أمل الكردفاني/لماذا لم يعد العالم مفهوماً؟

لماذا لم يعد العالم مفهوما؟

ماهي أهم الأحداث خلال السنتين الماضيتين، والتي يمكن أن نعتبرها أو أحدها مفتاحا لغرائبية واقعنا اليوم؟
لا توجد أحداث تذكر، بل الغريب أن عدم وجود هذه الأحداث هو الحدث بعينه...قبل عشر سنوات بدأت الموجة الثالثة في الإندثار، إذ مر العالم بثلاث موجات أساسية، موجة الحرب على النازية، ثم الحرب على الشيوعية، وأخيرا الحرب على الإرهاب، والتي بلغت قمتها في أول العام ألفين وأحد عشر حين كانت أول مهام اوباما إنهاء الأسطورة البن لادنية التي خلقتها أمريكا قبل عشرين عاما من مقتله..ولتعزيز نهاية الإرهاب اندثرت داعش وتم قتل البغدادي، وتبنت امريكا وبعض دول الخليج حماية جيوب داعش الصغيرة كجبهة النصرة لتؤدي أهدافها في سوريا كما حدث في العراق. لقد شهدت الثماني سنوات محسوبة من عام الفين وعشرة نهاية الأنظمة العربية الكلاسيكية. بن علي، القذافي، مبارك، صالح، والبشير، ولا زال بشار يقاوم...وهكذا بدأت الحقبة الجديدة قبل سنتين تقريباً، وهي أكثر الحقب خطورة على البشرية، إنها حقبة التحكم. حقبة التحكم، انطلقت من تطورات العلوم التكنولوجية متضافرة مع العلوم الإنسانية لتنشيء العلوم الموجهة والعلوم متعددة التخصصات. إذ تعتمد هذه العلوم على التعامل مع البشر من خلال، الذكاء الإصطناعي، والتحليل الإحصائي، وعلوم النفس المتعددة، كعلم نفس الحروب، وعلم النفس الصناعي، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم نفس الجماهير وعلم النفس السياسي...الخ..وتضافرت كل هذه العلوم لتأكيد قدرة الحكومات على إدارتها، وهكذا تم تطوير أجهزة الإستخبارات لتتجاوز وظائفها وأدواتها التقليدية، مثل كاميرات المراقبة، وأدوات التسجيل المخبأة داخل أقلام صغيرة وزرع جواسيس يختبؤون بنظارات سوداء. بل أصبح هناك تكامل شامل بين التكنولوجيا وهذه الأجهزة الإستخباراتية. وأصبح بإمكان شركات التحليل الإحصائي المتعاقدة مع الأجهزة الإستخباراتية في العالم أن تتواطأ مع الفيس بوك أو تويتر أو انستجرام أو غيره للحصول على بيانات مليارات الأعضاء الأبرياء وتحليل هذه البيانات تمهيداً للتأثير عليهم، في أمزجتهم الخاصة كالموضة والطعام والسلع المختلفة والتوجهات السياسية، والقيم الأخلاقية، وصناعة الإحتجاجات والثورات،..الخ. لقد بدأت هذه التجارب منذ انتخابات ترامب التي سنجد تأثير هذه السيطرة فيها على توجهات الناخبين الأمريكيين، وسنجدها في تركُّز أغلب أحداث العشر سنوات الماضية في منطقة الشرق الأوسط، هكذا تمت عمليات الإختبار بسرية، وحان الوقت للإختبار الأكبر، للبدء في التحكم الواسع بشعوب العالم، وكان فيروس كورونا هو بداية إنطلاق صافرة اللعبة.
لا أحد يعلم حقيقة كورونا، ولا ظهور ناشطين سياسيين من العدم، ولا فنانين لم يسمع بهم أحد من قبل هكذا فجأة، ولا انفجار فيروس كورونا بلا أدنى مقدمات منطقية ولا انتشاره غير المنطقي، بل ولا حتى انحساره غير المنطقي في دول كالصين وألمانيا وشمال إيطاليا ولا تأخر دخوله لأفريقيا، ولا اتساعه في أمريكا...ولا اللقاحات التي يمكن أن تعرقل زحفه الشيطاني، وبالتالي (كيف انحسر في دول بلا معرفة هذه اللقاحات)...الخ.
لن يعود العالم مفهوماً بعد اليوم، وذلك لأن حقبة تعامل الحكومات مع الشعوب بالطريقة التقليدية قد انتهى، لقد أصبحت الشعوب أحجارا في رقعة الشطرنج كما أسماهم وليام جاي في كتابه، الذي يتحدث باستفاضة وأدلة عن المؤامرة الماسونية، في الوقت الذي نواجه فيه اليوم حملة شاملة ضد نظرية المؤامرة..بتشويه كل من يتبنى نقداً عميقاً للمنظومة الرأسمالية المتحالفة والمتعاضدة مع العلماء..
إن كل من ينتقد كورونا اليوم، تتم شيطنته، وكأنما تحول كورونا لإله، كل من يحاول إلقاء أسئلة جادة يتم إتهامه بالإضطراب العقلي، كل من يحاول أن يفهم، سيجد جبالاً هائلة من المعلومات المزيفة التي تم ضخها لتختلط بمعلومات حقيقية بحيث لا يعلم الحقيقي منها من الزائف..كل من يحاول فهم الأسباب سيتم توجيه مسبة تبنيه لنظرية المؤامرة التي أضحت لعنة تطارد المثقف والناقد والباحث عن الحقيقة. منذ هذا العام -أي ٢٠٢٠- ستبدأ حقبة تحويل الشعوب لدمى يتم تحريكها بالخيوط، وهذه الدمى لن تعرف كيف يتم توجيه استجاباتها العصبية تجاه عالمها بهذه الاحترافية والدقة..
التفاعلات: مصطفى معروفي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...