قصة قصيرة

كان بمجمع الحافلات في وسط البلد عندما أوقفه رجل، ربما في الخمسين من عمره. قوي الجسم، جميل الهيئة، مرتب الهندام، كأنه معلم في مدرسة خاصة، أو موظف في مصرف، أو مدير مركز من المراكز التكنلوجية التي انتشرت هذه الأيام. خاطبه بضعف واستكانة بأنه يحتاج إلى نصف دينار لا غير أجرة الباص؛ ليصل إلى قريته في...
بعد الانتهاء من مناسك العمرة ، واقتراب عيد الفطر أخذت تسيطر على مجموعة غرفتنا أمور الدنيا أكثر من اهتمامها بالآخرة: و مناقشة أمور الدين و الامم السابقة كما اعتدنا وعكفنا على هذه النوعية من القضايا ليال عدة ، فشكونا عدم رغبتنا لبعضنا البعض ،فبرر" محمد الشهابي" مفتي المجموعة ، بأنه أمر طبيعي...
تعي ذاكرتي ذلك المقطع من أغنية كنا نرددها صغارا؛ لولي حجر ، كفر مجر" الكثيرون كتبوا عن بلدانهم، عن البئر الأولى التي روت نفوسهم العطشى، غير أن قريتي تبدو - في خيالي - الأبهى والأجمل، لا أحب البكاء بين يدي الزمن، فقد ترك بعض آثاره على جسدي فصار واهنا، وعلى ذاكرتي المعطوبة، بل وعاطفتي المتدثرة...
24 فنجانا من الصيني الأصلي مع صحونها المطلية بالذهب (الحقيقي) كما تؤكد أمي لكل من يدخل بيتنا يتفرج على هدية الملك الخاصة لجدي نظير إخلاصه ووطنيته، والذي لم يهنأ - كما تقول أمي - بسبب قيام الثورة وإعلان الجمهورية. لكن مع تولي أبي منصبا كبيرا عادت أمي لتخرج الطقم وتقدم القهوة للضيوف حتى فاجأنا...
لم تكن الوحيدة فى هذا الكون غيرها الكثير، جوعى لكلام يدفئها فى صقيع وحدتها، ووحشة الخيبات التي تلاحقها، حتى لو كان كلاما كاذبا، مثل شجرة عارية، فاجأها الخريف فى منتصف المسافة بين الحزن والغياب، وعلى نحو ما بدا العالم اكثر وحشة، بينما كانت الشمس تلملم اثوابها فى حقائب الشجن والغروب، مؤسسة لوداع...
أريد أن أخبركم منذ البداية أنني اكتب هذه القصة، لأنني غاضب. نعم أنا غاضب، قد تعرفون فيما بعد لست صاحيا تماما حتى أتمكن من إخباركم بكل ما لدي. المني جدا أنها اختفت أنها ظهرت لتشعل ليل وحدتي. قد تقولون طيب لتختف هي وما دخلنا نحن بها وبغضبك؟ عندها سأقول لكم انه لا دخل لكم، سوى أنكم تورطتم بقراءة...
لا أحبّ (أبو أحمد)، ولا أطيق مجالسته، لكنّ بيت (سعيد) يكاد لا يفرغ من أقربائه، فأقاربه كثر، وهكذا هي عاداتهم.. وكان على (سعيد) أن يتحمّل، رغم أنّه لا يحبّ معظمهم، كما أنّه يريد أن يدرس، و يمارس هواية الرّسم، أو أن يستمع إلى الموسيقا، أو يقرأ الكتب والمجلات. و(أبو أحمد)، هذا إنسان مجرم، وحقير، لا...
بعد ثلاثين سنة من الغياب، لكني كلما ذهبت الى سوق الهدايا اشتري لها شيئاً: هذا قميص الصيف، وذاك ثوب للنعاس وهذا قرط لحفلنا القادم، وتلك دمية لأوقات الفراغ، وهذا حذاء للرياضة، واذا رغبتِ اذهب الى سوق الحدادين واشتري لك طفلاً صغيراً من نحاس. أجلس في المقهى أمام البحر، وحيداً، في المنفى، على ضوء...
- "يا أستاذ من فضلك.. هل بإمكانك أن تدلنى على طريق الجبل ؟". همهم الرجل الذى سألته ومضى دون أن يعرنى إلتفاته ورباطة عنقه يتلاعب بها الهواء ..تارة إلى اليمين .. وتارة إلى الشمال .. - " ياأخت .. لو سمحتى .." خدجتنى السيدة بنظرة اضطرتنى لأن أبلع باقى كلامى .. وأسرعت الخطى..يالها من خطى رشيقة! مابال...
انطوى كما الأيام الجميلة، سرقها لصوص الزمن في بلاد تصلب أولياء الله فوق جذوع الشجر، تحتفي بالعابرين فوق الفرش الحمراء، ماكينات صوت فارغة. تقلب في فراشه، لم يحظ بساعة نوم هانئة منذ ذلك اليوم الذي احترق فيه أمله، ظلت تلك الذكرى تنهش قلبه وتنزف كلما حاول نسيانها، ارتحل بعيدا؛ فالمنافي أوطان...
اِسْمَعْ نَحْنُ مُسافِرانِ إلَى الْقاهِرَةِ بَعْدَ أُسْبُوعٍ هَلْ تُحِبُّ مُرافَقَتَنا؟ كانَ يَحْلُمُ أَنْ يُسافِرَ إلَى مِصْرَ فَجاءَ هَذا الْعَرْضُ مُفاجِئًا لَهُ، قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى كُلِّ اهْتِماماتِهِ وَما خَطَّطَ لَهُ، كانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ بَرْنامَجَهُ التَّعْليمِيَّ، وَلَمْ...
تخلل الأمر بالجثو على الأرض وابل السباب المقذع الذي يخرج من ذلك الصوت الأجش الذي يفصح عن عدم معرفته بمعنى الرحمة في حياته أبدا. نزل على ركبتيه مستسلما للأمر متجاهلا عرضه وعرض والديه الذي تم إستباحتهم من تلك الحنجرة القاسية وقد لامست أطراف أصابع أقدامهم الحافية ذلك الجرف الذي وقف على حافه ورائحة...
لحظة وصول صوته عبر الهاتف، يرد الصدى، يقول لي: - لا أحد. - أين ذهبوا؟! - لحقوا بالجموع لحظة تناثرت على بيوتهم نشرات تحذرهم من البقاء، وأنهم إن بقوا ستنسف بيوتهم على رؤوسهم. أنا جئت إلى بيت خالي، قلت له: «اذهب وزوجتك وأحفادك الصغار وأنا باق هنا». صرخت أمي، صارت تهذي أنها لن تتركني وحيدًا، صرت...
كان يغط في النوم عندما هزته زوجته: - يا شيخ عبد الصمد أصحابك بالباب. استيقظ كمن أصابه مس: - خير! ماذا يريدون في هذا الوقت؟ عدل من شرواله وقميصه الفضفاض، وخرج ليرى ما الأمر. شاهد بالباب أكثر من عشرة من أصحابه، وعلى رأسهم الشيخ عبد الودود، ومعهم أدوات الطرب والغناء. سأل عن سر هذا التجمع...
إلى هند.. ماتت عصفورتي البارحة.. فارتدت دموعي إلى الداخل، شعرت بطعمها في حنجرتي ومددت يدي أتحسسها.. ريشةً بعد ريشة وذكرىً تلو الأخرى.. انفجرت في صدري غزةٌ جديدة ولم أعرف كيف أحزن.. سلبنا البشر كل ما نملك.. أخذوا منا مشاعرنا وتركوا لنا بعض الكلمات الجوفاء.. بعض الخطابات والقصائد والأغنيات التي...
أعلى