مصطفى الحاج حسين

كنّا عائدين، أنا وأبي من الشّغل، ونستقلّ (باص)، (صلاح الدّين)، وعند (الأعظميّة)، وجدّنا خطّ السّير، قد أغلق، ومنعوا وسائل النّقل، وحتّى المشاة، من الدّخول.. نزلنا من (الباص)، واستفسرنا عن السّبب؟!.. قيل لنا أنّ (الإخوان المسلمين)، قد قاموا بتفجير (المؤسّسة الاستهلاكيّة)، ولقد أسفر هذا التّفجير،...
انتشر الخبر في خيامنا.. سيادة النّقيب (إبراهيم برهوم)، مع مجموع الضّباط، وصفّ الضّباط، والعرّيف الوحيد، في دورتنا (خالد).. هم في جولة تفقّدية، على معسكرنا، نحن عناصر دورة الأغرار.. يقومون بالتّفتيش على خيامنا، ومصادرة كلّ شيء مخالف.. هذا إلى جانب معاقبة، عناصر الخيمة، إن كانت الخيمة، غير نظيفة،...
بعد أن أنهى أبي، بناء معمل (الزّجاج)، في منطقة (المسلميّة)، الذي كان موقعه، ما بين معمل (الإسمنت)، و (السّجن) المركزيّ، وكنت قد رافقته، على مدار أكثر من سنتين، في بناءه، في هذا المعمل، تعلّمت، من أبي مهنة البناء، وتحوّلت من (طيّان)، إلى معلّم. بدأ أبي يعتمد عليَّ في أصعب الأمور، ويعطيني نصف...
طوال الليل لم يهدأ أزيز الرّصاص، ودوت الانفجارات في سماء مدينة (حلب). لم أستطع أن أخلد للنوم، وحمدت الله أن مرّت الحكاية على خير في سهرتنا عند (سعيد).. وكنت أسمع وقع خطوات راكضة في حارتنا أو أصوات لكلمات مبهمة.. وهناك من أسفل الحارة، يتناهى إليّ صوت هدير الدّبابات، والمراكب العسكريّة.. فكَّرت أن...
لا أحبّ (أبو أحمد)، ولا أطيق مجالسته، لكنّ بيت (سعيد) يكاد لا يفرغ من أقربائه، فأقاربه كثر، وهكذا هي عاداتهم.. وكان على (سعيد) أن يتحمّل، رغم أنّه لا يحبّ معظمهم، كما أنّه يريد أن يدرس، و يمارس هواية الرّسم، أو أن يستمع إلى الموسيقا، أو يقرأ الكتب والمجلات. و(أبو أحمد)، هذا إنسان مجرم، وحقير، لا...
بلغ عدد عناصر دورة الأغرار، التي أنا منها إلى ما يقارب الأربعمائة فرد، وكنّا بعد حصة، درس الرّياضة، الذي ننفذه، ونحن بكامل بذلاتنا العسكريّة،وأبواطنا السّوداء الضّخمة، ولكن.. كان مسموح لنا، والحقّ يقال،أن لا نضع على رؤوسنا الحليقة (السّيدارة)، التي يغطس كامل الرأس بها.. كنّا نهرع لإستلام الفطور،...
في الصّفّ الرّابع الابتدائي، شدّد علينا أستاذنا، (المعرّاوي) الخناق، بحجّة أن مستوانا التّعليمي هابط، فأخذ يحاسبنا، ويعاقبنا، ويضربنا، ضرباً مبرحاً، على تقصيرنا، لعدم حفظنا لدروسنا، أو لإهمالنا كتابة وظائفنا، الكثيرة، التي لا ترحم. وخطرت له.. فكرة أن يراقبنا، خارج المدرسة.. فكلّف ثلاثة، من...
في طريقه إلى السّوق الرّئيسيّ، كان (جدّي) يمرّ، متّجهاً إلى المقهى الوحيد، الذي يكتظّ بأبناء البلد والغرباء، في مثل هذا الوقت، يلتقون هناك، يرتاحون ، ويشربون الشّاي، ويلعبون بورق الشّدّة، أو بطاولة الزّهر، أو بلعبة اسمها (الضّامة)، وكان المقهى، يتحوّل في المساء إلى حانة، يقدّم فيها العرق، و...
عند مدخل مقهى الشّام، الكائن في ساحة (الجابري)، قرب الفندق (السّياحي)، التقيت صديقي (لقمان) صدفة، فدخلنا المقهى، وطلبنا قهوة (الإكسبريس)، وجلسنا بعد أن طلبنا من النّادل، إحضار الشّطرنج، وبدأنا اللعب، بقصد التّسلية. كان عليَّ أن أمضي ساعة، ريثما يجهّز لي، بائع القطع الكهربائيٍة، فاتورتي. على...
حبُّكُ اجتثَّني من رحمِ الكلماتِ طوّحَ بي إلى آفاقِ الرُّكامِ وأطاحَ بنبضي إلى قيعانِ الهجرِ وكسَّرَ النّدى العالقَ بنيراني إنّي أحبُّكِ رَغمَ أنفِ الحبِّ وغصباً عنِ الكرهِ ونكايَةُ بالحسًّادِ والشامتينَ أحبّكِ عنوةً أيّتها الجميلةُ لماذا استخدمْتِ فتنتَكِ لتأسيرنني؟! لماذا كان عطرُكِ يطوِّقُني...
جسدي صغيرٌ وهزيلُ متمدٍّدُ القامة في القبر منذ ولادتي ينمو يكبُرُ يشبُّ وتبرزُ له عضلاتٌ يكسو الشَّعرٌ صلعتَهُ ويعتمرُ فمُهُ بأسنانٍ كانت ساقطةً تضجُّ الحياةُ في خلاياهُ جسدي مترهِّلٌ بالموتِ تعاودُهُ دقَّاتُ قلبِهِ تبحثُ أصابعُهُ عن قلمٍ ليكتبَ عنِ العشقِ قصائدَهُ عن فتاةٍ ما فتِئَتْ تهجرُهُ...
منذُ ذاك اليومِ الأليمِ أخرستُ قلبي وقمعتُ نبضي وخنقتُ حنيني وقيّدتُ أحلامي ومزّقتُ لهفتي وطردتُ ابتسامةَ دمي وأغنياتِ نوافذي ووردَ أيّامي وبهجةَ شبابي وشمسَ سمائي وأنجـمَ ليلي وقمـرَ شرفتي وأحرفَ قصيدتي وجزالَ لغتي وأسرارَ دمعتي ونحيبَ وحدتي وأشجانَ ظنوني أنا ما عدتُ أؤمنُ للحبِّ وما عادتْ...
جمَّعتُ قلبي وشتاتَ رُوحي ولملمتُ رِعافَ نبضي وكراتِ دمي وحزمتُ كلَّ آمالي وأحلامي وعبَّأتُ أوجاعي وحناني وقيَّدتُ بالحديد لهفتي وشغفي وحملتُ دمعي على ظهري ثمَّ امتطى قهري صهوةَ أنيني وكانت صرختي تقتلِعُ صبري وانتظاري سأغادرُ عشقاً لا يليقُ بقصائدي وحبّاً بهيماُ أوقعَ ببسمتي منِّي وأحرقَ شطآنَ...
أبتلعُ دمعتي وأغتالُ حنيني أسرقُ لهفتي وأخنقُ أنيني أبطشُ بآهتي وأكتمُ ظنوني أعاركُ نبضي وأُُدمي جنوني أٌمسكُ بدمي وأقيْدُ شراييني َوأعبِّئُ النّدى في جسدِ السْكونِ لن أفضحَ عن موتيَ أمام مَن جفوني ولن أسمحَ للفرحةِ أن تدركَ قلوبَ مَن قتلوني أعاندُ الموتَ وأتحدّى كلَّ من تحدّوني سأُرمي عليهِم...
أعصرُ المـاءَ فلا يبتلُّ موتي أدقُّ إسفيناً بنبضي لأهرقَ النّدى ولأطردَ عنّي ذاكرتي لن أتـركَ لعطرِكِ مصيري ابتعدي عن سماءِ قصيدتي وحلّقي مع النّسيانِ هجرت قسوتَكِ لم تعد طلَّـتُكِ تبطشُ بي وحضورُكِ صار لا يؤثّرُ أنتِ مجردُ شمسٍ مظلمةٍ عبارةٌ عن نسمةٍ متهالكةٍ نهرٌ جافُّ الجريانِ موسيقى مقطوعةُ...

هذا الملف

نصوص
293
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى