القاهرة ـ من أحمد رجب
كانت "التفاحة الذهبية" سببا لنشوب حرب طروادة الشهيرة، تلك الأسطورة تحكيها ملحمة الإلياذة، فآلهة الأوليمب لم تدع الإلهة آتي إلى حفل، لكنها حضرت وقد أضمرت أمرا، فألقت بينهم بتفاحة ذهبية مكتوب عليها عبارة "إلى الأجمل"، وتسبب التنافس بين الربات الثلاث هيرا وأفروديت وآثينا حول الأجمل منهن، في نشوب الحرب الضروس.
الأسطورة يستدعيها د. خالد محمد غازي من خلال كتابه الصادر مؤخرا عن "وكالة الصحافة العربية ناشرون"، بعنوان "التفاحة الذهبية.. نساء نوبل.. الفائزات في الآداب"، حيث يستعيد سير حياة أربع عشرة امرأة فزن بالجائزة، ابتداء من سلمى لاجيرلوف أول كاتبة حصلت على نوبل في عام 1909، وانتهاء بالبيلوروسية سفيتلانا أليكيسيفيش في 2015. فكأن الجائزة هي التفاحة الذهبية الحديثة.
يتم وفقر
في البدء يتساءل الكاتب "هل ثمة عوامل وسمات مشتركة تجعل من نساء نوبل يقفن بدرجة واحدة تحت مظلة محددة من حيث اصطفافهن وفق معيار تميز الأداء الإبداعي؟ وهل من دوافع أخرى محفزة تجعل من الضرورة تناول سيرة حياة وإبداع هؤلاء النسوة؟" فأربع عشرة امرأة فقط فزن بالجائزة في محيط بحر زاخر من الرجال، فغدون كنقطة في محيط، مما يدفع البعض للقول بأن الجائزة ذكورية الهوى.
ويجيب الكتاب "بالعودة لحياة تلك النساء اللاتي فزن بالجائزة نكتشف أن ثمة روابط قد جمعت بينهن، تتمثل في مفردة واحدة هي الاضطهاد، التي ما فتئت تشير بجلاء إلى أنه المرجل الذي انصهرت في أتونه كل مكونات مفاعيل الإبداع فيهن، فتفجرت من طينة الأسى كتل اللهيب ووميض ما سطرت أيدي نساء نوبل، يتعدد ظرف المعاناة لكل منهن إلا أن الناتج واحد هو مولد تشكّلت ملامحه من صلب الإبداع.
ويرى الكاتب أن الألم وحده هو من فجر طاقات الإبداع لدى نساء نوبل، حيث الألم ليس مجرد أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما هو ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع. فها هي سلمى لاجيرلوف أولى الفائزات بنوبل الآداب، والتي يلقبها الكتاب بـ "ملكة الأدب السويدي" تقول: "حينما أكتب أعيش في وحدة كبيرة وعليَّ أن أختار ببن عيشي لوحدي ووحدتي ومن ثم انطلاق القلم أو أن أكون بين الآخرين فلا أسطر شيئاً".
وفي استعراضه لحياتها يرجع غازي إبداع وتألق لاجيرلوف إلى معاناتها، فقبيل فوزها بالجائزة وكانت شهرتها الأدبية ملء الآفاق كانت تعاني العوز، وكانت تنتظر المبلغ المالي الذي تتضمنه الجائزة لتفك الرهن عن منزل والدها الذي قضت طفولتها فيه، واضطرت لتركه بعد أن تم بيعه لسداد ديون والدها الذي مات مديونًا.
وقد تحدثت لاجيرلوف في كلمتها أمام الأكاديمية المانحة عن تلك المعاناة التي لازمتها مبكرا حيث أصيبت في طفولتها بمرض شلل الأطفال الذي أتلف ساقيها، وتضاعفت المعانة برحيل الأب مدينا. وهي التجربة التي كانت بمثابة البوتقة التي صهرت موهبتها فأخرج إبداعها الفذ وجعلها حتى اللحظة الاسم الأهم في الأدب السويدي.
أما الإيطالية جراتسيا ديليدا فمعاناتها ترجع لحرمانها من إكمال تعليمها، فتقاليد مجتمعها في جزيرة سردينيا الإيطالية لم تكن تسمح بتعليم الفتيات، وقد قاومت حرمانها من التعليم بالقراءة ثم كتابة الشعر والقصة القصيرة قبل أن تتجه لكتابة الرواية، وعانى أبطال رواياتها من تسلط القساوسة، وضغط التقاليد السائدة في المجتمع.
وكانت معاناة الأميركية بيرل بك مزدوجة، فهي ابنة لقس بروتستانتي متشدد، عمل مبشرا في الصين، فانتقل بأسرته إلى هناك، لذا عاشت طفولة مغتربة من ناحية وحزينة قلقة من ناحية أخرى إذ فقدت أربعة من أشقائها بسبب الكوليرا التي كانت متفشية في الصين وقتها، وقد صرخت فيه زوجته: "بإمكانك القيام بالوعظ من بيكين إلى كانتون ولكني وأطفالي لن نذهب معك بعد اليوم وأنا عبر تجوالي معك أفقد أطفالي"، ولذلك عاشت وهي محاطة بـأشباح أشقائها الذين قالت عنهم "بدوا أحياءً بالنسبة لي"، وبالرغم من ذلك كتبت أهم أعمالها عن تلك الفترة وهو ما تجلى في روايات "الأرض الطيبة"، وفيها تصور حياة فلاح صيني يدعى وانج لانج، وأسرته وتعلقه بالأرض، وأردفتها بجزئين هما "أبناء وانج لانج"، ثم "الأسرة المشتتة" حيث يعيش وانج حتى يرى أبناءه يهجرون الأرض، خاصة "يوان" الذي يهاجر إلى أميركا من أجل الدراسة.
وإذا كانت سلمي لاجيرلوف عانت اليتم والفقر والإعاقة، فإن التشيلية جابرييلا ميسترال وهي أول شاعرة تفوز بنوبل (في عام 1945) فمن سبقنها كن روائيات، وقد حُرمت من أبيها وهي ابنة ثلاث سنوات، وبعدها كان الفقر رفيقا لها، لدرجة أنه حتى بعد أن ذاعت شهرة جابرييلا ميسترال ككاتبة بعد فوزها بجائزة تشيلي في الأدب عن مجموعتها قصائد الموت، لم تتمكن من حضور حفل تكريمها، فالشاعرة التي نالت أرفع جائزة أدبية في تشيلي لم يكن لديها سوى ثوب واحد لا يليق بالحفل.
ويذكر أن الشاعرات انتظرن لنصف قرن قبل أن يتكرر فوز إحداهن بالجائزة، فبعد ميسترال ظلت الجائزة أسيرة الروائيات لنصف قرن ولم تذهب لشاعرة إلا في عام 1995 حين فازت بها الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا.
مقاومة العنصرية
نشأت نادين جورديمر في بيئة شبيهة بتلك التي نشأت فيها بيرل بك، فهي ابنة لقس كاثوليكي ينحدر من أصول ليتوانية بينما أمها بريطانية الأصل، وعلى الرغم من نشأتها وسط بيئة عائلية ودينية تشجع على العنصرية، إلا أن نادين انتصرت للعدالة التي تؤمن بأن الخير لا يكمن في عرق أو لون أو دين، ولتعبر عن مواقفها اتجهت نادين الطفلة إلى الكتابة كعالم ترسم فيه معالم جديدة لعالم أكثر عدلًا وسلامًا. فسخّرت قلمها للكتابة ضدّ نظام الفصل العنصري، وفضحت تناقضاته وآثاره المدمرة، عن طريق سرد قصص الظلم العرقي والطبقي والمعاناة الوجودية للسود رجالًا ونساءً في المجتمع الجنوب أفريقي.
ولعل لجنة نوبل التي منحت الجائزة لنادين جورديمير في عام1991، أرادت أن تؤكد على موقفها المناهض للعنصرية فمنحت الجائزة في عام 1993 للأميركية السوداء توني موريسون، في سابقة لم تتكرر فلم تمنح الجائزة للكاتبين مرتين خلال ثلاث سنوات إلا في تلك الفترة (1991- 1993).
وفي رواياتها تصور موريسون الزنجيات عبر ثلاثة أجيال من النساء، الجيل الأول عاش سنوات العبودية أو قارب ذلك، أما بنات الجيل الثاني فيحاولن نسيان هذا الزمن، ويصنعن عالمًا خاصًا يحاولن من خلاله صناعة هوية ثقافية واجتماعية خاصة مثل موسيقى الجاز، أما بنات الجيل الثالث فهن أكثر تحررًا وسعادة، لكنهن تبعًا للعصر أكثر معاناة، لذا فرغم أن الماضي بالغ القسوة إلا أنه أكثر رحمة من الواقع الراهن، وعليه فإن روايات الكاتبة مليئة بالحنين إلى سنوات العشرينيات.
وعالم موريسون مليء بالسخريات المأساوية، ورغم ذلك فهو بالغ الاتساع والغنى والخصوصية حيث يقوم على بناء وهدم الأسطورة الإنسانية بدءا من الفلكلور والاعتقادات، وأساليب الحياة في التجمعات السوداء، وماضي أفريقيا فقط، بل إن الخيال عند الكاتبة هو دافع ثقافي وبذور لا تنمو إلا بعد أن تتشكل الخيالات.
أما آخر الحاصلات على التفاحة الذهبية فهي البيلاروسية سفيتلانا أليكيسيفيش والتي كرست قلمها للتنديد بالحروب ومآسيها وحزن الأمهات، فكتبت في روايتها "فتيان الزنك" الحروب مهلكة، وليس هناك حزن يعلو الحزن الذي يتملك أما عندما يصلها خبر مقتل ابنها في حرب ظالمة لا يكون لمقتله فيها معنى ومنطق.
كانت "التفاحة الذهبية" سببا لنشوب حرب طروادة الشهيرة، تلك الأسطورة تحكيها ملحمة الإلياذة، فآلهة الأوليمب لم تدع الإلهة آتي إلى حفل، لكنها حضرت وقد أضمرت أمرا، فألقت بينهم بتفاحة ذهبية مكتوب عليها عبارة "إلى الأجمل"، وتسبب التنافس بين الربات الثلاث هيرا وأفروديت وآثينا حول الأجمل منهن، في نشوب الحرب الضروس.
الأسطورة يستدعيها د. خالد محمد غازي من خلال كتابه الصادر مؤخرا عن "وكالة الصحافة العربية ناشرون"، بعنوان "التفاحة الذهبية.. نساء نوبل.. الفائزات في الآداب"، حيث يستعيد سير حياة أربع عشرة امرأة فزن بالجائزة، ابتداء من سلمى لاجيرلوف أول كاتبة حصلت على نوبل في عام 1909، وانتهاء بالبيلوروسية سفيتلانا أليكيسيفيش في 2015. فكأن الجائزة هي التفاحة الذهبية الحديثة.
يتم وفقر
في البدء يتساءل الكاتب "هل ثمة عوامل وسمات مشتركة تجعل من نساء نوبل يقفن بدرجة واحدة تحت مظلة محددة من حيث اصطفافهن وفق معيار تميز الأداء الإبداعي؟ وهل من دوافع أخرى محفزة تجعل من الضرورة تناول سيرة حياة وإبداع هؤلاء النسوة؟" فأربع عشرة امرأة فقط فزن بالجائزة في محيط بحر زاخر من الرجال، فغدون كنقطة في محيط، مما يدفع البعض للقول بأن الجائزة ذكورية الهوى.
ويجيب الكتاب "بالعودة لحياة تلك النساء اللاتي فزن بالجائزة نكتشف أن ثمة روابط قد جمعت بينهن، تتمثل في مفردة واحدة هي الاضطهاد، التي ما فتئت تشير بجلاء إلى أنه المرجل الذي انصهرت في أتونه كل مكونات مفاعيل الإبداع فيهن، فتفجرت من طينة الأسى كتل اللهيب ووميض ما سطرت أيدي نساء نوبل، يتعدد ظرف المعاناة لكل منهن إلا أن الناتج واحد هو مولد تشكّلت ملامحه من صلب الإبداع.
ويرى الكاتب أن الألم وحده هو من فجر طاقات الإبداع لدى نساء نوبل، حيث الألم ليس مجرد أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما هو ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع. فها هي سلمى لاجيرلوف أولى الفائزات بنوبل الآداب، والتي يلقبها الكتاب بـ "ملكة الأدب السويدي" تقول: "حينما أكتب أعيش في وحدة كبيرة وعليَّ أن أختار ببن عيشي لوحدي ووحدتي ومن ثم انطلاق القلم أو أن أكون بين الآخرين فلا أسطر شيئاً".
وفي استعراضه لحياتها يرجع غازي إبداع وتألق لاجيرلوف إلى معاناتها، فقبيل فوزها بالجائزة وكانت شهرتها الأدبية ملء الآفاق كانت تعاني العوز، وكانت تنتظر المبلغ المالي الذي تتضمنه الجائزة لتفك الرهن عن منزل والدها الذي قضت طفولتها فيه، واضطرت لتركه بعد أن تم بيعه لسداد ديون والدها الذي مات مديونًا.
وقد تحدثت لاجيرلوف في كلمتها أمام الأكاديمية المانحة عن تلك المعاناة التي لازمتها مبكرا حيث أصيبت في طفولتها بمرض شلل الأطفال الذي أتلف ساقيها، وتضاعفت المعانة برحيل الأب مدينا. وهي التجربة التي كانت بمثابة البوتقة التي صهرت موهبتها فأخرج إبداعها الفذ وجعلها حتى اللحظة الاسم الأهم في الأدب السويدي.
أما الإيطالية جراتسيا ديليدا فمعاناتها ترجع لحرمانها من إكمال تعليمها، فتقاليد مجتمعها في جزيرة سردينيا الإيطالية لم تكن تسمح بتعليم الفتيات، وقد قاومت حرمانها من التعليم بالقراءة ثم كتابة الشعر والقصة القصيرة قبل أن تتجه لكتابة الرواية، وعانى أبطال رواياتها من تسلط القساوسة، وضغط التقاليد السائدة في المجتمع.
وكانت معاناة الأميركية بيرل بك مزدوجة، فهي ابنة لقس بروتستانتي متشدد، عمل مبشرا في الصين، فانتقل بأسرته إلى هناك، لذا عاشت طفولة مغتربة من ناحية وحزينة قلقة من ناحية أخرى إذ فقدت أربعة من أشقائها بسبب الكوليرا التي كانت متفشية في الصين وقتها، وقد صرخت فيه زوجته: "بإمكانك القيام بالوعظ من بيكين إلى كانتون ولكني وأطفالي لن نذهب معك بعد اليوم وأنا عبر تجوالي معك أفقد أطفالي"، ولذلك عاشت وهي محاطة بـأشباح أشقائها الذين قالت عنهم "بدوا أحياءً بالنسبة لي"، وبالرغم من ذلك كتبت أهم أعمالها عن تلك الفترة وهو ما تجلى في روايات "الأرض الطيبة"، وفيها تصور حياة فلاح صيني يدعى وانج لانج، وأسرته وتعلقه بالأرض، وأردفتها بجزئين هما "أبناء وانج لانج"، ثم "الأسرة المشتتة" حيث يعيش وانج حتى يرى أبناءه يهجرون الأرض، خاصة "يوان" الذي يهاجر إلى أميركا من أجل الدراسة.
وإذا كانت سلمي لاجيرلوف عانت اليتم والفقر والإعاقة، فإن التشيلية جابرييلا ميسترال وهي أول شاعرة تفوز بنوبل (في عام 1945) فمن سبقنها كن روائيات، وقد حُرمت من أبيها وهي ابنة ثلاث سنوات، وبعدها كان الفقر رفيقا لها، لدرجة أنه حتى بعد أن ذاعت شهرة جابرييلا ميسترال ككاتبة بعد فوزها بجائزة تشيلي في الأدب عن مجموعتها قصائد الموت، لم تتمكن من حضور حفل تكريمها، فالشاعرة التي نالت أرفع جائزة أدبية في تشيلي لم يكن لديها سوى ثوب واحد لا يليق بالحفل.
ويذكر أن الشاعرات انتظرن لنصف قرن قبل أن يتكرر فوز إحداهن بالجائزة، فبعد ميسترال ظلت الجائزة أسيرة الروائيات لنصف قرن ولم تذهب لشاعرة إلا في عام 1995 حين فازت بها الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا.
مقاومة العنصرية
نشأت نادين جورديمر في بيئة شبيهة بتلك التي نشأت فيها بيرل بك، فهي ابنة لقس كاثوليكي ينحدر من أصول ليتوانية بينما أمها بريطانية الأصل، وعلى الرغم من نشأتها وسط بيئة عائلية ودينية تشجع على العنصرية، إلا أن نادين انتصرت للعدالة التي تؤمن بأن الخير لا يكمن في عرق أو لون أو دين، ولتعبر عن مواقفها اتجهت نادين الطفلة إلى الكتابة كعالم ترسم فيه معالم جديدة لعالم أكثر عدلًا وسلامًا. فسخّرت قلمها للكتابة ضدّ نظام الفصل العنصري، وفضحت تناقضاته وآثاره المدمرة، عن طريق سرد قصص الظلم العرقي والطبقي والمعاناة الوجودية للسود رجالًا ونساءً في المجتمع الجنوب أفريقي.
ولعل لجنة نوبل التي منحت الجائزة لنادين جورديمير في عام1991، أرادت أن تؤكد على موقفها المناهض للعنصرية فمنحت الجائزة في عام 1993 للأميركية السوداء توني موريسون، في سابقة لم تتكرر فلم تمنح الجائزة للكاتبين مرتين خلال ثلاث سنوات إلا في تلك الفترة (1991- 1993).
وفي رواياتها تصور موريسون الزنجيات عبر ثلاثة أجيال من النساء، الجيل الأول عاش سنوات العبودية أو قارب ذلك، أما بنات الجيل الثاني فيحاولن نسيان هذا الزمن، ويصنعن عالمًا خاصًا يحاولن من خلاله صناعة هوية ثقافية واجتماعية خاصة مثل موسيقى الجاز، أما بنات الجيل الثالث فهن أكثر تحررًا وسعادة، لكنهن تبعًا للعصر أكثر معاناة، لذا فرغم أن الماضي بالغ القسوة إلا أنه أكثر رحمة من الواقع الراهن، وعليه فإن روايات الكاتبة مليئة بالحنين إلى سنوات العشرينيات.
وعالم موريسون مليء بالسخريات المأساوية، ورغم ذلك فهو بالغ الاتساع والغنى والخصوصية حيث يقوم على بناء وهدم الأسطورة الإنسانية بدءا من الفلكلور والاعتقادات، وأساليب الحياة في التجمعات السوداء، وماضي أفريقيا فقط، بل إن الخيال عند الكاتبة هو دافع ثقافي وبذور لا تنمو إلا بعد أن تتشكل الخيالات.
أما آخر الحاصلات على التفاحة الذهبية فهي البيلاروسية سفيتلانا أليكيسيفيش والتي كرست قلمها للتنديد بالحروب ومآسيها وحزن الأمهات، فكتبت في روايتها "فتيان الزنك" الحروب مهلكة، وليس هناك حزن يعلو الحزن الذي يتملك أما عندما يصلها خبر مقتل ابنها في حرب ظالمة لا يكون لمقتله فيها معنى ومنطق.