شهادات خاصة رشيد وحتي - أَبْكِيكَ، مَوْلَانَا، بِكَعْبٍ خَشِنٍ

1.
"مولانا"، "العم عيد": هكذا كان يناديه ويسميه أصدقاؤه ومن عرفه عن بعد أو قُرب، محبةً وتقديرا لجهوده في متابعة ما يكتبه جيل اليوم، — في المغرب، ليبيا، سوريا والعراق خصوصا — سواءٌ بالمتابعة النقدية أو مراجعة المسودات والمَرْقُوناَت الإلكترونية، بل خصص مدوَّنات رقمية ومجموعات فيسبوكية لنشر الكثير مما يعجبه من قراءاته هذه.

2.
شاعرٌ لم يَكَلّ أبدا عن رفد المكتبة العربية، وبغزارة، تأليفا وترجمةً، بنصوص طليعية وتجريبية تربت عليها ذائقة جيل كامل؛ صوت من أهم أصوات جيل سبعينيات القرن الماضي بمصر؛ بشساعة قلبه، لم يكن يبخل على أصدقائه بالرأي والتدقيق في نصوصهم لغةً وفكرةً.

3.
بما أنه قادم من احتكاك قوي بالآداب العالمية قراءةً وترجمةً، لم يكن لذلك إلا أن يترك أثرا في طراوة شعره وتجدد أساليبه من ديوان لآخر، في شبه عزلة عن الوسط الثقافي المصري، لولا تواجده النشيط على وسائط التواصل الاجتماعية التي سمحت لنصوصه الموضوعة والمترجَمة بوسم اللحظة الأدبية الراهنة بطابعه الخاص الذي ترك مَلْمَحًا ظاهرا في كل من عرفه عن قرب أو بعد.

4.
أذكر، في دردشات طويلة لنا على النِّت، حديثا احترافيا، في الكتابة والترجمة، عن ما يسميه حضور "الْحَرْشَفَاتِ" في أسلوبية صنعة النصوص: تلك التراكيب العجمية المتعرجة والتي تلوي عنق تركيبة الجملة العربية. كما في الكتابة، كانت للفقيد رؤية شخصية متفردة في الأسلوب، نابعة من احتكاكه الألمعي بالنصوص الأجنبية التي تركت أثرا، مثلما ذكرتُ آنفا، في شعره، بحيث يسعنا أن نقول: كل ترجمة لمحمد عيد يمكنها أن تحمل توقيعه أسوة بتوقيع كاتب النص الأصل.

5.
توقف قلب "مولانا" صبيحة الخامس من كانون الثاني هذا، لكن أعماله الأدبية والترجمية باقية، شاهدةً على صوت شعري متفرد وناقد/قارئ/مترجِم له حصة لا يستهان بها في نقل الآداب العالمية إلى العربية.
رشيد وحتي: شاعر ومترجم من المغرب
عن أسبوعية "أخبار الأدب" القاهرية
التفاعلات: جعفر الديري

تعليقات

ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...