قصة قصيرة

مع نهايات الخريف تعيث الرياح في الآفاق ؛ تلقي بأوراقها الأشجار ، تبلل دموع الغيم الطرقات في مدينته الساحلية التي كانت مثل اللوحات الفنية كلما نظر إليها تزداد جمالا في كل مرة فتحمل لوجدانه سيمفونية عشق ، على شطآن الذكريات لا يخط سوى اسمها على الرمال فتمحوه الأمواج وما بيديه حيلة ، كلما...
استيقظت هذا الصباح، لأجد في نفسي رغبةً شديدة في الانتحار، شعرت كأنني امتلك عيونًا أخرى للحياة خالية من الدهشة التي فقدتها عندما كان عمري ثلاثة عشر عامًا. سأتحلى هذه المرة بالشجاعة أكثر من المرة السابقة التي انتهت بالفشل عندما تم إنقاذي في اللحظات الأخيرة، أو ربما كانت لدي بقايا رغبة في العيش،...
جاءت الفنانة نبيلة عبيد، بضحكتها المموسقة ، وبثيابها النارية، ورشاقتها المثيرة ، الى بغداد ، لكي تلتقي بالروائي العراقي عبد الستار البيضاني مؤلف رواية " دفوف رابعة العدوية " ، لتبحث معه في مشروع فيلم جديد مضمونه المتصوفة " رابعة العدوية " التي سبق لها ان مثلته في سنة 1963 مع الفنان عماد حمدي...
لا أحد يعرف من يطعمه، فلم نره ينزل من عليائه ليأكل مما يأكل منه أهل الأرض، ولا كان معروف النسب أو التاريخ، كأنه نبت بقدرة قادر في الجميزة التي تتلوى أغصانها وتتشابك في السماء، وتبسط عمرها المجهول فوق مقام الشيخ رمضان. قيل أنه أحد مجاذيب الشيخ رمضان، وقيل أن حدأة خطفته صغيرًا وألقته هنا. وكنا،...
امسك موظف الجوازات بيد غليظة الختم ، دقه بغير اكتراث ، أومأ برأسه محييا في صمت ، انتظمت في مشيتي وسط حشد صاخب من البشر، انفتح أمامي بهو متسع ، انتصبت فيه قبة زجاجية تتلألأ في المنتصف بأضواء زاهية، تحجب خيوط شمسالظهيرة الغاضبة ، حتى شمس النهار تريد أن تهاجر يا أمي ،الوضع لا يطمئن ، فبرودة المكان...
ضجيج الصمت . فاكهة النار . امرأة وبقايا أشلاء رجل . أشلاء أطفال مبعثرة . نزق الريح . حشد من أحذية متراصة تنتظر قنص فريستها . نظارات طائرات سوداء تراقب الوجوه ، وتكتب على جدران تناثر الدماء . عالم ضرير يجلس على حافة هاوية الطريق . ضجيج الصمت ، وصمت ضجيج صراخ الجرحى والأمهات المكلومات . امرأة...
يبدو الطَّقس مثاليًّا لمباشرة عملي؛ فالنَّهار قَدْ تنازل عن صحوته، وتلوَّن بغبشةٍ داكنةٍ؛ والغيوم غاضبةٌ، حجبت الشَّمس، وراحتْ تصبُّ ماءها كسياطٍ مؤلمةٍ فوق شارعٍ صاخبٍ مضطربٍ، يشتهي السُّكون. المارَّة يهرولون بوجوهٍ بلاستيكيَّةٍ صوب مظلَّات المحلات، و مداخل البنايات، و المياه...
يخرج من مكتب البريد فرحا براتبه الشهري. ينزل السلم مسرعا. يشق الطريق دون التفات. برفع عينيه فجأة. ما أجمل هذه المرأة! لولا رائحة عطرها ما كان ينتبه إليها. يسير ورأسه إلى الوراء. يتابعها بعينين غائرتين وقلب فارغ وجيب لا شيء فيه سوى راتبه الهزيل وعلبة سجائر رديئة وقداحة صيتية الصنع. يستمر في السير...
إهــداء: لكل أرواح أمهات هذا البلــد: … ولكن اليوم استيقظت من نومي، لأحكي ما راج تحْـت سقفي الذي يغطي غطاء فراشي ، حينما توقـَف قريني عن الوشوشة وممارسة شغبه ما بين سطور ما كنت أقرأه ، أو ما أدونه ، حسب رغبته، التي لا أملك فيها سوى الانصياع كبهيمة الليل البهيم ، هكذا أشعر ! نعم أنام العادة...
رن موبايل د. مالك المطلبي، وهو مستلق على فراشه في غرفته، يقرأ بكتاب لايمّل قراءته ، عنوانه " سمكة موسى " ، وغرفة المطلبي عبارة عن مكتب مصغر، تحتوي كتبا كثيرة بالعربي والانكليزي ومخطوطات روائية وشعرية لاصدقائه، ينتظرون أن يبدي رأيه فيها ، غرفته منعزلة بعيدة عن صخب الاحفاد ، كان راقدا على سريره،...
اختلف الرواة والمحدثون في قصة المُلثم ما بين مؤيد ومعارض . ما بين مصذق ومكذب . والرأي الثالث كان ينكر وجوده ويعتقد بأنه شخصية لا وجود لها ، إلا في عقول الناس البسطاء . مسحت جدتي دمعتها بطرف غطاء رأسها ، ومسحت أنفها . كرّت بسبحتها وتشهّدت ثم قالت : بعينيّ هاتين اللتين سيأكلهما الدود ، أخبرتني...
في صباح يوم كئيب، زارنا ضيف، ثقيل علي قلبي. تودد إلى والدتي لازمها فترة طويلة من الزمن، عانت الأمرين في معيته. ننفق من معاش ابي، ونقطن شقة فخمة، مازلت في المرحلة الابتدائية. كانت أمي ذلك الحضن الذى يحتويني، لا أدري أنها كانت بحاجة الى ذلك الإحتواء أكثر مني، هي ذلك الملاك الذى يحملني إلى آفاق...
عادةً ما يستظلون بظلال أشجار (الجازورين) عصرَ كلَّ يومٍ؛ فيفترشون الرمل، ويشكّلون بأجسادهم حلقةً كبيرةً، داخلها يجلس لاعبان وجهًا لوجهٍ، يفصل بينهما رقعة (سيجا) ذات مربعاتٍ متجاورةٍ، رُصَّتْ داخلها حصواتٌ، يحركها اللاعبان بحذرٍ. وسرعانَ ما تتوالى الحركات المباغتة؛ فيضيق الخناق، وتُسدُّ المنافذُ...
جلس في جحره تحت السلّم وأمامه منضدة ، صف عليها دفاتره الخمسة، وقد سطر فيها أسماء ثلاثمائة موظف هم العاملون في تلك المؤسسة . مع أول مطالعة للوجوه تظن أنك دخلت دارا للمسنين ، أغلبهم من الأربعين حتى ما قبل الستين بشهور أو أيام ، الشباب فيهم نادر جدا، ويغلب عليهم المعوقون بعد ما اقتصر التعيين على...
مضت ساعات منذ بدأنا سيرنا بمحاذاة الشاطيء، بدأنا مع بزوغ الشمس، كنا - أنا وهي- على أعلى درجة من درجات الصفاء والبهجة والنشوة الحالمة. ابتعدنا كثيرًا عن مقر إقامتنا في المصيف، تركنا كل متعلقاتنا وانطلقنا، فقط ملابسنا الخفيفة التي نرتديها، كم كنت أنتظر نزهتنا هذه! تلك التي نبرح فيها العالم ونعود...
أعلى