جلس ينظر إليها وفي عينيه نظرة هي تعرفها، نظرة المنتظر لأمر ما، نظرة عادية لكنها ترعبها، رغم اختيارها للتوقيت الذي لم تعرف أبدا طيلة عشرة أعوام متى يكون مناسبا كي تطلب فيه منه ما تريد، ورغم لحظات السعادة والانسجام التي حرصت أن تعيشها معه قبل أن تقدم على طلبها والذي لا تدري هل سيقبله أم سيرفضه،...
أتاني القلم منتصبا... يمشي على قدمين
يرسف في أغلال كنت قد أحكمتها عليه من قبل ونسيت؛ ففزعتُ من مرآه على هذه الحالة وقلت غاضبة...
كيف تسللت إلى هنا؟ ألم اخبرك أنني ما عدت أرغب في بقاءك جانبي.. فقال:
أنتِ من استدعيتني!
قلتُ: متى؟
قال: حين تكلمتِ عني
قلتُ: وماذا قلتُ عنك؟
قال: قلتِ...
أما من...
ألقيت بجسدي المنهك على أقرب مقعد، الصعود أصبح مرهقا لمن يعانون ألما في العمود الفقري مثلي، جلست ألتقط أنفاسي بينما ذهب زوجي ليسجل اسمي في كشف المرضى، الأعداد تنبئ بأن يومنا سيطول
" أمامنا عشرة أسماء" همس زوجي في أذني وهو يجلس بجواري، أومأت باستسلام ورحت أمارس هوايتي المعتادة وقت الانتظار في...
أمسك يدي
واقبض عليها براحتيك
واعصرها عصرا
ليسيل منها الخوف والحرمان
وتهدأ في يديك
مرر أصابعك الفتية فوق كفي
واقرأ سطور الغيب ... هل ذا يحتويك؟
أخبرني ... ماذا يقول خط العمر!
أيطول فيه الحزن أم لعله ينقضي!
ويخف ذاك العبء عن قلبي وكتفي
هل سوف أبقى مثل ليلى في القصائد
أم فوق أطلال الغرام سألقى حتفي...
ثمة حلم طاف بخلدي
كتب قصيدة عشق حائر
بين أنين شق سكوني
وبين حنين عاص ماكر
ثمة أمل .. يخشى الفجر
ويمقت ظلمة ليل فاجر
يكتب في عينيك مصيرا
مثل غريب ..خائف .. عاثر
نحمل في قلبينا ضياء
بدد ظلمة خوف جائر
خوف قتل الحلم وليدا
خوف غير فينا مصائر
خوف هزم الحب قديما
ترك فؤادي بجرح غائر
ثمة كلمة ..
هدمت...
حزّمت كل حقائبي
وعزمت يا أمي السفر
لا وجهة لي أرتجيها
لا قبلة... لا مستقر !
وطويت كل حكايتي في دفتر
وكتبت في عنوانه
أمل جريح ينتحر
لا موطنا أبدا يجنبني الهوان
لا بيت يرثيني ولا حتى حجر
لا صحبة تبكي غيابي بحرقة
لا من صديق أو حبيب ينتظر
كل الأماكن تستوي في أعيني
ما دام يسرقنا الزمان ويستبيح من...
يا فؤادي ...
هل تخاف من الهزيمة؟
أم لأنك قد غدوت بغير قيمة
أم لأن الذكريات علتها أتربة الزمان
فصارت الذكرى عقيمة
أم لأنك كنت يوما عاشقا...
نسج الجمال فألبس الدنيا ثياب سعادة
فتمزقت بيد الزمان حبائل الود الحميمة
أم لأنك كنت يوما ناسكا ...
قصد الصلاة ولم يكن في قلبه
إلا قليل من أماني قديمة
أم...
متى تسللت مني؟... وكنت قد أحكمت جدار القلب عليك وأغلقت نوافذ أضلعي،
ووضعت على رأسي تاجا يحمل لؤلؤة نقش عليها اسمك، تلمع في ضوء القمر الفضي، ترسم في الأفق حروفا من نور، وشعاعا يتسلل مني فيضيء طريقا يوما كنت فيه تسير ، آه أيها المعقود في شراييني كانعقاد السكر في الماء، متى ترسبت في أعماق روحي...
سكب الأسى من مقلتيَّ حنينا
وتقاطر الوجد الخفي سخينا
وتضوعت روحي وباتت أضلعي
من فرط وحشتها تئن أنينا
كاد الصباح يغيب منه بريقه
من طول عتمة قلبي المحزونا
وغدوت مثل التائهين تراهم
نحو المهالك دائماً يأتون
كم ضل في شِعَبِ الغرام أحبة
عصفت بهم في الهجر ريح ظنونا
يا من نسيتم أننا كم...
عندما وقع كفها الرقيق بين أحضان كفي، شعرت بانتشاء أخذني إلى عالم لا وعي فيه، ضغطت على يدها كأنما أضغط على شعور بداخلي كي يهدأ ويستكين، تعرّق جبيني وتلعثم الكلام على شفتيّ، لم أجد للكلام معنى وإنما أردت السكوت؛ فالصمت في حرم وجودها عبادة، وأنا ناسك مبتدئ لا يعرف كيف الصلاة.
جلسنا على طاولة...
.........
وقفت مشدوهة أنظر إليه وعلامات الحزن والألم ترتسم على وجهي بوضوح، لم أحرك ساكنا، أدخلتني صورته البائسة وبكاؤة النازف في حالة غريبة من التأمل والتألم، طفل من أطفال الشوارع الذين لا نعلم من أين أتوا، كان صغيرا جدا للحد الذي يجعل حتى الحيوانات الضالة ترأف لحالة، ضئيل الحجم رث الثياب، تلطخ...
أيا قلب
ألم اخبرك منذ صبيحة العشق
بأنك سوف تهواه
وأنك سوف تذكره
إذا كذبت مآقيك وقالت قد نسيناه
وأنك رغم قسوته
ستقسم أن رقته عبيرا قد رجوناه
وأنك يا شديد العزم
بين يديه تصبح مثل يمناه
ألم أخبرك أن الحب ضعف
أبدا ما علمناه
وحزن قد يمزقنا على حلم
إذا يوما فقدناه
وخوف إن تباعدنا تضل خطانا
عن درب...
عقدت العزم أن أنسى
وكنت أظن ..ذا النسيان ..مهما كان
..فى الإمكان !!
فرحت ألملم الذكرى
وأفراحا وأتراحا توالت كلها تترى
وجمّعت ابتساماتي ..وأقلامي ..
وبعض لآلئ الأشعار
إذا ما زرت أحلامي
وجمّعت ابتهالاتي
ودفتر كنت أملأه عبيرا من حكاياتي
وأشعاري ،وأفكاري
وفي أقصى يمين القلب قد خبأت...