أسامة عبد المالك عثمان - مفاتيح أولية في الإعراب

هذه مفاتيح أولية لتقريب المهتمين بالإعراب منه، وهي تتوخى التبسيط، والناحية العملية؛ وليست دروسا بالمعنى التقليدي، بقدر ما هي توطئة، أو إعانة على طلب المزيد؛ وما لا يُدرك كلُّه لا يُترك جُلُّه.

ويَحْسن بنا أولا أن نعرِّف الإعراب؛ إذ هو (أثرٌ ظاهر، أو مُقَدَّرٌ يجلبه العاملُ في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع المعرب).
ومن هذا التعريف ننطلق؛ فما الأثر الظاهر، وما المقدر؟

الأثر الظاهر هو علامات الإعراب الظاهرة، وهي تنقسم إلى أصلية، وفرعية، والأصلية هي الضمة: علامة الرفع، والفتحة:علامة النصب، والكسرة: علامة الجر في الأسماء، والسكون علامة الجزم للفعل المضارع.

أما علامات الإعراب الفرعية فمنها الحروف: الواو علامة رفع الأسماء الخمسة، وجمع المذكر السالم، والألف علامة نصب الأسماء الخمسة، والياء علامة جر الأسماء الخمسة. كما تأتي الألف علامة رفعٍ للمثنى، والياء علامة نصب وجر للمثنى. ومن الحروف كذلك النون في الأفعال الخمسة؛ فثبوتها علامة على الرفع، كما في قول الشاعر:(تريدين إدراك المعالي رخيصة) وحذفها علامة على الجزم والنصب. كما في قوله تعالى:(فإن لم تفعلوا، ولن تفعلوا فاتقوا النار...)

ومن علامات الإعراب الفرعية أيضا: حذفُ حرف العلة في الأفعال المعتلة الآخر، في حالة الجزم، كما في قول زهير:(ومَنْ لا يتقِ الشتمَ ُيشتمِ) ومنها كذلك حركة الكسرة التي تعد علامةً فرعيةً حين تكون علامة على نصب المؤنث السالم.كما في قوله تعالى: (إنَّ الحسناتِ يذهبن السيئات)

أما الأثر المقدر: فهو ما يسمى بالإعراب التقديري، كما هو الشأن في الأسماء المقصورة،كقول المتنبي:

" وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ بِالعُلا مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى"
وكما هو أيضا في الاسم المنقوص المعرَّف، أو المضاف، في حالتي الرفع والجر، كما في قولنا: "عدل القاضي في القضية"؛ إذ الضمة مقدرة، وكذلك الكسرة مقدرة في قولنا:" أُعجبتُ بباغي الخيرِ"

وتقدر الضمة والفتحة في آخرالفعل المضارع المعتل الآخر بالألف، كما في قوله تعالى:" فإذا هي حية تسعى" فالضمة مقدرة، وكذلك الفتحة مقدرة في قوله تعالى:" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى" ومعتله بالواو في حالة الرفع، كما في قوله تعالى: " إن الله يدعو إلى دار السلام" فالضمة مقدرة، وتقدر الضمة أيضا في آخر الفعل المضارع المعتل بالياء ، كما في قوله تعالى: "تجري من تحتهم الأنهار"
والعلة التي يلتمسها علماء النحو في هذا التقدير هي علة صوتية ترتد إلى مسألة الخفة والثقل.
التفريق بين الحالة الإعرابية، والعلامة الإعرابية:

الحالة الإعرابية هي المجاري الإعرابية الأربعة: الرفع والنصب والجر والجزم، ومنها اثنتان مشتركتان بين الأسماء والفعل المضارع، وهما الرفع والنصب، وواحدة مختصة بالاسم وهي الجر، والأخيرة مختصة بالفعل المضارع المعرب، طبعا، وهي الجزم.
أما العامل المذكور في التعريف،

فشأنه عظيم في مسألة الإعراب؛ ذلك أنه الذي يحدد الحالةَ الإعرابية للكلمات المعربة، بحسب الرأي السائد، وهو بلفظ آخر المؤثر الذي يجلب الأثر، أي العلامة الإعرابية؛ فهو الذي يُحْدث الرفع، وهو الذي يحدث النصب والجر والجزم، أما تحديد نوع العلامة الإعرابية، او الأثر الإعرابي؛ فيكون بحسب الكلمة المعربة، ما صنْفُها؟ هل هي اسم مفرد، أم جمع مذكر سالم، أم اسم منقوص، أم فعل مضارع معتل الآخر، وهكذا، تتحدد نوع العلامة؛ أصلية، أم فرعية، ويتحدد نوع الإعراب؛ ظاهري أم مقدر.

وتنقسم العوامل إلى لفظية ومعنوية، وأقوى العوامل اللفظية القياسية عملاً الفعل؛ فهو يعمل الرفعَ والنصب في الأسماء، مثل، "كلّمَ زيدٌ عمراً"، فالفعل: "ضرب" عمل الرفع في "زيد" والنصب في" عمرو" ، ومن العوامل اللفظية عوامل سماعية، وهي كثيرة، منها: حروف، كحروف الجر، والنصب، والجزم. ومنها أفعال، مثل الأفعال الناقصة، كان وأخواتها، وأفعال المقاربة، وهي أفعال الرجاء، مثل عسى، وأفعال الشروع، مثل كاد. ومن العوامل اللفظية القياسية كذلك أسماء عملتْ؛ لمشابهتها الفعل، مثل اسم الفاعل، واسم المفعول، وَفْق شروط معينة.

أما العوامل المعنوية فأولها الابتداء، فـ "زيد" مرفوع في قولنا، مثلا: "زيدٌ منطلقٌ"؛ بعامل الابتداء المعنوي، ومما عمل فيه العاملُ المعنوي: الفعلُ المضارعُ، في قوله تعالى، مثلا،:" يرفعُ الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات"

ويفهم من التعريف أن الأصل في موضع العلامة الإعرابية، أو الأثر الإعرابي، أن يكون في آخر الكلمة.

وبهذا يفترق الإعراب الذي هو في علم النحو عن الصرف الذي يبحث في التغيرات التي تعتري الكلمة من الداخل.

كما يفهم من التعريف أن الكلام العربي، منه معربٌ، وهو المتمكن، ومبني، وهو غير المتمكن.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...