محمد محمود غدية

مرمرية التكوين ذات بهاء واكتمال، فواحة الحضور، سحرها يسافر فى دمه، ليست كالآخريات مجرد محطة فى حياته، لكنها وطن، مااسرع انتشارها فى نفسه، عبثا يحاول غسلها من واقعه، دون جدوى، تغمره بالحنان وتغرس الزهور فى حدائق ايامه، يريد الآن ان يتمدد ويتمطى ويهرب من حرارة الشمس، الى حيث الامسيات الهامسة، يشرب...
لم تكن الوحيدة فى هذا الكون غيرها الكثير، جوعى لكلام يدفئها فى صقيع وحدتها، ووحشة الخيبات التي تلاحقها، حتى لو كان كلاما كاذبا، مثل شجرة عارية، فاجأها الخريف فى منتصف المسافة بين الحزن والغياب، وعلى نحو ما بدا العالم اكثر وحشة، بينما كانت الشمس تلملم اثوابها فى حقائب الشجن والغروب، مؤسسة لوداع...
شق سكون النهار طلق ناري، على آثره ارتدى النهار حلل رمادية مشنوقة، ومؤذنة بالغروب المعتم، حين اختلف الشقيقان على الميراث، وقتل احدهم الآخر، اننا امام الموت ذلك الوحش، سارق احلامنا وافراحنا واحبابنا، يمنحنا العذاب، ودوامات من الحزن والآسى لا تنتهي، خسارة فادحة حين غيب الموت الأب الذى كان بمثابة...
على غير هدى، راح يدب خفيفا مهدما متعثر الخطوات، وهو فى طريقه الى شقيقته، التى تشكو تعب مزمن فى القلب، مترددا فى طرق الباب، متسائلا فى حيرة، هل يقدر على تخفيف وقع خبر مصرع زوجها، فى حادث تصادم القطار المروع ؟ تعثرت الكلمات فى شفتيه، وتناثرت مثل قطع ممزقة، لايمكن الامساك بها، تكتنفه الحيرة...
العصافير السابحة فى الفضاء قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر قرر السفر الى بلاد بعيدة، بعد ان ضاقت به سبل العيش، اثر تخرجه من كلية التربية الرياضية، وهى واحدة من الكليات التى لاتعطي دروس للطلبه، حمل فى حقيبته معطف الجليد وآلامه، وابتدا الطريق التى عليه ان يقطعها، يتبعه قدره كظله، وبعد...
كلمات متسكعة على سطور غير مستقيمة، تشبه سواد الكحل فى العيون، تساقطت سنوات عمرها مثل أوراق خريف ذابل، ذاكرتها هرمة موبوءة بالصدأ تارة، ومثقوبة بأضغاث أحلام تارة أخرى، الحزن يتمدد كشجر اللبلاب، تنتحب فى صمت دموعها تستعصى على النزول، تعتصرها الوحدة كل ليلة إنتظارا لغائب لايعود، صرير الأبواب...
دع عن قلبك المكابرة، وإلحق بمحبوبتك قبل أن يبتلعها الزحام، وتتوه فى الشوارع والمنعطفات، إنها ليست مجرد امراة وحسب، بل امرأة وحقبة عمر، معها عرفت معنى السكر دون خمر، هدمت كل أسوار الحزن المحيطة بك، قالت : أحبك بعدها توارت النجوم والشموس والأقمار خجلى، وبقيت السماء عارية إلا منك ومنها، ثمة...
ليل ماطر قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر قالت لي الحسناء فى ليل ماطر، النجوم فيه لا تبين خلف السحب : أما زلت تحبني وتحلم بالمستحيل ؟ تعالى أحبك اليوم قليلا، قبل الرحيل، لا شيء تبدل غير بعض خطوط السير، ولوحات الإعلانات المستفزة المفرغة لجيوب البسطاء، وبعض الصبغات فى وجوه البنات،...
دأب على رؤيتها كل يوم، مأسورا بوجهها المشوب باإبتسامة رقيقة، تمتزج بحمرة وجنتيها الأشبه بنضارة التفاح، فيضفران معا شفرة للجمال يصعب فكها، وهى إعتادت التطلع إلى وجهه المفعم بالمرح كلما رآها، وإلى عينيه الصافيتين، وشعره اللامع بدرجات اللون الرمادي، رغم سواد يده المغموسة طول الوقت، فى البنزين...
جلست يوما بين الخمائل والورود والرياحين، فى روضة بستان، إقتربت منى زهرة جميلة، سبقتها رائحتها الطيبة العطرة، آلمتني دموعها التى فاضت، حسبتها فى البدايات أمطار تروي الورد، سألتها عن سبب البكاء فقالت : أبكي من الإنسان الذى يلوي أعناقنا ويذبحنا، ويسوقنا ويبيعنا كالعبيد، ونحن الحرائر، غير عابيء...
لا أدري كيف توافرت لي القدرة على الكتابة اليك، أنت امرأة نجحت فى إجتذاب زوجي لبعض الوقت، وليس طول الوقت، بطلاء الوجه بالمساحيق والأصباغ، ولين الكلام وتدلل الأنثى، الرجل كالطفل يسأم اللعبة الواحدة، يملها ويذهب لغيرها وهكذا، أنت لست امرأة الحكايات والأساطير، لكنك امرأة يستهويها الحب تلك اللعبة...
المصباح شحيح الضوء، يتأرجح كالمشنوق فى سقف الغرفة، النوم يؤرقني لا يأتيني، يلهب ظهري بسياط تمزقني، وتفتت لحمي، أزيز الصرصار الذي يشاركني الغرفة، دأب على فض شرنقة الصمت، والتسلل كما السكران المطارد المفزوع، بين الشقوق والأركان، ليس وحيدا مثلي، أبحث فى كراس الشعر، عن بعض حب، لاشيء سوى خيبات...
وجهها يتحلى بابتسامة رقيقة، تمتزج بحمرة وجنتيها، فيضفران معا شفرة للجمال يصعب فكها، لديها إصرار على الإفادة القصوى، من الساعات الأربع والعشرين المقبلة فى اليوم الذي تعيشه، رغم مرورها بتجربة عاطفية، مالبثت أن تفككت وذهبت سريعا مثلما أتت، ساءتها العيوب وهى التي كانت تنشد الكمال، صغيرة على الحب...
حكايات البحر قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية /مصر أقصد البحر كل يوم، أحاكيه وأبحر معه ويقترب مني يصافحني، عبر موجات متلاحقة هبت لإحتضاني، عرقلتها صخور الشاطيء، يخاطبني البحر : يالها من ريح طيبة التى جاءت بك عندنا، يسألني عن الجميلة صاحبة البسمة المشرقة، ذات الوجه الخمري المتقد، التي كانت...
جلس يتأمل غبش المصباح الشحيح الضوء، المشنوق بسقف غرفته، بطريقة تدعوه للخوف، وهو من دأب على تحصين نفسه طول الوقت، من أتفه الأمور وأقلها، خشية الموت، غير مدرك أن الموت يحصد الخائف والجبان، لذا قرر أن يؤجل البت فى مسألة الموت حتى الأيام الأخيرة، حينها يكون الوقت قد تأخر على حلها، ويكون قد تأخر...

هذا الملف

نصوص
437
آخر تحديث
أعلى