مختارات الأنطولوجيا

إن الأمر لا يعدو أن يكون سخافة، سخافة صغيرة: أن يملك الإنسان شيئا خاصا به، رأس ثعلب مليء بالتبن معلق على جدار غرفته الباردة، مسبحة صفراء، اشتراها من محل شرقي عتيق، كتابا أصفر نادرا، امرأة تحبه، وترى في عينيه مصيرها، ذكريات مفككة، يجترها قبل أن يبتلعه النوم.. أو مرضا خاصا به. ولم لا ؟ إن الأمر لا...
يُنظر إلى عبد القاهر الجرجاني على أنه بلاغي وليس نحويا، ومكانته لا تكاد تذكر في تاريخ النحو العربي، ولا يشكل شخصية مرجعية علمية عند التعرض لقضايا النحو. ومن المثير في هذا الصدد ما جاء في التعريف بالطبعة الأولى من كتاب (دلائل الإعجاز ) التي كتبها السيد محمد رشيد رضا. كتب : أما الكتاب ( دلائل...
هكذا بدا الطريق فجأة. وكان ذلك عندما أبطأ السائق من سرعة السيارة، وانحنى على مِقوَدها في توجُّس. ومضى يصعد بها المرتفع ثم يدور مع الطريق وهو يُطلِق نفيره في صوتٍ حاد. لم يكن هناك من شبحٍ لكائنٍ واحد على مبعدةِ عشراتِ الأميال في كل اتجاه. وما كان أحدٌ ليتوقع غير ذلك في هذه الصحراء المترامية...
مرّ يوم الاربعاء 18 كانون الأول مرورا بدون استذكار إنه يوم اللغة العربية، وبهذه المناسبة نستذكر أحد عمالقة اللغة العربية في العصر الحديث ألا وهو الراحل عبد الحق فاضل. لمحة عن حياته (1911 - 1992 م ) . عبد الحق بن فاضل الصيدلي بن حامد بن حديد بن مصطفى الحيالي، ولد عبد الحق فاضل في بغداد عام...
كتب كثيراً من القصص ضاع معظمها في بطون الصحف والمجلات. وتبدو أقاصيصه وكأنها صدى دراسات سايكولوجية وفلسفية يطبقها المؤلف على الأحياء لا نتيجة للمراقبة أو لدراسة عميقة للوسط الذي يعيشه ولا شيء يبرر للمؤلف اختيار موضوعاته من المجتمع الأوروبي ولو أنه شاء أن يحلل نفوساً عالمية لما كان عليه مأخذ ولكن...
إن القصة فن قائم بذاته في الأدب العربي الحديث، وإن اشتملت المقامة في بداياتها على بعض اللمحات القصصية لم تسلك سبيل القصة وإنما انحرفت إلى العناية بالأسلوب والتكلف في اللفظ. وما يقال عن المقامة يقال عن القصص الشعبي كـ (عنترة ابن شداد وأبي زيد الهلالي وسيف بن ذي يزن والزير سالم وغيرها).‏ وقد...
لفظه الباب إلى الشارع، فسار مسرعاً وفي أذنيه تتردد صيحات زوجه وأناتها، كما يتردد قول خادمته (أسرع يا سيدي. أسرع بالقابلة، إنها تعاني آلام المخاض)! إلام المخاض، وفي مثل هذا الوقت بالذات، وقت ذهابه إلى النادي لملاقاة أصحابه؛ لا! إن هذا لشيء مزعج مؤلم! ألم تجد تلك الآلام وقتاً آخر؟ كان الأحرى بها...
محمد روزنامجي ما أكثر ما ابتلعت دوامة الحياة أدباء وفنانين موهوبين ، فضاعوا ، وتبددت مواهبهم قبل أن يعطوا ما كان بإمكانهم أن يعطوه ، ومن هؤلاء القاص محمد روزنامجي . قليلون من يعرفون هذا الرجل اليوم ، وأقل منهم من يتذكرونه . وقد أسعدني كثيراً أن يتذكره الأستاذ القاص المبدع محمد خضير ويكتب عنه...
أحسبُ أن ما سوف أرويه قد حدث في خريف عام ١٩٧٧ بجامعة البصرة حينما كنت طالبا فيها، وكان ذلك في أول سنتي الدراسية الأولى بعد أن أخفق مسعاي في البقاء بجامعة "عين شمس" في القاهرة التي قصدتها مغامرا، وأنا صبيّ قروي نحيل، لم يألف بعدُ هوية المدن الكبيرة، وعدتُ منها خالي الوفاض بعد أشهر. يتعلّق الأمر،...
تاريخ القصة القصيرة، في الجزائر، هو تاريخ من سوء الفهم. فهذا الجنس الأدبي وجد نفسه، رغم أنفه، على الهامش، مهملاً، في مجتمع سادت فيه الشفهية، وازدهر فيه الشعر، لاسيما الشعر الملحون، ثم انتقل إلى النثر محتضناً الرواية. مجتمع بادر إلى قفزة في الهواء، من غير أن يتيح لنفسه مهلة في تأمل القصة القصيرة...
لأول مرة في حياته فكر الدكتور علي محمود أن يكتب قصة قصيرة، ولأنه لم يكن قد جرب كتابة القصص القصيرة أو الطويلة من قبل، احتار في الأمر، وأخذ يروح ويجيء في غرفة مكتبه المكتظة بالكتب وهو في حيرة شديدة من أمر هذه الرغبة الغريبة التي انتابته في هذا العمر، وهو الذي أوشك على بلوغ الستين، ولم يعرف لذلك...
اسمي “علية رمضان” ليس بالضبط لأن اسمي في البطاقة الرقم القومي “علية أحمد محمد علي رمضان‏”،‏ وأنا اختصرته لما قررت أن أكتب قصة، مثل كل البنات اللواتي ذهبن للتحرير في المظاهرات وبدأن يكتبن قصصا، فأنا اخترت اسمي هذا، وهو اسم أدبي حتى يكون خفيفا على السمع، ويتم التداول فيه. … نسيت أن أقول أنه حتى...
الراوية: صل على النبي السامع: اللهم صلى عليك يا نبي. قديما كان لحداد دكانة صغيرة على قد الحال، تكاد تتسع لوقوفه هو وصبيه. هو يقف إلى السندان يطرق الحديد، وصبيه إلى الكير يشد حبله، لينفخ على الفحم في الكور. وكان الحداد كلما فاض منه قرش، حفظه في كير قديم مرمي في الدكانة من أيام جدوده، وكان...
كانت هند تطلق ضحكتها عادة، بعد منتصف الليل، في الوقت الذي يعم فيه السكون على الدنيا، ونسمات لطيفة تتحرك بخفة وهى تنعش الأبدان، بينما تنزل ملائكة كثيرة تضرب بأجنحتها في الهواء، فتصنع موسيقى خافتة تُشرح القلوب، لم تكن هند تطلق ضحكة واحدة، بل العديد من الضحكات، على فترات متباعدة نسبيا. كانت الضحكة...
حين عرض سكرتير التحرير على محمد حسنين هيكل بروفات العدد الأسبوعي من” الأهرام”، استوقفته قصة بمساحة صفحة. أشار إلى اسم كاتب القصة، من هو؟. قال سكرتير التحرير: قاص شاب موهوب. جرى ” الأستاذ” بقلمه على اسم الكاتب بالحذف، وقال في نبرة غاضبة: الأهرام لا ينشر إلا للأسماء المتحققة. كان الطابق السادس في...
أعلى