جعفر الديري - شوقي الدلال: مفردات الأنواء والأزمنة لا مثيل لها في اللغات الأخرى

كتب - جعفر الديري

قال رئيس الجمعية الفلكية البحرينية عالم الفيزياء البحريني د.شوقي الدلال ان موضوع الأنواء والأزمنة عند العرب يكشف عن غنى اللغة العربية بالمفردات التي قد لا نجد لها مثيلا في اللغات الأخرى. وقد قام العديد من الباحثين بدراسة أصل هذه المفردات وأصابوا أحيانا ولم يصيبوا أحيانا أخرى.

وأضاف د.الدلال خلال محاضرته الأحد 23 أكتوبر تشرين الأول 2005 في بيت القرآن: ما هي البروج؟ اننا عندما ننظر الى السماء نجد مجموعات من النجوم متناثرة في السماء رأى الأقدمون فيها أشكالا انسانية وحيوانية تعود الى الحضارة البابلية القديمة. وقد أدخل عليها اليونانيون والاغريق أشكالا أخرى ثم استبدلها العرب بأشكال مختلفة وخصوصا عند الصوفيين. فرأى العرب في كل مجموعة من النجوم شكلا معينا، فصوروها على شكل دب أحيانا ومجموعة أخرى على شكل نسر، وأخرى على شكل سلحفاة وثانية على شكل حيوان أسطوري وهكذا. ثم جاء الاتحاد الفلكي في العام 1930 وقسم السماء الى 88 قسما وهذه التقسيمات تشابه تماما تقسيمات الكرة الأرضية الجغرافية فكما أن هناك دول وفي هذه الدول مدن، فكذلك بالمقابل هناك تقسيمات وحدود للكوكبات فلكل كوكبة نجوم. فالنجوم هي بمثابة الدول. فمنها الكبير ومنها الصغير والمقياس هنا هو شدة السطوع وليس الاتساع المتعارف عليه.

كوكبات مميزة بموقعها

وحول الكوكبات، قال د.الدلال: ان الكوكبات التي تحيط بالكرة الأرضية منها 48 كوكبة ترى من الجزء الشمالي كما أن هناك 40 منها يرى من الجزء الجنوبي. ولكن هناك كوكبات مميزة في موقعها، وهي التي نطلق عليها اسم كوكبات البروج والتي تقع في ما يقابل خط الاستواء من الكرة السماوية. وهذه المجموعات النجمية سماها العرب "الكبش" وأيضا أسموها "الحمل" ، "التؤمان"، "السرطان"، "الأسد"، "العذراء"، "الميزان"، "القوس"، "الدلو"، و"الحوت" فهناك في البروج 13 كوكبا الى جانب كوكبات أخرى مرشحة لأن تكون كوكبات بروجيه في الأعوام الطويلة المقبلة.

وتابع قائلا: هذه بصورة عامة النجوم الساطعة في السماء، اذ نجد في الوسط مثلا "سينوس" وهي كوكبة الدجاجة و"ساجيتا" كوكبة السهم وهناك أيضا "ليتل ديبر" ونحن نسميها بنات نعش الصغرى و"بيج ديبر" بنات نعش الكبرى وهذه النجوم ترى في السماء وتتبع كوكبة الدب الأكبر وكوكبة الدب الأصغر. وهناك أسطورة مرتبطة بجميع الأشكال الأسطورية الموجودة في السماء فهناك مجموعة من النجوم تصورها الأقدمون على شكل امرأة فأسموها المراة المسلسلة.

نجوم داخل الكوكبات

وعن منازل القمر قال المحاضر: كما أن هناك كوكبات ونجوم في السماء، كذلك هناك نجوم في هذه الكوكبات. وقد أطلق العرب على المجموعات النجمية أو المجموعة المفردة من هذه النجوم أسماء معينة فهناك مثلا النطح الذي يتكون من نجم واحد، وهناك البطين الذي يتكون من نجمين، الثريا التي تتكون من مئة نجم، الدبران الذي يتكون من نجم واحد، وكذلك الذراع والنثري والطرف والجبهة والعواء والسماك والزباني الاكليل والقلب، والبلدة وسعد الذابح وسعد السعود وسعد الأخبية. فهمناك ثمانية وعشرون مجموعة نجمية. وكل واحدة منها يعد منزلة من المنازل. أي أن القمر عندما يمر في السماء في كل ليلة يمر في واحدة من هذه المنازل والمواقع التي في السماء والتي تتوافق مع ظهور هذه النجوم. لكن الغريب أنه وعند دراسة هذه الأسماء نجد أن ثمانية من هذه الأسماء لها علاقة بالأسد مثل الصرفة والزبرة والجبهة وهناك أشياء أخرى تتعلق بالعقرب. فهناك أربعة تتعلق بالعقرب وأربعة تتعلق بالأسد اذ يبدو أن العقرب والأسد ذائعا الصيت عند العرب في ذلك الحين.

وأضاف: ان القمر ينزل في كل ليلة بمنزلة من هذه المنازل وتسمي العرب منازل القمر نجوم الأرض. فنتذكر دائما أن منازل القمر هي المناطق التي يمر فيها القمر والتي يتوافق نجوم معينة فيها. ولسقوط كل منزل من المنازل. ونعني بالسقوط أن النجم يظهر لفترة معينة وبعد أيام معينة يختفي فنقول أنه سقط فسقط النجم معناه اختفى. وهذه لها علاقة كبيرة بالأنواء عند العرب ولسقوط كل منزل من المنازل يلزم مرور 13يوما. بمعنى أن كل منزلة تبقى 13 يوما ثم تأتي التي تليها فاذا ضربنا 28 في 13 فسيكون الناتج تقريبا السنة الهجرية. خلا الجبهة فان لها 14 يوما.

سقوط منازل القمر

ثم انتقل د.الدلال للحديث عن الأنواء فبين معنى النوء بقوله: جرت أبحاث عديدة لتعريف النوء ولكن اتفق قديما على أن النوء هو سقوط منزلة من منازل القمر. ونعني به كما أسلفنا غياب نجم ما وظهور نجم آخر. فالنوء يرتبط بسقوط نجم ما بغياب نجم ما وظهور نجم آخر من جهة الشرق. ونسمع اليوم عن الأنواء الجوية ولدينا أقمار صناعية ونستطيع أن نتنبأ الى حد ما بدرجات الحرارة وبالمطر. لكن العرب كانت لهم طريقتهم الخاصة في التنبأ بالجو. فكان سقوط كل نجم مصحوبا بحالة جوية معينة. وقد تكون هذه الحالة عبارة عن سقوط مطر، أو حر أو برد أو أي شيء آخر وبالتالي يعزى هذه الحالة النجمية الى النجم نفسه الذي سقط. فاذا مضت مدة النوء ولم يكن فيها مطر قيل هوى نجم كذا بعني أن النجم سقط ولم يحدث شيء اذا فالطقس لم يتغير. واذا كان هناك مطرا متوقع مثلا أو أن المنجم سقط في تلك الفترة من العام الذي صاحبة سقوط مطر نقول أن النوء قد صدق. ولكن القدماء لم تكن لديهم أقمار صناعية أو أرصاد لحالة الطقس انما كانت لديهم معالم أو علامات يستدلون بها على ماذا سيحدث وهذه العلامات هي ظهور و غياب بعض النجوم في السماء. وهناك أيضا ما يسمى بالبوارح وهي تنسب الى طلوع نجم "الحر" خصوصا لأنها لا تكون في غير أيام الحر. وبصورة عامة ما كان من حر فهو منسوب الى طلوع النجم وما كان من غيث فهو منسوب الى نوعه.


الأربعاء 26 أكتوبر 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1440هـ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...