فوزية ضيف الله - حديث مع الشمس

كل الطرق إلى قلبك ممكنة. اما أن أقف ساعات أمام الريح وأصمد، وإما أن أحمل كتبي أنشرها على زورق في البحر تخاطب الحيتان والموج، ثم ترقص الكلمات وتصعد اليك. يمكنني كذلك أن أغرس نبتة كل يوم، تعانق أشعتك وتحملها الي عبر النافذة. كل الطرق إلى الشمس ممكنة، ان أغني مثلا ويختلط صوتي بوهج نورك وينطلق نحوك بلا قيد، أو أن أقشر بصلا فتدمع عيناي، ثم أراك قربي وسط الظلام. لم تكن الشمس بعيدة عني يوما، كنت ابنة الشمس من زمان. حتى اذا هطلت أمطار الشتاء، كانت الشمس في بيتي، تصفّف شعري وتغني. وإذا جاء الصيف تقاسمتُ الشمس مع البحر والجبل. لكنها كانت لي، كانت ترفض القسمة والانحناء لغيري. ألفّها في جيبي، وفي محفظتي. لا تراها العواصف الممطرة. تركض معي نحو النخيل الشامخة، ترتّل حكايات للأطفال. وعندما تغيب تختبئ تحت مخدتي. لتوقظني عند الشروق. يكون الجميع نيام، تتسلل إلى غرفتي، وترتب زواياه وتبثّ فيها فرحا دافئا، تعبر مسارات الروح بلا استئذان. ثم تصعد إلى السماء تحاورني من بعيد. حيثما مشيت كانت تراقب عثراتي، أرسل لها أسنان الحليب، وترسل لي أسنان اخرى ممتلئة بعنفوانها وبريقها..

اليوم لا تزال الشمس ملكي، تنام تحت مخدتي، تهيئني للنوم ثم تغيب..وتأتي في الصباح الباكر تعدّ القهوة والشاي ثم تمضي. تربت على كتفي، تعتصر أضلعي، ثم تلقي علي سلام الصباح العابق. أمي شمس لا تغيب......

فوزية ضيف الله تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...