" جان بول سارتر وحافظ الأسدُ"
في خطابه الأكثر شهرة وذيوعاً، والذي دأب التلفزيون السوري على إذاعته صباح مساء، في الافتتاحيات وبين الفواصل، كانت العبارة الأظهر والأعلى رنيناً أو بيت القصيد كما يقال هي " الإنسان غاية الحياة وهو منطلق الحياة".
ويبدو أن هذه العبارة تلخص فكر وقناعات الرئيس، فمن أين أتى بها؟
هذه العبارة بلا أدنى لُبس تمثل الفكر الوجودي للمفكر الفرنسي جان بول سارتر، والذي عرضه في مسرحيته الذباب، عارياً بلا رتوش، أما المضمون الذي أراد سارتر تبليغه في مسرحيته من خلال الحوار بين جوبيتر الإله وأورست الإنسان، هو أن على الإنسان أن يصنع قدره بإرادته الحرة، والتحرر من العبودية للإله والشعور بالذنب أو الخطيئة الأولى والتي تجعله في النهاية فريسة عفنة للذباب، ومن الواضح أن سارتر يقصد إلى نسف أركان العقيدة المسيحية بتوظيف الرموز الإغريقية، غير أن النتيجة التي يصل إليها، أنه لا وجود للإله وحتى لو كان موجوداً فلا قيمة لوجوده، لأن الإنسان هو مركز الكون، وهو الذي يصنع قيمه ومصيره، أما المضمون الآخر الذي لا يقل أهمية، فهو أنه لا توجد بركة قيم مشتركة،أو مرجعية بشرية عامة للقيم والأخلاق، وأن على الإنسان أن يبدع قيمه بنفسه، بالحرية المسؤولة بدل العبودية للإله التي جعلته فريسة للذباب!
فهل قرأ حافظ الأسد فلسفة سارتر ومن أين أتى بهذه العبارة؟
على الأرجح فأن الأسد لم يقرأ سارتر ولا يعرف شيئاً عن فلسفته الوجودية، ولم يقتبسها حتى من أدبيات البعث المتأثرة بالماركسية والتي تدعو إلى التركيز على بناء الإنسان بدورها، فالعبارة أحكم صياغة وأوضح مضموناً من أن يكون مصدرها دعوة فكرية عامة، أو أدبيات سياسية، فهي أقرب إلى القناعة الفلسفية الراسخة التي تحيل بالضرورة إلى الوجودية!
الأسد بحكم انتمائه الطائفي إلى المذهب النصيري، فلا بد أنه تلقى تعاليم هذه الطائفة وتشربها، فمن تقاليد الأقليات هي تدريس المذهب وتلقينه للأطفال، حفاظاً على الهوية والاستمرارية!
فما علاقة النصيرية بالوجودية؟
ككل المذاهب التي ولدت من رحم الدولة الفاطمية،وجدت النصيرية منهلها في الفلسفة الإغريقية، وكما هو الحال مع سارتر، استلهمت الرموز الإغريقية وأوّلتها، وصولاً للقناعة إياها، أن الإنسان هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة، وأن عليه أن يبني قيمه بعيداً عن عبث الآلهة، فالإله الإغريقي ليس هو الله العليم الحكيم، وإنما يوظف سطوته وقدراته للتلاعب بمصير الإنسان في نزق لا ضوابط عليه!
فإلى أين أوصلت هذه القناعة كلاً من سارتر وحافظ الأسد؟
في سوريا إنسان مصادر تماماً ومستعبد لفكرة أو فكر القائد الذي يريد أن يصنعه على هيأته ويضعه في قالبه طوعاً وكرهاً، وبالتالي نظام قمعي شمولي دموي أقرب للنازية والفاشية، وجوبيتر الإله وليس أورست هو الذي يصنع المصائر والأقدار، الإله الطاغية وليس الإنسان، وبالتالي فقد وقعت هذه الفلسفة في الحفرة التي هربت منها.
وفي أوروبا قيم فردية تبيح كل شيء وحرية مجانية رخيصة تجتذب الذباب بأكثر مما يجتذبه الاستسلام للشعور بالخطيئة!
فلماذا تردت الفلسفة الوجودية وما انبثق عنها في هذه الهاوية القاتلة؟
ببساطة لأنها صنعت من الإنسان إلهاً، وحين يصبح الإنسان إلهاً فلن يكون إلا فرعوناً صوره الله سبحانه وتعالى خير تصوير" ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد
وهكذا كل المذاهب التي هربت من عبودية الله ، فوقعت في عبادة البشر، وتمخضت عن أسوأ نماذج الاجتماع والسياسة التي احتاجت البشرية إلى الثورات والتضحيات، لتتحرر من أغلالها الثقيلة.
نزار حسين راشد
في خطابه الأكثر شهرة وذيوعاً، والذي دأب التلفزيون السوري على إذاعته صباح مساء، في الافتتاحيات وبين الفواصل، كانت العبارة الأظهر والأعلى رنيناً أو بيت القصيد كما يقال هي " الإنسان غاية الحياة وهو منطلق الحياة".
ويبدو أن هذه العبارة تلخص فكر وقناعات الرئيس، فمن أين أتى بها؟
هذه العبارة بلا أدنى لُبس تمثل الفكر الوجودي للمفكر الفرنسي جان بول سارتر، والذي عرضه في مسرحيته الذباب، عارياً بلا رتوش، أما المضمون الذي أراد سارتر تبليغه في مسرحيته من خلال الحوار بين جوبيتر الإله وأورست الإنسان، هو أن على الإنسان أن يصنع قدره بإرادته الحرة، والتحرر من العبودية للإله والشعور بالذنب أو الخطيئة الأولى والتي تجعله في النهاية فريسة عفنة للذباب، ومن الواضح أن سارتر يقصد إلى نسف أركان العقيدة المسيحية بتوظيف الرموز الإغريقية، غير أن النتيجة التي يصل إليها، أنه لا وجود للإله وحتى لو كان موجوداً فلا قيمة لوجوده، لأن الإنسان هو مركز الكون، وهو الذي يصنع قيمه ومصيره، أما المضمون الآخر الذي لا يقل أهمية، فهو أنه لا توجد بركة قيم مشتركة،أو مرجعية بشرية عامة للقيم والأخلاق، وأن على الإنسان أن يبدع قيمه بنفسه، بالحرية المسؤولة بدل العبودية للإله التي جعلته فريسة للذباب!
فهل قرأ حافظ الأسد فلسفة سارتر ومن أين أتى بهذه العبارة؟
على الأرجح فأن الأسد لم يقرأ سارتر ولا يعرف شيئاً عن فلسفته الوجودية، ولم يقتبسها حتى من أدبيات البعث المتأثرة بالماركسية والتي تدعو إلى التركيز على بناء الإنسان بدورها، فالعبارة أحكم صياغة وأوضح مضموناً من أن يكون مصدرها دعوة فكرية عامة، أو أدبيات سياسية، فهي أقرب إلى القناعة الفلسفية الراسخة التي تحيل بالضرورة إلى الوجودية!
الأسد بحكم انتمائه الطائفي إلى المذهب النصيري، فلا بد أنه تلقى تعاليم هذه الطائفة وتشربها، فمن تقاليد الأقليات هي تدريس المذهب وتلقينه للأطفال، حفاظاً على الهوية والاستمرارية!
فما علاقة النصيرية بالوجودية؟
ككل المذاهب التي ولدت من رحم الدولة الفاطمية،وجدت النصيرية منهلها في الفلسفة الإغريقية، وكما هو الحال مع سارتر، استلهمت الرموز الإغريقية وأوّلتها، وصولاً للقناعة إياها، أن الإنسان هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة، وأن عليه أن يبني قيمه بعيداً عن عبث الآلهة، فالإله الإغريقي ليس هو الله العليم الحكيم، وإنما يوظف سطوته وقدراته للتلاعب بمصير الإنسان في نزق لا ضوابط عليه!
فإلى أين أوصلت هذه القناعة كلاً من سارتر وحافظ الأسد؟
في سوريا إنسان مصادر تماماً ومستعبد لفكرة أو فكر القائد الذي يريد أن يصنعه على هيأته ويضعه في قالبه طوعاً وكرهاً، وبالتالي نظام قمعي شمولي دموي أقرب للنازية والفاشية، وجوبيتر الإله وليس أورست هو الذي يصنع المصائر والأقدار، الإله الطاغية وليس الإنسان، وبالتالي فقد وقعت هذه الفلسفة في الحفرة التي هربت منها.
وفي أوروبا قيم فردية تبيح كل شيء وحرية مجانية رخيصة تجتذب الذباب بأكثر مما يجتذبه الاستسلام للشعور بالخطيئة!
فلماذا تردت الفلسفة الوجودية وما انبثق عنها في هذه الهاوية القاتلة؟
ببساطة لأنها صنعت من الإنسان إلهاً، وحين يصبح الإنسان إلهاً فلن يكون إلا فرعوناً صوره الله سبحانه وتعالى خير تصوير" ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد
وهكذا كل المذاهب التي هربت من عبودية الله ، فوقعت في عبادة البشر، وتمخضت عن أسوأ نماذج الاجتماع والسياسة التي احتاجت البشرية إلى الثورات والتضحيات، لتتحرر من أغلالها الثقيلة.
نزار حسين راشد