رسمي أبو علي - رصيف 81

في بيروت صيف 1981 فوجئ جمهور المقاومة في الفاكهاني بمجلة حسنة الغلاف تحمل عنواناً غير مألوف هو "رصيف 81"، وقد اعتقد البعض أنها ربما تكون نهفة أو صرعة من صرعاتي، ولكنهم، وبعد أن تصفحوها وقد خلت من ذكر رئيس التحرير، أدركوا أنها مجلة ثورية لكن بمفردات وأسلوب آخر غير الذي تعود عليه جمهور الفاكهاني والجمهور السياسي والثوري في بيروت آنذاك.

بالنسبة لي، فالفكرة بدأت قبل ذلك بسنوات عندما نما لدي إحساس قوي بأن المؤسسة السياسية الفلسطينية غير قادرة على استيعابي، كما أنني أحسست أن الثقافة السياسية والثورية السائدة كانت ثقافة تقليدية محافظة لا بد من تثويرها على مستوى الخطاب أو أسلوب العمل.

وباختصار، تشكل انطباع عام عن الرصيف بأنه ثورة داخل الثورة، وليس أقل من ذلك، أما البيان الافتتاحي للمجلة وللتيار الذي يمثله هو أننا كنا ننوي أن نطلق تياراً جديداً لا أن نبني تنظيماً، فقد كنا ضد فكرة التنظيم، وضد ما يسمى بالتنظيم الحديدي أو غير الحديدي.

التنظيم هو بناء هرمية ما، أي أن هناك نظام علاقات تقوم على فكرة الأعلى والأدنى والتي هي أساس البيروقراطية التي أعتقد شخصياً أنها الفيروس القاتل لكل الثورات التي قامت على هذا الأساس وفق النموذج الشيوعي اللينيني.

لم نكن نريد أن نتناقض مع أنفسنا لأننا اعتقدنا أن الثورة يجب أن تكون كالخبز للجميع، وليست مقتصرة على نخب المثقفين، ولهذا سعينا إلى خلق تيار شعبي للمهمشين وليس تنظيماً للنخبة.

وكان مما قلت في البيان الافتتاحي إننا أمميون دايلكتيكيون، إذ آمنت دائماً بأن الثورة الفلسطينية هي أممية بطبيعتها، لأن فلسطين كانت، ولا تزال، هي السؤال الصعب للعدالة عبر التاريخ، قضية فلسطين هي سؤال مطروح على العالم لأن الإجابة عنه أمر يخص المصير العالمي نفسه.

الرصيف كان رؤيا مستقبلية ونهجاً مستقبلياً أيضاً، إذ قلت في البيان إن العالم سائر في السنوات القادمة ليصير عالماً أحادي القطب، أي أنني تنبأت بانهيار الاتحاد السوفياتي قبل عشر سنوات من انهياره.

وأيضاً وضعت الإطار العام لنهج المواجهة مع النظام الدولي المقبل، النظام الأميركي أحادي القطب، وخلاصته أننا سنكون الرصيف أو الهامش الذي يحاور المركز ديموقراطياً، وسميت ذلك الخيار النوعي الثالث: لا قطيعة ولا تبعية.

كما حرصنا على تأكيد استقلاليتنا المطلقة:

ليس وراءنا أحد

لا نقبض من أحد

كنا خمسة نجلس في مقهى أم نبيل، السيدة الفلسطينية في قلب الفاكهاني، متمردين عموماً، أصدقاء مقهى

لكن لا تجمعنا رؤية واحدة، فقد كان لكل منا هدفه الخاص ومشروعه.

لكن، بعد ذلك تبلور الأمر، واتضح أن الرصيف هو مشروعي الشخصي وخريطة طريقي ورؤيتي



يتبع في العدد القادم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...