الإبداع بشقيه الأدبي و الفني يحتاج في كتابته إلى مقومات عديدة يتطلب تواجدها في المبدع لينتج النص الأدبي أو الفني من حيث الشكل و المضمون، ونتفق جميعاً على من يحمل صفة المبدع يحتاج للتسلح بأدوات الإبداع – لغةً و أسلوباً – و يمتلك أفقاً واسعاً – واقعياً وخيالاً – ويلم بمكونات البناء الفني للنص الإبداعي و نوعه، فمن توجد فيه النقاط سالفة الذكر يحق أن ينعت بالمبدع الجيد، وكثير من يستحق هذه الصفة ، و لكن ما نحن بحاجة ماسة إليه هو مبدع أخر، يتحلى بسابق الصفات و يزيد عنها برؤية ثاقبة للنص و أبعاده الإبداعية الأمر الذي يعطيه القدرة على اشتقاق الصورة و الحركة وربطهما بالحوار الذي ينتج عنه قالباً أخر يكشف عن فكرة العمل الإبداعي الأول ( قصة أو رواية ).
إذن من المبدع التي تفتقر الساحة الإبداعية إليه ؟.
هو كاتب السيناريو و الحوار،و يعرف في وسط الإبداع الفني بـ "السينارست"على الرغم من وجود نصوصاً أدبية تصلح أن تقدم كأعمال فنية (سينما ، تلفزيون).
نحن نفتقر إلى من يجعل برؤيته الثاقبة النص الأدبي يتجسد في صورة تصحبها الحركة يتخللها الحوار ، نفتقر إلى السينارست الجيد.
و ألفتت أنتباهي لذلك المبدعة العراقية إنعام أحمد المقيمة في مدينتي عندما سألتني عن سينارست يتعاون معها في بعض قصصها و كتابة سيناريو لها لرؤيتها الخاصة في شخوص أعمالها و مدى صلاحيتها لتجسد عملاً سينماياً أو تلفزيونياً مكتمل الملامح, عندها طلبت منها مهلة لأنظر في مبدعين مدينتي ، و لكن في تقييمي لهم ومع احترامي الشديد و إعجابي اللا متناهي ببعضهم في كتابة القصة ، ألا أنني لم ألتمس المقومات لدى أي منهم في كتابة السيناريو.
لعل بعضنا تراوده أسئلة عديدة حول هذا النوع الإبداعي و لكونه لوناً لم يسبق التطرق له على الأقل في المشهد الثقافي الإقليمي، يمكننا أن نجمل التساؤلات التي نتوقع ،في سؤال واحد وهو :
. السيناريو من يكتبه و كيف؟
ونجعل تحت هذا السؤال إجابة شافية و كافية حول ما هو السيناريو؟ ومن هو السينارست؟
للقصص أحداثها ،والسرد و الحوار مقومات تقوم عليها الحبكة الدرامية ، هكذا يكون العمل الإبداعي المكتوب والمقروء ، لتحويله إلى عمل مرئي سيحتاج إلى تعامل مع الصورة و الحركة التي نراها من خلال رؤية القاص، والتعرف على شخوص القصة والتعايش والتفاعل معها بداية من شخصية البطل حتى أقل شخصيات العمل وربما يتطلب إضافة شخصيىات هامشية تخدم العمل وتسهل التعامل مع السرد الزمني ،أو الرابط السببي في البناء السردي، ونستطيع القول أن أهمية السرد لا تقتصر فقط على كونه عنصراً يجب دراسته في النص بل تعدت أهميته أنه يفتح مجالات أعمق للدراسة مثل دراسة الشخصيات و الهدف المرجو منها المراد توصيله للمتلقي.وهكذا نكون قد عرفنا أن السرد من العتبات الأولى للدخول إلى العمل و هو لا يزال على الورق.
لو نظرنا إلى العمل عند تحويله إلى دراما سنجده يمر وفق الحبكة الدرامية بمراحل تكون متشابها –خاصة في الأعمال الخيالية – التي تدور في إطار أكلاسيكي ،يمكننا إدراجها هنا (الإعداد و المقدمة ،العقدة ، نقطة التحول، الصراع ،عودة البطل، الإدراك ) .
وفي المقدمة والإعداد تكون عائلة أو فريق عمل واحد داخل مؤسسة بينهم شخصية بطل زائفة يخدع أحد الأفراد بهذه الشخصية و يلحقه الضرر ، و يكشف النقاب عن الشخصية الزائفة ، ويظهر البطل الحقيقي ويبدأ في البحث و التخطيط لينال من الشخصية الزائفة وهذه هي العقدة، يترك البطل المكان الأساسي للأحداث ( البيت أو المؤسسة ) و يتعرض لإختبارات و تطرح عديد التساءلات و يتصرف حسب محرك الأحداث ، ويستعين بشخصيات مساعدة تدخل على العمل و تظيف له قيمة إلى جانب تسلية و إثارة ، و يتوصل البطل إلى المكان و الكيفية التي سيحقق فيه هدفه.وهكذا تكون نقطة التحول ، ويلتحم البطل مع الشرير في مواجهة مباشرة، يتميز البطل بعلامات تميزه (الخير) ، ويتم تسوية المأساة و يُهزم الشرير (الشر) وهذا هو الصراع ، هناك من يطارد البطل و يعرقل مسيرته أثناء العودة ،يدعي المهزوم ادعاءات كاذبة ، وعلى أثره يعاني البطل المشاق ، وهكذا تكون عودة البطل، يتم انجاز المهمة بعودة الحق لأصحابه و أصلاح ما يمكن إصلاحه، يتم فضح البطل الزائف وأعوانه و ينكشف أمره ويبدأ في التحول، و يلقى الشرير (الممثل للشر) جزاءه ، و يتوج البطل و يستقر – بالزواج أو العودة إلى الأسرة لتعم السعادة – و هكذا يكون الإدراك .
هنا نكون قد أعطينا فكرة عامة لعمل سيناريو لقصة ما توضيحاً لكيفية هندسة النصوص الإبداعية، كل هذه الأحداث التي مرت بنا ترتبط إلى جانب السرد السببي والزمني بحوار يعد باتقان يضفي جمالاً و تحسين للعمل يرفع عنه الملل و يقرب المسافات بين الأحداث.. و القائم بهذا العمل الجميل و الصعب في الوقت نفسه هو السينارست ، إذن يمكننا القول إن السينارست هو :
- المخطط الأول للعمل الدرامي.
- هو الذي يدخل بك إلى أجواء القصة دون أن تلاحظ ذلك من خلال الحوار و المشاهد المعبرة ( الصورة و الحركة).
- هو الذي يجعلك تتفاعل مع العمل ثم يقطع المشهد و يحرق أعصابك وينتقل لمشهد أخر.
- هو الذي يوصل القصة إلى قمة التعقيد حتى يظن المتلقي بأنه لا يوجد حل لهذه المشكلة حتى يأخذه تدريجياً نحو الحل من حيث لا يدري.
- هو من يوزع المشاهد و الأدوار و يتحكم فيها وينقلها من وقت إلى أخر ومن مكان إلى أخر ومن ممثل إلى أخر كلاً حسب دوره بالقصة.
- هو من يعرف أولا وصف شخصيات العمل وما فيهم من علل وكذلك أعمارهم وما يتميزون به أثناء الحديث مثال الإشارة باليد أو الغمز بالعين أو نحو ذلك أو وجود عاهة أو علامة في أحدى الشخصيات
- هو الذي يضع النهاية للقصة .... كما إن السينارست غالبا ما يكون هو صاحب القصة وإذ لم يكن كذلك فيسمح له الحذف و الزيادة خدمة للعمل شريطة عدم المساس بالفكرة الأساسية للقصة.
هذا بصورة مبسطة السيناريو ومن يكتبه .. أو مهمة تحويل العمل الأدبي إلى عمل فني يتسم بالإبداع و يخلو من الجمود.
riziq2007.blogspot.com
إذن من المبدع التي تفتقر الساحة الإبداعية إليه ؟.
هو كاتب السيناريو و الحوار،و يعرف في وسط الإبداع الفني بـ "السينارست"على الرغم من وجود نصوصاً أدبية تصلح أن تقدم كأعمال فنية (سينما ، تلفزيون).
نحن نفتقر إلى من يجعل برؤيته الثاقبة النص الأدبي يتجسد في صورة تصحبها الحركة يتخللها الحوار ، نفتقر إلى السينارست الجيد.
و ألفتت أنتباهي لذلك المبدعة العراقية إنعام أحمد المقيمة في مدينتي عندما سألتني عن سينارست يتعاون معها في بعض قصصها و كتابة سيناريو لها لرؤيتها الخاصة في شخوص أعمالها و مدى صلاحيتها لتجسد عملاً سينماياً أو تلفزيونياً مكتمل الملامح, عندها طلبت منها مهلة لأنظر في مبدعين مدينتي ، و لكن في تقييمي لهم ومع احترامي الشديد و إعجابي اللا متناهي ببعضهم في كتابة القصة ، ألا أنني لم ألتمس المقومات لدى أي منهم في كتابة السيناريو.
لعل بعضنا تراوده أسئلة عديدة حول هذا النوع الإبداعي و لكونه لوناً لم يسبق التطرق له على الأقل في المشهد الثقافي الإقليمي، يمكننا أن نجمل التساؤلات التي نتوقع ،في سؤال واحد وهو :
. السيناريو من يكتبه و كيف؟
ونجعل تحت هذا السؤال إجابة شافية و كافية حول ما هو السيناريو؟ ومن هو السينارست؟
للقصص أحداثها ،والسرد و الحوار مقومات تقوم عليها الحبكة الدرامية ، هكذا يكون العمل الإبداعي المكتوب والمقروء ، لتحويله إلى عمل مرئي سيحتاج إلى تعامل مع الصورة و الحركة التي نراها من خلال رؤية القاص، والتعرف على شخوص القصة والتعايش والتفاعل معها بداية من شخصية البطل حتى أقل شخصيات العمل وربما يتطلب إضافة شخصيىات هامشية تخدم العمل وتسهل التعامل مع السرد الزمني ،أو الرابط السببي في البناء السردي، ونستطيع القول أن أهمية السرد لا تقتصر فقط على كونه عنصراً يجب دراسته في النص بل تعدت أهميته أنه يفتح مجالات أعمق للدراسة مثل دراسة الشخصيات و الهدف المرجو منها المراد توصيله للمتلقي.وهكذا نكون قد عرفنا أن السرد من العتبات الأولى للدخول إلى العمل و هو لا يزال على الورق.
لو نظرنا إلى العمل عند تحويله إلى دراما سنجده يمر وفق الحبكة الدرامية بمراحل تكون متشابها –خاصة في الأعمال الخيالية – التي تدور في إطار أكلاسيكي ،يمكننا إدراجها هنا (الإعداد و المقدمة ،العقدة ، نقطة التحول، الصراع ،عودة البطل، الإدراك ) .
وفي المقدمة والإعداد تكون عائلة أو فريق عمل واحد داخل مؤسسة بينهم شخصية بطل زائفة يخدع أحد الأفراد بهذه الشخصية و يلحقه الضرر ، و يكشف النقاب عن الشخصية الزائفة ، ويظهر البطل الحقيقي ويبدأ في البحث و التخطيط لينال من الشخصية الزائفة وهذه هي العقدة، يترك البطل المكان الأساسي للأحداث ( البيت أو المؤسسة ) و يتعرض لإختبارات و تطرح عديد التساءلات و يتصرف حسب محرك الأحداث ، ويستعين بشخصيات مساعدة تدخل على العمل و تظيف له قيمة إلى جانب تسلية و إثارة ، و يتوصل البطل إلى المكان و الكيفية التي سيحقق فيه هدفه.وهكذا تكون نقطة التحول ، ويلتحم البطل مع الشرير في مواجهة مباشرة، يتميز البطل بعلامات تميزه (الخير) ، ويتم تسوية المأساة و يُهزم الشرير (الشر) وهذا هو الصراع ، هناك من يطارد البطل و يعرقل مسيرته أثناء العودة ،يدعي المهزوم ادعاءات كاذبة ، وعلى أثره يعاني البطل المشاق ، وهكذا تكون عودة البطل، يتم انجاز المهمة بعودة الحق لأصحابه و أصلاح ما يمكن إصلاحه، يتم فضح البطل الزائف وأعوانه و ينكشف أمره ويبدأ في التحول، و يلقى الشرير (الممثل للشر) جزاءه ، و يتوج البطل و يستقر – بالزواج أو العودة إلى الأسرة لتعم السعادة – و هكذا يكون الإدراك .
هنا نكون قد أعطينا فكرة عامة لعمل سيناريو لقصة ما توضيحاً لكيفية هندسة النصوص الإبداعية، كل هذه الأحداث التي مرت بنا ترتبط إلى جانب السرد السببي والزمني بحوار يعد باتقان يضفي جمالاً و تحسين للعمل يرفع عنه الملل و يقرب المسافات بين الأحداث.. و القائم بهذا العمل الجميل و الصعب في الوقت نفسه هو السينارست ، إذن يمكننا القول إن السينارست هو :
- المخطط الأول للعمل الدرامي.
- هو الذي يدخل بك إلى أجواء القصة دون أن تلاحظ ذلك من خلال الحوار و المشاهد المعبرة ( الصورة و الحركة).
- هو الذي يجعلك تتفاعل مع العمل ثم يقطع المشهد و يحرق أعصابك وينتقل لمشهد أخر.
- هو الذي يوصل القصة إلى قمة التعقيد حتى يظن المتلقي بأنه لا يوجد حل لهذه المشكلة حتى يأخذه تدريجياً نحو الحل من حيث لا يدري.
- هو من يوزع المشاهد و الأدوار و يتحكم فيها وينقلها من وقت إلى أخر ومن مكان إلى أخر ومن ممثل إلى أخر كلاً حسب دوره بالقصة.
- هو من يعرف أولا وصف شخصيات العمل وما فيهم من علل وكذلك أعمارهم وما يتميزون به أثناء الحديث مثال الإشارة باليد أو الغمز بالعين أو نحو ذلك أو وجود عاهة أو علامة في أحدى الشخصيات
- هو الذي يضع النهاية للقصة .... كما إن السينارست غالبا ما يكون هو صاحب القصة وإذ لم يكن كذلك فيسمح له الحذف و الزيادة خدمة للعمل شريطة عدم المساس بالفكرة الأساسية للقصة.
هذا بصورة مبسطة السيناريو ومن يكتبه .. أو مهمة تحويل العمل الأدبي إلى عمل فني يتسم بالإبداع و يخلو من الجمود.
رزق فرج رزق
المقالات المنشورة تعبر عن رأيي الشخصي و وجهة نظري الخاصة .. أحترم كل الأراء و أمتلك حق إبداء الرأي