سيدة بن جازية

في ذلك الكوخ البسيط على مقربة من مصب القمامة الغربي لاحت لي كتلة متحركة بثبات، اقتربت استرق النظر بفضول، ابتسمتُ بدمع حارق، ماكانت الكتلة عبثا إنها لعجوز شبه مقعدة تحاول الاعتناء بدجاجة ترقد على بيض مرصوف في وعاء قصديري مكوم بالقش، كانت تغني لها أغنية شعبية نرددها في أعراسنا التقليدية، بصوت شجي...
مللتُ المكوث في هذه الزاوية معَلَّقا بكل عناية في دولاب زجاجيّ أنيق، زكم أنفي عطر الملمع الفاخر وكل عطورهم الباريسية المضمَّخة بريح التعالي و الشموخ... من بؤرتي تلك شاهدتُ كل جلساتهم الخمريّة و علاقاتهم الحميمية و أكلاتهم المتصدعة بنكهة الخنزير البري و التوابل الهجينة الزعفرانية. وأنا أستغفر...
لا أحد انتبه إلى وجوده، خيبة أمل قطعت نياط القلب، كثيرا ما قالوا له إن الشعب يسانده، يمجّده،و أن أحياء كثر، وسموها باسمه، أوسمة متنوعة توجتها عدة ولايات باسمه وصوره قد ملأت الشوارع ووسائل الإعلام في ذلك الزمن السحيق فهونت عليه سنوات السجن والمنفى .لكن الغرابة أدهشته فهول الصدمة محا لهفة السنين...
على تلك الصخرة الملساء أضع رأسي متوسّدا كفي حتى أغرق في سبات عميق، تلقفني الشمس المسكونة بالأحلام والأمنيات تدثرني بدفئها الربيعي منتظرة معي وعود الأجداد... يَرِنُّ الجوّال كعادته مصلصلا، أستيقظ مذعورا، - من المتصل، ألو ألو....؟! لم انتبه إلى المنبّه، نظرت في قائمة المتصلين تراءى لي، اسم...
قالها والدي ثم رحل : ما عاد البشر بشرا، وما صارت المدارس مدارس ولا المجتمع مجتمعا ،بعد أن حوّل العلم العالم قرية كونية صغيرة، الكل منكب، منشغل، مستهتر . لبثت أفكر في رد يشفي الغليل، لكن تعثر بي التفكير، طأطأت خجلا من واقع مترذل وحكم قاس صادر عن حكيم قد خبر الحياة و تقصاها لعقود طوال، و أنا...
قام أفلاطون من مرقده، تجول بفكره الثاقب في أحوال العالم، استغرب ما عاينه، صدم ثم استنفر ملكاته لفهم ما لا يفهمه الفكر الناصع، استطرد وقد أرخى الليل سدوله على كون مليء بالصراعات منعدم الأخلاقيات، تنهَّد ملء صدره العريض المتسع لكل الحضارات في نبرة حزن و أسى حدَّث ظله المتسكع بين ثنايا عقله...
بضراوة قصمت الهموم ظهرها،ثم لفظتها الحياة وحيدة كئيبة انفض الجمع من حولها فخامرتها فكرة عجيبة، حين زارت قبر والدها راحت تجول بين القبور تتعرف على أجوار ه الجدد فتوصيهم خيرا بأبيها المقعد منذ عهود ، بدت لها بعض القبور تئن تتألم تكاد تقطّع نياط القلب الموجوع ، و بعضها تناثرت حجارته وضاعت شواهده ،...
كانت سماؤنا صافية و شمسنا مشرقة وهاجة، حين رن هاتفي، وجفت من رنينه الصادم و استعذت بالله. آه، صديقتي مريم المرحة تدعوني لاحتساء كأس شاي معها، لم أمانع فأنا احتاج هذا اللقاء لتقليص كم التوتر الذي أعيشه هذه الأيام، بحثت عن معطفي وحقيبتي اليدوية وضعتهما بسرعة فائقة،لكنني لم أجد مفتاح سيارتي، بحثت...
- طاق، طاق.... ما هذه الطرقات على رأسي؟ لماذا يضعني على هذه القطعة الحديدية بعد أن ثبتها بين ركبتيه؟ من كان يظن أنني أنتقل إلى هذا البلد الآسن المعنّف اللاهث، أمثلي يفعل به هذا الصنيع ؟ وكيف تخوّل لهم نفسهم أن يكيلوا الضربات هكذا لأنجليزي مثلي وكأنهم يأخذون بثأرهم من بريطانيا العظمى...
واصل سيره في خطه المسترسل نحو الأمام كالعادة ،توغل أكثر فأكثر، لاحظ شيئا ما ملقى على الرصيف شكله مغر،انحنى ليكتشفه . آه! التقط الشريحة ، قلبها يمنة و يسرة، لا خدوش بها إذا دسها خفية في جيبه بعد تفكير و تأمل . راوده الشك و بعض الهواجس فراح يسأل نفسه : – ما الذي تحمله قطعة صغيرة كهذه، و لمن...
استغرب النزلاء الضجة الكبرى التي أحدثتها صافرة الإنذار، و ترددت التساؤلات و الفرضيات ، _ماذا يحدث؟ _ من يفتح لنا البوابة؟ _ من؟ .... ازدحمت الأصوات و اختلطت الفوضى الداخلية بالفوضى الخارجية ولم يظهر أحد من الأعوان أو الحراس. _ فرصتنا الأخيرة في النجاة، هيا نتعاون لاقتلاع كل الحواجز ...
لن تنسى أبدا ذلك الكابوس الذي عاشته بداية الأسبوع الماضي طنين السين يؤرقها لماذا فعلتها؟ تبحث عن الجيم فلا تجد ما تقول،إنها ترهبه كما ترهب ظلمة القبر،من قال لها يومها أن تزور صديقتها بمحلها الخاص ، يومها جَلَسَت تثرثر بعصبية ،مترشفة قهوة مرة المذاق وقد انتثر رذاذها هنا و هناك ، حركة لسانها...
دائما أرنو في منتصف الطريق أشتاق إليك، كسطر في كتابي، ملغز بالحنين بيني وبين الحروف تهرب المعاني تتخفى في خجل توجل من أدوات التنقيط وحروف العلل وبيني وبين الكلام يسقط الارتجال والصوت يخذلنيي يخنقني يجلدني وأنا بين العبرات أتعثر وحدي وبين العتمات أتحسس القوافي مترهلة أتصيد الصبح لتبرق...
لم يرد إزعاجها، أغلق الباب بكل لطف كالمعتاد وغادر البيت إلى الدكان اقتنى ما يلزم للفطور ثم توجه ناحية الفطائري واشترى الفطائر اللذيذة التي كانت تشتهيها بل تحن إليها كلما تذكرت حنو والدها رحمه الله، يمر بالخضار يتزود بكيسي غلة يصنع منهما عصيرا حلوا ثم يعود أدراجه، يحاول فتح الباب بكل تؤدة حتى لا...
هزه الشوق منذ أشهر خلت إلى الرحيل قاصدا روما وشمها على ذراعه وشرع يخطط كغيره. متى وكيف يكون الانطلاق؟ كثرت الأقاويل أنه أصبح مثابرا في ورش البناء، الحصالة الكبيرة أوشكت على الامتلاء، كلما يقول ها قد بلغت المقصود يعلنون ارتفاع التسعيرة ، راح يردد" أيتها العجوز الهرم مهرك غال ، لأجل العيون...

هذا الملف

نصوص
39
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى