سيدة بن جازية

إلى شكري. في ذكرى استشهاده تنزف الأرض وتنوح السماء ذكرى خونة باعوا التراب والشرفاء وككل ميلاد تستيقظ من العتمة شهادة الأوفياء تزكي نعي الحرية والجرأة الخرقاء بطلقات مهووسة بالدم والانتقام رفعت شكرنا بين أيادي الرحماء وازدان بعيدنا وعي انبثق نور أطاح بالأعمياء و البسطاء رشقات الخزي والعار...
حين داهمها المخاض التجأت إلى بيت خرب خارج أسوار المدينة. وضعته دون مشقة أو عناء فكان كالبدر في الليلة الدهماء . شقت بعض أسمالها البالية و لفٌته بكل تؤدة و حب ،صنعت له قماطا يحميه القر ثم وضعته في كيس أسود عثرت عليه بقمامة بعد أن أفرغته من الأدران . راحت تجوب به الشوارع سائلة أهل الخير بعض...
تقطعت أنفاسي منفردا في زنزانتي ، مصفدا بالأغلال، نعيب بوم يواسيني في منفاي والطقس المتجمد يكاد يهشم ثلوجي. انتظر في استبلاه مصيري المحتوم غير عابئ بغير انتشار الحلم الموؤود في أمتي . صوت من الداخل يناصرني بينما الصمت المطبق يكاد يفتت أوصالي، احتاج فقط إلى بعض الصدى كي أشعر بوجودي ، ماذا لو...
كنّا نتابع الوضع أمام الشاشات الصغيرة في حذر حتى دوّت صافرات الإنذار فخرجنا نضرب في الأرض دون دليل أو مرشد ،تذكٌرت طريقا يأخذنا لبقايا ملجإ قديم . طال بنا المسير حتى التقيت جارتي تسير منهكة صحبة رضيع و بنتين صغيرتين مرتديتين أحلى الفساتين وقد تراقصت ضفيرتاهما المجدولتان بالورود الحمراء و...
في الشارع الخلفي لحيِّ الأحرار بالعاصمة لا تنقطع الحياة ليلا رغم الظلام ، يتوزَّع البعض في أماكنَ مخصوصةٍ كبيوت لهم بالإيجار، لتنطلق أجواؤهم و شهواتهم و مهاتراتهم... ليسوا بجماعة " تحت السور" لكن يعرفهم الجميع بجماعة " خفافيش الظلام " ... ينتعشون بعد سبات المدينة، في حركة مشبوهة يتنقلون...
تناثر دمعي على أنقاض جدار ساقط، وسط الضوضاء التقطت مشهد فستاني الأبيض بالحقيبة الكرتونية يناجيني بحرقة : " تعالي نحتفل بالعرس، تماسكي ، هيا لا تفقدي الوعي .. كل الزخارف والماسات موجودة تنتظر نظمك و المساحيق وو .. " التاج المرصّع باليواقيت و الزبرجد يتأرجح على منضدة التسريحة، يناديني بلا...
كنت مرغما على ضبط المنبه على الساعة السادسة كل يوم . أصارع الزمن كي أسبقه،كم كان صعبا أن أسمع ذاك الصوت الثقيل الرتيب، هيا قم استقبل يومك الجديد،المهام كثيرة ومتنوعة. لا أصدق ما أراه، نور خافت يقتحم ناظريّ عنوة،يذكرني بأنني،المسؤول الوحيد عن كل هذا الطاقم. بسرعة أقضي كل حاجاتي،أغير ملابسي...
لحظة عبوري الجسر مبلّلا كنت حذرا متيقّظا، وقد استوقفني مشهد صادم لخصومة شرسة بين غريبين ،لا أعلم كيف انزلق كاحلي من الدرج لحظة عادت بي الذكرى إلى تلك الحادثة الأليمة منذ عشريّة مضت ، مجرّد سماعي لنبرات أصواتهم و لهجتهم الأجنبية المتصدّعة أربك هدوئي النسبيّ .... *** يومها إن لم تخنّي...
- يا صباح النور، يا صباح الخير، كيف حالك اليوم؟ لا أفقه شيئا، فقط أتفحَّص حركة الشفاه، كأننّي به يلقي التحيَّة مع هذه الابتسامة الفاترة ، أنظر متسمِّرا ثم أهمُّ بالردّ" مساء..." تتغيّر ملامح وجهه، يظهر أنني ارتكبت حماقة، ربما يكون قد قال كلاما آخر، أظنّه يسأل عن حالي لا ضيم في الإجابة، " أنا...
أخذوا يجرفون المكان بحثا عن أنفاق أو مخابئ سرية تكيد لهم، قطعوا الأميال تجريفا ذاك المساء كثور هائج حيال الرقعة الحمراء ، كانت آلياتهم ثقيلة على جسدي الممزق لكنني لم أتألم كعادتي ، لم أشتك كما يشتكي البشر، كنت لحظتها مشغولا بالمراقبة والدعاء من عدة جهات انبثق في ذات الحين، فعين على اليمين وأذن...
غادر الجميع القاعة بينما كنت أمسح دموع فرحي، انتهت مراسم التوقيع وتحصلت على جواز العبور إلى ملكوت الخيال والجمال والبهجة، أخذت قبضة من تراب نديّ، قبّلتها ثم ضممتها إلى قلبي، عنَّ لي أن أرفعها عاليا إلى جبيني تمتمت بعض أدعية وهممت بغلق الكتاب بعد آخر تصفح لوريقاته،فبدت الأحرف تتراقص أمامي و...
إلى روح شهيد الإنسانية ركن دبابَتَه في مرأبها المثقلِ بالدماء والآثام ، انتزَع الكوفية وغادر بخطواتٍ مثقلة متجها نحو المطعم الداخلي، يلتهم طبق اللحم نيئا بنهم شديد ثم يرمي البقايا الدامية للغربان الحائمة. تركها وحيدةً تطحن الندمَ ، نظَرَتْ يمنة و يسرة، في كل الاتجاهات ثم زفرتْ زفرة...
أطير ثملة فوق الرياض تستدعيني زهرات ندية في دهشتها... تستيقظ الأمنيات تتلمظ شفتاي أحلى الأطباق تراودني كقصيدة عنيدة و بعض الأوزان تتراقص فعولن مفاعيل أنا بحر الطويل يهزج الرجز كالبسيط و الخبب صهيل الجياد المارقة و سيوف صلاح الدين و أبناء المسلمين تسقط الحروف، تلتقطها الأعباق تتفتح كل البتلات...
لو أنصف العالم ما كذب ما خاف صولة الشر الملتهب ما طمس الحق المستتر قناص محترف ... وهبه الزمان قناة من سطح غياب شاهق ركّب سهامه الحادة صوّبها نحو الجسد أردى كيانا طريحا كل الأشواق تنزف أسئلة... ما الذي غيرك؟ أيها الحق ما الذي سد الروافد من بدّلك بطلقة عشوائية هدّمت عش العصافير تناثرت...
غمست يدي في البركةاغتسل،ماء رقراق لُجيّ صاف مُغرٍ بسباحة في العمق و سياحة في الخاطر ، دقات قلبي يتسارع خفقانها، دبيب نمل يتسرب إلى أحشائي يتحالف للتمزيق، ومض بريق لامع لمحته أو تراءى لي كالسيف الحسام يقطع العالم نصفين ،الصورة ضبابية تهتز على وقع أنين لم أفهم ما القصة، لذلك غرفت منها كوكبا...

هذا الملف

نصوص
48
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى