د. أبو القاسم قور حامد - مفهوم ثقافة السلام..

يبدو التعبير ثقافة السلام (Peace Culture) من الوهلة الأولى تعبيراً لغوياً غامضاً، الأمر الذي يستوجب التدقيق فيه وبحث مفرداته بروية وتؤدة. فالجملة (ثقافة السلام) تتكون من مفردتين هما (ثقافة) و(سلام)، وهاتان مفردتان كفيلتان بإلغاء ظلالهما كمفاهيم على سياقاتنا وتصوراتنا الفكرية والأيدلوجية مما يوفر إحساساً بالمعني الحقيقي لهما في إطار التعبير (ثقافة السلام)، لأن بعض الناس يظنون أن ثمة ثقافة سلام يمكن التعامل معها مباشرة. لكن كما هو معروف ابستمولجيا ليس بالضرورة أن تكون كل الجمل المكتملة والصحيحة لغوياً جملاً حقيقية ذات تحقق فعلى ومعادل موضوعي محسوس على أرض الواقع. فقولك (جبل ذهب) مثلاً لا يدل على وجود (جبل ذهب) محسوس في مكان ما، أو القول (غابة من النجوم) لا يعنى وجود غابة من النجوم إلا في إطار ومستوى الإبداع اللغوي. لكل ذلك يبدو البحث في معنى (ثقافة السلام) لغوياً أمر يحتاج للدراية التامة بالمعني الديناميكي للمفردتين (ثقافة) و(سلام)، وفي حالة دمجهما في صيغة المصطلح (ثقافة السلام Peace Culture)). ولمزيد من الإيضاح يمكن تعريف مفردة ثقافة لغوياً بالآتي "ثقف الرجل من باب ظرف صار حازقاً حفيفاً فهو ثقفٍ مثل ضخم فهو ضخم ومنه المثاقفة وثقف من باب طرب لغة فيه فهو ثقف وثقف كعضد والثقاف ما تسوى به الرماح وتثقيفها تسويتها وثقفه من باب فهم"( )، لكن ربما الوقوف على المعني اللغوي للمفردة ثقافة قد لا يوفر المعني التام والمفهوم المطلوب لدي هذه المفردة في إطار التعبير (ثقافة السلام)، أيضاً يمكن البحث عن معنى مفردة سلام هي الأخرى في اللغة، لعل ذلك يساعد في التوصل إلى المعنى المطلوب. ومن التعريفات التي وردت عن المفردة سلام ما جاء في القاموس المحيط قوله "والسلام من أسماء الله تعالى والسلامة البراءة من العيوب. وسلم من الآفة بالكسر سلامة وسلمه الله تعالى منها تسليماً مسلمة إليه تسليماً فتسلمه أعطيته فتناوله. والتسليم الرضا والسلام وأسلم انقاد وصار مسلماً كتسليم العدو وخذيه. وأمره إلى الله سلمه وتسالماً تصالحاً وسالماً صالحاً"( ) وهنا يتضح المعني اللغوي العميق للمفردة (سلام) في اللغة العربية، فأول هذه المعاني أنها أحد أسماء الله سبحانه وتعالى هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ( ) وهذا الربط فيه دلالة عميقة "فالإنسان مدعو للاتصاف بهذه الصفة قدر الوسع والطاقة" لكن بقدر إفادتنا من هذا الشرح في فهم مفردة سلام لكن لازالت هذه المفردة يكتنفها الغموض في إطار المنظومة والسياق (ثقافة السلام). فمن الواضح أن التعبير (ثقافة سلام) هو مصطلح، وهو تعبير يمكن اكتشاف معناه الحقيقي في إطار المصطلح لكن قبل ذلك سأورد هنا رؤية الباحث لمفهوم الثقافة وهي رؤية تمتاح من المصادر المختلفة لكنها تأخذ بعداً فلسفياً واجتماعياً، أي أن مفهوم الثقافة الذي سيرد في هذا الفصل يرتكز على أصول فلسفية واجتماعية وهو التعريف الذي أجد فيه فضاء وإمكانية استيعاب المعني الفلسفي والاجتماعي لمنظومة التحولات التي يفترضها الباحث كوسيلة لنشر ثقافة السلام.
لقد اكتفت العديد من التعريفات بالحالة الصورية، والسياقات التجريدية للثقافة، لكن هنا يسعى الباحث إلى توفير تعريف ديناميكي للثقافة. و(ديناميكية الثقافة) تنبثق من تصورنا للثقافة في شكلها الفاعل والمؤثر، وليس بوصفها مفهوم ينتهي عند حدود السياق والتصور فهو التعريف الذي يستوعب المصطلح (دراما Drama) كديناميكية ثقافية فاعلة ومؤثرة، لأن الدراما في أقل معانيها وأكثرها تعني الحركة والفعل (Action and movement) وهنا سوف أورد اتجاهين من التعريفات للثقافة "أحدهما ينظر للثقافة على أنها تتكون من القيم والمعتقدات والمعايير والتفسيرات العقلية والرموز والأيدلوجيات، وما شاكلها من المنتجات العقلية، أما الاتجاه الآخر فيرى الثقافة على أنها تشير إلى النمط الكلي لحياة شعب ما، والعلاقات الشخصية بين أفراده وكذلك توجهاتهم"( ) ومن الملاحظ في التعريف الأول هو عبارة عن وصف للثقافة مثل القول (تتكون من القيم) و(المعتقدات) و(المعايير) و(التفسيرات العقلية والرموز والأيديولوجيات) فهو تفسير مجرد لا يذهب إلى البحث في ما هي أو كيف تتم تلك القيم؟ أو المعتقدات؟ … الخ فهو تفسير فلسفي للثقافة. أما التعريف الثاني فهو تعريف ديناميكي للمصطلح ثقافة مثل قول (العلاقات) و(النمط الكلي) وهذا التعريف بشقيه يبدو أقرب إلى طبيعة هذا البحث في الأصول الفلسفية والثقافية للسلام والدراما. فالمفردة ثقافة التي وردت في التعبير (ثقافة سلام) تأخذ معنى أعمق عند النظر إليها من هذه الناحية الفلسفية والأنثروبولوجية. لأن البحث في ثقافة السلام على الرغم من إطاره النظري هو أيضاً بحث في معرفتنا للعلاقات أو المفاهيم والمعتقدات لهؤلاء الناس من وجهة نظر فلسفية وثقافية متداخلة. إذا فالمفردة (ثقافة) التي وردت في السياق (ثقافة السلام) يمكن تفسيرها في إطارها الحركي والاجتماعي مما يدل على أنها مصطلح فمن الواضح التعبير (ثقافة السلام) هو مصطلح يمكن توفره بتوفر عناصره وشروطه. وهو أيضاً سياق لفظي وفلسفي في إطار مشروع فلسفة التنمية الاجتماعية.
أبدت الأمم المتحدة اهتماماً كبيراً بالسلام منذ تأسيسها في عام 1945م فعقب نهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة في 31 يناير 1992م أجمع مجلس الأمن على قرار لم يسبق له مثيل (Unprecedented) يتبنى طرق لتطوير الدبلوماسية الوقائية (Preventive Diplomacy). وفي يونيو 1992م قدم الأمين العام للأمم المتحدة للجمعية العمومية لمجلس الأمم المتحدة تقريراً عرف بـ"أجندة السلم"( )
(An Agenda for Peace). ولصناعة سلام حقيقي دعت الأمم المتحدة متمثلة في أمينها العام إلى "المساهمة التامة للدول المشاركة في الأمم المتحدة وذلك لدعم جهود الوساطة Mediation، والمفاوضات Negotiation، والتحكيم Arbitration كما دعي الأمين العام للأمم المتحدة الحكومات المختلفة إلى ايلا ثقة (Reliance) كبيرة إلى محكمة العدل الدولية في القضايا الدولية والخلافية مما يوفر تدعيم السلام الدولي. كما وجه نداء عبر الأمم المتحدة لتطوير الوضع والظرف الاقتصادي – الاجتماعي (Socio-economic) الذي من شأنه الحد من الصراعات في العام"( ). إلا أن الأمم المتحدة اتخذت خطوة أخرى صارت من بعد محوراً للجدل ومثار لتشكك وهي تبنيها إلى استعمال قوتها وفقاً للقرار (7) مما يخول لها استعمال القوة العسكرية (Military Force) ذلك لمواجهة مهددات السلام أو العنف الدولي وهكذا ظهرت إلى حيز الوجود إحدى آليات العنف والقوة لتحقيق السلم وهي وحدة فرض السلام (Peace-Enforcement Units). وهنا يتضح إلى أي مدى أصبحت عملية توفير الأمن والسلم العالمي قضية هي الأخرى محل جدل من منظور الأمم المتحدة. فالسلام لا يمكن فرضه من الخارج، إضافة لكل ذلك أن الأحداث والحروب وأعمال العنف التي شهدها العالم في نهايات القرن العشرين أكدت حقيقة جوهرية هي أن تدخل قوات الأمم المتحدة العسكرية بدعوى فرض السلم في دول ومناطق بعينها قد صادف مقاومة من الفئات المتصارعة، مما وضع الأمم المتحدة طرفاً في النزاعات الدولية العديدة التي يشهدها العالم، بل في كثير من الأحيان أصبحت منظومة (التدخل من أجل فرض السلام) ذريعة مواتية وغطاء لتدخل الدول المتفوقة عسكرياً في الشئون الداخلية لدول أخرى مما أفرز إلى العالم نوعاً من الحروب التي تصب في خانة مصالح بعض الدول والمنظمات والأحلاف الدولية المتعددة وهو ما تشهد به أحداث حرب البلقان 1999م التي وقفت إزائها الأمم المتحدة موقف المتفرج مكتوف الأيدي. وتعبر حرب البلقان في مطلع عام 1999م أكبر حملات العنف الدولي التي برهنت للعالم كافة فشل مؤسسات الأمم المتحدة في صناعة السلام أو حتى حراسة السلام. المعني الاصطلاحي لثقافة السلام (مفهوم اليونسكو):
يعتبر السلام أحد الأهداف الأساسية لليونسكو منذ إنشائها في نهاية الحرب العالمية الثانية، بل لقد آلت اليونسكو على نفسها مهمة بناء السلام في عقول الرجال والنساء منذ نهاية القرن العشرين، وهي مهمة بالغة التعقيد نظراً لما يكتنف العالم اليوم من حروب وتحولات اقتصادية واستراتيجية كبيرة.كما شهد نهاية القرن العشرين تحولات كبيرة، وتطورات ملحوظة في مجالات الاتصال والنقل والطب والزراعة، وهي كلها تطورات تدل على ازدهار الحضارة الإنسانية على كوكب الأرض. كما ظهر مصطلح (ثقافة السلام) في نهاية القرن العشرين في أدبيات الأمم المتحدة (United Nations) والمنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو UNESCO. ولقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين اهتماماً كبيراً من قبل اليونسكو، والأمم المتحدة بأمر ثقافة السلام (Peace Culture) وصناعة السلام (Peace Making) وحراسة السلام (Peace Keeping)، وفي هذا الجزء سأركز على التعريف الذي أوردته منظمة اليونسكو (UNESCO) لمصطلح (ثقافة السلام). تشير العديد من الدراسات أن الحروب هي الأخرى تطورت تطوراً كبيراً من حيث آلة الحرب، والتقانة والأساليب والأسباب مما يشكل خطراً كبيراً على الحضارات الإنسانية في كافة بقاع الأرض ولما كنا بصدد فهم وتحليل مفهوم (ثقافة السلام) كمصطلح ذي أبعاد فلسفية (قيمية وأيديولوجية) لابد من الرجوع إلى أصول هذا المفهوم كما هو موضح في أدبيات ومنشورات اليونسكو وينص أول تعريفات اليونسكو لثقافة السلام بالآتي: "تتكون ثقافة السلام من القيم والمواقف، وطبيعية السلوك الإنساني التي ترتكز على عناصر عدم العنف وتحترم الحقوق الأساسية للإنسان وحريات الآخرين. ولقد تم تحديد هذه الحقوق في ميثاق حقوق الإنسان"( ).
يدل التعبير (تتكون من..) الذي ورد في صدر هذا التعريف على وجود عدد من العناصر والتي بتوفرها يمكن توفير ثقافة السلام. وبالتالي يبدو جلياً، وواضحاً أن التعبير ثقافة السلام هو مصطلح يحتاج للبحث، والتدقيق بغية الوقوف على المعني الحقيقي له. كما أوردت اليونسكو التعريف التالي لثقافة السلام "ثقافة السلام كيان مكون من قيم، مواقف وسلوكيات مشتركة ترتكز على عدم العنف (Non-violence)، واحترام الحقوق الأساسية للإنسان بالتفاهم والتسامح والتماسك كل ذلك في إطار التعاون المشترك والمساهمة الكاملة للمرأة، واقتسام تدفق المعلومات".( )
تمس هذه المصطلحات عدداً كبيراً من جوانب الحياة الإنسانية وثقافات الشعوب وسلوكها وقيمها التي اكتسبتها عبر التاريخ الطويل وممارستها الإنسانية العديدة. وتذهب اليونسكو في تحديدها لمصطلح (ثقافة السلام) إلى القول "إن المفتاح إلى ثقافة السلام هو تحويل التنافس العنيف إلى تعاون في مجال تحقيق الأهداف"( ). وترى اليونسكو "تستدعى ثقافة السلام أن تعمل كل المجموعات المتنافسة والمتصارعة في إطار التعاون لتطوير نفسها إلى الأحسن"( ) وترى اليونسكو إمكانية تحقق مصطلح (ثقافة السلام) وازدهاره على أرض الواقع في حالات تقليص بيئة الحرب وإحلال بدائل إيجابية في محلها.
ولتحقيق هذا الهدف الإنساني النبيل تنظر منظمة اليونسكو إلى (ثقافة السلام) كمشروع شاسع متعدد الجوانب، عوالمي الفضاء، لابد له من أن يرتبط بالنواحي التالية:
1/ التنمية والأمن الاقتصادي.
2/ الديمقراطية والأمن السياسي.
3/ نزع السلام والأمن العسكري.
4/ الكفاءة والحوار الاقتصادي.
5/ تطوير التماسك الدولي.
وكما هو واضح من اللحظة الأولى، إن هذا التعريف فضفاض خاصة إذا ما قارناه بشمولية طرح اليونسكو في عالم متنوع الثقافات والقيم والموافق والسلوكيات، فضلاً عن ما يمكن أن نطلق عليه فردية الدافعية في السلوك البشري. هناك تعريف آخر يؤكد لنا إلى أي مدى يمكن النظر إلى ثقافة السلام بوصفها مفهوم معقد ويحتاج إلى كثير تدقيق "إن ثقافة السلام مفهوم معقد ينمو ويتطور من خلال الممارسة"( ) والمفردة ممارسة هذه تعنى ممارسة السلام (Peace Practice) وهي ممارسة لتحل محل ممارسة أخرى مثل ممارسة الحرب. واليوم ينظر العالم كله إلى أي مدى يمكن لليونسكو اكتشاف آليات لإحلال ثقافة السلام العالمي كممارسة فعلية محل ثقافة الحرب.
ومن التعريفات التي أوردتها اليونسكو هذا التعريف ذو الملمح السياسي "مفهوم ثقافة السلام، يعبر عن رغبة العالم في نهاية القرن العشرين في الابتعاد عن العنف والحرب والعمل على زرع التحمل والإيمان في عقول الرجال والنساء"( ). لجأت اليونسكو إلى البحث عن آليات لتنفيذ هذا المشروع العالمي وأهم هذه الآليات ما أطلقت عليه برنامج ثقافة السلام (Culture of Peace Program CPP). وفي يونيو 1989م خطت اليونسكو خطوة أساسية في طريق ثقافة السلام تتمثل في مؤتمر (السلام في عقول الرجال) (Peace in the minds of Men) بياموسوكرو (Yamoussoukro) ولقد ارتكز ذلك المؤتمر على أطروحة أساسية وهي "تطوير ثقافة السلام كمسألة ترتكز على قيم عالمية، احترام الحياة الفردية، الحرية، العدالة، التماسك، التسامح وحقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة"( ). ومن أهم توصيات المؤتمر: تطوير التعليم وبحوث السلام. لكن هذا أمر يواجه معضلة حقيقية فالتعبير (قيم عالمية) تعبير فضفاض لأن حياة الناس، وحرياتهم، ومفهوم العدالة والتماسك والتسامح وحقوق الإنسان كلها مفاهيم متنوعة، تختلف بين أمة وأمة، وبين شعب وشعب آخر، بل بين قبيلة وأخرى فالتعبير (قيم عالمية) لا يمكن لليونسكو تمكينه إلا في (ظل نظام عالمي جديد واحد) وهذا ما يجعل بعض المراغبين ينظرون إلى منظومة ثقافة السلام بوصفها أحد موضوعات (العمولة) وتنظر اليونسكو لآلية (CPP) على أساس أنها وثيقة من أجل المشاركة العالمية في السلام والأمن من خلال تطوير التعاون بين الأمم ومن خلال التعليم والعلوم والثقافة. ويرى الأمين العام السابق لليونسكو فردرريكو مايور (Federico Mayor) في كتابه بعنوان: صفحة جديدة (The new page) الذي صدر في عام 1995م "إن التحول من الحرب إلى السلام يعنى الانتقال من مجتمعات سيادة الدولة والأمن ومن مخاطر هذا العالم إلى مجتمع مدني في كل مناحيه. ولابد من التطور بتطوير مشاركة المواطنين في القضايا الدولية والعالمية. لابد من بناء السلام في عقول الرجال والنساء بربط الفرد بالقضايا والمصالح المشتركة عالمياً وربط المجتمعات المحلية بالعالمية" وإلى هنا تتضح الأصول والمرتكزات الفكرية لثقافة السلام الذي يصب في خانة العولمة (Globalization) في مشروع ثقافة السلام لدي اليونسكو.
وفي إطار البحث عن أصول ومرتكزات وقيم عالمية لثقافة السلام عقدت اليونسكو من خلال آلية (CPP) أول مؤتمر في باريس في فبراير عام 1994م بعنوان: المؤتمر الأول لثقافة السلام وفيه تم تحديد مفهوم ثقافة السلام بالآتي:
1/ تؤكد ثقافة السلام أن الصراعات المتوارثة بين الناس يمكن حلها بعيداً عن العنف.
2/ السلام وحقوق الإنسان مسألة فردية مكفولة لكل فرد.
3/ بناء ثقافة السلام مهمة تعددية تطلب تضافر كل الناس في القطاعات.
4/ ثقافة السلام امتداد للعملية الديمقراطية.
5/ تطبيق السلام مشروع يتم من خلال كل أنواع التعليم الرسمي وغير الرسمي وكذلك الاتصالات.
6/ تحتاج ثقافة السلام إلى التعليم وتوظيف وسائل جديدة وكذلك الحفاظ على السلام وفض النزاعات.
7/ يمكن لثقافة السلام التطور والنمو من خلال تطور الإنسان المرتكز على الاستقرار والأصالة والعدالة ولا يمكن فرض السلام من الخارج.
وفي إطار تحقيق هذه المرتكزات والأصول الفلسفية لثقافة السلام اضطرت اليونسكو إلى إصدار أجنده أخرى تشمل مفهوم فض الحرب ومحاولة شطب ثقافة الحرب وحددت الأجندة التالية بوصفها غير صحيحة علمياً (Scientifically Incorrect) ويجب أن لا يردد الناس التعابير التالية:
1/ إننا كبشر ورثنا الاستعداد للحرب عن أسلافنا الحيوانات.
2/ الأصول الفلسفية ذات المعاني الأخلاقية والقيمية والعرفية والجغرافية والتاريخية للشعوب.
3/ تطوير الوعي البشري عامة في اتجاه التعايش السلمي المبني على احترام الآخر وقبول ثقافته ومزاجه.
4/ التعاون والتماسك الدولي.
ولما كانت اليونسكو تنظر إلى السلم من زاوية ثقافية تربوية لقد أولت الحوار الثقافي اهتماماً كبيراً في برنامجها الرامي إلى توفير ثقافة سلام عالمية، وهو برنامج طموح شمل عدد من المجالات التربوية العامة وهنا أورد استعراضاً لهذا البرنامج.
منذ تأسيسها سعت اليونسكو أن يكون الحوار الثقافي إحدى الوسائل لتقريب الشعوب ببعضها البعض وخلق فهم مشترك، ولتطبيق منظومة الحوار الثقافي سعت اليونسكو إلى تكوين المشاريع التالية:
أ/ مشاريع عالمية للمدارس بغية نشر التداخل الثقافي والفهم المشترك.
ب/ توسيع إطار التلاقح الثقافي.
ج/ تطوير القيم التي من شأنها إحداث التداخل والحوار الثقافي من أجل السلام والذي يضمن مشاركة النساء والشباب.
د/ مشاريع عالمية للحوار والتبادل الثقافي بين المناطق المختلفة.
ويعتبر مشروع رابطة المدارس (Association Schools Project) من أهم تلك المشاريع في إطار الحوار الثقافي من أجل ثقافة السلام. وتستغل اليونسكو في ذلك عدد من الوسائل مثل الكتيبات والملصقات والسمنارات وورش العمل والدراما والموسيقي.
ومن هنا يمكن النظر إلى (منظومة الحوار الثقافي) من أجل (ثقافة السلام) بوصفها أكثر الآليات شيوعاً، لأنها تعتمد وسائل عديدة يمكن توفرها وسط قطاعات المجتمع المختلفة رأسياً وأفقياً وعلى مستوى القواعد الشعبية. وتعتبر الدراما في معناها الواسع ومحتواها الثقافي والتربوي أحد وسائل الحوار الثقافي التي يمكن استغلالها في مشروع نشر ثقافة السلام بين الشعوب التقليدية. وذلك لأن الدراما موجودة في شكلها التقليدي أو الحديث وسط المجتمعات المتعددة والكيانات البشرية في كافة بقاع الأرض وهو ما يتم بحثه وسط مجموعة الدارسة (المسيرية والدينكا نقوك) لاحقاً في هذا البحث.
وهكذا يتضح لنا - وفقاً لرؤية اليونسكو - إن التعبير ثقافة السلام (Peace Culture) هو مصطلح، وهو مفهوم يحتوى على عدد من العناصر التي يمكن بتوفرها يتم توفير قدر من ثقافة السلام، وتنحسر ثقافة السلام في حالة انعدام وانحسار تلك العناصر.
4 بيان اليونسكو (2000 سنة دولية لثقافة السلام:
في عام 1997م أعلنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على أن يكون عام 2000م العام العالمي لثقافة السلام (2000 The International Year for Peace Culture) ولقد قام عدد من الشخصيات العالمية التي نالت جائزة نوبل للسلام بصياغة مسودة (بيان 2000 سنة دولية للسلام) أنظر الوثيقة (1، 2)، على أن يبدأ هذا المشروع في 4 يناير 2000م وينتهي في سبتمبر 2000م إبان انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وترغب اليونسكو بنشرها للاستبيان كما هو في الوثيقة (1، 2) الحصول على مائة مليون صوت ولقد شمل الاستبيان التوقيع على العناصر التالية والتي أرست عليها المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO) بوصفها عناصر لثقافة السلام دولياً:
1/ احترام الحياة بكل أنواعها.
2/ نبذ العنف.
3/ التشاطر والعطاء.
4/ الإصغاء سبيل التفاهم.
5/ صون كوكبنا.
6/ تضامن متجدد.
وعملت اليونسكو على نشر هذه العناصر على صفحات الإنترنت التي تم تصميمها كمواقع (Sites) خاصة بثقافة السلام وذلك في إطار برنامج (2000 سنة دولية للسلام)( )، فيها تحدد اليونسكو عناصر ثقافة السلام مع شرحها بالآتي انظر الوثيقة 01، 2):
1/ احترام الحياة بكل أنواعها:
إن احترام حياة وكرامة كل كائن بشري بلا تمييز.
2/ نبذ العنف:
أن أمارس العنف الإيجابي رافضاً العنف بكل أشكاله: العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي، لاسيما تجاه أضعف الناس وأشدهم حرماناً، كالأطفال والمراهقين.
3/ التشاطر والعطاء:
أن أبذل الكرم والسخاء لوضع حد للنبذ والطغيان السياسي والاقتصادي.
4/ الإصغاء سبيل التفاهم:
أن أدافع عن حرية التعبير والتنوع الثقافي مؤثر الإصغاء والحوار دائماً ولا انساق أبداً إلى التعصب والنميمة.
5/ صون كوكبنا:
أن أدعو إلى سلوك استهلاكي مسؤول وإلى نمط إنمائي يراعيان أهمية الحياة بكل أنواعها ويصونان توازن الموارد الطبيعية للكوكب.
6/ تضامن متجدد:
أن أسهم في تنمية مجتمعي، بمشاركة النساء الكاملة في ظل احترام المبادئ الديمقراطية، لكي نبتكر معاً أشكالاً جديدة للتضامن.

المراجع:

( ) الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر: مختار الصحاح، عنى بترتيبه محمود خاطر، ص 311.
( ) الفيروز آبادي، محي الدين محمد بن يعقوب: القاموس المحيط، الجزء الرابع، دار الجيل، بيروت 1952م، ص 132.
( ) سورة الحشر، الآية: 23.
( ) ثومباسون، مايكل، اليس، رتشارد وابلدفسكي، لأرون: نظرية الثقافة، ترجمة (علي سيد الصاوي والفاروق زكي يونس)، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1997م، ص 310.
( ) Basic Fact About the United Nations, Development of Public Information 1995, P. 28.
( ) Basic Fact About the United Nations, Ibid, P. 20
( ) UNESCO & Culture of Pacer, UNESCO publishing, Printed in France. 1st edition 1997, P. 16.
( ) UNESCO. Op. Cit. P. 17.
( ) UNESCO. Op. Cit. P. 17.
( ) Op. Cit. P. 19.
( ) UNESCO and Culture of Peace, Op. Cit. P. 20.
( ) Op. Cit. P. 23.
( ) Op. Cit. P. 24.

د. أبو القاسم قور
مركز ثقافة السلام
جامعة السودان





ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...