كتب – جعفر الديري:
اختارت اللجنة الثقافية بكلية الآداب بجامعة البحرين، موضوع الطبيعة والذاكرة محورين رئيسين لندوة "شعر الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة الطبيعة والذاكرة" احتفاء بتجربة الشاعر.
وأوضح عميد كلية الآداب أ.د.ابراهيم غلوم سبب اختيار هذا الموضوع بقوله إن هذين المصدرين يتسمان بالزخم والاستمرار وهما شديدا الارتباط بشاعرية الشاعر.
وشارك في الندوة التي أقيمت الثلاثاء 16 مارس 2005 النقاد: د.عبدالقادر فيدوح، عبدالحميد المحادين، د.منصور سرحان، د.عبدالقادر المرزوقي، وحسين الصباغ. وتتطرقت الندوة الى النزوع الدرامي وانشطار الذات بين استدعاء الماضي وخيبة الحاضر في شعر أحمد بن محمد آل خليفة، صورة الوطن وأثر الطبيعة في تكوين شخصية الشاعر، كما تناول المنتدون التأويل السياقي في شعر أحمد بن محمد آل خليفة مع اطلالة على المناهج النقدية المعاصرة المرتبطة بشعر الشاعر.
بعد رمزي
وقال الناقد أ.د.عبدالقادر قيدوح: إذا عدنا الى التشكيل في تجربة الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة، وجدنا أنه يصوغ رؤيته الذاتية القومية في أسلوب عميق وسلس قائم على مفردات بسيطة، ودلالات مكثفة، ما أضفى على أسلوبه بعدا رمزيا موحيا، أساسه تقابل الدلالات، كما أنه نحا بأسلوبه هذا في موضوعات شتى، باتجاه التكثيف وأكثر ما تجلى ذلك في موقفه من الزمن. ويمكننا القول ان الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة استطاع أن يشق لنفسه مساحة في خريطة القصيدة العربية الحديثة، وذلك بفضل وعية الحاد بقضايا مصيرية للأمة العربية كالقضايا التحريرية وأخرى وجودية تدعمها القوى الحية للنبض الانساني، في أسمى تطلعاته عندما ينشد الخلاص.
توسع الوطن
فيما وجد الناقد عبدالحميد المحادين أن الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة: يتوسع بالوطن أحيانا الى انتماءاته الكلية في المحيط العالمي، وأعني به الانتماء القومي، وهذا الامتداد الفعلي والواقعي للشعب البحريني، ومن هنا فإن القضايا العربية، التي كانت على مر التاريخ ذات حضور يستوجب الكفاح والقتال ودروب النضال... لم يكن الشاعر ينظر اليها الا من خلال امتداد البحرين في الوطن... وامتداد شعب البحرين في الأمة العربية، وتوسيع مفهوم الوطن، الى مفهوم قومي، بكل ما تحمله القومية من عناصر، تشكل في مجموعها الرابطة التي تربط العرب بعضهم ببعض. فمفهوم الوطن في شعره ليس مفهوما محددا، بل هو يتسع ويضيق، ويتجمع ويتفرق، لكنه في نهاية الأمر بقعة جغرافية مؤثثة بكل عناصر الوطن، وتتجسد فيها الانفعالات المختلفة، ففي الحزن والفقد والرثاء يكون الوطن حاضرا، وفي الفرح والبهجة يكون الوطن الحاضر الأول.
الطبيعة الملهمة
بينما أكد الناقد د.منصور سرحان أن البحرين لم تعرف على امتداد تاريخها الثقافي شاعرا أثرت الطبيعة في تكوين شخصيته بشكل كان لها دورها الفاعل في جميع قصائده، كالشاعر أحمد بن محمد آل خليفة. فقد كانت الطبيعة جزءا من حياته، وكانت الملهم والدافع لتدفق شاعريته وباختصار شديد كانت الطبيعة شعره وكان شعره الطبيعة، فهي حاضرة في قصائده التي نظمها وهو في موطنه البحرين، وفي تلك التي نظمها وهو في زيارة لبعض الأقطار العربية والأجنبية. فمن النادر أن تجد قصيدة من نظمه خالية من احدى عناصر الطبيعة، ونظرا إلى كون الطبيعة تزداد بهاء في فصل الربيع، فقد تعلق الشاعر بهذا الفصل وفضله على فصول السنة، وقاده ذلك الى حب الجمال مكملا بذلك أضلاع مثلثه الشعري الذي رسمه لنفسه المتمثل في "الطبيعة والربيع والجمال"، وأصبحت هذه الكلمات الثلاث تتردد بشكل منتظم في معظم قصائده، وأصبح بحق شاعر الطبيعة والجمال وشاعر الحب والربيع.
لغة للقلب
وقال الناقد د.عبدالقادر المرزوقي: ان الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة بدأ بتشكل لغة تمس شغاف القلوب تستمد رؤاها من بيئته ونشأته، وتغلفها بتواصله مع حركة الشعر العربي آنذاك وروح الرومانسية التي كانت تسيطر على شعراء جيله في مصر والشام والعراق. بتأسيس ديوان العناقيد الأربعة التي تشتمل على مجموعات شعرية هي "من أغاني البحرين - هجير وحراب - بقايا الغدران- القمر والنخيل" على محاور تتكثف في الآتي: الحب بساعديه الوطن والعاطفة، الطبيعة بعناصرها البيئية، الوصف بكل دوائره "المدح، الفخر، الرثاء، القصائد الدينية". وقد ظلت فكرة الحيرة والقلق والحديث عن الذات تلازم الشاعر احمد بن محمد آل خليفة تلازما واضحا في غالبية قصائد ديوانه، ويمكننا أن نخلص من خلال المراجعة السريعة لديوانه "العناقيد الأربعة" أن الشاعر استطاع برؤيته وحسه المرهف بعناصر الطبيعة أن يوظفها توظيفا، لا تعثر فيه، حتى جاءت معظم صوره التخيلية واضحة المعالم، مما تدل عل سجية الخيال والتحامه بالذات المرسلة راسمة المعاني التي يكابدها الشاعر، فقد حاول أن يتخفف من أثقال الصور التخيلية المتداخلة الدلالات، ليلتزم بالقيم الجمالية السائدة باتجاه موقف فكري جديد ورؤية جديدة للمجتمع والحياة.
أحلام غيبية
وعلق الناقد حسين راشد الصباغ بالقول: إن الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة اتسم بمعاناة طيبة وهو يتملى صور البحر وأحوال الغواصين وأن هذه المشاعر قد توغلت في نفسه بل وغاصت في أعماقه، وفي بعض قصائده نجده يعمق في أنفسنا الاحساس بالطبيعة وبمظاهرها المختلفة، كما أحسسنا بامتزاج مشاعر حبيبته بهذه المظاهر محاولا أن يسوق كل هذا في عاطفة متدفقة وعبر تجربة ذاتيه عاتية. وفي أشعاره يتحدث عن العالم المجهول عالم الغيب، والرؤى والأحلام، محاولا الفرار من عالمه المادي، هذا الى رحاب الروح وسعتها، فقد حاول شاعرنا أن يتعمق نفسه وأن يسبر أغوار روحه وأن يجعل حقائقه الوجدانية عميقة في الشعور على رغم الألفاظ العاتية ورنينها وموسيقاها.
صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 923 | الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 03 صفر 1441هـ
اختارت اللجنة الثقافية بكلية الآداب بجامعة البحرين، موضوع الطبيعة والذاكرة محورين رئيسين لندوة "شعر الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة الطبيعة والذاكرة" احتفاء بتجربة الشاعر.
وأوضح عميد كلية الآداب أ.د.ابراهيم غلوم سبب اختيار هذا الموضوع بقوله إن هذين المصدرين يتسمان بالزخم والاستمرار وهما شديدا الارتباط بشاعرية الشاعر.
وشارك في الندوة التي أقيمت الثلاثاء 16 مارس 2005 النقاد: د.عبدالقادر فيدوح، عبدالحميد المحادين، د.منصور سرحان، د.عبدالقادر المرزوقي، وحسين الصباغ. وتتطرقت الندوة الى النزوع الدرامي وانشطار الذات بين استدعاء الماضي وخيبة الحاضر في شعر أحمد بن محمد آل خليفة، صورة الوطن وأثر الطبيعة في تكوين شخصية الشاعر، كما تناول المنتدون التأويل السياقي في شعر أحمد بن محمد آل خليفة مع اطلالة على المناهج النقدية المعاصرة المرتبطة بشعر الشاعر.
بعد رمزي
وقال الناقد أ.د.عبدالقادر قيدوح: إذا عدنا الى التشكيل في تجربة الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة، وجدنا أنه يصوغ رؤيته الذاتية القومية في أسلوب عميق وسلس قائم على مفردات بسيطة، ودلالات مكثفة، ما أضفى على أسلوبه بعدا رمزيا موحيا، أساسه تقابل الدلالات، كما أنه نحا بأسلوبه هذا في موضوعات شتى، باتجاه التكثيف وأكثر ما تجلى ذلك في موقفه من الزمن. ويمكننا القول ان الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة استطاع أن يشق لنفسه مساحة في خريطة القصيدة العربية الحديثة، وذلك بفضل وعية الحاد بقضايا مصيرية للأمة العربية كالقضايا التحريرية وأخرى وجودية تدعمها القوى الحية للنبض الانساني، في أسمى تطلعاته عندما ينشد الخلاص.
توسع الوطن
فيما وجد الناقد عبدالحميد المحادين أن الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة: يتوسع بالوطن أحيانا الى انتماءاته الكلية في المحيط العالمي، وأعني به الانتماء القومي، وهذا الامتداد الفعلي والواقعي للشعب البحريني، ومن هنا فإن القضايا العربية، التي كانت على مر التاريخ ذات حضور يستوجب الكفاح والقتال ودروب النضال... لم يكن الشاعر ينظر اليها الا من خلال امتداد البحرين في الوطن... وامتداد شعب البحرين في الأمة العربية، وتوسيع مفهوم الوطن، الى مفهوم قومي، بكل ما تحمله القومية من عناصر، تشكل في مجموعها الرابطة التي تربط العرب بعضهم ببعض. فمفهوم الوطن في شعره ليس مفهوما محددا، بل هو يتسع ويضيق، ويتجمع ويتفرق، لكنه في نهاية الأمر بقعة جغرافية مؤثثة بكل عناصر الوطن، وتتجسد فيها الانفعالات المختلفة، ففي الحزن والفقد والرثاء يكون الوطن حاضرا، وفي الفرح والبهجة يكون الوطن الحاضر الأول.
الطبيعة الملهمة
بينما أكد الناقد د.منصور سرحان أن البحرين لم تعرف على امتداد تاريخها الثقافي شاعرا أثرت الطبيعة في تكوين شخصيته بشكل كان لها دورها الفاعل في جميع قصائده، كالشاعر أحمد بن محمد آل خليفة. فقد كانت الطبيعة جزءا من حياته، وكانت الملهم والدافع لتدفق شاعريته وباختصار شديد كانت الطبيعة شعره وكان شعره الطبيعة، فهي حاضرة في قصائده التي نظمها وهو في موطنه البحرين، وفي تلك التي نظمها وهو في زيارة لبعض الأقطار العربية والأجنبية. فمن النادر أن تجد قصيدة من نظمه خالية من احدى عناصر الطبيعة، ونظرا إلى كون الطبيعة تزداد بهاء في فصل الربيع، فقد تعلق الشاعر بهذا الفصل وفضله على فصول السنة، وقاده ذلك الى حب الجمال مكملا بذلك أضلاع مثلثه الشعري الذي رسمه لنفسه المتمثل في "الطبيعة والربيع والجمال"، وأصبحت هذه الكلمات الثلاث تتردد بشكل منتظم في معظم قصائده، وأصبح بحق شاعر الطبيعة والجمال وشاعر الحب والربيع.
لغة للقلب
وقال الناقد د.عبدالقادر المرزوقي: ان الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة بدأ بتشكل لغة تمس شغاف القلوب تستمد رؤاها من بيئته ونشأته، وتغلفها بتواصله مع حركة الشعر العربي آنذاك وروح الرومانسية التي كانت تسيطر على شعراء جيله في مصر والشام والعراق. بتأسيس ديوان العناقيد الأربعة التي تشتمل على مجموعات شعرية هي "من أغاني البحرين - هجير وحراب - بقايا الغدران- القمر والنخيل" على محاور تتكثف في الآتي: الحب بساعديه الوطن والعاطفة، الطبيعة بعناصرها البيئية، الوصف بكل دوائره "المدح، الفخر، الرثاء، القصائد الدينية". وقد ظلت فكرة الحيرة والقلق والحديث عن الذات تلازم الشاعر احمد بن محمد آل خليفة تلازما واضحا في غالبية قصائد ديوانه، ويمكننا أن نخلص من خلال المراجعة السريعة لديوانه "العناقيد الأربعة" أن الشاعر استطاع برؤيته وحسه المرهف بعناصر الطبيعة أن يوظفها توظيفا، لا تعثر فيه، حتى جاءت معظم صوره التخيلية واضحة المعالم، مما تدل عل سجية الخيال والتحامه بالذات المرسلة راسمة المعاني التي يكابدها الشاعر، فقد حاول أن يتخفف من أثقال الصور التخيلية المتداخلة الدلالات، ليلتزم بالقيم الجمالية السائدة باتجاه موقف فكري جديد ورؤية جديدة للمجتمع والحياة.
أحلام غيبية
وعلق الناقد حسين راشد الصباغ بالقول: إن الشاعر أحمد بن محمد آل خليفة اتسم بمعاناة طيبة وهو يتملى صور البحر وأحوال الغواصين وأن هذه المشاعر قد توغلت في نفسه بل وغاصت في أعماقه، وفي بعض قصائده نجده يعمق في أنفسنا الاحساس بالطبيعة وبمظاهرها المختلفة، كما أحسسنا بامتزاج مشاعر حبيبته بهذه المظاهر محاولا أن يسوق كل هذا في عاطفة متدفقة وعبر تجربة ذاتيه عاتية. وفي أشعاره يتحدث عن العالم المجهول عالم الغيب، والرؤى والأحلام، محاولا الفرار من عالمه المادي، هذا الى رحاب الروح وسعتها، فقد حاول شاعرنا أن يتعمق نفسه وأن يسبر أغوار روحه وأن يجعل حقائقه الوجدانية عميقة في الشعور على رغم الألفاظ العاتية ورنينها وموسيقاها.
صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 923 | الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 03 صفر 1441هـ