محمد محمود غدية - قصة نجاح

دأب على رؤيتها كل يوم، مأسورا بوجهها المشوب باإبتسامة رقيقة، تمتزج بحمرة وجنتيها الأشبه بنضارة التفاح، فيضفران معا شفرة للجمال يصعب فكها، وهى إعتادت التطلع إلى وجهه المفعم بالمرح كلما رآها، وإلى عينيه الصافيتين، وشعره اللامع بدرجات اللون الرمادي،
رغم سواد يده المغموسة
طول الوقت، فى البنزين والشحم والكيروسين، يدير ورشة والده الذى أقعدته الشيخوخة والمرض، وهو الولد الوحيد بين إخوته البنات، فكان لزاما أن تظل الورشة المتخصصة لصيانة السيارات مفتوحة لا تغلق، وهى مصدر الرزق الوحيد للأسرة، تأتيه كل يوم، يسوقها شوق يماثل شوقه ويزيد، جيران وزملاء فى كلية التجارة، تكتب له المحاضرات، وتأتيه بكتب الأساتذة، وفوق كل هذا تحبه، منذ سنوات ماقبل الجامعة، أسرتيهما مرحبة بالزواج بعد التخرج،
كعادتها كل صباح بدت الشمس وديعة طيبة،
مفسحة لأنسام الصباح، فرصة الإنطلاق ومداعبة الوجوه بلمساتها الحنون، وبوجه حبيبته النحيل الوسيم، وعينيها ذات الوميض الساحر، وصوتها الحنون الرقيق، نقلت إليه خبر نجاحهما، وحصولهما على شهادة البكالريوس بتقدير جيد جدا، طوقتها عيناه التى دمعت فرحا قائلا : أنت امرأة لا تتكرر فى تاريخ الورد وكتب الشعر، معجزة السماء لأهل الأرض، شكرا لحبك فهو معجزتي الأخيرة، بعدها ولى زمن المعجزات، إلتمعت عيناها بالفرح، حين إشترى لها فى المساء، أجمل ثوب زفاف إختاراه معا، فرحتهما بحجم الكون، يرسمان أحلامهما الملونة ويطلقونها فراشات، إنه صنيعة حبها وضحكتها، وركضها وكلماتها، قرأ يوما إعلان فى إحدى الصحف،
عن وظيفة فى تخصصه، فتقدم لها، تصحبه دعوات حبيبته التى وافقته على أن
لا تعمل، لأنه لديها عمل أسمى وأرقى ألا وهو تربية الأبناء،
- وجه إليه مدير الشركة نظرة فاحصه، بعد إطلاعه على ماصوغات التعيين، وسأله سؤال مباغت : عن هدفه فى الحياة ؟
فأجابه على الفور : أن أصل لمركزك !
مد مدير الشركة يده مصافحا قائلا : مبروك قبلت تعيينك، فأنت صاحب وجه باش، وإنسان طموح سقفه عالي تريده الشركة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى