" الفِتنةُ جَنّة "
ابن عربي
( 1 )
الصُّورةُ، أختُ الوَاقع الصورة الفوتوغرافية (تقريبا) أخت الواقع، لأنها ستحاول، غالباً، أما محاكاة الواقع أو تأبيده في لحظة محددة.
غير أن الصورة الفوتغرافية، أيضاً، ليست (بالضبط) شقيقة الواقع. لأنها ستسعى، دائماً، الى تأويله.
لذا سوف ينزع التصوير الفوتغرافي المبدع الى مضاهاة الواقع بإضافة نوعية لماهية هذا الواقع بوصفه لحظة قيد الانتهاء، إضافة تذهب الى ما هو أعمق من السطح، لكي تقبض الصورة على ما يبدأ في تلك اللحظة، وهو نشاط مخيلة صاحب الآلة والمأخوذ بتشغيلها.
من هنا سيكون الفرق بين التصوير الفوتغرافي العام، الذي لن يتجاوز في أرقى طموحه التسجيل، وبين التصوير الفوتغرافي المبدع، الذي لا حدود لآفاق مخيلة الواقف خلف الآلة جسدا فيما هو يسبقها خيالاً ورؤية.
( 2 )
حسين المحروس هنا، فيما يطرح علينا تجاربه البصرية، هو من بين الذين يعملون على تجاوز حدود التسجيل الفوتغرافي، ساعياً لمنح الصورة شيئاً من طبيعة بصرية ربما اتصلت بقدر كبير من معطيات البصيرة، وهو الذي لا يعود يرى في الكائنات والأمكنة و المشاهد حدود ما يراه الآخرون. فمن المحتمل أن يقترح علينا تأويلاً أطول تأملاً من مجرد حبل السفينة القديمة وهو لا يزال متمسكاً بها برغم انسحاب البحر كله وغيابه عن جسد السفينة المائل، حبل لا يزال، برغم تخلي الجميع عن السفينة، متمسكاً بها ممتدا ( لن نعرف إلى أين / متى) حتى نبتت أعشاب البحر عليه. ماذا يريد لنا حسين المحروس تأويلاً لمعنى هذا الحبل بسفينته المتروكة؟
( 3 )
هذا نموذج واحد، لا أستطيع تجاوزه في ملامسات حسين المحروس للبحر بوصفه الكائن الحي الأكبر في حياتنا. ففي مثل هذا النموذج سوف تكمن لنا إشارات نوعية عديدة يمكنها أن تشكل مداخل رحبة لقراءة صور حسين المحروس، لكي نكترث بالحدود المحتملة بين الصورة الأخت غير الشقيقة للواقع.
فثمة ما يمكن وصفه بالحساسية الشعبية في أعمال المحروس الفوتغرافية، هذه الحساسية التي تضفي على عدسته شيئاً من البساطة البالغة العمق، والتي تستدعي الاكتراث والإصغاء للتأويل وعدم الوقوف عند المعنى، فليس من العدل أن نحسن الظن بهذا المصور وهو يقيد لحظات الواقع دون أن يقع في حبائله. فلدي هذه العدسة وصاحبها ما يحرك الشك في الواقع وهو يقع على كواهلنا.
( 4 )
إن ولعي بالصورة يجعلني مندفعاً بحماس منقطع النظير لأية تجربة تتصل بهذا الفن. لكن عندما تكون تتقاطع التجربة مع شخص يتصل بالكتابة، فالأمر سيكون انحيازاً كاملاً لهذا الوعي.
لذا فإنني أجد في صور حسين المحروس (التي تابعت معظمها لحظة ولادتها)، ضرباً من النشيد البصري المستمر لنصوص لم يكتبها هذا المصور، رجاة أن لا يكتبها بعد أن صارت صوراً باهرة جعلني بعضها أطير بها إلى فضاء الانترنت أبشر بها وأدعو الآخرين مشاركتي لجمالها بصراً وبصيرة.
مثلما أفعل بهذه الكلمة التي تقصر عن فرحي بتجربة حسين المحروس.
ابن عربي
( 1 )
الصُّورةُ، أختُ الوَاقع الصورة الفوتوغرافية (تقريبا) أخت الواقع، لأنها ستحاول، غالباً، أما محاكاة الواقع أو تأبيده في لحظة محددة.
غير أن الصورة الفوتغرافية، أيضاً، ليست (بالضبط) شقيقة الواقع. لأنها ستسعى، دائماً، الى تأويله.
لذا سوف ينزع التصوير الفوتغرافي المبدع الى مضاهاة الواقع بإضافة نوعية لماهية هذا الواقع بوصفه لحظة قيد الانتهاء، إضافة تذهب الى ما هو أعمق من السطح، لكي تقبض الصورة على ما يبدأ في تلك اللحظة، وهو نشاط مخيلة صاحب الآلة والمأخوذ بتشغيلها.
من هنا سيكون الفرق بين التصوير الفوتغرافي العام، الذي لن يتجاوز في أرقى طموحه التسجيل، وبين التصوير الفوتغرافي المبدع، الذي لا حدود لآفاق مخيلة الواقف خلف الآلة جسدا فيما هو يسبقها خيالاً ورؤية.
( 2 )
حسين المحروس هنا، فيما يطرح علينا تجاربه البصرية، هو من بين الذين يعملون على تجاوز حدود التسجيل الفوتغرافي، ساعياً لمنح الصورة شيئاً من طبيعة بصرية ربما اتصلت بقدر كبير من معطيات البصيرة، وهو الذي لا يعود يرى في الكائنات والأمكنة و المشاهد حدود ما يراه الآخرون. فمن المحتمل أن يقترح علينا تأويلاً أطول تأملاً من مجرد حبل السفينة القديمة وهو لا يزال متمسكاً بها برغم انسحاب البحر كله وغيابه عن جسد السفينة المائل، حبل لا يزال، برغم تخلي الجميع عن السفينة، متمسكاً بها ممتدا ( لن نعرف إلى أين / متى) حتى نبتت أعشاب البحر عليه. ماذا يريد لنا حسين المحروس تأويلاً لمعنى هذا الحبل بسفينته المتروكة؟
( 3 )
هذا نموذج واحد، لا أستطيع تجاوزه في ملامسات حسين المحروس للبحر بوصفه الكائن الحي الأكبر في حياتنا. ففي مثل هذا النموذج سوف تكمن لنا إشارات نوعية عديدة يمكنها أن تشكل مداخل رحبة لقراءة صور حسين المحروس، لكي نكترث بالحدود المحتملة بين الصورة الأخت غير الشقيقة للواقع.
فثمة ما يمكن وصفه بالحساسية الشعبية في أعمال المحروس الفوتغرافية، هذه الحساسية التي تضفي على عدسته شيئاً من البساطة البالغة العمق، والتي تستدعي الاكتراث والإصغاء للتأويل وعدم الوقوف عند المعنى، فليس من العدل أن نحسن الظن بهذا المصور وهو يقيد لحظات الواقع دون أن يقع في حبائله. فلدي هذه العدسة وصاحبها ما يحرك الشك في الواقع وهو يقع على كواهلنا.
( 4 )
إن ولعي بالصورة يجعلني مندفعاً بحماس منقطع النظير لأية تجربة تتصل بهذا الفن. لكن عندما تكون تتقاطع التجربة مع شخص يتصل بالكتابة، فالأمر سيكون انحيازاً كاملاً لهذا الوعي.
لذا فإنني أجد في صور حسين المحروس (التي تابعت معظمها لحظة ولادتها)، ضرباً من النشيد البصري المستمر لنصوص لم يكتبها هذا المصور، رجاة أن لا يكتبها بعد أن صارت صوراً باهرة جعلني بعضها أطير بها إلى فضاء الانترنت أبشر بها وأدعو الآخرين مشاركتي لجمالها بصراً وبصيرة.
مثلما أفعل بهذه الكلمة التي تقصر عن فرحي بتجربة حسين المحروس.