مصطفى الحاج حسين

تحتَ لُحاءِ الدَّمعِ أنتظرُ الدَّربَ سيأتي إليَّ على أكتافِ اللهفَةِ حاملاً بيدَيهِ ينابيعَ الأشرعةِ وأجنحةَ الفجرِ في عينَيهِ نوافِذُ ندى في قلبِهِ أسرابُ ضوءٍ الضُّحكةُ مزروعةٌ على جانبيهِ الوردُ يَغُصُّ في رملهِ والفراشاتُ تتقافزُ فوقَ مسارِهِ سأركضُ على سِعَةِ انتظاري أقدامي سَتَدُوسُ...
... وَيَسألُنَا الأفُقُ إلى أينَ سَتَرحَلُونَ؟! وَمَا عَادَ لِلعَدَمِ مِنْ مُتَّسِعٍ وَجَهَنَّمُ شَاغِرَةٌ بِالمُشَرَّدِينِ وَأبوَابُ الجَنَّةِ مُقفَلَة ٌ بِأمرٍ مِنَ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ لا مَكَانَ لَكُمْ على ظَهرِ السَّدِيمِ حُرِّمَ عَلَيكُمُ الخُبزُ والزَيتُون ُ وَحَنَاجِرُكُم لا...
صار قتلنا هواية للآخرين يمارسها كل باغ رخيص لا اعتبار لشعب عريق ولا لإنسانية رفدت العالم بالأبجدية شهوة للأمم صار دمنا يهرقون منه ما يحلو لهم لا أحد يحاسبهم على ذبحنا ودمار مدن بأكملها يجربون علينا ما اخترعوه من أسلحة روسيا التي طوال عمرنا نعتبرها صديقة تبيدنا ولا من سبب لها أو مبرر روسيا التي...
وَاشرَبْ خُطَاكَ في دُرُوبِ السَّرَابِ واحمِلْ في دَمِكَ زُوَّدَاةَ الجُوعِ المُتَهَالِكَة َ وَانظُرْ صَوبَ تِلالِ المِلحِ أُغرِفْ مِنْ نَارِهَا العَزِيمَةَ وَتَوَجَّهْ إلى أعَالِي شَهقَتِكَ فَهَذَا المَدَى حِصَانُكَ العَاثِرُ خُذْ بانكِسَارِهِ نَحوَ الصَّهِيلِ وازرَعْ على جَنَاحَيهِ...
سآكلُ من بساتينِ فتنتِكِ نضارةَ النّدى الحارِّ وأقطفُ كؤوسَ الرّحيقِ وألعقُ مساماتِ الشّعاعِ أحتضنُ آفاقَ البسمةِ وأعضُّ ترابَ أدغالِكِ وأبحِرُ في فُسحةِ ظلالِكِ أنتِ يا وهجَ الآهةِ يا شمسَ قصيدتي يا رمَقَ النّارِ في وريدي يا ملحِ النّبضِ الصّاهلِ في سماءِ النّشوةِ القاصمةِ أحبُّكِ يا معشوقةَ...
وَمِنْ سِمَاتِ الحَربِ أَنْ تُملأَ الأرضُ بِالقُبُورِ وأن تُهَدِّمَ المدَائِنُ العَامِرَةُ بِالوَردِ والفَرَاشَاتِ وَتَنْثُرَ الجَرحَى على العُشبِ لِيَكُونِ الدَّمُ بَدِيلاً عَنِ النَّدَى وَتَزدَحِمُ الطُّرُقَاتُ بِاليَتَامَى وَالأَرَامِلِ البَائِسَاتِ وَالمُشَوَّهِينَ الزَّاحِفِينَ بِعَجزِهِم...
يشربُني رملُ الطّريقِ ويأكلُ ثمارَ حنيني ويستعرُ شبقُ المسافاتِ تخطفُ منّي بُحّةَ خطايَ وتنكمشُ الأرضُ عن لهاثي أسرقُ من دمعتي ظلالَها ومن آهتي فضاءَها ومن نبضي أركانَ الجِهاتِ لأطلقَ تلويحتي لعصافيرِ الرَّمادِ موجُ الصّحارى يعصفُ بملحِ النَّزيفِ ويشدُّني إليكِ موتي على أكتافِ انكساري يحملُني...
لو أمسح دمعكِ يا أحجار بلادي وأشتل في غبارها قلبي علّ أمطار السلام تهطل فوق أشجار الدم ياوجع الأرصفة التي آلمت الهواء ياحزن الشبابيك التي أبكت القمر يختبىء الناس في أنفاسهم وتضمّ الأمّ عصافيرها إلى حضن شهقتها والأب يعجز عن تدفئة الرعشات خوف يقصم ظهر العمارات الأرض تستجير بالأفق والليل يلوذ بشقوق...
أنتُمْ سُعَدَاءُ في قَتلِنَا قُلُوبُـكُمْ لَهَا أنيَابٌ وابتِسَامَاتُـكُُمْ مُضَمَّخَةٌ بِعَذَابَاتِنَا وَكَأنَّنَا لا نَزرَعُ الوَردَ ولا نَكتُبُ الأشعَارَ ولا نَذُوبُ في القُبَلِ !!! وَنَحنُ مَنْ تَستَحِمُّ قَطَرَاتُ المَطَرِ بِأنفَاسِـنَا المُعَطَّرَةِ بِالأحلامِ وفي كُلِّ يَومٍ يَأتِينَا...
** (( مَمْلَكَـةُ النَّدَى)).. أحاسيس: مصطفى الحاج حسين. تَعَثّرَتِ الرّيحُ في لغتي بعثرتْ منّي الكلامَ تخاطفَتْهُ مخالبُ الصّدى وكانَتْ خُطايَ قد ضيّعتْني تاهَ منّي الحنينُ وترامَتْ على لهفتي مناقيرُ السّرابِ راحَ ظلّي يركضُ في براري وحدتي يلملمُ مِنْ حضنِ المدى تجاعيدَ قامتي الخائرةِ...
... حِيرتي تقبُضُ على قَلقِي وتجرُّني نحوَ السَّكينةِ حينَ كانَ نبضي يضرُمُ النِّيرانَ في لوعةِ حنيني أعضُّ دُرفةَ صرختي أتشبَّثُ بجذعِ صبري لا أريدُ لإنهزامي أنْ يعصفَ بي لا أريدُ لبسمتي أنْ تتقهقرَ كنتُ أنوي أن أطاوعَ الانتظارَ سأحتملُ ما لا أُطيقُ سأتحدَّى وجعَ السقوطِ سأبذُل قصارى صمتي ولنْ...
على أيِّ جدارٍ أسندُ غربتي ؟! والسّحالي تستعمرُ بيتي !! ومِن أيِّ جفافٍ أشربُ ؟! والتّماسيحُ تعبثُ بأنهاري !! يا وجعَ الرّوح لمن أشكو موتي ؟! ووطني تحوّلَ لمقبرةٍ جماعيّةٍ !! قتلوا فرحةَ السّنابلِ سرقوا ضوءَ الضّحكةِ اغتصبوا إرادةَ السّنديانِ أجبروا الماءَ على التّيبسِ الهواءَ على الجّفافِ صارت...
أنهزمُ أمامَ إنهزاماتي أختبئُ وراءَ إنتصاري الّذي تذروهُ الرِّيحُ أقتفي خطا جرحي أدوسُ على الهاويةِ لأعبر صوبَ قامتي وفي دمعتي تسكنُ دروبي دروبي أكلتها الصّحراءُ والصّحراءُ تمطرني بملحِ السّرابِ أركضُ في سهوبِ لوعتي ألهثُ وأنا أصعدُ إلى آهتي أنادي عواء التّخوم أقفزُ.. أتقرَّبُ أدنو من أسوارِ...
أُلَاْمِسُ شَفَقَ ضحكتِكِ أستجمعُ شَغَفَ دمي لِأَرْحَلَ في فَضَاءَاتِ الرَّنِيْنِ لِعطرِكِ تَنْجَرفُ سُيُولُ لَوعَتي فَأُبصرُ في سِهُوبِ الوردِ مجاذيفي تَنبضُ بالحريقِ أتقدَّمُ صَوبَ شَلَّالاتِ الرَّحِيقِ في عنقِكِ جنونُ الموجِ في وجهِكِ يقيمُ الضُّحى وفي شَعْرِكِ أصداءُ النَّسيمِ النَّدى يَغفُو...
صوّبوا بنادقكُم نحوي واتركوا حلبَ حبيبتي هناكَ داهمَها الخطرُ اقتلوني ألفَ مرّةٍ ولا تهدموا حجراً واحداً أحجارُها من الجنٌة لو تعرفون أرضُها أشجارُها سكّانُها أحبّةُ اللهِ على الأرضِ شوارعُها من ندى ماؤها من رحيقِ السّماءِ عتمتُها نورٌ رائحتُها خبزٌ سكّانُها نسماتُ الصّباحِ حلبُ عروسُ المدى...

هذا الملف

نصوص
343
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى