الكل يرفض..
الكل يلهث.
الوقت ضيق..
لا وقت للتفكير، لا وقت للكلام، الصدر ضيق، لا أحد لديه القدرة والشجاعة للاستماع إلى الآخر ، حتى الزمن تمر دقائقه بسرعة لانهائية، والمكان يضيق ويضيق، فيصبح قفصا صدريا، ضلوعا تكون قضبان سجن لشتى الأحاسيس والمشاعر.
والعين مفتوحة يتسرب إليها شيء من الضوء، كما يتسرب...
أحيانا كنت أظن
أنني أتمتع بشئ خاص ،
كنت أكلم نفسي ،
وأنا أسير في ذلك الطريق
الضيق في الغابة ،
إلى أن ينعق غراب ما
فوق رأسي ،
فأعود إلى الصمت ..
الغابة كانت ضبابية ،
لذلك اتكأت وسط الشمس ،
والغيوم الأرجوانية ، الدافئة ،
ارتفعت ..
لكي تصبح أمامي ،
كان ذلك أكثر هدوءا ،
مما لو كنت تحت
ضوء القمر ...
أحيانا كنت أظن
أنني أتمتع بشئ خاص ،
كنت أكلم نفسي ،
وأنا أسير في ذلك الطريق
الضيق في الغابة ،
إلى أن ينعق غراب ما
فوق رأسي ،
فأعود إلى الصمت ..
الغابة كانت ضبابية ،
لذلك اتكأت وسط الشمس ،
والغيوم الأرجوانية ، الدافئة ،
ارتفعت ..
لكي تصبح أمامي ،
كان ذلك أكثر هدوءا ،
مما لو كنت تحت
ضوء القمر ...
هناك بيت من أورا ق ،
وقد بدأت تلك الأوراق بالتساقط ،
وهناك ضربات طبول ،
لكن لا يصدر عنها صوت ،
هناك رياح ، لكن الأشجار ،
ثابتة ، لا تتحرك ،
هناك دموع ،
لكن العيون متحجرة
تنظر إلى لا شيء ،
هناك شمس صفراء،
لكنها لا ترسل أشعتها
على العرب ،
هناك قلوب،
لكنها متأزمة ولا تخفق .
هناك خوف ،
خوف وشك على...
منذ أمد بعيد في عمق الزمن ، عندما كان ذلك العملاق الطيب ذو الأنف الأفطس والعينان اللتان يملؤهما الحب والحنان والحزم يحكم الأرض ، حلت عليه لعنة آلهة الشر المميت .
استشارت بعضها البعض واتفقت أن تجعل كل ما يعيش في الماء يموت علما منها أن الماء عنصر مهم من عناصر الحياة على وجه الأرض .
اجتمعوا بعد...
"رأسي وعيناي وفمي كل شيء مشتعل في"
فاطمة البسريني
على الرغم من أن لكل نوع أدبي مقوماته الفنية والفكرية فإن أشكال الكتابة تختلف داخل كل جنس أدبي على حدة. وهذا التعدد قابل للتأطير بوجه عام نتيجة التراكم الكمي والنوعي في مجال الإبداع، واستنادا إلى التتبع النقدي المواكب لهذه التجارب، إلا أن هذا...
ونحن نقارب مجموعة فاطمة البسريني القصصية، "أكتب داخل رأسي"، تملكنا مزيج من مشاعر الإعجاب والامتعاض، إزاء كاتبة مشهورة ومغمورة في آن. إذ كيف نفهم شهرتها وذيوع اسمها في منابر إعلامية وثقافية عربية، في الوقت الذي بقيت مغمورة على صعيد الساحة الثقافة المغربية. أو بصيغة أخرى : لماذا حظيت كتاباتها...
كانت دائما ، ترفض أن تفهم ، أن تسمع ، إنها تضحك فقط ، وذلك لتخفي الرعب الذي يسكنها والخوف العميق من نفسها .
إنها تسير طول حياتها تحت أقواس الليل ، وتترك بصماتها على الأشياء التي كسرتها في طريقها وفي كل مكان تمر منه .
مع صديقها الليل تفكر في حياتها ، وقد تمددت على سريرها كالميتة
و امتلأ قلبها...
في اليوم السابع عشر من الشهر الماضي، شهر مارس، مازلت أتذكر كل شيء كما حصل بحذافيره .
كان أخي (عمر) وخطيبته (منية) يسيران أمامي على الطريق وقد أخذا يناقشان ترتيب أمور زواجهما في الشهر المقبل الشيء الذي كان يستوجب كل تركيزهما ، لكن فجأة تصاعد صوت كل واحد منهما يتهم الآخر أنه تأخر في إنجاز الجزء...
إنني أكاد أنفجر من الغيظ ، لدرجة أنني ركلت ظلي عدة مرات ، لكنه هنا لا يذهب لأي مكان ، بل يتبعني أينما اتجهت ، شبح كريه ، صبور وعنيد ، أجره معي أينما سرت رغما عني، وفجأة كمن اخترقته رصاصة ، أحسست بقشعريرة الموت .
على يدي اللتين وضعت على بطنها ، لم تكن هناك دماء ، بل خليط من حنقي وغضبي على ( ميمي...
إذا كنت أريد أن أنام ، فببساطة لأنها اللحظات الوحيدة التي أستطيع فيها أن أطفئ أفكاري المتأججة ، وأجعل الوقت يمر دون أن أعيشه وأتحمله .
أشعر أن وقتي يضيع مني ، الوقت يخيفني كثيرا ، في بعض الأحيان أحس أنه يبتلعني ، وفي بعض الأحيان الأخرى فإنه يفر من بين أصابعي كالماء.
إنني أحس بفزع كبير من الوقت ،...
من البحر ، إلى الجبل ، من خلال الرياح على الأرض ، من فم لفم آخر، تركض برقصاتها، دوراتها لا نهائية ، صارخة بين الجدران ، على الطرقات المعتمة ، متوسلة ، في صراخ مرعب :
ــ لقد فقدت نفسي .. لا أعرف أين ؟ لا أعرف متى ؟
كانت الأصوات تصدح في المدينة ذلك اليوم .
ولما توقفت استمرت الأصوات في دماغها ...
إنني أشبه الجميع ، أظن أن لا أحد انتبه أو ينتبه إلي في الشارع، إنني أجسد اللامبالاة الحقيقية .
أرتعش من الخوف ، ويصيبني صقيع داخلي من الوحدة .
الماضي يحتلني .
متى توقفت عن الوجود ، متى ذابت آخر الحبال التي تربطني بالحاضر والمستقبل ؟
كرهت ذلك الشخص الذي هو أنا والذي يحب الجميع ويقوم بأي شيء من...