قصة قصيرة

تتابع البنت الزينة الحارة من شرفتها. الأنوار تشع في كل ركن فيها. فوانيس مدلاة من الشرفات والنوافذ في وسط الحارة، ورايات من الورق والقماش صنعها الأطفال إحتفالا بقدوم المولد النبوي الشريف، وتمثالا معلق أمام بيت توحيدة، صنعه ولدها سيد. حشا بدلة من بدله العسكرية بملابس قديمة وبالقش، وألبسه خوذة...
استيقظ حمّو متأخرا.. قضى النهار بالكامل في البحث عن الماء، وجَلْبه إلى البيت.. الآبار جفت، وكأن جهة ما تُسخّر قوى خفية لسحب الماء من تحت الأرض.. المطر الذي شاهده في مباراة لكرة القدم بمناسبة كأس أمم أروربا، لم يتركه ينام.. في كل مرة يتقلّب في الفراش، ويسأل نفسه: ـ كيف تهطل الأمطار بغزارة في بلد...
حمل إلي التاريخ المدون على ورقة الروزنامة المعلقة على جدار غرفتي طيف ذكرى خلت منذ خمسة عشر عاما، داهمتني وخزة خفيفة في الصدر، مررت يدي على صدري وتمتمت ببضع كلمات شعرت براحة بعدها، مر اليوم حاملا بين طياته رائحة خلاف سينشب بيني وبين زوجي كما اعتدنا في مثل هذا اليوم من كل عام، نحتفل بعيد زواجنا...
محمداوي رجل جزائري مجفف بالوحدة، مشدود للحلم، لم يلتقيها صدفة، ولم يكن على موعد معها، استأنف حديثه: محمداوي قَدِمَ إلى القاهرة بدعوة من مهرجان كبير نال فيهِ المركز الأول في الرواية ليمثل بها بلده، أما صابرين ابنة اليمن، فكانت شاعرة يشار لها بالقلب قبل البنان وبهذا استحقت أن تكون الأولى واستطرد...
لم أكن أراها على باب بيتها إلا لتصرخ فينا كى نكف عن الجلوس على سلمها ، كان بيتها أشبه بالقلعة المنيعة ، لم أدخله أبدا إلا بعدما كبرت و تزوجت، ولم يكن ذلك في عهدها ، ولكن في عهد الساكن الجديد ، تعودت ألا أرى نوافذه مفتحة ، مساحته كبيرة جدا ، واجهته قبالة بيتنا و تمتد مساحته بعرض أربع بيوت...
.. فعلًا هما الرجلان مع أل التعريف، وليس.. رجلين نكرتين.. بدونها. فقد ملآ مكانهما في كل مكان حلّا فيه، وبدوا كأنهما نجمان نزلا من سمائهما المنيرة العالية ليتخذا من مقعدين مميزين مجلسًا لهما. وكنّا نأتي اليهما نحن الاصدقاء في الثمانينيات، فيرحبان بنا، ويفيض كلٌّ منهما بما لديه من محبة للوطن،...
شق سكون النهار طلق ناري، على آثره ارتدى النهار حلل رمادية مشنوقة، ومؤذنة بالغروب المعتم، حين اختلف الشقيقان على الميراث، وقتل احدهم الآخر، اننا امام الموت ذلك الوحش، سارق احلامنا وافراحنا واحبابنا، يمنحنا العذاب، ودوامات من الحزن والآسى لا تنتهي، خسارة فادحة حين غيب الموت الأب الذى كان بمثابة...
شيخ وخط الشيب رأسه، واشتعل حافظة وذكريات، هضيم تكاد تجاعيد وجهه تقول إنه تجاوز الثمانين. لحية قصيرة يتأنق في شكلها، وكأنها مرسومة على وجهه، يختبئ بعباءته المقصبة ويتكئ على وسادته كلما وهنت قواه. على رف من خزانته تتكدس عشرات الكراسات، هي بمجموعها مختارات الحاج أو مؤلفاته، فإذا تطرقنا إلى موضوع...
وأصل الى سقف السماء أفتح كوة وأسأل الله: هل رأيت ابني؟ أنا أبحث عنه. ولد صغير يبلغ من القهر عتياً، ولكن حلمه صغير؛ فقط لعبة يحضنها عند نومه. له من شيب الخوف الكثير، إلا يدي تخفف عنه الوطأة. آخر مرة رأيته فيها كان يلاحق الاسماك الصغيرة تحت زرقة البحر. كان يعدها ويتردد في الرقم التالي ويفرح عند...
«67...» قصة قصيرة للكاتب عمرو صلاح الغندقلي الخميس، 08 فبراير 2024 - 04:15 م الكاتب عمرو صلاح الغندقلي الكاتب عمرو صلاح الغندقلي صفوت ناصف بلغت من العمر ٦٧ عاما واخترت أن أعيش وحيداً ، لم أعرف أن الحياة طريق ، وأن الطريق يحتاج فى أغلب الأحيان إلى رفيق ، وأن الرفيق فى ذلك الوقت نادر تماماً مثل...
في الشارع الخلفي لحيِّ الأحرار بالعاصمة لا تنقطع الحياة ليلا رغم الظلام ، يتوزَّع البعض في أماكنَ مخصوصةٍ كبيوت لهم بالإيجار، لتنطلق أجواؤهم و شهواتهم و مهاتراتهم... ليسوا بجماعة " تحت السور" لكن يعرفهم الجميع بجماعة " خفافيش الظلام " ... ينتعشون بعد سبات المدينة، في حركة مشبوهة يتنقلون...
بعضُهم بناديه "عبد العاطي"، والبعضُ يخاطبهُ: "عبد المُعطى". صبىّ.. ثم شاب يافع.. ثم رجل.. لم يترك محل العطور الذى ألحقه به والده حتى يعينَه فى تربية إخوته. كان الحاج عباس صاحب المحل يشدّ عليه فى أول الأمر.. يقرص أذنه، أو يلسعُ رجليه عدة لسعات بالعصا ليتعَّلم ويجتهِد. فإذا اشتكى لأبيه نهره وقال...
كانت مديرة مدرسة الربيع الجميل الابتدائية المختلطة، التي تقع في أفقر أحياء المدينة تهم بتفقد الصفوف عندما اتصل بها رئيس البلدية، يعلمها بأنه سيمر ومعه رئيس المخفر وشيخ المنطقة ليوزعوا على التلاميذ الهدايا، التي تبرع بها وجوه الخير بمناسبة انتهاء رمضان، ودعاها إلى تحديد يوم قريب قبل عيد الفطر...
كم من المصادفات تجمعت هذا النّهار كي أراها بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على آخر لقاء لنا؟!. وأنا داخل المقهى؛ رأيتها واقفة قرب أحد المحال التّجارية تحمي نفسها من المطر، في ثوان وقبل أن تملأ قطرات المطر لوح الزجاج لتغيم الرؤية بيني وبينها، عادتْ صور و ذكريات اليوم الأخير الذي قضيته برفقتها، لكن...
يقرع سمعه أصوات تصفيق و زغاريد ، سرعان ما تتحول إلي صراخ و عويل؛ يتخشب مكانه كتمثال يشتهي الصراخ؛ تفلت من حنجرته حشرجة هزيلة مكتومة، بالكاد تصل إلى أذنيه. تلتهم عيناه الضوء الخافت المنبعث من مصباح الكيروسين؛ يبصر ظلال شخوص و أخيلة تتراءى على حيطان الدار؛ تتحول قدماه إلى مسمارين غائرين، يحاول...
أعلى