شبت تحت الضلوع يعصف بالجسم = كما يعصف اللظى بالهشيمِ
ذعر الناس فاستهلت دموع = كانهمار الغيوث تحت الغيومِ
وأفاق الشعب الجريح كما استيقظ = جفن على صراخ أليمِ
زأر الرعب في القلوب فجاش الحزن = يغلي بها كغلي الحميمِ
الصبور الشجاع غير صبور = والحليم الرزين غير حليمِ
جزعت أنفس وطارت عقول = قد دهاها الردى بخطب جسيمِ
سلمت أمرها إلى الله لكن = هل يرد القضاء بالتسليمِ
خطر هب يمحق الناس محقاً = كرجوم تهوى وراء رجومِ
كلما قد قرأت عنه حديثاً = شب في أضلعي لهيب الجحيمِ
قيل لي أنت خالك فتطعم = أي خير يكون في تطعيمي
أنا أمشي وبين طيات قلبي = خيفة منه رعدة المحمومِ
ينفث السم كالافاعي مجداً = ويبيد الجسوم تلو الجسومِ
الشديد القوي صريع لديه = والسليم الصحيح غير سليمِ
جثث ترتمي كساحة حرب = أسفرت عن فناء جيش عظيمِ
جنت الأرض فهي تغفر فاها = طمعاً في ابتلاع عظم رميم
أكلت أهلها ولم تبق شيئاً = ما صنيعي في الآكِلِ المنهومِ؟
طفت بالريفِ اجتليه صباحاً = وهو دنيا لذاذاتي ونعيمي
كان يبدو لناظري وسيماً = كيف أضحى الغداة غير وسيم
لا الأزاهير ذات عرف شذى = لا النواعير ذات صوت رخيم
لا الغواني الصباح يخطرن في السهل = ولا الطير بارع الترنيم
انظر الحقل فالطبيعة فيه = كبنى الإنس أسرفت في الوجوم
هي والله ذات فكر حصيف = قد هداها فشاركت في الهموم
النخيل الوفي يخفض عطفيه = كئيباً كبائس محروم
وعلى القطن غبرة سودته = بعدما لاح ساطعاًالنجوم
والغراب العجيب يرسل نحوي = نظرات كالفيلسوف الحكيم
خطر هدد الجميع فكل = صارخ من مصيره المحتوم
إن دها منزلا رأيت ذويه = بين فانٍ يمضي وحي سقيم
يهجر الوالد ابنه ثم يعدو = خيفة من أذاه عدو الظليم
وحنان الأم الرؤم توارى = فهي عند المصاب غير رؤم
ترك الزوج زوجه تتلظى = في جحيم يفوق كل جحيم
فر منها وكان يخشى عليها = قبل هذا الوباء مر النسيم
فادخل البيت لست تبصر فيه = غير أم ثكلى وطفل يتيم
فتح القبر فاطمأنت جنوب = غرقت في سكونها المستديم
مرض يملأ الخواطر بالوهم = فيالي من خاطري الموهوم
أنا منه مكبل بقيود = قذفت بي إلى عذاب أليم
حرموا الماء الفواكه ظلماً = من مجيري من ذلك التحريم
قيل لي إن في المياه سموماً = فكرهت المياه ذات السموم
وكذاك الفواكه الحلوة الطعم = مجال لكل داء وخيم
عجباً أبغض الرحيق المصفى = وأعاف الجنان ذات الكروم
قيل لي لا تسر جوار صديق = واعتزل في الأنام كل نديم
احذر العدوى أن تصيبك من = خل وفيّ أو من عدو خصيم
فاجتنبت الورى وعشت وحيداً = وتوغلت في ضلالي القديم
ليت شعري من أصطفيه لنفسي = إن تخوفت من صديقي الحميم
عشت حتى غدوت مثل المعري = ألزم الدار غارقاً في همومي
يا لحُمّى تفرى لحوم البرايا = أو ما أتخمت بتلك اللحوم
مهدها الكنج مذ بدت فلماذا = تطعن (النيل) ويحها في الصميم
نزلت في الوادي كشمطاء لاحت = لعيون الورى بوجه دميم
وأتتنا مع العدو كما تسعى = الأفاعي مع الظلام البهيم
ليتها أهلكته أبشع هلك = ورمته بكل داء عقيم
هكذا الإنجليز جرثومة الشر = ونار مشبوبة اليحموم
رب من للضعيف هاجمه الخطب = وما يستطيع صد الهجوم
يكظم الغيظ في الحياة إلى أن = يتلقى الردى بغيظ كظيم
المناحات لا تزال بسمعي = كدوي الرعود ذات الهزيم
والثكالى يسرن خلف الثكالى = ساهمات وقيت شر السهوم
كلما صاحت الديوك توهمت = صداها صراخ عان كليم
ارحم الناس يا إلهي واكشف = كل سوء فأنت خير رحيم
الشيخ محمد رجب البيومي في وباء الكوليرا الذي أصاب الكفر الجديد احدى قرى الدقهلية (مجلة الرسالة احمد حسن الزيات العدد 749):
ذعر الناس فاستهلت دموع = كانهمار الغيوث تحت الغيومِ
وأفاق الشعب الجريح كما استيقظ = جفن على صراخ أليمِ
زأر الرعب في القلوب فجاش الحزن = يغلي بها كغلي الحميمِ
الصبور الشجاع غير صبور = والحليم الرزين غير حليمِ
جزعت أنفس وطارت عقول = قد دهاها الردى بخطب جسيمِ
سلمت أمرها إلى الله لكن = هل يرد القضاء بالتسليمِ
خطر هب يمحق الناس محقاً = كرجوم تهوى وراء رجومِ
كلما قد قرأت عنه حديثاً = شب في أضلعي لهيب الجحيمِ
قيل لي أنت خالك فتطعم = أي خير يكون في تطعيمي
أنا أمشي وبين طيات قلبي = خيفة منه رعدة المحمومِ
ينفث السم كالافاعي مجداً = ويبيد الجسوم تلو الجسومِ
الشديد القوي صريع لديه = والسليم الصحيح غير سليمِ
جثث ترتمي كساحة حرب = أسفرت عن فناء جيش عظيمِ
جنت الأرض فهي تغفر فاها = طمعاً في ابتلاع عظم رميم
أكلت أهلها ولم تبق شيئاً = ما صنيعي في الآكِلِ المنهومِ؟
طفت بالريفِ اجتليه صباحاً = وهو دنيا لذاذاتي ونعيمي
كان يبدو لناظري وسيماً = كيف أضحى الغداة غير وسيم
لا الأزاهير ذات عرف شذى = لا النواعير ذات صوت رخيم
لا الغواني الصباح يخطرن في السهل = ولا الطير بارع الترنيم
انظر الحقل فالطبيعة فيه = كبنى الإنس أسرفت في الوجوم
هي والله ذات فكر حصيف = قد هداها فشاركت في الهموم
النخيل الوفي يخفض عطفيه = كئيباً كبائس محروم
وعلى القطن غبرة سودته = بعدما لاح ساطعاًالنجوم
والغراب العجيب يرسل نحوي = نظرات كالفيلسوف الحكيم
خطر هدد الجميع فكل = صارخ من مصيره المحتوم
إن دها منزلا رأيت ذويه = بين فانٍ يمضي وحي سقيم
يهجر الوالد ابنه ثم يعدو = خيفة من أذاه عدو الظليم
وحنان الأم الرؤم توارى = فهي عند المصاب غير رؤم
ترك الزوج زوجه تتلظى = في جحيم يفوق كل جحيم
فر منها وكان يخشى عليها = قبل هذا الوباء مر النسيم
فادخل البيت لست تبصر فيه = غير أم ثكلى وطفل يتيم
فتح القبر فاطمأنت جنوب = غرقت في سكونها المستديم
مرض يملأ الخواطر بالوهم = فيالي من خاطري الموهوم
أنا منه مكبل بقيود = قذفت بي إلى عذاب أليم
حرموا الماء الفواكه ظلماً = من مجيري من ذلك التحريم
قيل لي إن في المياه سموماً = فكرهت المياه ذات السموم
وكذاك الفواكه الحلوة الطعم = مجال لكل داء وخيم
عجباً أبغض الرحيق المصفى = وأعاف الجنان ذات الكروم
قيل لي لا تسر جوار صديق = واعتزل في الأنام كل نديم
احذر العدوى أن تصيبك من = خل وفيّ أو من عدو خصيم
فاجتنبت الورى وعشت وحيداً = وتوغلت في ضلالي القديم
ليت شعري من أصطفيه لنفسي = إن تخوفت من صديقي الحميم
عشت حتى غدوت مثل المعري = ألزم الدار غارقاً في همومي
يا لحُمّى تفرى لحوم البرايا = أو ما أتخمت بتلك اللحوم
مهدها الكنج مذ بدت فلماذا = تطعن (النيل) ويحها في الصميم
نزلت في الوادي كشمطاء لاحت = لعيون الورى بوجه دميم
وأتتنا مع العدو كما تسعى = الأفاعي مع الظلام البهيم
ليتها أهلكته أبشع هلك = ورمته بكل داء عقيم
هكذا الإنجليز جرثومة الشر = ونار مشبوبة اليحموم
رب من للضعيف هاجمه الخطب = وما يستطيع صد الهجوم
يكظم الغيظ في الحياة إلى أن = يتلقى الردى بغيظ كظيم
المناحات لا تزال بسمعي = كدوي الرعود ذات الهزيم
والثكالى يسرن خلف الثكالى = ساهمات وقيت شر السهوم
كلما صاحت الديوك توهمت = صداها صراخ عان كليم
ارحم الناس يا إلهي واكشف = كل سوء فأنت خير رحيم
الشيخ محمد رجب البيومي في وباء الكوليرا الذي أصاب الكفر الجديد احدى قرى الدقهلية (مجلة الرسالة احمد حسن الزيات العدد 749):