سيدة بن جازية

قام أفلاطون من مرقده، تجول بفكره الثاقب في أحوال العالم، استغرب ما عاينه، صدم ثم استنفر ملكاته لفهم ما لا يفهمه الفكر الناصع، استطرد وقد أرخى الليل سدوله على كون مليء بالصراعات منعدم الأخلاقيات، تنهَّد ملء صدره العريض المتسع لكل الحضارات في نبرة حزن و أسى حدَّث ظله المتسكع بين ثنايا عقله...
بضراوة قصمت الهموم ظهرها،ثم لفظتها الحياة وحيدة كئيبة انفض الجمع من حولها فخامرتها فكرة عجيبة، حين زارت قبر والدها راحت تجول بين القبور تتعرف على أجوار ه الجدد فتوصيهم خيرا بأبيها المقعد منذ عهود ، بدت لها بعض القبور تئن تتألم تكاد تقطّع نياط القلب الموجوع ، و بعضها تناثرت حجارته وضاعت شواهده ،...
كانت سماؤنا صافية و شمسنا مشرقة وهاجة، حين رن هاتفي، وجفت من رنينه الصادم و استعذت بالله. آه، صديقتي مريم المرحة تدعوني لاحتساء كأس شاي معها، لم أمانع فأنا احتاج هذا اللقاء لتقليص كم التوتر الذي أعيشه هذه الأيام، بحثت عن معطفي وحقيبتي اليدوية وضعتهما بسرعة فائقة،لكنني لم أجد مفتاح سيارتي، بحثت...
- طاق، طاق.... ما هذه الطرقات على رأسي؟ لماذا يضعني على هذه القطعة الحديدية بعد أن ثبتها بين ركبتيه؟ من كان يظن أنني أنتقل إلى هذا البلد الآسن المعنّف اللاهث، أمثلي يفعل به هذا الصنيع ؟ وكيف تخوّل لهم نفسهم أن يكيلوا الضربات هكذا لأنجليزي مثلي وكأنهم يأخذون بثأرهم من بريطانيا العظمى...
واصل سيره في خطه المسترسل نحو الأمام كالعادة ،توغل أكثر فأكثر، لاحظ شيئا ما ملقى على الرصيف شكله مغر،انحنى ليكتشفه . آه! التقط الشريحة ، قلبها يمنة و يسرة، لا خدوش بها إذا دسها خفية في جيبه بعد تفكير و تأمل . راوده الشك و بعض الهواجس فراح يسأل نفسه : – ما الذي تحمله قطعة صغيرة كهذه، و لمن...
استغرب النزلاء الضجة الكبرى التي أحدثتها صافرة الإنذار، و ترددت التساؤلات و الفرضيات ، _ماذا يحدث؟ _ من يفتح لنا البوابة؟ _ من؟ .... ازدحمت الأصوات و اختلطت الفوضى الداخلية بالفوضى الخارجية ولم يظهر أحد من الأعوان أو الحراس. _ فرصتنا الأخيرة في النجاة، هيا نتعاون لاقتلاع كل الحواجز ...
لن تنسى أبدا ذلك الكابوس الذي عاشته بداية الأسبوع الماضي طنين السين يؤرقها لماذا فعلتها؟ تبحث عن الجيم فلا تجد ما تقول،إنها ترهبه كما ترهب ظلمة القبر،من قال لها يومها أن تزور صديقتها بمحلها الخاص ، يومها جَلَسَت تثرثر بعصبية ،مترشفة قهوة مرة المذاق وقد انتثر رذاذها هنا و هناك ، حركة لسانها...
دائما أرنو في منتصف الطريق أشتاق إليك، كسطر في كتابي، ملغز بالحنين بيني وبين الحروف تهرب المعاني تتخفى في خجل توجل من أدوات التنقيط وحروف العلل وبيني وبين الكلام يسقط الارتجال والصوت يخذلنيي يخنقني يجلدني وأنا بين العبرات أتعثر وحدي وبين العتمات أتحسس القوافي مترهلة أتصيد الصبح لتبرق...
لم يرد إزعاجها، أغلق الباب بكل لطف كالمعتاد وغادر البيت إلى الدكان اقتنى ما يلزم للفطور ثم توجه ناحية الفطائري واشترى الفطائر اللذيذة التي كانت تشتهيها بل تحن إليها كلما تذكرت حنو والدها رحمه الله، يمر بالخضار يتزود بكيسي غلة يصنع منهما عصيرا حلوا ثم يعود أدراجه، يحاول فتح الباب بكل تؤدة حتى لا...
هزه الشوق منذ أشهر خلت إلى الرحيل قاصدا روما وشمها على ذراعه وشرع يخطط كغيره. متى وكيف يكون الانطلاق؟ كثرت الأقاويل أنه أصبح مثابرا في ورش البناء، الحصالة الكبيرة أوشكت على الامتلاء، كلما يقول ها قد بلغت المقصود يعلنون ارتفاع التسعيرة ، راح يردد" أيتها العجوز الهرم مهرك غال ، لأجل العيون...
ذات يوم كبرت بالصدفة، لا أعرف كيف ومتى ولكنني كبرت،حين عانقت أبي اشتممت رائحة الأمان فلازمته، بل أصبحت انتظر عودته من العمل حتى أجالسه وأحادثه وكان كل إخوتي يستغربون هذا السلوك وهذا الإفراط في المحاباة لرجل مزج الهزل بالجد مع ميل شديد للصلابة،و الحزم .... مرت أيام وأعوام و مشاعري تتقد، تبوح مرة...
ألهمني بعض المعاني أمهلني وقتا حتى استدعي الأفكار لا تقتحم عالم الشعر إن كنت شارد الذهن غضبان ما السر إن غبت وضاع الشعر و الميزان فكأنك الحاكم و الحروف شعبان تجاريك طوعا دون عصيان أحب أن أعرف كيف تقفز إلى سرايا الخيال ترقص وتغني دون استئذان تصنع قوالب الحلوى لضيوفك وتقرأ الفنجان تتأول...
نشأت في بيئة صحراوية حيث الصعاب و المسالك الوعرة فأكسبتني مراسا صعبا وقلبا صلباو عزيمة فولاذية وحكمة أشد بها شكيمة الجماح. رغم ما توفر لي من جاه وحسب ونسب إلا أنني مثابرة أقف على كل شؤوني وشؤون قبيلتي وقد حباني الله بمرتبة مرموقة بين ناظري والدي ،يرسم لي طريق المجد على عكس ماكانت تلاقيه النسوة...
ماذا لو طارت الشجرة حطت عاليا مع العصافير ألا يحق لها أن تطير مثل العصافير يأخذها الريح عاليا يدفعها يطوف بها يمجها، يلاعبها، يداعبها يصبر عليها طويلا ثم تعود للأرض ماكثة تريح وتستريح لم العجب؟! ألا يحق لها الحلم الجميل كخطوة أولى للتغيير بامتلاك جناحي أسير ريشا نعاما طويلا روحا...
لم يتحمل قلبها الفتي هول الفاجعة فراحت تصرخ صراخا هستيريا و تكسر كل ما كان أمامها حتى هاتفها النفيس قد أمعنت في تهشيمه لأنه هو من بلغها الخبر المشؤوم وحده المذنب والمجرم ، ما كان عليه أن يعلن خبرا صادما فاجعا كهذا ،كان عليه أن يتمهل أو يمانع أو حتى يرفضه أو يغلق كل صفحات النعي ،لماذا لم يفعلها ؟...

هذا الملف

نصوص
49
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى