فاطمة البسريني

مرة أخرى شعاع من أشعة الشمس يوقظ مرة أخرى جسدي، صوت المياه العـــذبة بهدوئها مرة أخرى تبهرني ابتسامة حب تحمر لها مرة أخرى وجنتاي ، وردة حمراء قانية ينير مرة أخرى عطرها أنفاسي، نار الموقد ، ترسل حرارتها مرة أخرى دافئة نحوي تمايل ألسنتها يسحر مرة أخرى أحاسيسي ويأخذ لبي دوائر عجيبة ،...
الخريف يفرد جناحيه بداية من رؤوس الأشجار إلى أعمق أعماق نفسي المضطربة . تأتي الرياح الوقحة معها بروائح الأغصان والأعشاب الميتة الغرقى في الجدول الساكن الصامت . تحت ملابسي الكثيرة ، الثقيلة ، وسط هذا الخلاء الشاسع كنت أشبه لوحة فانجوجية . (يجب أن أصرخ بكل ما يشتعل ، وبكل ما يغرق ، وكل ما هو...
أنظر إلي يا طائري الخرافي, ها نحن ذا, هذه سماؤنا، وهذا الظلام دامس دون نجوم, الأعباء التي أحملها، والملابس التي أرتديها سوف أنزعها، فهي ليست متناغمة أبدا، هناك أماكن لا يغطيها اللباس, البس أجمل ريشك, وخذني من هذا المكان الذي تفوح منه رائحة الدماء, وينضح بجرائم بني البشر، هات جناحك, وأبعدني...
لو كنت غيمة أنا لا أتبعك ، أتبع خطواتك فقط أنا لا أنظر إليك بعينين جاحظتين أنا أقوم بالنظر إلى البعيد فقط ، هل هناك سحب كثيفة ، في السماء؟ أنا أعرف كم تحب الأمطار لو كنت غيمة ، لأسلت دموعي كلها ،عليك تظهر في كل أحلامي ، لذلك لن أنم . أنت معي، تحت جلدي، لذلك سأنزعه . أنت في كل أفكاري ، لذلك...
في الخارج، لما أكون وحدي, أنظر حولي, لا أحد هناك, لكنني أسمعهم يصرخون باسمي مقلوبا. ــ أميتاف؟؟ ! أميتاف؟ ! أمييييتاف !! في غرفتي، أستيقظ من نومي، أجد وجوههم أمام نظراتي الخائفة والضائعة, إنني أكرههم, أنا من يصرخ الآن في غرفة التعذيب هذه. شتمهم لي لا يمسني بتاتا, لأنني أعرف تمام المعرفة أنهم على...
كنت جالسة على مقعد في الحافلة التي كانت تسير تحت المطر الغزير ، ولما لاحت مني نظرات إلى موقع أقدام المسافرين على أرضية الحافلة والتي كانت مبللة بمياه سوداء أتت بها الأحذية من الخارج ،من الأسفلت . بعدما انتهى تركيزي على ذلك ، وبعدما عدلت من جلستي ، تبادرت إلى ذهني فكرة مفاجئة : '( إلى أي مدى أن...
لم تكن تصادفه ، إلا عند ركوب الحافلة أو تقاطع الشارع، يمر إزاءها وكأنه نوع من الأشباح ، وكأن عينيه لا تبصران شيئا ، ليست له شيئا ، وليس لها شيئا ، هولا يعرفها ، وهي لا تعرفه ، ربما كانت بالنسبة له سحابة بعيدة ، غير مرئية ،لكن مجرد مروره قربها كان يقلب كل مشاعرها ، ويجعلها تضطرب كنيران بركان...
في البيت القديم ، في الأحراش، كانت متجمدة على سريرها من الخوف والرعب، ماذا ؟ هل هي القوارض اللعينة التي تأتي من الحقول المجاورة إلى البيت هي التي تحدث هذه الجلبة وهذا الضجيج ؟ أحست بأنفاسها تتقطع وحرارة تعتري جسدها ورعدة تنتابها وهي ترى واحدة من القوارض تقترب من سريرها ، وقد نبت لها منقار...
داس عقب السيجارة تحت قدميه في حركة دائرية ، وعاد الصمت المترقب من جديد ، ليكتسي بسكون مظلم ويلتف بغشاء ضبابي ، مثير. قتلا للوقت أخذ يوسف يذرع الغرفة جيئة وذهابا ، عاقدا يديه وراء ظهره مرة ، تاركا إياهما إلى جانبيه مرة أخرى ، وفي رأسه تتأرجح أفكار كثيرة ، توقعات ، أحاسيس ، والسكون يمر على جدران...
أحب ركوب الحافلة ، خاصة عندما تكون المسافة التي ستقطعها طويلة ، أحب ركني القصي في الخلف ، خاصة لما لا يكون هناك عدد كبير من الراكبين ، أحب ألا يكلمني أحد، ولا أحد يتجرأ أن يكسر الهدوء حولي . عندما أجلس ، كل شيء يتوقف عن الدوران ، أفصل نفسي عن العالم حولي ، أحس أنني أنزلق على الطريق وأنني...

هذا الملف

نصوص
10
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى