وداد معروف

كان هذا هو اليوم الوحيد الذي جلسْت فيه خارج مكتبي، فقد كان العمال يقومون ببعض الإصلاحات في أثاثه، وقفَت أمامي بهامتها المديدة، سألَت زميلة تجلس بجانبي عن إجراءات تسوية للمعاش المبكر. فقد فتحت الحكومة الباب لمن يريد الخروج قبل سن التقاعد، نظرْت إليها بعمق، هذه الملامح ليست غريبة عني! حينما...
لا أعرف هل كان الأفضل أن لا أتقصي عنه؟ وأن أظل غافلة عن كل هذا التاريخ الشائن؟ تمنيت أني لا سألت ولا عرفت، كان كل شيء سيمضي كما خططنا له، حتى اسم ابننا القادم؛ اتفقنا أن يكون لؤي، أيضا البلد الذي اخترناه للعيش فيه معا، كل التفاصيل عشناها في خيالنا، عامان هما عمر حبنا العنيف، خلالهما لم أر منه...
عندما عرضت على أولادي فكرةَ بيعِه لم يعترضوا، بل وافقوني سريعا . أسرع ابني بتعليق اللافتةِ على جداره. هو بيت مميز في الحي الذي يقع فيه، له واجهه كبيرة على ناصية مهمة ، في شارع يضج بالحياة، منذ أن دخلته وأنا عروس أجدد وأجمّل فيه حتى صار فيلا أنيقة، يرتاح من يقيم فيها . لم يستمر الإعلان وقتا طويلا...
مما لا شك فيه أن مصطلح الواقعية قد تبلور على يد الناقد الفرنسي " شا نفلوري champ Fleury " 1821_1889)) ليس هذا فحسب ؛ بل إن المذهب الواقعي قد تطور على يده كما يرى فيليب فان تيغم " فقد رفض شانفلوري جميع الأشكال المعاصرة للأدب الخيالي .ما عدا روايات بلزاك وفي سنة 1852 وضع...
اليوم في المساء سأتسلم جائزة أفضل قصيدة في المهرجان الشعري الكبير، تكريمات كثيرة حظيت بها، صار اسمي لامعا و معروفا في عالم الشعر، تعددت اللقاءات التليفزيونية و الإذاعية، كتبت عني الصحف كثيرا و أقيمت لي الندوات الشعرية في قصور الثقافة و الصالونات الأدبية، كل الحفاوة التي أجدها في كل مكان أطأه...
لفت انتباهه نظرات زوجته له ودورانها حوله وهو يتأنق أمام المرآة، شعر بأن هناك أسئلة تتلجلج داخلها, ربما تحدث نفسها الآن ... لماذا اليوم أخذ كل هذا الوقت أمام المرآة ؟ لأول مرة أراه يصبغ شعره وشاربه ، كل ما يرتديه اليوم جديد بذلته , رابطة العنق ، حتى هذا العطر أتى به أمس رغم أنواع العطور...
حينما أويت إلى فراشي بعد نهاية يوم طويل، بدأته من السادسة صباحا، وتنقلت فيه من مهمة إلى أخرى، ما بين عملي الوظيفي، مرورا بأشغال بيتي، وختامه في المساء، بوردي اليومي في كتابة رسالتي العلمية، وضعت رأسي على المخدة، وأنا أرتب تفاصيل يوم الجمعة، سأبدأه بطقوسه التي أحب، سيكون الفطور كعادتي فيه طبق...
لم أكن أراها على باب بيتها إلا لتصرخ فينا كى نكف عن الجلوس على سلمها ، كان بيتها أشبه بالقلعة المنيعة ، لم أدخله أبدا إلا بعدما كبرت و تزوجت، ولم يكن ذلك في عهدها ، ولكن في عهد الساكن الجديد ، تعودت ألا أرى نوافذه مفتحة ، مساحته كبيرة جدا ، واجهته قبالة بيتنا و تمتد مساحته بعرض أربع بيوت...
استيقظ من نومه مبتسما , فمازال يستشعر دفئها و يغمره سحرها ,جلس نصف جلسة أسند رأسه لقائم السرير , يقطف من حلمه الجميل وعند قطفة لذيذة قال : ماذا تريدين منى يا بلقيس ؟ كأن شمسا طلعت من بين الأمواج أضاءت عتمة عمرى , كان عناقا رطبا حانيا صحوت فلم اجدك بين يدى . عدت مرة أخر تسبحين وتركتنى ؟ وقعت...
جلس في جحره تحت السلّم وأمامه منضدة ، صف عليها دفاتره الخمسة، وقد سطر فيها أسماء ثلاثمائة موظف هم العاملون في تلك المؤسسة . مع أول مطالعة لك للوجوه تظن أنك دخلت دارا للمسنين ، أغلبهم من الأربعين حتى ما قبل الستين بشهور أو أيام ، الشباب فيهم نادر جدا، ويغلب عليهم المعوقون بعد ما اقتصر التعيين...
هذه هي رسالتي التاسعة بعد الألف الثانية التي أرسلها لك, لكنى لا أدرى أهي المائة الخامسة أم السادسة التي أقسم فيها أنى لن أرسل لك, ثم أحنث في قسمي ثانية, أصبحت الكتابة لك نوعا من الإدمان, فكلما مررت بخاطري "كلما ! " كيف كلما؟ أنت بخاطري دائما, تحيا معي حتى في مطبخي, فهذه الأطعمة الشهية وأنا أعدها...
عبارة جعلتني أستوقف استرسالها في الحكي، وأعيدها عليها مرة أخري؛ فلا أذكر أني سمعتها من امرأة قبلها، فما بالي إذا كانت من امرأة في طريقها للطلاق، " كانت رائحته حلوة؛ أكثر ما حببني فيه رائحتُه الحلوة" أضافت عبارة أخرى أدهشتني، حينما عرجنا علي علاقتهما الخاصة؛ - فقالت: كنا متناغمين فيها كسيمفونية،...
أذن الفجر فأزاح الغطاء الثقيل من علي جسده، وزحف متثاقلا شيئا فشيئا من فراشه، توضأ وذهب لمسجد شارعهم، انتصب كجذع جاف في أول الصف، أقام ركوعها وسجودها كما تعلم من شيخ المسجد في خطبة الجمعة، عاد وهو يرتل أوراده البسيطة، البرد شديد هذا اليوم نتف الثلج تتساقط، شرب كوب الحلبة الذي تعودت زوجته أن تعده...
تأملت مواقفها و ما مر بها من محن، لاحظت أنها في كل تلك الكربات التي مرت بها، كانت صلبة صامدة، الصفة التي طالما وصفت بها من المحيطين، شعرت بشغف لتعرف سبب ذلك الثبات الذي عرفت به، أبحرت داخلها لتبحث في قاع ذلك البئر العميق عن سر تلك الصلابة؛ غاصت عميقا جدا وصلت لقاع البئر؛ حينما كانت بعد طفلة لا...
رتبنا المقاعد في السيارة وترموس الشاي وبعض الكيك . حملتُ معه حلمي في رحلتنا الدورية من خميس كل أسبوع إلى البحر، ومع نسمات الغروب وبعد أن أخذت الشمس لونها الأرجواني وهدأ الشاطئُ بمغادرة الكثير من المصطافين، طاب لي أن أفرج عن هذا الحلم الذي يلح عليَّ منذ صباي وحتى هذه السن المتأخرة . يسرا...

هذا الملف

نصوص
41
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى