محمد محمود غدية

يضحك وهو يقرأ طالعه فى الصحيفة، سترشح لمنصب كبير، كذب الطالع وهو المطرود من الخدمة، حال دخوله طواعية عش الدبابير وكشفه عن إختلاسات مالية، وبدلا من مكافآته تم الإستغناء عنه فى معاش مبكر، وهو الآن يجوب المدن فى رحلة بحث عن عمل، لديه مخزون من الرضا والطاقة الإيجابية التى تضيف البهجة فى نفسه وكل...
الخوف من الفشل إحدى الآفات الكبرى التى تداهمنا، مفتون بتلك السمراء المغوية والمعجونة بالجمال الهادىء، أصابته جرثومة الحب ودخلت دورته الدموية ومنحته شجاعة البوح بمكنونات الصدور، مسرة النفس والجسد، كانت ضمن المتدربات على كيفية مواجهة التحرش، وهو المنوط بالتدريبات فى إحدى النوادى الرياضية، بعد أن...
كل يوم يقصد البحر، يحاكيه يبحر معه بعين دامعة، يسترجع الماضى حيث طيور النورس والفراشات الملونة الجميلة، ورود حبيبته مازالت مزروعة فوق وسادته، ورائحة ضفائرها موغلة بذاكرته، أغلق قلبه حين أوشكت روحه على الغروب، بعد غيابها المفاجيء دون سبب، إستقبل النقاد ديوانه الأول بحفاوة لأنه لم يتاجر بآلامه،...
كل يوم تحصي النجوم وتخاطب القمر، لا أحد يسألها عما تفعل وهى العاشقة، اليوم عيد ميلاد حبيبها، إبتاعت له ساعة فاخرة، مصحوبة بكارت معايدة كتبت فيه : إلى أجمل الأشياء التى صادفتني فى عمري، إلى مظلتى ومعطفي وقت المطر، شاعرة تفيض رقة وعذوبة، أحبته حين إلتقيا فى جماعة الأدب منذ السنوات الأولى وحتى...
الشمس تشرق من شقائق خدها، تستقبل الصباح ببسمة حانية، مهوسان بالبحر مثل طائرين أليفين، فوق صخرة وحيدة عائمة فى بحر مضطرب، لا يشتهى وطن سواها، عيناه واسعتان سوداوان مشرقتان، تمنح الناظر لهما شعور بالسكينة والإطمئنان، روائح البلل والرطوبة تطوق الأماكن والملامح، يحاكيان البحر كل يوم، ويبحران فى...
أتعبته الحياة وحملته جراحات عميقة وهزائم، حتى أنه لم يعد بالقلب متسع لأحزان آخرى، عن سؤال الأصدقاء المتكرر والذى ألفه، فى عدم زواجه وهو الأربعيني الميسور والمأسور بعشق النساء ؟ يجيب أن الحب يرقق الحنين فى الأرواح ويجلي الحواس، أشبه بالأقمار والنجوم التى يتطلع إليها المرء، الزواج هو الحفرة...
السعادة تشبه ذلك العصفور الذى يطير فى كل الدنيا، ثم يتوقف فوق شجر الترقب أو فوق نافذة، هناك من يغلق شباكه فى وجهها، لأنه لم يقوي على النهوض من تحت الدثر تكاسلا، لايفعل ماتفعله البجع فى سعيها للرزق فى ثلج الفضاءات العاصف، ثلاثيني عمل فور تخرجه محاسبا فى مصانع عمه، أحب إبنة عمه وهى أحبت غيره،...
مع آخر رشفة من فنجان القهوة إستكانت كآبته وهدأت، خمسيني خرج فى معاش مبكر زمن الخصخصة أو المصمصة، متزوج لم يرزق بالأبناء، رفض الزواج بآخرى حين طالبته أمه لرغبتها فى رؤية أبنائه قبل أن تموت، قائلا : ماذا لو أصابني العقم هل تتزوج زوجتي بآخر ؟ عمل ساع فى فى إحدى المؤسسات، أحبه الجميع يقرأ الصحف...
الأضواء المنعكسة على صفحة النيل تشكل لوحة من الفن التشكيلي الجميل، تصنعها الطبيعة أفضل من ريشة فنان، فى صدره شجون من أحلام وصداقات تباعدت وأحدثت شرخ موجع، صدره حقيبة مغلقة، يغمس قلمه فى محبرة الآسى، يكتب قصص قصيرة لا تفلح فى إزاحة ركام الأحزان، يرى فى نشر قصصه فى بعض الصحف والمجلات عزاء يفتت...
عجز عن إسعاد نفسه وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن يتخلص من الهموم المثقلة برأسه فلم يفلح، الجمال يتقلص ويسود القبح فى كل شيء حوله، التلوث السمعي والبصري، حتى المرأة النضرة كالثمر الطازج، التى أحبها أصبحت كالورد الصناعي لا طعم ولا رائحة، مصبوغة بالألوان منفوخة...
فى السوق لابد أن تكون لك عين صقر، ترى كل شىء واللاشىء، وأذنان كبريتان لتسمع نداءات الباعة، على أشياء ذات قيمة وأشياء لاقيمة لها، كتب ومجلات قديمة وملابس جديدة وقديمة، السوق على مساحة من الأرض الواسعة، تتسع لكل الأغراض، أغلب المشترين من أصحاب الدخول المتواضعة، بائعة الجبنة القديمة جاءت السوق...
ألقى بنفسه فى بحر الحب بطريقة الذوبان فى أول نهر يصادفه وهو لم يتعلم بعد العوم، مستخدما عواطفه بطريقة مائة فى المائة وعقله صفر فى المائة فكان الغرق، بعدها إلتقى باإحدى العرافات وضاربات الودع، قالت : الحب مكتوب على كل البشر، لاينجو منه سوى القليل كاد أن يشطرك نصفين لكنك نجوت، العمر لديك هو...
كل القطط فى الظلام رمادية اللون، بغتها هذا الخاطر وهى تحدق فى الظلام ساهمة، بعد ماأغلقت عينيها غرقى فى ليل ماطرلمدينة باردة، تتزاحم فى رأسها الأسئلة التى راحت تناطح بعضها البعض فى عراك لايهدأ، هل خلق الحب لإسعاد القليلين وشقاء الكثيرين، الموسيقى حولها تمنح الدفء والسكينة وبراح الأحلام، كستارة...
رفقة الزمن تحويشة العمر نور الأيام شديدة الحلكة، خضرة الروح وطراوتها، يجترهم اذا ألمت به وعكة المرض فيشفى، يجاهد فى سد ثقوب خيبات العمر، يضمد جراحات الأيام ويصارع الوحشة، بداخله خراب بحجم الكون، الوحدة مروعة تنهشه طول الوقت، مئات الحشرات الصغيرة تلتهم روحه اللينة الأشبه بنسيم رائق شفيف، إبتلعته...
منصور أجل فرحه لبعد عودته من الجبهة، كان لديه يقين أنه سينتصر، كيف آتاه هذا اليقين لا يدرى، فى الثلث الأول من رمضان عام 73 وعلى الجبهة وقبل الحرب بساعة، صدرت الأوامر بعبور القناة وتسلقت القوات الساتر الترابي، حاملين فوق ظهورهم الصواريخ وكامل المعدات القتالية والطعام والشراب، ونجحت القوات المصرية...

هذا الملف

نصوص
423
آخر تحديث
أعلى