة هو وظيفة الجيل نفسه بلا شك".
هذا لا يعني، بحسب رضي، أن المؤسسات الثقافية تقوم بما يكفي لاحتضان وتنمية المواهب الشبابية، "عليها بذل جهد أكبر في هذا المضمار، فلا توجد مهرجانات إبداعية مخصصة للشباب ولا مجلات أو مطبوعات مخصصة للإبداع الشبابي، كما لا يوجد نقد مختص لإضاءة التجارب الشبابية كما كان يفعل المعلم الكبير أستاذنا د.علوي الهاشمي في الصفحات الثقافية التي كان يحررها مثل حقيبة الأدب وغيرها والتي أخذت بيد مواهب كثيرة على الطريق الصحيح".
تذبذب الدعم
ويلاحظ الروائي والقاص أحمد المؤذن أن تعاطي المؤسسات الثقافية سواء الرسمية أو الأهلية مع المواهب الأدبية والفنية يتذبذب في المستوى العام من حيث طبيعة مفهوم الثقافة وكيف يتم إنتاجه واستهلاكه، "وبالتالي هناك تفاوت في الدعم، مثلا دعم الكتاب البحريني في الفترة الماضية من حوالي ثمان أعوام مضت، سجل تراجعا محبطا وصارت مدد الانتظار لكي يحصل الكاتب البحريني على فرصة إصدار نتاجه الأدبي ربما يحتاج لثلاث سنوات".
ويضيف: إن الكاتب المحلي يضطر في نهاية المطاف لتمويل نتاجه من جيبه الخاص، الجمعيات الأهلية المهتمة بالثقافة من مراكز شبابية أو سواها، مستوى الدعم الذي تقدمه محدود وضمن نطاق ضيق. هناك بعض المحسوبيات وهذا مفروغ منه لكن لا نستطيع التعميم، فيما يخص الجانب الفني لم تعد هناك الحماسة الكافية من قبل بعض مراكزنا الشبابية لدعم الحركة المسرحية أو تخريج أجيال جديدة .
ولا يتفق المؤذن مع أي حكم مسبق بشكل قاطع، في مسألة مستوى الدعم للمواهب الجديدة وفي أي مجال، فالأمور تؤخذ بروية بحسب رأيه، ومن المهم إعطاء الفرص وتوزيعها بشكل عادل سواء في المجال الأدبي أو الفني، ومن يمتلك الموهبة الحقيقية وعنده حلم يقاتل في سبيله فسوف يفرض نفسه. وفي النهاية يبقى التسويق ضمن الحدود الشخصية فقد ينجح أو بالعكس. ونحن في مملكة البحرين لابد لنا من اجتياز عقبات ومطبات كثيرة كي نضع أقدامنا على بداية الطريق في أي مجال، وهذا ما مررت به على صعيد تجربتي مع الكتابة.
لا موطيء قدم
أما الروائي والقاص جابر خمدن، فيقول بوضوح إن المؤسسات الثقافية لا تدعم المبدع، ولا تكتشف المواهب الجادة والواعدة سواء في الأدب أو في الفنون الأخرى، ضاربا مثلا على ذلك بتجربته مع ابنته الفنانة التشكيلية، "لقد وفرت لها البيئة المناسبة لكي تبدع، ودفعت من جيبي لمن علمها وللدورات التدريبية التي انتظمت فيها. وثابرت وتخصصت جامعيا في الفن الجرافيكي، حتى أتقنته. لم يدعمها أحد سواي، بالمقارنة مع زميلاتها من دول الخليج، اللاتي يحدثنها عن الدعم الكبير الذي يحظين به".
كذلك الأمر بالنسبة للكاتب الناشيء، كما يرى خمدن، "لا أجد أحدا يهتم به. إن هناك كثيرين من ذوي الموهبة في الشعر والسرد وكذلك النقد لكنهم مجهولون، بعضهم لم يجد من يأخذ بيده، وآخرين أبحروا في منصات التواصل وتمكنوا من نشر إبداعاتهم وكونوا صداقات وعلاقات أدبية مع كوكبة من الكتاب في الوطن العربي، وأنا أحد هؤلاء. على الأقل كونت لي صداقة وتواصلا افتراضي في مصر توجته بمقابلة أولئك المبدعين في معرض القاهرة للكتاب، ومازلت على تواصل معهم، ومشاركة في كتب ومجلات مشتركة".
ويعود خمدن ليؤكد: مقارنة بمؤسساتنا لن تجد دعما منها إلا إذا كانت لك صلة ببعض الأشخاص فيها، وإلا فإنك لن تجد لك موطيء قدم فيها. وعليه يحتاج المبدع أن يحفر في الصخر ويدفع من دم قلبه حتى يتواجد في الساحة، ربما بعد ذلك يحصل على فرصة في مؤسساتنا الثقافية، وعليه أن لا يتوقع أن يحتضنه أحد، بل يحتضن هو موهبته وينطلق بها لآفاق أرحب.
المؤسسة الثقافية أولا
ويتساءل الناقد د.فهد حسين: ما هي المؤسسات الثقافية لدينا في البحرين؟ هناك مؤسسة أهلية مهتمة بالأدب أساسا (الشعر والسرد) والنقد المعني بهما، وهي أسرة الأدباء والكتاب، ولدينا مركز كانو الثقافي المعني بكل صنوف المعرفة العامة من أدب وثقافة وفن وثقافة عامة، ولدينا المؤسسة الثقافية الرسمية، فضلا عن المركز الشبابية الثقافية.
ويؤكد: لو أخذنا مسحا سريعا من خلال أهداف هذه المؤسسات سنجد أنها تدعو إلى تنمية المواهب الشبابية واحتضانها، وهناك أدلة تؤكد ذلك، فماذا تسمي مجموعة تاء الشباب، وجمعية كلنا نقرأ، وماذا تعني لجنة الشباب التي كانت بمركز كانو، وماذا تفهم من الدعوات المستمرة من قبل مجالس الأسرة للشباب لمزاولة دوره الأدبي والثقافي من خلال الأسرة؟.
ويدعو د.حسين، من يعلن الشكوى، أن يطرح على نفسه السؤال: هل ذهب إلى المؤسسات الثقافية ورفض؟! هل حاول التواصل معها وفشل بسبب هذه المؤسسات؟، مؤكدا أن القضية ليست هنا بل في صاحب الشكوى الذي يريد الظهور السريع والانتشار كالبرق وعلى المؤسسة الثقافية أن تقدم له ما يريد، مشددا: لا ينبغي أن نفكر في مصالحنا بل في مصلحة المؤسسة الثقافية، ومن خلالها يتم تحقيق أحلام الشباب الذي عليهم الانخراط في العمل الثقافي التطوعي وإبراز مواهبهم المختلفة.