طارق حنفي

تململتُ فِي مقعدي وأنا أنظرُ إلى الساعة المُعلقَةِ على الحائِط، والتِي تشيرُ عقاربُها إلى عشرين دقيقة بعدَ الثامنة مساءً، ارتشفتُ آخرَ رشفةٍ مِن فنجانِ القهوة، ثُمَّ وضعْتُه على الطاولة أمَامِي، والتِي أسعَى إلى الجلوسِ عَليها في كلِّ مرةٍ أرتادُ فِيها هذا المَقْهَى؛ فهي تقعُ فِي آخره، حيثُ...
- اليمُّ ثائر، وموج كالجبال يتلاعب بقاربي الذي مزقت شراعه ريح عاصف. - ينقصك اليقين. - الضباب يحيط بي، يحاصرني. - اليقين يسبقه الإيمان. - السماء ترميني بمطر كالحجارة. - الإيمان يطلب التوبة. - ظلام حالك كقطع الليل. - تُب، والزم الاستغفار. - قاربي على وشك الغرق. - لم يغرق من قبل، ولن يغرق الآن...
مالنص: نُكران بقلم الكاتب والأديب/ طارق حنفي ----------- مساء في خضم فوران أحلامه انفجرت الأماني واندفعت من باطنه الرغبات، وأبصر للحظات.. رأى بعين خياله الأشياء ملونة زاهية براقة إلا عصاه، تبدو داكنة كنقطة سوداء وسط لوحة من الجمال، قبض عليها بكلتا يديه، اعتصرها، ثم كسرها.. وانطلق يعدو خارج...
فجأة، اخترق ضوء مصابيح سيارة زجاج النافذة الوحيدة وداهم الظلام، ليكشف ما بدا كتمثال لشاب مغمض العينين، يجلس على بقايا مقعد بلاستيكي ممسكًا رأسه بكلتا يديه.. وكأن الضوء الإشارة المتفق عليها، صرخ التمثال فجأة: وجدتها، وشق الصمت.. ثم تحرك وقطع السكون، صفق باب المنزل القديم خلفه، انطلق يعدو بكل قوة...
طالما شغلني المشروع الصهيوني، ليس نشأته ولا دولته لكن هدفه الأسمى الذي خلق نوعًا من التفكير الجمعي سعيًا لاختراق المكان والزمان، والذي يعمل على إنجاحه واستمرار وجوده أناس من كل مكان، وعلى الدوام.. ما الذي يجعل أحدهم يعمل -بكل همة وإنكار للذات- من أجل تحقيق هدف قد لا يرى بأم عينيه بشائره؟...
لقد ظهر للعيان، ومع ظهوره تغير مجرى الأحداث، هائل الحجم، شديد القوى، لا يخضع لقوانين المادَّة؛ يفعل ما يريد، يختفي فجأة كما يظهر فجأة، لا أحد يعلم حقيقته.. يدين الجميع له بالفضل؛ بعد أن تصدى بمفرده للمحتلين بقيادة الأجوف، أولئك الذين يعبثون بقريته، لقد طردهم شر طردة، ومحا ما خلفوه وراءهم من فساد...
الحنينُ الذي ضربَ أوصالَه قد امْتزجَ بدهشةٍ عارمة، لم يستطعْ معهما المقاومةَ أكثرَ من ذلك؛ أعلنَ استسلامه؛ وأغلق الكتابَ الذي بين يديه، وإن بقِيَ جالسًا خلف مكتبِه - القريب من باب الحجرة - دون حراك.. راح عقلُه يحلِّقُ في سماءِ المُمْكِن تارةً، ويطوف أُخْرَى حولَ اللامُمْكِن؛ يبحثُ عن أجوبةٍ...

هذا الملف

نصوص
7
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى