دنيس ف. ماهونى - الموسيقى أكثر رومانتيكية من كل الفنون.. ترجمة : د. رمضان الصباغ

أبيجيل شانتلر : جماليات إ. ت.أ.هوفمان الموسيقية.

في الفقرة الافتتاحية من " موسيقى الآلات لبيتهوفن " في الجزء الأول من "كريسلريانا Kreisleriana " ل "إ.ت . أ. هوفمان " في (1814) ، قال الملحن ( المؤلف الموسيقى ) "يوهانس كرايسلر Johannes Kreisler " بأن موسيقى ألآلات " (أكثر رومانتيكية من كل الفنون die romantischte aller Künste ) " ، ويمكن للمرء أن يقول تقريبا أنها الفن الوحيد الذي يعتبررومانتيكيا حقا، أنها موضوعه الوحيد للانهاية. وقد قدمت المراجعة الرائدة غير الموقعة ل "هوفمان" ، للسيمفونية الخامسة لبيتهوفن، التي نشرت في اصدارى 4 & 11 يوليو فى عام 1810 فى " الصحيفة الموسيقية العامة Allgemeine musikalische Zeitung "1" إدعاءا مماثلا ، على الرغم من أن هوفمان لم يربط بعدهناك الآلات الموسيقية مع المفهوم الرئيسي الآخر للرومانتيكية الألمانية – بالحنين الصعب تفسيره للأبدية . وقد ساعد نشر "ديفيد تشارلتون David Charlton " لكتابات هوفمان الموسيقية على تزويد القراء باللغة الانجليزية بإطار مرجعي لأاسلوب تأليف كل من بيتهوفن والكثير من هؤلاء المعاصرين الأ قل شهرة الذين تمت معالجتهم في مقالات هوفمان ، ومقالات الصحيفة ، والأعمال الأدبية المحددة بدقة .
وتهدف " أبيجايل شانتلر Abigail Chantler " ، بالقيام بالاستخدام الغزير للاقتباسات والتعليق من هذه الطبعة ، الآن إلى وضع "هوفمان " في السياق الأدبي ، والفلسفي، والموسيقى ، والاجتماعي والسياسي لعصره . ويعد مسعى شانتلر Chantler طموحا، لا سيما بالنظر إلى الأبعاد المدمجة نسبيا فى دراستها، وقد أشاد الفنانون الرومانتيكيون مثل هوفمان بجميع أهدافها الشاملة . إذا، كان هذا الحكم المراجع ، لم يدرس كل المناطق ومعالجتها بنفس القدر بشكل جيد، فهذا لا ينفي الفضائل الكبيرة لدراستها التى بحثت بشكل جيد، والتي واكبت حواشيها والتعليق النقدى دراسة متأنية .

تستقصى شانتلرفي بدئها للفصل الأول ، بعنوان "الفن الدين،" أولا الروابط بين فن الموسيقى ورعاية التوق للنهائية التى اعتبرها "فريدريك شليرماخرFriedrich Schleiermacher " اللاهوتي ومؤسس علم التأويل الحديث ، جوهر الدين ، فى حين أن "شليرماخر"على عكس الرومانتيكيين الآخرين السابقين ،"لم ينسب للفن. . . الأنطولوجيا الميتافيزيقية ،كما أنه لم يساهم في جماليات الإبداع. . . التي دعم بها "دين الفن " . ومن ثم أوجز مبادئ معينة من "دين الفن Kunstreligion" مع الإشارة إلى " راهب الدير المخلص Herzensergießungen eines kunstliebenden Klosterbruders" من محبي الفن ( 1796) من قبل "فيلهلم هاينريك فاكندرودر Wilhelm Heinrich Wackenroder " و"لودفيغ تيك Ludwig Tieck "، واللذين أدخلا فكرة أن الخبرة الجمالية يمكن أن تكون بمثابة وسيلة روحية للفنانين والمراقبين على حد سواء . ويعتبرهذا العمل ذا أهمية مركزية بالنسبة لعمل هوفمان الفني والنقدي أكثر مما أشارت شانتلر ، ربما لأنها فشلت في مناقشة روايتى هوفمان : "إكسير الشيطان "Die Elixiere des Teufels ، (1815-1816) ، وهو الرواية القوطية التي شخصيتها الرئيسية، هى "الراهب الكبوشي ميداردوس Capuchin monk Medardus "" ،يكشف في نهاية المطاف نتائج مصيرية من محاولة دون جوان الشببيهة بامتلاك المرء للمثل الأعلى لجمال الأنثى - و "حياة وآراء من القط مر Lebensansichten des Katers Murr " ( 1820 -1822)، وهو محاكاة ساخرة ل "رواية التشكيل والتعليم والثقافة "Bildungsroman، التي تتناوب مع قصص جزئية من النضالات المستمرة للأنا الفنية لهوفمان ، والملحن "يوهانس كرايسلر Johannes Kreisler "، ضد غير المستنيرين موسيقيا ومكائد البلاط . في هذه الأعمال الأدبية وغيرها ، يجعل هوفمان إشكالية عالم الفن كمصدر جنونى محتمل وحتى إجرامى ،مناقشا المخاطر فضلا عن مناطق الجذب في الفن . وقد ساعدت مثل هذه المناقشة شانتلرعلى توضيح منشأ الصور "القوطية" المرتبطة بموسيقى بيتهوفن في مراجعة كل من هوفمان 1810 للسيمفونية الخامسة فضلا عن استئناف العمل في كريسلريانا Kreisleriana:

"تنطلق أشعة متوهجة خلال مجال هذا الليل العميق ، ونصبح نحن ظلالا عملاقة ، متوازنة وأكثر إحكاما ، أضيق فأضيق وتدمرنا، ولكن ليس من آلام التوق اللانهائي ، الذى فيه كل السرور، الذي ارتفع بسرعة في صيحات الفرح ، ارتفع، وغرق، وهلك ، وفقط في ألم هذا الحب ، والأمل ، الفرح في حد ذاته مفترس ، ولكنه ليس مدمرا ، وبشعورنا بالانسجام الكامل لكل المشاعرسوف نعيش بعيدا وتكون الأرواح مسحورة! "2".

مع ذلك ما تؤكده شانتلر ، هو أن كلا من "فلهلم هاينريك فاكنرودر Wilhelm Heinrich Wackenroder" ( 1773-1798 ) وهوفمان يصور العبقرية الفنية باعتبارها تمتلك المهارات الفنية وكذلك الإلهام الإلهي . لهذا السبب يهتم هوفمان بوصف بيتهوفن باعتباره على قدم المساواة تماما مع " هايدن Haydn " و"موتسارتMozart " في الفطنة ، أو الوعى العقلاني . وأخيرا، تتناول شانتلر دور المستمع، أو المتلقي، في عملية الإبداع الفني هذه ، بالمشاركة في المعنى الميتافيزيقي للعمل من خلال الانخراط الفعال به . انها تختتم هذا الفصل الأول بفقرة من مقال "كريستيان فريدريك ميخاليس Christian Friedrich Michaelis " في عام ( 1805 ) فى "مجلة ريتشارد الموسيقية البرلينيةReichardt’s Berlinische musikalische Zeitung " . باعتباره مثالا للنخبة الفنية المثقفة من قبل طليعة اليوم . وباعتبارأن ترجمة شانتلر لا تتناول جوهر عدة جمل رئيسية من هذا المقطع ، سأقتبس أولا عن الألمانية، ومن ثم أقدم محاولتى في أداء الفن " : "هذا الشخص يظل خلف الشعور الموسيقي ولا يعرف المتعة الموسيقية ويبقى محاصرا فقط في تفاصيل فردية أو عرضية ولا يسمو بنفسه إلى الفهم الكلى الأعظم ، والتأثير الجمالي الكامل . ويعتمد من أجل التأكد من المتعة بالموسيقى كثيرا على القوة الفردية للقدرة على الإدراك والفهم ".وفقا لفهمي لهذا المقطع، " وتظهر مشاكل مماثلة في اقتباس شانتلر وترجمتها ، وتفسير المقطع في عدد 2 سبتمبر 1812 من الصحيفة الموسيقية العامة ، الذي يعمل بمثابة مثال على شكل شذرة في النقد الموسيقي اليوم ؛ فما وصفت به "الغموض" و "التعتيم في الشذرة " موجود في الترجمة ، وليس فى النص الأصلى . ومع ذلك، كانت شانتلر تقوم بشكل جيد باستخدام مصادر النقد الموسيقى لذلك اليوم كنقاط مقارنة مع عمل هوفمان نفسه، وتدقيقها العلمي في توفير النصوص الأصلية مما يستحق الثناء أيضا .

في فصلها عن "شعر هوفمان الرومانتيكى"، تظهر شانتلر بنجاح
طبيعة الملامح الرئيسية للجماليات الرومانتيكية المبكرة ، كما نشرها المنظرون مثل "فريدريك شليجيل Friedrich Schlegel"، مثل الأرابيسك ، التهذيب المتعمد والترتيب المتشظى ، واستخدام الانفصال الساخر للمؤلف من عمله الخاص – قد وضع موضع التنفيذ في أعمال مثل "كريسلريانا Kreisleriana ". على سبيل المثال، وفي " أفكار حول القيمة العظمى للموسيقى" - هذا القسم من "كريسلريانا " يسبق مباشرة تحليلا لموسيقى الآلات عند بيتهوفن – ويشيد "كريسلر" بسخرية باستخدام الموسيقى باعتبارها ممتعة ، بل التحول غير المنطقى لجوانب الحياة المقدرة حقا ، أي النجاح التجاري والاجتماعي،وهو يسخر منهم باعتبارهم حمقى مضللين هؤلاء الملحنين الفقراء و المتحمسين الذين يرون في الموسيقى أي قيمة ميتافيزيقية. وهو يترك للقارئ المميز ليقوم بالربط بما يعد فعلا وجودا تمت الإشادة به أو السخرية منه .

يجمع فصل شانتلر الذي يلى ذلك "إعادة النظر فى التاويل الموسيقى لهوفمان Hoffmann’s Musical Hermeneutics Revisited " بين مناقشة مفهوم "الوحدة العضوية" في جماليات "العاصفة والاندفاع Sturm und Drang " للشابين "جوته Goethe " و" هيردرHerder "مع تطبيق هوفمان لهذا المبدأ في تحليله الفني المفصل لسمفونية بيتهوفن الخامسة ، متضمنة الأمثلة الموسيقية من النتيجة كما قدمها هوفمان وشانتلر بنفس الطريقة . وأخذت المسألة مع تطبيق "إيان بنتIan Bent " للمبادئ من تاويل " شلييرماخر Schleiermacher " في تفسيره لمراجعة هوفمان، فتقول شانتلر بأن هوفمان لم يكن مهتما كثيرا بوجود المستمع / القارئ المكترث المتعاطف مع عبقرية بيتهوفن الإبداعية كما كان قد فهم السمفونية الخامسة باعتبارها "الموسيقى التي تعمل على" الإثارة ( اليقظة ). . . والعروض المقلقة لروح العالم الساحرة ، "والتي" تضع في الحركة آلات الرعب ، الخوف، والإرهاب ، والألم ، وتوقظ ذلك التوق النهائى الذي يعد جوهر الرومانتيكية ". وقد لاحظت "كريستينا موكسفيلدت Kristina Muxfeldt"، في حديثها الأخير، انشغال الرومانتكيين بالمعنى الموسيقي فى مراجعة هوفمان للسيمفونية الخامسة وإعادة صياغتها في كريسلريانا:" ويتصارع النص السابق مع عدم القابلية للتعبير عن ما يتم التعبير عنه في الموسيقى؛ وفي وقت لاحق يعبر المرء بقوة أكثر عن الاختلاف الكامل للخبرة الموسيقية عن أي شيء يمكن أن يقدم التعبير المنطوق ". في كل من حالتى، "شانتلر" و "موكسفيلدت" يتم تناول الدور النشط المحدد للقارئ /المفسر في محاولة للتعبير في كلمات عما يدرك في الموسيقى - المهمة التي تجسد ما وصفه " فريدريك شليجيل " في شذرة (الليكيوم / الليسيوم Λύκειο ) رقم 108 بشأن السخرية السقراطية " "(شعور بالصراع السرمدى للمطلق والنسبي ، و استحالة وضرورة الاتصال الكامل).

يستكشف الفصل الرابع من دراسة شانتلر تأريخ هوفمان الموسيقي
في سياق فلسفة التاريخ الرومانتيكية والمثالية التي استخدمت مصطلح "الرومانتيكية" سواء كمقولة جمالية ليتم تطبيقها على أحدث التطورات في الأدب ، والتصوير، والموسيقى ونوع من الفن الناشئ عن الفرق بين وجهات النظر العالمية للعصور القديمة الكلاسيكية والمسيحية . توضح شانتلر هذا المفهوم الأخير بالاقتباس التالي من المقال الرائد لهوفمان "موسيقى الكنيسة القديمة والجديدة Alte und Neue Kirchenmusik " من إصدار أغسطس وسبتمبر 1814 من "الصحيفة الموسيقية العامة Allgemeine musikalische Zeitung " : لأن لموسيقاه طابعا أساسيا لا يمكن أن يكون خاصية للعالم القديم ، الذي يتم فيه التجسيد الحسي لكل شيء ، ولكن وجد مكانه في العصر الحديث . يتمثل قطبا المعارضة القديمة والحديثة، أو الوثنية والمسيحية، في الفن عن طريق النحت والموسيقى . لقد ألغت المسيحية الأول (النحت ) وأبدعت هذا الأخير (الموسيقى ) ، إلى جانب جارته القريبة اللوحة . فى إعادة النظر في النموذج الإنساني حيث نجحت ( العصور الوسطى ) البربرية من خلال" نهضة التعليم الكلاسيكي، و مثلت موسيقى "جيوفاني بييرلويجي دا بالسترينا Giovanni Pierluigi da Palestrina " ( 1525-1594 ) والاساتذة القدامى الأخرىن بالنسبة ل "هوفمان" العصر الذهبي لموسيقى الكنيسة ، التي عانت من التدهور خلال القرن المفترض بانه مستنير، ولكن كان القرن الثامن عشر فقيرا روحيا ، مصحوبا بفراغ على نحو متزايد من الناحية المسرحية في موسيقى الآلات الموسيقية التي اجتاحت الجماهير من هايدن ، وموزارت .

لم يتوقع " هوفمان " ،باستثناء عمل مثل القداس ل" موزارت"، ولادة جديدة للروحانية في الموسيقى التي تحدث داخل الموسيقى الكنسية في حد ذاتها (على الرغم من، خطوة شانتلر، فإنه لا يستبعد هذا الاحتمال، شريطة أن يقدم الملحن ( المؤلف الموسيقى ) الحقيقي، التفانى الصادق لهذه المهمة)؛ وبدلا من ذلك، يرى " هوفمان " أن موسيقى الآلات ل "موزارت" و "هايدن، " ولكن قبل كل شيء ل" بيتهوفن" ، كمصدرجديد لللسمو الروحي . وقد وجدت " شانتلر " بالإشارة إلى كل من الفلسفة الجدلية لهيجل وتوظيف "كارل دالهوس Carl Dahlhaus " لها في فكرة الموسيقى المطلقة ، عند هوفمان فهما مماثلا لروح الموسيقى الكنسية القديمة التي تحل محلها، ولكن بالتجيدد أيضا من خلال التوظيف الحكيم لأحدث التطورات في موسيقى الآلات . وفي هذا الصدد، ترى شانتلر هوفمان كشخصية رئيسية في تأسيس ما تسميه "كلاسيكية الموسيقى الرومانتيكية " . ومن المثير للسخرية، أن تلاحظ شانتلر في سياق تحليلها لعدد من توليفات هوفمان الفعالة ، أن تشديده على الأصالة والعبقرية الموسيقية في كتاباته النظرية قاد موسيقاه الخاصة ليتم استبعادها من شريعة الموسيقى الكلاسيكية الرومانتيكية ، وتلك الاعمال مثل سيمفونيه في E التى تطبق أحيانا الممارسات التوليفية لعصره - على سبيل المثال، الانقلاب الرئيسي الذي استخدمه هايدن وموزارت في السمفونية المكتوبة للجماهير الباريسية فى سبعينيات وثمانينيات القرن الثامن عشر – حيث يسخر منه هوفمان خلافا لذلك في مراجعاته باعتباره دليلا على انقياد ( إرضاء ) لذوق الجمهورالفاسق ، والترفيه غير المعقد ( المباشر ) . ومع ذلك ، بدلا من جعل هذا ضد هوفمان، تلاحظ شانتلر أن أعماله في كل تناقضاتها وتنافرها " تحمل شهادة على الغني عبر التخصيب بين تاريخ الأفكار وتطورالأسلوب الموسيقي الذي يمثل إرثه الأكثر أهمية .

ربما كانت شانتلر قد تصرفت بشكل جيد، على الرغم من أنها تشير إلى أنه في ختام مقالها عن هوفمان و الموسيقى الكنسية القديمة والجديدة تدعو صراحة لدعم الدولة للجمعيات الكورالية لأداء الموسيقى الدينية في العروض الطقسية . ويقدم الجزء الثالث من روايته " القط مور Kater Murr " تعبيرا خياليا عن نوع الموسيقى التي قد تقدم هذا الدعم للفنون التى قد تنتج . وقد ألجأ "هوفمان " (الشخصية الرئيسية فى الرواية) "يوهانس كريسلر" لفترة من الوقت في دير "كانزهايم Kanzheim, " ، حيث التقى "الرهبان المحبين للفن" مما ألهمه لكتابة القداس السامى الذى أداه الرهبان بعيد جميع القديسين . والآن يختلف مزاجه وموسيقاه بشكل ملحوظ عن ذلك الذي أثير في صورة الملحن المحبط في "كريسلريانا Kreisleriana,"، حيث انه قد اعتاد على قذف مؤلفاته في النار، إذا كان وضعها على الورق تقريبا :

"كان كريسلرالآن في دير كانزهايم، على الأقل، يدرك جيدا المؤلفات التى كانت حقا توجد فى أعماقه ، وكان مزاجه قد تميز بالحزن العذب الذي حملته أعماله ، بدلا من كونها في كثير من الأحيان تلقي بالسحر القوي بأعماق الانسجام، والأرواح القوية، والخوف، والرعب، وكل عذاب الشوق الميئوس منه للقلب البشرى" 3".

ومع ذلك ، لا تشير شانتلر إلى التشابه بين جماليات هوفمان الموسيقية مع تلك التى ل "روبرت شومان Robert Schumann "، الذي يعتبر "يوهان سيباستيان باخ Johann Sebastian Bach " مبدع الموسيقى الحديثة ، ويربط هذا الحماس لباخ مع أداء "مندلسون Mendelssohn " ل " شغف سانت ماثيو the St. Matthew Passion "في عام 1829 .

ومن ثم ،ماذا، عن هذا الاتجاه الآخر في الموسيقى الذي يرتبط أوركستراليا مع صوت الإنسان، أي الأوبرا ؟ . تظهرشانتلر في فصلها عن "الأوبرا الرومانتيكيية"، الذي يتناول كلا من كتابات هوفمان عن الأوبرا وممارسته الفعلية في "أورورا Aurora "(1811-1812) و"أوندينUndine " (1814؛ العرض الأول 1816)، كيف كان هوفمان قادرا على رسم الإطار النظري للرومانتيكية الأدبية للثناء على النوع الذي فى مواجهته يبدو أنه النقيض لنوع الموسيقى التي على العكس من تلك التى يؤيدها . وتكرس شانتلر حاشية طويلة لمناقشات أوائل القرن التاسع عشر لتوليف الشعر والموسيقى باعتبارهما الأساس للأوبرا الرومانتيكية ، بما في ذلك إشارة إلى " شذرتين موسيقيتين Musikalische Fragmente two " ل "فرانز هورن Franz Horn " في وقت متأخر من مارس وأوائل أبريل 1802 في الصحيفة الموسيقية العامة (p.129، n.10) ، قبل أن تتحول إلى كتابة هوفمان عن أوبرا موتسارت من وجهة نظره كناقد موسيقى محترف . وتشير شانتلر إلى أن هوفمان بحاجة إلى تصور الأوبرا باعتبارها تحقيقا لفكرة شعرية من أجل التوفيق بين جماليته الأوبرالية مع موتسارت ، ويجب بالنسبة لهما " في الأوبرا أن يكون الشعر مطيعا للموسيقى تماما " ، كما وضع موتسارت هذه المسألة في رسالة لأبيه مؤرخة في 26 سبتمبر 1781 . والمثير للدهشة، أنها تضيع الفرصة لمناقشة تفسير "هوفمان" ل "دون جيوفانى " ل "موتسارت" كعمل من الشعر السامى في حكايته "دون جوانDon Juan "، الذي يتبع على الفور الجزء الأول من "كريسلريانا" في (قطع الخيال، 1814) والذي يفترض أن الراوي لا يمكن أن يكون غير كريسلر نفسه . الجملة التي تسبق تفسير الراوي ل "دون جيوفاني" قد ساعدت علي توضيح معنى "الشعر " للجيل الرومانتيكي ، والذي على العكس قد لا يكون واضحا بالنسبة لقراء اليوم الذين يختلفون بالتأكيد عن ما كان قد فهمه موتسارت على أنه "الشعر"، على الرغم من تعاونه المثمر مع كتاب لنصوص الأويرا مثل "لورينزو دا بونتي Lorenzo da Ponte " و"إيمانويل شيكانيدر Emanuel Schikaneder ": الشاعر فقط يفهم الشاعر؛ والحساسية الرومانتيكية فقط يمكن أن تدخل في ما يعد رومانتيكيا . يتم تمجيد الروح فقط شعريا ، حيث يلقى المرسوم في خضم المعبد، ويمكن أن نفهم ذلك الذى أعلن عنه المرسوم في الإلهام) . هذا النوع من اللغة يوضح الصورة الذاتية للكتاب الرومانتيكيين وأتباعهم كما بدأ في معبد إيزيس، لاستخدام صورة "المتدربين في سايس Die Lehrlinge zu Sais" (1802 ) ل" نوفاليس "، وهو العمل الذي أعجب به هوفمان كثيرا والذي أشار إليه "يوهانس كريسلر" بالموافقة في الجزء الثاني من "كريسلريانا". على الرغم من أن الاقتباس الأول من الأدب الأساسي في دراسة شانتلر كان من خلال نوفاليس ، الإسم المستعار للشاعر الرومانتيكي المبكر والفيلسوف "فريدريك فون هاردنبرج Friedrich von Hardenberg,"، وهو من جهة أخرى يظهر فقط بشكل متقطع في دراسة شانتلر، على الرغم من التلميحات المفيدة التى قدمت في مقدمة "تشارلتون" ل "كريسلريانا". وقد ساعد نقاش الانتماءات والاختلافات بين نوفاليس وهوفمان علي توضيح الفروق بين النظرية والممارسة فى الرومانتيكيية الألمانية في وقت مبكر ومساهمات هوفمان المميزة جدا، فيما يتعلق بالشعر والموسيقى أيضا ، والتي خلاف ذلك حصلت على بريق أكثر في رؤية شانتلر.

كان أكثراهتمام شانتلر ينصب على مناقشة "الأوبرا الرومانتيكية الألمانية: وإيديولوجية هوفمان الجمالية " الذي يتبع زمام مبادرة" ستيفن رومف Stephen Rumph "في قراءة المشاعر القومية المعادية للفرنسيين في العديد من تصريحات هوفمان عن الأوبرا ،على الرغم من أن شانتلر كانت أيضا على استعداد للاستشهاد بالأحكام المخالفة من نقاد مثل "فرانسيس كلودونFrancis Claudon". وكان تقدريها الخاص لتقييم الدليل بمثابة الجملة الافتتاحية في القسم الأخير من الفصل الخامس الذي يتعلق بأعمال هوفمان الخاصة بالمسرح الموسيقي : "كانت كونية أعمال الأوبرا التى روجها " هوفمان " قد انعكست فى ممارسته التأليفية بقدر ما كانت أعمال المسرح تفشى سر تأثير التطورات في التقاليد الأوبرالية الفرنسية والإيطالية والألمانية . هذا ما وجده المراجع مفيدا جدا، على سبيل المثال، فإن ملاحظتها أن "دوافع الذكريات" الموسيقية في" أوندين Undine" ، بدلا من تمثيل بعض التوقع المعتدل من "الفكرة المهيمنة الفاجنرية Wagnerian Leitmotif " ، تعكس تأثير الأوبرا الفرنسية الكوميدية ، النوع الذي كان مألوفا على نحو وثيق لهوفمان ، سواء كقائد اوركسترا ( مايسترو) أوكذلك كناقد موسيقى؛ وبالمثل، فإن دمج جوقة المياه - ا لأشباح في العمل - ميزة أسلوبية مستمدة من الأوبرا الفرنسية - يؤكد وكالة قوى خارقة للطبيعة في حياة البشر، فضلا عن الترابط بين الخيال والواقع، مما يعطي شكلا لمثل هوفمان المثالي للأوبرا الرومانتكية . وضع، كولوراتورا الايطالية المصاحبة ل (الحب هو أشعة الشمس الأبدية Lieb’ ist ew’ger Sonnenschein) في الأغنية في بداية الفصل الثالث من قبل "بيرثالدا Berthalda "، فخر أوندين"4" وحالة التنافس وتوفعها لحب "هولدبراندHuldbrand "، يمكن أن يفهم على أنه تعليق هوفمان على سطحية شخصيتها . تقف هذه الوسيقى على النقيض من تركيب الأوركسترا الخفيفة المحددة الصدق، وطبيعة حب أوندين، التي تتخلى عن عالم الأمواج من أجل الزواج من هولدبراند ولكنه اضطر للعودة هناك عندما برهن على أنه غير وفى لها . على الرغم من أن شانتلر لا تذكر هذا التفصيل في تحليلها المتكررللشخصيات والإيقاع المشُكل المرتبط ب " كوليبورن Kühleborn" عم أوندين ، وإنه من الصعب عدم التفكير في ال"كومنداتورCommendatore "في "دون جيوفاني " عندما يقدم كوليبورن تحذيره فى االفصل الثالث لعاشقى "بيريتيد برتالدا Berthalda" و"هولدبراند "أن الموت والدمار ينتظرانهما . للتأكد، في المشهد النهائي من الأوبرا فإن هولدبراند فحسب هو الذي يُقتل بقبلة من أوندين، حيث يتحد معها في نص "فوكيه "الأوبرالى" libretto" المسمى صراحة "حب الموت Liebestod"والذي ترافقه موسيقى نقلت حرفيا من خاتمة الفصل السابق . (كما تلاحظ شانتلر: "هذا مكن هوفمان من استحضار موسيقي الشعور القوي من التماثل بين اثنين من الأحداث : في حين أن هولدبراند يعجل باللوم للزوال الدنيوي لأودين في الفصل الثاني، فإن أوندين قد خطفت هولدبراند بعيدا للانضمام لها في عالمها المائي في الفصل الثالث " . لا يبدو أن فاجنر هنا بعيدا حقا ! علي أي حال، فيوضح تحليل شانتلر أن أوندين هى أي شيء غير الأوبرا الألمانية الرومانتيكية البحتة وأن فكرة الموسيقى "الألمانية" في أوائل القرن التاسع عشر تعد في حد ذاتها إشكالية .

تتابع شانتلر هذا الموضوع الأخير في فصلها الختامي "الذوق الموسيقي و الإيديولوجيا Musical Taste and Ideology " حيث تستأنف الحجة القائلة بأن تقييم هوفمان لموسيقى الآلات والأوبرا قدم احباطا لجدول الأعمال القومية الذى كان ثمرة للمواقف التي عبر عنها "جوته" و "هيردر" خلال " الاندفاع والعاصفة " فى فترة سبعينيات القرن الثامن عشر ، ولكن حينئذ اشتدت من خلال الصراعات السياسية والأيديولوجية للحروب النابليونية وحركة الإصلاح البروسية . في حين أنها لم تكن غير متعاطفة مع هذا النهج فىى الأدب والموسيقى، فإننى أشير إلى أن شانتلر تعتمد كثيرا هنا على بحث الآخرين ولا تدخل تفاصيل كافية بشأن حياة هوفمان وأعمله المهنية لتكون قادرة على توفير أكثر من مخطط عام للتحقيقات المستقبلية . إذا كان هوفمان هكذا ملتزما بالقضية القومية ، فعلى سبيل المثال ، لماذا كان قد أمضى السنوات بين 1808 و 1814 – فترة صعود حركة الإصلاح البروسية - ليس في برلين أو بروسيا ولكن بدلا من ذلك في بامبرج، ودريسدن، و لايبزيج، وكلها تقع في الولايات الألمانية المتحالفة مع نابليون؟ هل كانت الحماسة الوطنية لخدمة الدولة أم بالأحرى تعتبر المشكلات المالية هى التي تسببت في عودة هوفمان إلى برلين في سبتمبر من عام 1814 واستئناف العمل ضمن النظام القانوني البروسي ؟ وإذا أراد هوفمان أن يضع الموسيقى في خدمة الشواغل السياسية ، لماذا لم يقترح على فوكيه أن يقدما أوبرا من تلك الأعمال الدرامية القومية العديدة للكاتب ، على سبيل المثال، "بطل الشمال Held des Nordens " (1810)؟ هذه الأسئلة لا تنفي أن أطروحة شانتلر عن تفسير هوفمان لموسيقى "جلوك" ، وموتسارت، و"سبونتيني" ، تعكس هويته الثقافية الخاصة بدلا من هويتهم ، إلا أنه يجب أن تكون بمثابة تذكير بأن مفاهيم مثل "الأمة"، "القومية"، و"ألمانيا"و "الرومانتيكية" تحتاج إلى أن توضع بعناية في سياق تاريخي محدد . وغير ذلك ، نحن كنقاد عرضة لخطورة معاني هذه المصطلحات فى استخدامها في الجزء الأخير من القرنين التاسع عشر والعشرين ، وفي الواقع، تفسير هوفمان وأعماله بنفس الطريقة التي عفا عليها الزمن التى فسر بها أعمال الملحنين " الآخرين . وقد توفر مقارنة هوفمان مع الكتاب السياسيين صراحة مثل فخته وكليست وأرندت وجان فرصة أفضل لتحديد عمق وشخصية هوفمان في المشاركة الاجتماعية الجمالية .

ولكن، كما تلاحظ شانتلر في ملاحظاتها الختامية في"بعد هوفمانAfter Hoffmann " : أن التطورات في النظريات الموسيقية، والجمالية، والأدبية النظرية "، كانت عند الرومانتيكين الأوائل الذين أشاروا إلى المعاني المتعددة للكلمات والأعمال ومن منحوا للمستمع والقارئ المساواة مع المؤلف في عملية التفسير . في هذا الصدد، كان علم الموسيقى الجديد منذ عام 1980 يعتبر أكثر "رومانتيكية" مما قد يفترض المرء في البداية . كما تقول شانتلر، هذا جزء من إرث هوفمان : فقد ساعد نقده الموسيقي في بناء شريعة موسيقية وقومية، ولكنه أيضا قدم وسيلة لتفكيك هذه الشريعة نفسها ، إذا أخذ المرء نفس النهج المتعدد الاختصاصات الذي استخدمه هوفمان . قد تساعد هذه المراجعة دراسة شانتلر المحفزة في مشروعها الجدير بالاهتمام .



الهوامش
1 -" الصحيفة الموسيقية العامة Allgemeine musikalische Zeitung " دورية ألمانية نشرت في القرن التاسع عشر. وقد وصفها كوميني (2008) بأنها "أول دورية موسيقية باللغة الألمانية في عصرها". واستعرضت الأحداث الموسيقية التي تجري في العديد من البلدان، مع التركيز على الدول الناطقة بالألمانية، ولكنها تغطي أيضا فرنسا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا، وحتى في بعض الأحيان أمريكا.
2- بالألملنية فى الأصل
3-بالألمانية فى الاصل
4--أوندين Undineهى رواية عن حكاية خرافية ل "فريدريك دي لا موتي فوكيه Friedrich de la Motte Fouqué" التي كانت فيها أوندين، روح الماء، تتزوج فارسا اسمه هولدبراند من أجل كسب الروح . رواية رومانتيكية ألمانية مبكرة، وقد ترجمت إلى الإنجليزية وغيرها من اللغات .

ترجمة : د. رمضان الصباغ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...