تظهر اللوحة مشهدا لم يفطن إليه معظم الذين توافدوا على المعرض، كان حلمها أن يلتف حولها المعجبون، تمتلك موهبة مزج الألوان، تمسك بريشتها في مهارة، تسجل أدق التفاصيل، معلمة الفصل شجعتها، أثنت على الظلال التي تتماوج، ترسم بيد أما الأخرى فمختبئة خلف طيات ثيابها، لم تعجزها، يعابث الهواء خصلات شعرها،...
أخبرتني جدتي أن لكل شيء أوان، حصاد الزرع وموت الإنسان؛ نهاية الحكي حيث تضرب القطة السوداء باب البيت في ظلمة الليل والسماء تقذف بكتل نار من برق يتبعه رعد، حتى بنت بهانة انتهى حالها معنا؛ لا أدري لما قال سببا، كان منشرحا في القعدة، منبسط الوجه، يرتشف قطرات من كوب الشاي الذي يتسلى به حتى ظننته...
يحكى أن الجن يسكنون الأشجار اليتيمة، يقيمون في ليالي الشتاء أفراحا لا نسمع بها، يحدثون صخبا، ربما يتعاركون حول أنثى تسرق قلوبهم؛ فللأنثى غواية سيما ولو كانت جنية فاتنة ، يتنقلون في لمح البصر من ساق إلى آخر، يختبئون وراء أوراق الكافور الغضة، يعبثون بوجوه المسافرين، يقذفونهم بحبات التوت أو الجميز...
منذ فترة لم أنظر إلى وجهي في المرآة؛ تعودت أن أقف قبالتها؛ انطبعت في ذاكرتي ملامحي؛ كنت أعرف التعرجات والمنحنيات التي تظهر؛ أتحسس شعر رأسي؛ يبدو أنه الآن صار أكثر هشاشة؛ كثرت به الشعرات البيض؛ أبحث عن المرآة فلا أجدها؛ علها انزوت في ركن الحجرة التي تراكمت فيها أشيائي القديمة:
ثياب مكدسة تهرأت...
تبقت في ذاكرتي حكاية لم تسرد بعد؛ الموتى يزورون القرية في ليالي العتمة، يتسللون من أكفانهم البيضاء، يأتون في ثياب جديدة، إن لهم نصائح لما يقدموها لمن خلفهم، يسري الليل وفي الشتاء حين تشتد الريح، تتوالى الطرقات على الأبواب، تموء القطط، نحن لا نضربها، إنها ترى العالم الآخر، ثمة أسرار لا نحيط بها،...
حين تكون المغالبة بالقول وانتزاع الألقاب مدعاة للذين أفلسوا يجب على المرء أن يدفع برأيه غير هياب ولا وجل؛ سيما والشعر فن العرب الأول؛ وإمارته في العصر الحديث انعقدت لشوقي فترى الخالفين ينقمون عليه مكانته وعلى مصر ريادتها!
لا ضير أن تشعر امرأة ولا عيب في أن تكون ملهاة المنتديات؛ أما أن تستلب...
تقترب الساعة من السابعة صباحا، يأتي القطار فيترك كل واحد مكانه على الرصيف؛ يعدو خلف العربة التي يخمن أنه سيجد بها موطيء قدم، صراع على الوسيلة شبه المجانية التي بقيت منذ عهد الأجداد،يتقافز بعضنا فوق بعض منا من يتهرب من دفع الأجرة وكثير يماطلون محصل التذاكر حتى إذا جاءت محطة النزول كان الإعياء قد...
سأحكي لكم اليوم عن سر يخنقني، أخفيته عن نفسي، لا يعلم أحد عنه شيئا، كنت أبحث في سجلات العائلة التي اصفرت أوراقها، وجدت أنني هجين، جاءوا بي من بلاد بعيدة، ملامحي تشي بأنني نوبي؛ فقد كانوا يسرقون الأطفال من وراء أمهاتهم، يستدرجونهم بقطع الحلوى وشعر البنات، لا أعلم أمي من تكون، فقط وجدت وشما على...
مثل القطط تأكل وتنكر، عندنا منها واحد احترنا في أمره، لايكف عن النونوة صباح مساء؛ باتت تعتقد أنه جني أو مؤاخي أحدا منهم، حين مات البهلول الكبير؛ أطلقوا عليه "أبو قرن"لأنه عتيق في الحياة، منذ ما يقارب مائة عام وهو يدب في أزقتها، يعرف كل ما خفي وكثيرا ما لعب بالبيضة والحجر؛ لم يترك ماعونا إلا قلبه...
مؤكد أننا جميعا مررنا بهذه التجربة؛ نسطر خواطرنا أو ندون نتفا من سيرتنا الذاتية؛ ننقد شاعرا أو نسرد مقالة؛ نرسل بأوراق ذات قلوب أصيبت بسهام الحب، كل هذا يذهب مع الريح تذروه، إنها نتف صغيرة في عمر الكتابة الأولى تمتاز بحلاوة البدايات الجميلة، لكنها سرعان ما تختفي بين طيات الزمن، قد يعثر أحدنا على...
مؤكد أننا جميعا مررنا بهذه التجربة؛ نسطر خواطرنا أو ندون نتفا من سيرتنا الذاتية؛ ننقد شاعرا أو نسرد مقالة؛ نرسل بأوراق ذات قلوب أصيبت بسهام الحب، كل هذا يذهب مع الريح تذروه، إنها نتف صغيرة في عمر الكتابة الأولى تمتاز بحلاوة البدايات الجميلة، لكنها سرعان ما تختفي بين طيات الزمن، قد يعثر أحدنا على...
تقديم
قد يظنُّ ظانٌّ أو يتوهم متوهِّمٌ أن الكتابةَ عن الآخرين ضربٌ من التسلية، أو استعراضٌ لقدراتِ ومعارفِ كاتبِها، وقد يصل الظنُّ أقصاهُ فيحسَبُ الإنسانُ أن هؤلاءِ لا يجِدون موضوعاتٍ يكتبونها، غير أنَّ الأمرَ على نقيض ذلك تمامًا؛ فليست الكتابةُ عن الآخرين ترفًا وتسليةً واستعراضًا، لكنها –...
اقترب الشهر من منتصفه، أدار الأستاذ عوض يده في جيبه، تلك كانت عادته حين تسأله زوجه عن بعض مال، كلما كانت قرارة الجيب ذات عمق دل ذلك أن المرتب قد أوشك على النفاد، التفت إليها قائلا: كم بقي على نهاية الشهر؟
أم خليل: لايزال الشهر على حاله!
لا عليك ربما وضعت باقي المائة جنيه في مكان ما، هو كثيرا ما...
ارتدت ثوبها الضيق الذي يضج مما تحته ويشكو حظه العاثر يوم ابتلي بهذه المرأة.
تعطرت ودهنت خديها بما أوصتها به زوجة العطار؛ وتزينت؛ فقد ملت سنوات العنوسة وتسارع قطار عمرها؛ ظلت ليلتها الفائتة محتارة تتساءل في حيرة أي رجل ترمي بشباكها عليه وتصطاد؛ لعلها تخمد تلك النيران المشتعلة داخلها؟
الجارات من...
تظل مصر أقوى في محيطها العربي؛ لكن مقالتي تستدعي قراءة ثانية للمشهد الثقافي؛
نثقل أنفسنا بتلك الألقاب المخايلة؛ أمير السرد وأميرته؛ وناقد الجيل، ومبدع البيان وركنه بل وسلطان الشعر ومجدده، فتلك الألقاب كما كل الكنى التى يتخفى وراءها الكثيرون تعمي المشهد الثقافي وتقتل التميز والإبداع، حين نتركها...