في يوم تكريمكِ، -يومِ الحفلِ الذي فاز به كتابُكِ الذي عِشتُ معكِ فيه خطوةً بخطوة- كنتُ قائمًا وراءك، وأقتربُ منكِ؛ كي أنظر لعينيكِ وهما تبرقان، من فَرطِ إبداعكِ...!
ولا أنسى ساعاتِ الكتابة، ساعاتٍ كنتُ فيها أنظر إلى الكلمات وهي تنتظر بجوارِ قلمِك، تتسابق إلى أوراقكِ، كأنَّه مشهد راقص بين حبيبةٍ...
كعصفور صغير كانت كفى تهبط وسط يدها السمينة ونصعد السلم الخشبى؛
ترتكن على ساقيها ، ويهبط جرمها الكبير حتى تجلس القرفصاء ، ثم تمد يدها حيث تبيض الدجاجتان ، وعندما نعود ببيضتين ، تبتسم قائلة : الحمد لله
وتحشو لنا أمى رغيفين ساخنين بالبيض المقلى
وعندما أعود من المدرسة ويدى فى يد أخى الأصغر الذى...
ولد فاطمة كما ينعته والده متوتر هذه الأيام، لا يكف عن توزيع الشتائم يمينا ويسارا بسبب (الحزقة)* التي ضربت جيبه.
قال متبرما من الراوي:
ـ الله يهديك.. ابحث عن غيري.. كلما أردت تمرير موقف أو رأي لا تجد غير العربي. ثم إن أمي اسمها مباركة، وليس فاطمة. وأبي لا ينعتني كما ادعيت، بل يناديني (ولدي...
بدأت الخُطواتُ في ذلك المقهى -المعزول عن صخب المدينة- ربيعَ ٢٠١١م، حيث كنتُ أُطِلُّ على نافورةِ القسمِ الغَربي منه، جالسًا بزاويتها أكتبُ مساراتِ شخصياتِ نَصّي العَصِيّ على النسيانِ والاكتمال (كتاتيب أكاديمي)...؛
وكنتُ -آنذاك- أناظِر في نَقدِ الخطابِ الدينيّ مع شِلَلٍ مشلولةِ الواقعِ...
يا إلهي ... يا إلهي هل يعقل اني تحولت الى مدمن!! و إن فعلت فمن انا سوى نكرة أعمل طوال يومي منذ الصباح حتى مغيب الشمس أُكرى ببضع دنانير ... ثم ارى نفسي تجري بي حيث شارع ابو نؤاس تدق اجراس تعلن ان ساحة فقدان الوعي قد حانت... أراودها بخجل ان لا تفعل لكنها كعاهرة خجول تتمنع وهي الراغبة في مضاجعة...
لم أكن أسأله عن حيه وبيته والشجرة التي تنبت في فناء الدار ولا كنت اسأله عن اللون الرمادي الذي يرتديه دائما ولا عن تعلقه بتلك الدراجة .لم اخبره بالهواء الذي يتخلل شعري إذ اراه حتى ولو كان الشجر ساكنا ولا عن كفي التي تتعرق رغم الصقيع ولا عن طيور الدوري التي تصاحبني إذ اقف على الرصيف أنظر إليه...
كان الشفق يا صديقي يغيب مثل أملي في تلك الأمسية الشتوية القارسة البرودة، تمشيتُ فيها قليلا لعلّي أمسح عن جبيني بعضاً من تعب السنين، لعلّي أستريح من كآبة الغربة، ربما لعلّي أفيق.
تمشّيتُ وحيداً بلا رفيق، فلا رفقاء هنا، تمشيتُ غريب الملمح واللون، فلا أحد يشبهني هنا وكأنهم كتبوا على جبهتي...
خرج من البيت، ما إن أغلق الباب، حتى سمعت زوجه دق الجرس، فتحت له فدخل مجلجلا وصرير صوته يملأ المكان ؛
أنت السبب، دائما تثرثرين، وتكثرين لغطك حتى أنسى المفتاح.
استغربت حليمة من صراخ زوجها بهذا الشكل فجأة، وظلت تنظر بذهول ليسراه تلوح بالمفاتيح، وهو يحاول صب غضبه عليها بشتى وسائل التعبير، لعل لعنة...
شهيته للأكل سدت رغم حاجته للطعام، يكفيه ماتجرعه من آلام، حين أخبره والد العروس التي تقدم لخطبتها : أنهم فى إنتظار عريس جديد، لديه شقة وكافة مستلزمات الزواج، معتذرا أن الزواج قسمة ونصيب،
خرج متعثرا فى خطاه يسابق ظله، غير عابيء بوحشة الطريق، المركبات فى تسابقها وتدافعها أشبه بالنعوش الطائرة،...
ذهبنا في جولة سياحية الى ما يسمى باسطبل الحمير ، في اخر محطة للمترو المنطلق من ساحة اتاتورك الى منطقة قريبة من الجبل لا استطيع لفظ اسمها ، اقنعتني ابنتي وزوجتي بهذه الجولة السياحية ، بعبارة حادة كالسكين " انت مو روائي .. ليش ما تغامر معنا بركوب الحمار " ووجدتها فرصة سانحة أن أرى ابا صابرين...
طلائع فصل الربيع في بداياتها والظهيرة في اخرها، والشمس ساطعة ودافئة. لولا تلك النسائم الباردة التي تخترق هذا اليوم في أغلب الأحيان، لأحسست الآن بالدفء، وكنت قد خلعت عني معطفي الشتوي. لكني اليوم اكتفيت بتركه مفتوحا فقط.
ماذا سيكون نصيبي من الاكل في هذا اليوم؟ تساءلت.
شهيتي لم تتفتح للأكل بعد رغم...
الولد الذى رأيته فى حلمى يجرى نحو بوابة كبيرة من الحديد ووجدها مغلقة بالجنازير، يعلوها الغبار ، كأنها لم تفتح من زمن بعيد
هذا الولد كان يشبهنى أسقيته القليل من الماء البارد ، وأنمته ، بجوارى كان يلهو وسط حديقة واسعة، يمرح، تواتيه هواجس غريبة مثل تأخره عن المدرسة ، وأن عصا السيد المحترم ناظر...
الوحيد الذي كنت أشعر أنه ينتمي لمسجد القرية عمي محمود رغم أن له لحية لكنها لا تخيفني بل أرى منها نورًا تمامًا كالذي يشع من عينيه وحديثه المملوء برفق وحنان يكفي لتطييب خواطر الدنيا كلها، عمي محمود محطة من محطات الصمود، عمي محمود بائع الفول الذي استوطن أمام شركة الغاز بجوار المسجد يحضر صلاة الفجر...
تقطعت أنفاسي منفردا في زنزانتي ، مصفدا بالأغلال، نعيب بوم يواسيني في منفاي والطقس المتجمد يكاد يهشم ثلوجي. انتظر في استبلاه مصيري المحتوم غير عابئ بغير انتشار الحلم الموؤود في أمتي . صوت من الداخل يناصرني بينما الصمت المطبق يكاد يفتت أوصالي، احتاج فقط إلى بعض الصدى كي أشعر بوجودي ، ماذا لو...
لم أوقن فى البداية أننى هدفه, وأنه كان ينتظرنى أنا فى ساعات انتظاره الطويلة , وكنت فرحان لهذا اليقين , إذ كانت هيئته أشبه بهؤلاء الناس الذين يثيرون الريبة بمجرد النظر إليهم ..
كان معفرا , دقيق الحجم, قله .. هذه القلة التى توحى بسرعة الخاطر والمبادرة .. له لحية قصيرة نافرة , وعلى طول جانب الوجه...