محمد محمود غدية

رحبت بها الصخرة الكبيرة، المحوطة بالطحالب الخضراء الملساء، فوق شاطيء النهر، الشاهدة على قصة حبهما، هنا تراقصت الامواج على موسيقاتهما وفرحهما والاغنيات، - تسألها الصخرة : لماذا هى وحيدة ؟ فوجئت بدمعة تشكلت فى عينيها، دمعة لم تذرف بعد ! فقط تنتظر بلوغ الممر، بعد ان فشلت فى السيطرة عليها،...
هى امرأة رقيقة المشاعر حلوة، يتوارى النسيم والصباح خجلا لطلة وجهها النضر، خدودها اشبه بثمر التفاح الناضج يدعوانك ويعلمانك انك فى مواسم القطاف، اذا تكلمت لا تسمع صوتا وانما همسا تحسبه موسيقات هادئة عذبة، فى جملة الامر بستان ورد فى امرأة تحمل مشاعر الحب البكر، فقط ينقصها النضج والتجربة، فى واحدة...
امرأة تكتبها الاساطير والحكايات، قادرة على الامساك بك والتمكن منك، لا تملك امامها سوى التسليم ورفع الرايات البيضاء، ايامه المشحونة معها بردت وتقلصت واستكانت، بعد ايام الفرح والغناء، الطير والفراشات والازهار والاشجار تعرفهم، الحب ينير لهم الدروب ويطير بهم نحو النجوم والشموس والاقمار، ويعيد فلترة...
توطئة : الكاتب ناظم حكمت طلب من الفنان التركي عابدين دينو رسم السعادة : فرسم لوحة فريدة هزت كل من رآها، سرير به اسرة مجتمعة من ثمانية افراد وكلبهم فى غرفة صغيرة، يتساقط من سقفها المطر، غطاءهم نصف بطانية مهترئة والدجاجات تتقافز وتتصايح وتجري فى الغرفة . .......... انها الاقدار التي وضعتها فى...
مسحورة ومجذوبة ليديه وعبقه، وثرثرته فى اعماقها، وسحلها للصحارى معصوبة العينين، لا تدري اين يفضي بها الحب واين المنتهى ؟ سميك جدا ذلك الرباط الذي ادخلته طواعية فى معصميها، امرأة لا يمكن انجابها الا من فاتنة خارقة الجمال، عن ملكوت نرجسها، وجبالها الوعرة التي لم ينجح حتى الآن فى تسلقها، يكتبها...
شهيته للأكل سدت رغم حاجته للطعام، يكفيه ماتجرعه من آلام، حين أخبره والد العروس التي تقدم لخطبتها : أنهم فى إنتظار عريس جديد، لديه شقة وكافة مستلزمات الزواج، معتذرا أن الزواج قسمة ونصيب، خرج متعثرا فى خطاه يسابق ظله، غير عابيء بوحشة الطريق، المركبات فى تسابقها وتدافعها أشبه بالنعوش الطائرة،...
التقيا تحت زخات المطر، ومظلات الباص، نظرة فابتسام فموعد فلقاء، جمعهما الحب وزينت أصابعهما بخاتم الزواج، ثلث قرن على زواجهما، الذي اثمر عن إبنة وولدان، بررة طيبين، وحياة هادئة ناعمة، الزوجة أشبه بالنحلة الدؤوب لا تدخر وسعا فى إسعاد زوجها والأبناء، والعمل على راحتهم طول الوقت، الجميع شغلوا مواقع...
الوحدة لها ضجيج يصم الأذن، يتشربها المرء حتى الثمالة، الشمس تتوارى خلف السحب الرمادية، فى سماء شتاء ضبابي شاحب، سيل ماطر من بين رماد السحب، أحال تراب الطريق إلى وحل وطين، دلفا إلى أول مقهى صادفهما، إتقاء للبلل، يطيل النظر الى خدها، يتأمل شامة هى ليست بشامة، لكنها قبلة إحترقت فى سعير لونها...
هى كاتبة للطفل وهو قاص، غرقى فى بحر المعرفة، التي تبدد الوحشة وتنبذ القبح، المناسبة لقاء فكري فى إحدى الندوات، عجوز أبيض الشعر، نحيل العود، مازال يجري فى صفحة وجهه، بقية من حيوية، ملامحها تحمل بقايا جمال، هما فى سن مشبعة من معارك الحياة، تجلس وحيدة، قبل بدأ الندوة، أمامها على الطاولة فنجان قهوة...
ضاق ذرعا بحظه، وهو الميسور الحال، لديه الكثير والكثير مما يحلم به الآخرين، مضاربات فى البورصة، وأرصدة تتزايد فى البنوك، وزوجة تشاركه العيش، بقلب عامر بأسمى العواطف وأنبلها، قلب يحنو ويبذل ويضحي فى سبيل إسعاد الزوج والأبناء، راعه منها فيض شبابها وسحر جمالها، وتوقد ذهنها وإقتران الأنوثة فيها،...
رائحة ضفائرها موغلة بذاكرته، لم تستطع الجدران الصماء، وصرير الأبواب الموصدة، حجب وجهها الذي كان فى لون سنابل القمح، وابتسامتها التي كانت أشهى من ثمر التوت والبرتقال، تشرق منه وتغرب فيه، واسعة العينين يتعانق فيهما الجنون بالثقة، تذيب الصخر وتشيع الدفء، ثمانية عشر عاما على رحيلها، ومازالت تأتيه...
الجائزة قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر عشق القراءة والكتابة، التي تعادل الرغبة فى الحياة، ينتقى من العبارات أسهلها وأعمقها، كيف لا وهو الشاعر الذي إتجه الى القصة لغة السرد بشاعرية رقيقة، يرى أنه لابد من قراءة كتاب لتكتب سطرا، ينصح بقليل من الحب، وقليل من التسامح، نعم القليل فقط، حتى...
ترتعش الأنوار الصغيرة، حول البيوت المعتمة، النجوم توشك على الإنطفاء، وحده يمشي بخطى وئيدة، مثل فارس خسر معركته مع الناس والحياة، توهم انه أقوى من الإنكسار وانكسر، وأقوى من الموت، حتى باتت روحه موشكة على الغروب، إنها الأوجاع التي تتضاعف حين يكون الإنسان وحيدا، رائحتها تنبعث من قميصها، الذى مازال...
لم تكن الوحيدة فى هذا الكون غيرها الكثير، جوعى لكلام يدفئها فى صقيع وحدتها، ووحشة الخيبات التى تلاحقها، حتى لو كان كلاما كاذبا، مثل شجرة عارية فاجأها الخريف فى منتصف المسافة بين الحزن والغياب، وعلى نحو ما بدا العالم اكثر وحشة، بينما كانت الشمس تلملم اثوابها فى حقائب الشجن والغروب، مؤسسة لوداع...
المدينة فارغة تستسلم للنعاس، إلا من بعض الباعة الجائلين، بعد برهة يسحب الجميع أغطية المساء، إستعدادا لمعارك الغد مع الحياة، بقايا المحال المفتوحة أشبه بأفواه تتثائب، حتى المقهى تخفف من رواده، إلا من ذلك الشاب الذى يتلفت حوله، يلمس جفاف الأشياء بجانبه، مثل الواقف فى محطات الوداع، إزداد ثقل الهواء...

هذا الملف

نصوص
459
آخر تحديث
أعلى