وداد معروف

راعتني هذه الكلمة وأنا في أول يوم لي في هذا المكتب. إذ كيف تتعامل رئيسة القسم مع موظفة زميلة بهذا الأسلوب! فتقول لها: اخرسي لا تنطقي؟! لم تكن هذه أولى الزواجر التي سمعتها منها هذا اليوم، لكن بمعدل كل خمسة دقائق تصرخ فيها بمثل هذه العبارة، فتخضع لها سمية ، وما إن تهم بالكلام حتي يعود الزجر مرة...
لم أكن أراها على باب بيتها إلا لتصرخ فينا كى نكف عن الجلوس على سلمها ، كان بيتها أشبه بالقلعة المنيعة ، لم أدخله أبدا إلا بعدما كبرت و تزوجت، ولم يكن ذلك في عهدها ، ولكن في عهد الساكن الجديد ، تعودت ألا أرى نوافذه مفتحة ، مساحته كبيرة جدا ، واجهته قبالة بيتنا و تمتد مساحته بعرض أربع بيوت...
حملتها و أنا في طريقي إليهم. أهلت نفسي لاستقبالهم البارد الذي يلسعني في كل مرة أذهب فيها إليهم، حتى يتراءى لي الرجوع نجاة بنفسي من وقع الوجوم الذي يعلو وجه كل من يفتح لي الباب منهم، كأني زائر غريب لم يدخل بيتهم من قبل. في كل مرة أرى عليهم هذا التعبير و أراني تلك الغريبة المتطفلة على تجمعهم...
كان هذا هو اليوم الوحيد الذي جلسْت فيه خارج مكتبي، فقد كان العمال يقومون ببعض الإصلاحات في أثاثه، وقفَت أمامي بهامتها المديدة، سألَت زميلة تجلس بجانبي عن إجراءات تسوية للمعاش المبكر. فقد فتحت الحكومة الباب لمن يريد الخروج قبل سن التقاعد، نظرْت إليها بعمق، هذه الملامح ليست غريبة عني! حينما...
لا أعرف هل كان الأفضل أن لا أتقصي عنه؟ وأن أظل غافلة عن كل هذا التاريخ الشائن؟ تمنيت أني لا سألت ولا عرفت، كان كل شيء سيمضي كما خططنا له، حتى اسم ابننا القادم؛ اتفقنا أن يكون لؤي، أيضا البلد الذي اخترناه للعيش فيه معا، كل التفاصيل عشناها في خيالنا، عامان هما عمر حبنا العنيف، خلالهما لم أر منه...
عندما عرضت على أولادي فكرةَ بيعِه لم يعترضوا، بل وافقوني سريعا . أسرع ابني بتعليق اللافتةِ على جداره. هو بيت مميز في الحي الذي يقع فيه، له واجهه كبيرة على ناصية مهمة ، في شارع يضج بالحياة، منذ أن دخلته وأنا عروس أجدد وأجمّل فيه حتى صار فيلا أنيقة، يرتاح من يقيم فيها . لم يستمر الإعلان وقتا طويلا...
السلم مظلم، لا يسرج لمبة السلم من الجيران سوانا، ذكرتِني كثيرا أن أشتري لمبة للسلم بدلا من التي تلفت، فلأصوب (فلاش ) الهاتف علي ( كالون ) الباب وأفتحه على ضوئه، الشقة على حالها منذ تركتها، الغسيل الذي جمعته من على منشر الغسيل كما هو على كنبة ( الأنتريه ) في الصالة، أوه ...ما هذه الرائحة المنتنة...
مما لا شك فيه أن مصطلح الواقعية قد تبلور على يد الناقد الفرنسي " شا نفلوري champ Fleury " 1821_1889)) ليس هذا فحسب ؛ بل إن المذهب الواقعي قد تطور على يده كما يرى فيليب فان تيغم " فقد رفض شانفلوري جميع الأشكال المعاصرة للأدب الخيالي .ما عدا روايات بلزاك وفي سنة 1852 وضع...
جلس في جحره تحت السلّم وأمامه منضدة ، صف عليها دفاتره الخمسة، وقد سطر فيها أسماء ثلاثمائة موظف هم العاملون في تلك المؤسسة . مع أول مطالعة للوجوه تظن أنك دخلت دارا للمسنين ، أغلبهم من الأربعين حتى ما قبل الستين بشهور أو أيام ، الشباب فيهم نادر جدا، ويغلب عليهم المعوقون بعد ما اقتصر التعيين على...
اليوم في المساء سأتسلم جائزة أفضل قصيدة في المهرجان الشعري الكبير، تكريمات كثيرة حظيت بها، صار اسمي لامعا و معروفا في عالم الشعر، تعددت اللقاءات التليفزيونية و الإذاعية، كتبت عني الصحف كثيرا و أقيمت لي الندوات الشعرية في قصور الثقافة و الصالونات الأدبية، كل الحفاوة التي أجدها في كل مكان أطأه...
راعتني هذه الكلمة وأنا في أول يوم لي في هذا المكتب. إذ كيف تتعامل رئيسة القسم مع موظفة زميلة بهذا الأسلوب! فتقول لها: اخرسي لا تنطقي؟! لم تكن هذه أولى الزواجر التي سمعتها منها هذا اليوم، لكن بمعدل كل خمسة دقائق تصرخ فيها بمثل هذه العبارة، فتخضع لها سمية ، وما إن تهم بالكلام حتي يعود الزجر مرة...
على موعده الدائم "الخميس من كل أسبوع" تنتظره نساء قريتنا، ضعيف البنية، قصير، دقيق ملامح الوجه، له صوت جهوري، تتعجب حين تسمعه ، كيف لهذا الصوت أن يخرج من هذا البدن الهزيل! عباراته قاطعة لها قفلات محكمة، لو سمعت نداءه دون أن تراه لخيل إليك أنه قائد جيش ينادي على جنده ليتجمعوا في ساحة المعركة، تحول...
لفت انتباهه نظرات زوجته له ودورانها حوله وهو يتأنق أمام المرآة، شعر بأن هناك أسئلة تتلجلج داخلها, ربما تحدث نفسها الآن ... لماذا اليوم أخذ كل هذا الوقت أمام المرآة ؟ لأول مرة أراه يصبغ شعره وشاربه ، كل ما يرتديه اليوم جديد بذلته , رابطة العنق ، حتى هذا العطر أتى به أمس رغم أنواع العطور...
حينما أويت إلى فراشي بعد نهاية يوم طويل، بدأته من السادسة صباحا، وتنقلت فيه من مهمة إلى أخرى، ما بين عملي الوظيفي، مرورا بأشغال بيتي، وختامه في المساء، بوردي اليومي في كتابة رسالتي العلمية، وضعت رأسي على المخدة، وأنا أرتب تفاصيل يوم الجمعة، سأبدأه بطقوسه التي أحب، سيكون الفطور كعادتي فيه طبق...
لم أكن أراها على باب بيتها إلا لتصرخ فينا كى نكف عن الجلوس على سلمها ، كان بيتها أشبه بالقلعة المنيعة ، لم أدخله أبدا إلا بعدما كبرت و تزوجت، ولم يكن ذلك في عهدها ، ولكن في عهد الساكن الجديد ، تعودت ألا أرى نوافذه مفتحة ، مساحته كبيرة جدا ، واجهته قبالة بيتنا و تمتد مساحته بعرض أربع بيوت...

هذا الملف

نصوص
53
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى