لعل حاسة الشم لها تأثير كبير على شهية المرء عندما يقع تحت طائلة الجوع، في بداية تجولي وتسكعي :فى أحياء وشوارع وأزقة دمياط فى محاوله لاكتشاف ما غمض على من اسرار المدينة واكتشاف نفسى التي احسست بروزها من خلال هذه الممارسة ، فى علاقة جدلية شبه معقدة لحد ما بيني وبينها، فأني أعتبر في نفسي جزء...
كان حفل رأس السنة لهذا العام مميزاً، بحضور ولديّ من اغترابهما. لقد بذلت كل ما بوسعي لأن يكملا اختصاصهما في الغرب ،ويعودا كما فعلت، لكنهما علقا بشباك الغربة.
على المائدة الباذخة المكتظة بأصناف الطعام، والحب والفرح والذكريات، جلس إبني و زوجته وابنه على يميني، وابنتي وولديها إلى يساري.
أخذت زوجتي...
لا أدري ما الذي جعلني أتذكر تلك السمكة الكبيرة التي اصطادها أبي من النهر الذي كان يرتفع ماؤه أيام الفيضان،رغم أن ذلك حدث منذ زمن بعيد، كانت تلك أيام مضت قصت حكايتها جدتي في ليالي الشتاء الطويلة تلتف حولها ونتعارك من يجلس بمقربة منها!
تلك السمكة على ما يبدو ذات ذيل أخضر وزعنفة ملونة؛ تتمتم...
أنا لم أعرف جدّي، والد أبي، فقد مات قبل أن تنجبني أمّي، بحدود السّنتين، ولكنّني عرفت عنه الكثير، من مصادر، ورواة عديدين، وخاصة عن مدى قسوته، وبطشه، وظلمه لأبي، وإلى بقيّة أسرته.. بداية من جدّتي، صاحبة الكرامة، التي تعتزّ وتفتخر بها، إلى ابنها عمّي (سعيد)، ولدها البكر، الذي خلّفته من زوجها...
اقتحمتْ الغرفة المعتمة بجموحٍ. كان الهواء راكدًا، وكان زوجها كعادته يلوذ بنومه الثَّقيل. سارعتْ إلى فتح الشُّبَّاكِ؛ فتدفَّق تيارٌ من الهواء الطلق داخلَ الغرفة، بينما غمرتْ أشعةُ الشَّمس الأرجاء الرَّطبة، والفراش البارد، وَسُرعانَ ما لفح حرُّ الشَّمس وجهَ الزَّوج؛ فتململ في فراشه، وهبَّ من نومه...
فتحتُ عينيّ ببطءٍ شديد، هديرُ أمواج البحر القادم من النافذة، كان أول ما تناهى إلى سمعي وحينئذ تذكرت حالما درتُ ببصري في أرجاء الغرفة أنني لستُ في بيتي، لستُ في فراشي.
نهضتُ، بحذرٍ أبصر هذا العالم الغريب الذي وجدتُ نفسي فيه، كانتْ الأرض رخوة تحت قدميّ والفراشات تملأ المكان. هل أنا في حلم؟.
ومتى...
.........
وقفت مشدوهة أنظر إليه وعلامات الحزن والألم ترتسم على وجهي بوضوح، لم أحرك ساكنا، أدخلتني صورته البائسة وبكاؤة النازف في حالة غريبة من التأمل والتألم، طفل من أطفال الشوارع الذين لا نعلم من أين أتوا، كان صغيرا جدا للحد الذي يجعل حتى الحيوانات الضالة ترأف لحالة، ضئيل الحجم رث الثياب، تلطخ...
لا وقت للحب في الزمن الصعب
فلنرتدع جميعاً، نحن معشر العشّاق والعاشقين
ولنستحِ من خفق القلوب، لأنّ إيقاع النبض صار للحرب والطبول هي نفسها، تلك التي يقرعونها في الأعراس، ها هم يقرعون بها للحرب!
للنفير للتجييش، للتهليل والتهويل، والتهديد والوعيد بالتطبيل والتزمير لموسيقى الحرب والأبواق كلّها...
لم تكن الوحيدة فى هذا الكون غيرها الكثير، جوعى لكلام يدفئها فى صقيع وحدتها، ووحشة الخيبات التى تلاحقها، حتى لو كان كلاما كاذبا، مثل شجرة عارية فاجأها الخريف فى منتصف المسافة بين الحزن والغياب، وعلى نحو ما بدا العالم اكثر وحشة، بينما كانت الشمس تلملم اثوابها فى حقائب الشجن والغروب، مؤسسة لوداع...
يخرج من بيته مبكرا، يسير أحيانا فى الشارع وحده، فهو يعمل كناسا، لابد أن يبدأ عمله قبل قيام أهل الشارع الذى يعمل فيه من نومهم. يصحون فيجدون الشارع نظيفا.
إقترب منه كلب صغير فى حاجة إلى الدفء، إلتصق بساقه، أراد الرجل أن يبعده عنه؛ لكن الكلب أصر على مرافقته، وسار معه حتى الشارع الذى يعمل فيه،...
توقفت زيتونة بجانب شجرة نارانج تلتقط أنفاسها. وضعت يدها على الجذع حتى تحافظ على توازنها. مسحت العرق الذي تصبب من جبينها. أحست بنسيم خفيف ينبعث من الأغصان الخضراء يُلطّف حرارة جسمها الذابل.
فجأة رأت شجرة أفوكادو تمر، وهي تقود سيارة فارهة، وترتدي قبعة أمريكية. تُخرج يدها من النافذة، وتدندن بصوت...
لا مناصَ من الاعتراف بالحقيقة؛ ثَقُلَ الجفنان حتَّى عجزا عن مقاومة سلطان النوم، وتهدلَّ الجلد حتَّى مسخ صورة الوجه، وصَار كلُّ شيء فيك، ينبيء عن ذهاب أيَّام كنت فيها المشرف الكفؤ الذي لا يجرؤ أحدٌ على مراجعته، بل ولا حتَّى النظر في عينيه ...
- قضيَ الأمر إذاً، ولم أعد أُشكِّل شيئا بالنسبة لك،...
جاء في الكتب العتيقة أن كائنا غريبا سيخرج من جوف النهر؛بدأ العرافون يضربون الودع؛ فقد اقترب زمانه!
أقسم أحدهم بأنه بعين واحدة؛ إصبع إبهامه أطول من قرن الخروب؛ أسنانه منشار عم شنقار!
تلك حكاية ؛ تطوع أحدهم وأخبرنا بوصفه؛ الذي يشابه عمنا شنقار ؛ كم كان طيب القلب!
يتغدى بشطيرة خبز ووعاء لبن من...
أحد ما داخله ، ينبع من ركام ذكريات قديمة ، أم أحد ما بالفعل يدخل عالما مليئا بالسكون والوحشة .. صوت الموسيقى .. وآذان ديك .
من هناك ؟!! من هنا بداخلى .
لا أحد يجيب .. سوى الليل يسرى والذكريات التى تعبق حوله تدور كدخان منبعث من شيشة .
كان لابد أن يتحقق
وكانت الذكريات تتباعد للوراء آخذة طريقها...
أى بابٍ أدخلُ، دخلتُ من الباب الخلفى.الجدُّ جالسٌ ماسكٌ عينه الوحيدة ..المستديرةالطويلة، التى تبدأ من الأرض ،وتنتهى برأس أفعى فى يده؛الجدة جاثية تحت قدميه،تدب وسطاها اليمنى فى مؤخرة العصاة تقيسها!هل فرطت بيضتها؟!!
هذا وقت الحظيرة، كم تحب كائناتها!لم يحن وقت الصلاة؛ الدفء بجوارالنار، تفنيه الآهة...