مضى زمن الذين تعلمنا منهم روعة البيان والإجادة في فنون القول؛ شاء الله أن يأتلف هذا الجمع في عقد فريد ضم الرافعي والعقاد والمازني ومحمود شاكر وطه حسين والزيات ونجيب محفوظ ومحمد عبدالحليم عبدالله وزكي مبارك وعبدالرحمن بدوي؛ ندر أن تشهد فترة هذا التنوع وذلك التفرد؛ تعددت فنون القول وأبدع كل واحد...
نمت مبكرا؛ وتلك عادة توارثتها عن أبي الذي يغلق باب البيت الكبير ومن أبطأ به السهر بعد صلاة العشاء نالته العصا بما يكره؛ وقد يبيت في العراء يلتحف السماء تتشممه كلاب الشوارع، على أية حال تملكتني هواجس منتصف الليل سيما والشتاء فصل تمرح فيه الجن الحمر وتتراقص بما يعجز بني آدم أن يفعلوه؛ حلمت بأنني...
كعادته نام مبكرا؛ فالشتاء يستدعى الخمول؛ يحتاج الطعام والحساء ينفث دخانه فتستدفيء منه بطون الجوعى، كل هذا صعب في زمن الحروب حيث الأسواق تعاني الكساد والباعة يمنعهم المطر من أن يفترشوا الأرض.
توسد ذراعه وحاول أن يغمض عينيه، تتابعت مشاهد من حياته مثل شريط سينمائي تعرضه قناة الذكريات، تدوي الريح...
أتيت إليكم بعد سفر لم أحدد نهايته؛ باعدت بيني وبينكم بلاد لم أتجاوز حدودها إلا في غفلة من الآلات الممغنطة؛ تعلمت هناك فنون التخفي؛ غطاء امرأة أو وجه متسول يحمل على كتفه جراب الحاوي، أصدر صوت سائل في بلاد تنفر من أبناء السبيل، كل ما أمتلكه ورقة موقعة بأنني مواطن يصلح لأداء مهام غير اعتيادية. هل...
أنصاف وأرباع المثقفين يصدرون طنين الذباب كل آونة؛ مرة يديرونها معركة حول جدوى الشعر وعجز الفصحى بل وآونة يدعون لإلغاء نون النسوة؛ وآخر ترهاتهم قصيدة النثر، يخايلون بعجزهم فيدعون إلى موت المؤلف والتعامل مع النص ثم يذهبون إلى تفكيك اللغة بل وإلى تفجيرها؛ إنهم بدع من التفكير وعبث من العقل، يتصدرون...
يدق جرس هاتفي كل ليلة عند الساعة الرابعة إلا ثلث؛ حاولت أن أوقفه مرات عديدة عن هذه العادة الآلية لكنني عجزت، تركته يفعل ما يحلو له، فقد الناس السيطرة على حواسهم؛ يخشون ذلك الوباء الذي يحوم حولهم؛ فكل الأشياء من حولي تتحرك بل وتتابع دون إرادة مني؛ يأتي مطر ويضرب إعصار؛ حتى القطط والكلاب تغادر...
نمت مبكرا؛ تلك عادتي منذ أيام الطيب؛ كان يخوفني من الليل وما يدب فيه؛ لا أدري في أي ساعة حدث هذا الأمر: نقرات متتابعة على النافذة؛ بدأت تزداد حدة؛ تملكني الخوف؛ من تراه يفعل هذا؟
اقتربت منها؛ لم تطاوعني يدي لأفتح؛ حاولت التنصت على صوته؛ يضرب في صخب؛ سمعت صوتا من داخل الحجرة يحذرني!
التفت إلى...
أسرد تلك الحكايات ﻷتواجد في هذا العالم بقلمي؛ أسطر حياة إنسان مر من ثقب ضيق، كثيرون يئسوا أو لم يجدوا شيئا ليصفوه، اعتقد البعض أن السابقين أتوا باﻹبداع، لم يعد في الوسع جديدا؛ أما أنا فلي عالمي الذي أعايشه أفراحا وأحزانا؛ انكسارات الحلم على شفرة المقصلة التي لا ترحم طيبي القلوب.
لا مكان لك فاصمت...
يشق النهار طريقه لا يعوقه ظلام الليل ولا يمنعه نوم الكسالى، يزحف في بطء كما لو كان دودة تعرف منعرجات الطريق، يحمل سمعان بقجة القماش، قادم من الزمن الأول، لا يعرف أحد فصله أو أصله، في أبلسة عرف كل الأسرار؛ بل وحتى وشم الأجداد، يوم فر نابليون من المحروسة، كان جده مع يعقوب الأرميني، طالت هذه...
ثمة تلازم بين الجانبين، فالكاتب يترك لقلمه العنان ويجرب أشكالا وأنماطا من الممارسة، يكتب رواية أو ينشد شعرا، يرسم صورة مركبة، يجمح به الخيال أو يمسك به الواقع، كل هذا وارد منه، إنه يغدو منطلقا يشعر بأنه يجاور الجوزاء، لا ضير عليه ولا حجر.
حين يتابعه الناقد ويلازمه بيان سبيل أو كشف غامض أو رد...
لم تتبق غير ساعات معدودة؛ أمسك بقلمي وأشيائي التي يعز علي أن أرحل دون أن ترافقني، لقد صحبتني سنوات عمري: كتبي التي دونت في هوامش صفحاتها تعليقاتي، الخطابات التي لم تجد من يتسلمها فعادت إلي؛ لأنه لم يستدل على عناوين أصحابها، بعض الصور التي سجلت لحظات مسروقة من الزمن الرديء، حاولت أن أتخفف منها،...
لا أدري ما الذي جعلني أتذكر تلك السمكة الكبيرة التي اصطادها أبي من النهر الذي كان يرتفع ماؤه أيام الفيضان،رغم أن ذلك حدث منذ زمن بعيد، كانت تلك أيام مضت قصت حكايتها جدتي في ليالي الشتاء الطويلة تلتف حولها ونتعارك من يجلس بمقربة منها!
تلك السمكة على ما يبدو ذات ذيل أخضر وزعنفة ملونة؛ تتمتم...
جاء في الكتب العتيقة أن كائنا غريبا سيخرج من جوف النهر؛بدأ العرافون يضربون الودع؛ فقد اقترب زمانه!
أقسم أحدهم بأنه بعين واحدة؛ إصبع إبهامه أطول من قرن الخروب؛ أسنانه منشار عم شنقار!
تلك حكاية ؛ تطوع أحدهم وأخبرنا بوصفه؛ الذي يشابه عمنا شنقار ؛ كم كان طيب القلب!
يتغدى بشطيرة خبز ووعاء لبن من...
هل تدرون أن السرداب الواصل بين سنهور المدينة وبين صان الحجر يمر من تحت كفرنا والذي توجد به أعاجيب لم يرها أحد؟
أسماك تطير بجناحين من ريش النعام، يعلوان فيحدثان دوامة هواء تسحر كل من يتنفسه، صوت ينبعث من داخل السرداب عند منتصف الليل فيغري القادمين من بعيد؛ هدهدة طفل في المغارة، جنية البحر تخرج...
تبدو الكتابة مرهقة؛ تحكمها قوانين وتفرض على متعاطيها آليات وقيود قد تكون مرهقة.
فالكاتب مستهدف إذا سطر ومتهم إن خرج عن المزاج العام، وهناك دلائل عدة تفصح وتشي، أما الحكي فهو امتداد في المكان واستدعاء لمخزون متراكم من التراث الشعبي في أمثلته وتجاذبات خيوطه، يمتلك الحكاء مساحة من الحرية في القول،...