من جندي بجيش التحرير إلى نائب وزير الدفاع
-------------------------------------------------------------------
باغت الموت الفريق قايد صالح إثر إصابته بسكتة قلبية، تاركا أسئلة كثيرة تطرح في المحيط العسكري و السياسي بعد رحلة شاقة مع الحراك الشعبي اتسمت بالهدوء تارة و التوتر تارة أخرى ، تجنب فيها القايد صالح دخول حرب أهلية الجزائر في غنى عنها، يرحل القايد صالح أو ظِلُّ الرئيس بوتفليقة كما يسمونه تاركا إياه وحيدا في إقامته الجبرية يصارع المرض و هو على كرسيه المتحرك
الصراع كبير و قوي مع أي حدث يواجه القادة عسكريين كانوا أو سياسيين، إلا الموت لا أحد يقف أمامه ندا للند، و ها هو ظل الرئيس بوتفليقة يودع الحياة بعد مشوار طويل جدا داخل المؤسسة العسكرية ، التي تعتبر العلبة السوداء لكل اسرار الدولة، هذه المؤسسة التي اعتادت صناعة الرؤساء من الشاذلي بن جديد إلى عبد المجيد تبون، و قد عرف الرجل بصرامته، حين أسندت له مهام التصدي للإرهاب خلال الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر في بداية التسعينات، إلى أن عينه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في سنة 2004 قائدًا للأركان، ثم نائبًا لوزير الدفاع، و الفقيد القايد صالح من مواليد 1940 بعين ياقوت ولاية باتنة شرق الجزائر، التحق بالحركة الوطنية وعمره لا يتجاوز 17 سنة، ليعين كجندي في جيش التحرير الوطني، ثم قائد كتيبة في فيالق جيش التحرير الوطني أثناء الثورة الجزائرية، بعد الإستقلال تقلد عدة مسؤوليات بكل من الناحية العسكرية الثالثة ببشار و الناحية الخامسة بقسنطينة، و الناحية العسكرية الثانية بوهران، كما أنه يعد من الوجوه الأكثر وفاءً للرئيس بوتفليقة لدرجة أن المحيط العسكري كان يلقبه بظل الرئيس، حيث كان لا يفارقه في كل تنقلاته باعتباره وزير الدفاع الوطني و هو نائبه، كما اتسمت مسيرته العسكرية في مواجهة الإرهاب، ولوبيات المخدرات و الأسلحة على طول الحدود الجنوبية والشرقية.
و على مستوى داخلي و منذ 2013 و هي السنة التي سقط فيها الرئيس بوتفليقة أسيرالمرض الذي أقعده عن الحركة، شهد الصراع بين القايد صالح و الجنرال توفيق، حول مسألة استمرار بوتفليقة في الحكم و قد سارع هذا الأخير أي بوتفليقة إلى إجراء تغيرات جذرية في جهاز المخابرات، و تحت غطار الإصلاحات كان القرار الأول إقالة الفريق مدين المعروف باسم توفيق من منصبه كمدير المخابرات الجزائرية، ، كما حلَّ قوات التدخّل السريع التابعة للمخابرات، وحوّلها لوحدات قتالية تابعة لوزارة الدفاع الوطني، تمكنت خلالها السلطة العسكرية من فرض هيمنتها، لولا قضية الكوكايين التي زعزعت كيان البلاد و أفقدتها الإستقرار، و هي القضية ااتي عرفت باسم البوشي، كشفت عن تواطؤ رجال كبار في الدولة، حينها بدأت عملية تطهير القطاعين العسكري و الحكومي، أحيل مسؤولون كبار في الدولة على المحاكم بتهمة الفساد، و بالتالي وقف رحلة النهب التي دامت سنوات دون رقيب ولا حسيب، حيث استغلت العصابة كما يسمونهم قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة، و الشعب على غفلة من أمره.
و مع دخول السنة الجديدة ( 2019 )، شهدت الساحة الوطنية حرب المسيرات السلمية بين السلطة و الشعب، رفضا للعهدة الخامسة ، رفعت فيها الجماهير مطالب بالتغيير الجذري للنظام و رحيل الوجوه القديمة، تنوعت الأخبار و التحليلات حول من يخلف الرئيس بوتفليقة في الحكم، و راح البعض يضرب كفا بكف ، و غذت الإشاعات الساحة بالقول أن عين القايد صالح على كرسي المرادية، باعتباره نائب وزير الدفاع، و بسبب ما لاقاه من ضغوطات ، خرج القايد صالح إلى الشعب بخطاب صريح بأن المؤسسة العسكرية ليس لها طموح سياسي، و بطريقة أو بأخرى سارع في تحديد موعد إجراء الإنتخابات الرئاسية ، و من أجل التعبير عن حياد المؤسسة العسكرية في التدخل السياسي لشؤون الدولة تم الإعلان عن تنصيب السلطة الوطنية المستقل للإنتخابات الرئاسية، التي كانت لها صلاحية تنظيم الإستحقاق الرئاسي، و التي انتهت بفوز عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور، و حتى لو كان تدخل الجيش في العملية الإنتخابية سريًّا فقد مرت الأمور بسلام بعدما اجتازت الجزائر محنتها، يرحل القايد صالح في صمت ، ليس مهم من وجهت له الضربة، الحراك أم الجيش، بل الأهم ماذا سيحدث بعد وفاة رحيل وصف بالخطير جدا، فهل ستستمر المتابعات القضائية، أم أن قرارات ستصدر تحت شعار "عفا الله عما سلف" ؟ و ماذا عن ملف الجبهة الإسلامية للإنقاد و حقهم في العودة؟، السؤال الذي يطرح هنا هو كالتالي: هل أكمل الرجل مسيرته كاملة دون نقصان؟ بعدما أصبح للجزائر رئيسا، لا أحد بمكنه أن يجزم ذلك، و إن كانت تحتاج إلى من يكملها، فمن هو المؤهل لحمل هذه الأمانة بشكل رسمي من أجل الحفاظ على قوة الجيش و ثباته؟ و كيف تكون الدولة الجزائرية مستقبلا ؟ دولة عسكرية، مدنية أم دولة إسلامية كما حلم بها التيار الإسلامي، أم دولة علمانية كما أراد لها العلمانيون؟ ، كل المعطيات تشير إلى أنه و رغم انتخاب رئيس الجمهورية فالجزائر ما تزال في مفترق الطرق.
علجية عيش
-------------------------------------------------------------------
باغت الموت الفريق قايد صالح إثر إصابته بسكتة قلبية، تاركا أسئلة كثيرة تطرح في المحيط العسكري و السياسي بعد رحلة شاقة مع الحراك الشعبي اتسمت بالهدوء تارة و التوتر تارة أخرى ، تجنب فيها القايد صالح دخول حرب أهلية الجزائر في غنى عنها، يرحل القايد صالح أو ظِلُّ الرئيس بوتفليقة كما يسمونه تاركا إياه وحيدا في إقامته الجبرية يصارع المرض و هو على كرسيه المتحرك
الصراع كبير و قوي مع أي حدث يواجه القادة عسكريين كانوا أو سياسيين، إلا الموت لا أحد يقف أمامه ندا للند، و ها هو ظل الرئيس بوتفليقة يودع الحياة بعد مشوار طويل جدا داخل المؤسسة العسكرية ، التي تعتبر العلبة السوداء لكل اسرار الدولة، هذه المؤسسة التي اعتادت صناعة الرؤساء من الشاذلي بن جديد إلى عبد المجيد تبون، و قد عرف الرجل بصرامته، حين أسندت له مهام التصدي للإرهاب خلال الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر في بداية التسعينات، إلى أن عينه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في سنة 2004 قائدًا للأركان، ثم نائبًا لوزير الدفاع، و الفقيد القايد صالح من مواليد 1940 بعين ياقوت ولاية باتنة شرق الجزائر، التحق بالحركة الوطنية وعمره لا يتجاوز 17 سنة، ليعين كجندي في جيش التحرير الوطني، ثم قائد كتيبة في فيالق جيش التحرير الوطني أثناء الثورة الجزائرية، بعد الإستقلال تقلد عدة مسؤوليات بكل من الناحية العسكرية الثالثة ببشار و الناحية الخامسة بقسنطينة، و الناحية العسكرية الثانية بوهران، كما أنه يعد من الوجوه الأكثر وفاءً للرئيس بوتفليقة لدرجة أن المحيط العسكري كان يلقبه بظل الرئيس، حيث كان لا يفارقه في كل تنقلاته باعتباره وزير الدفاع الوطني و هو نائبه، كما اتسمت مسيرته العسكرية في مواجهة الإرهاب، ولوبيات المخدرات و الأسلحة على طول الحدود الجنوبية والشرقية.
و على مستوى داخلي و منذ 2013 و هي السنة التي سقط فيها الرئيس بوتفليقة أسيرالمرض الذي أقعده عن الحركة، شهد الصراع بين القايد صالح و الجنرال توفيق، حول مسألة استمرار بوتفليقة في الحكم و قد سارع هذا الأخير أي بوتفليقة إلى إجراء تغيرات جذرية في جهاز المخابرات، و تحت غطار الإصلاحات كان القرار الأول إقالة الفريق مدين المعروف باسم توفيق من منصبه كمدير المخابرات الجزائرية، ، كما حلَّ قوات التدخّل السريع التابعة للمخابرات، وحوّلها لوحدات قتالية تابعة لوزارة الدفاع الوطني، تمكنت خلالها السلطة العسكرية من فرض هيمنتها، لولا قضية الكوكايين التي زعزعت كيان البلاد و أفقدتها الإستقرار، و هي القضية ااتي عرفت باسم البوشي، كشفت عن تواطؤ رجال كبار في الدولة، حينها بدأت عملية تطهير القطاعين العسكري و الحكومي، أحيل مسؤولون كبار في الدولة على المحاكم بتهمة الفساد، و بالتالي وقف رحلة النهب التي دامت سنوات دون رقيب ولا حسيب، حيث استغلت العصابة كما يسمونهم قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة، و الشعب على غفلة من أمره.
و مع دخول السنة الجديدة ( 2019 )، شهدت الساحة الوطنية حرب المسيرات السلمية بين السلطة و الشعب، رفضا للعهدة الخامسة ، رفعت فيها الجماهير مطالب بالتغيير الجذري للنظام و رحيل الوجوه القديمة، تنوعت الأخبار و التحليلات حول من يخلف الرئيس بوتفليقة في الحكم، و راح البعض يضرب كفا بكف ، و غذت الإشاعات الساحة بالقول أن عين القايد صالح على كرسي المرادية، باعتباره نائب وزير الدفاع، و بسبب ما لاقاه من ضغوطات ، خرج القايد صالح إلى الشعب بخطاب صريح بأن المؤسسة العسكرية ليس لها طموح سياسي، و بطريقة أو بأخرى سارع في تحديد موعد إجراء الإنتخابات الرئاسية ، و من أجل التعبير عن حياد المؤسسة العسكرية في التدخل السياسي لشؤون الدولة تم الإعلان عن تنصيب السلطة الوطنية المستقل للإنتخابات الرئاسية، التي كانت لها صلاحية تنظيم الإستحقاق الرئاسي، و التي انتهت بفوز عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور، و حتى لو كان تدخل الجيش في العملية الإنتخابية سريًّا فقد مرت الأمور بسلام بعدما اجتازت الجزائر محنتها، يرحل القايد صالح في صمت ، ليس مهم من وجهت له الضربة، الحراك أم الجيش، بل الأهم ماذا سيحدث بعد وفاة رحيل وصف بالخطير جدا، فهل ستستمر المتابعات القضائية، أم أن قرارات ستصدر تحت شعار "عفا الله عما سلف" ؟ و ماذا عن ملف الجبهة الإسلامية للإنقاد و حقهم في العودة؟، السؤال الذي يطرح هنا هو كالتالي: هل أكمل الرجل مسيرته كاملة دون نقصان؟ بعدما أصبح للجزائر رئيسا، لا أحد بمكنه أن يجزم ذلك، و إن كانت تحتاج إلى من يكملها، فمن هو المؤهل لحمل هذه الأمانة بشكل رسمي من أجل الحفاظ على قوة الجيش و ثباته؟ و كيف تكون الدولة الجزائرية مستقبلا ؟ دولة عسكرية، مدنية أم دولة إسلامية كما حلم بها التيار الإسلامي، أم دولة علمانية كما أراد لها العلمانيون؟ ، كل المعطيات تشير إلى أنه و رغم انتخاب رئيس الجمهورية فالجزائر ما تزال في مفترق الطرق.
علجية عيش