محمد محمود غدية

هى كاتبة للطفل وهو قاص، غرقى فى بحر المعرفة، التي تبدد الوحشة وتنبذ القبح، المناسبة لقاء فكري فى إحدى الندوات، عجوز أبيض الشعر، نحيل العود، مازال يجري فى صفحة وجهه، بقية من حيوية، ملامحها تحمل بقايا جمال، هما فى سن مشبعة من معارك الحياة، تجلس وحيدة، قبل بدأ الندوة، أمامها على الطاولة فنجان قهوة...
ضاق ذرعا بحظه، وهو الميسور الحال، لديه الكثير والكثير مما يحلم به الآخرين، مضاربات فى البورصة، وأرصدة تتزايد فى البنوك، وزوجة تشاركه العيش، بقلب عامر بأسمى العواطف وأنبلها، قلب يحنو ويبذل ويضحي فى سبيل إسعاد الزوج والأبناء، راعه منها فيض شبابها وسحر جمالها، وتوقد ذهنها وإقتران الأنوثة فيها،...
رائحة ضفائرها موغلة بذاكرته، لم تستطع الجدران الصماء، وصرير الأبواب الموصدة، حجب وجهها الذي كان فى لون سنابل القمح، وابتسامتها التي كانت أشهى من ثمر التوت والبرتقال، تشرق منه وتغرب فيه، واسعة العينين يتعانق فيهما الجنون بالثقة، تذيب الصخر وتشيع الدفء، ثمانية عشر عاما على رحيلها، ومازالت تأتيه...
الجائزة قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر عشق القراءة والكتابة، التي تعادل الرغبة فى الحياة، ينتقى من العبارات أسهلها وأعمقها، كيف لا وهو الشاعر الذي إتجه الى القصة لغة السرد بشاعرية رقيقة، يرى أنه لابد من قراءة كتاب لتكتب سطرا، ينصح بقليل من الحب، وقليل من التسامح، نعم القليل فقط، حتى...
ترتعش الأنوار الصغيرة، حول البيوت المعتمة، النجوم توشك على الإنطفاء، وحده يمشي بخطى وئيدة، مثل فارس خسر معركته مع الناس والحياة، توهم انه أقوى من الإنكسار وانكسر، وأقوى من الموت، حتى باتت روحه موشكة على الغروب، إنها الأوجاع التي تتضاعف حين يكون الإنسان وحيدا، رائحتها تنبعث من قميصها، الذى مازال...
لم تكن الوحيدة فى هذا الكون غيرها الكثير، جوعى لكلام يدفئها فى صقيع وحدتها، ووحشة الخيبات التى تلاحقها، حتى لو كان كلاما كاذبا، مثل شجرة عارية فاجأها الخريف فى منتصف المسافة بين الحزن والغياب، وعلى نحو ما بدا العالم اكثر وحشة، بينما كانت الشمس تلملم اثوابها فى حقائب الشجن والغروب، مؤسسة لوداع...
المدينة فارغة تستسلم للنعاس، إلا من بعض الباعة الجائلين، بعد برهة يسحب الجميع أغطية المساء، إستعدادا لمعارك الغد مع الحياة، بقايا المحال المفتوحة أشبه بأفواه تتثائب، حتى المقهى تخفف من رواده، إلا من ذلك الشاب الذى يتلفت حوله، يلمس جفاف الأشياء بجانبه، مثل الواقف فى محطات الوداع، إزداد ثقل الهواء...
تهشمت روحها وانكسر زجاج القلب، وهى تسمع لقصص الحب الفاشلة من صديقاتها، والتي تقرأها فى الروايات، وتشاهدها فى الأفلام، أغلبها ذات نهايات غاطسة فى السواد، فقررت أن تطفيء مصباح الحب، بعد أن هشمته بكرسي فى الكلوب، لتعيش فقط من أجل نفسها، لا من أجل آخر يطمع فى ثروتها وشقتها الفاخرة تحت مسمى الحب،...
دأبت على ترك الشرفات والأبواب مشرعة، لينفذ منها النور والمطر، تتأمل القمر وهو يسكب فضته على ظلمة الحياة فيضيئها، قطعت المسافة من بيت أسرتها الى سجن الزوجية، أو كما يسمونه بيت الزوجية مسافة الف يوم رغم الجوار، زوجها الأهل بمن لا تحب، ووضعوا فى يديها الأصفاد ولاصق على الشفاه، يمنعها من الكلام،...
لم تبرح ذاكرته، ذلك اليوم الممطر من شتاء قارس البرد، ينخر العظم، لا تدفئه ملابس ولا تخفف من غلوائه نار، لم يكن ذلك كله كاف لخلخة صلابته، لكنه شيء آخر، لم يكن موجودا فى قاموس العالم المحكم اسمه الصدفة، حين تعثرت تلك الحسناء وكادت ان تسقط فى وحل الطريق، لا يدري كيف تسارعت يداه وامتدت لمساعدتها...
عضها الفقر بنابه واختطف الموت ابويها البائسين وهى طفلة، فكفلتها عمة غليظة القلب، اضطهدتها واستبدت بها واذاقتها صنوف العذاب، لا حيلة امامها سوى الصبر على الهوان، دفعت بها للعمل كخادمة فى البيوت، لا تلتقى بها إلا أول كل شهر لتقبض المرتب، سنوات عذاب تتوالى وتكبر البنت، وتعي مايدور حولها واضطهاد...
وجد احدهم يرحب به بحفاوة غير عادية، فى المقهى الذى يرتاده للمرة الاولى، ولا يعرف فيه احد، - انت لا تعرفني لكنني اعرفك، اجلس وتناول معي فنجان قهوة، انت لم تعرف حكايتي بعد، بينما عرفها الجميع هنا، مازال مدهوشا لما يسمعه، بالفعل لايعرفه واول مرة يلتقيه، انت جديد هنا، انظر الشمس انها تشرق لكل...
تسلل ضوء شحيح، من بين فرجات درف الشيش الخشبي القديم، يعلن بذوغ شمس جديدة، تتمدد وتتمطى فى الفراش لا تريد الاستيقاظ، مثل بيت غير مسكون ومتهدم، تدور حول نفسها المكسورة، تريد ان تغادر وتمضي، ربما لانها ليست جميلة مثل شقيقتها فريدة، الاكثر بهجة والندية كفاكهة الصباح، شعرها كسنابل القمح الذهبية، فى...
فى اعلان على الفيس كتب فيه رقم هاتفه، ورغبته فى بيع تليفزيون حديث ومروحة استاند، وغرفة نوم دون السرير، مع اول متصل حددا موعد الشراء، المشتري جهز سيارته النصف نقل، بداية لرزق يوم جديد، اوقفه احد الجيران، طالبا توصيله للمستشفى التى يجري فيها غسيل الكلى، لانه لا يقوي على السير، اوصله ليذهب بعدها...
مرمرية التكوين ذات بهاء واكتمال، فواحة الحضور، سحرها يسافر فى دمه، ليست كالآخريات مجرد محطة فى حياته، لكنها وطن، مااسرع انتشارها فى نفسه، عبثا يحاول غسلها من واقعه، دون جدوى، تغمره بالحنان وتغرس الزهور فى حدائق ايامه، يريد الآن ان يتمدد ويتمطى ويهرب من حرارة الشمس، الى حيث الامسيات الهامسة، يشرب...

هذا الملف

نصوص
466
آخر تحديث
أعلى