وداد معروف

حملتها و أنا في طريقي إليهم أهلت نفسي لاستقبالهم البارد الذي يلسعني في كل مرة أذهب فيها إليهم، حينها يتراءى لي الرجوع نجاة بنفسي من وقع الوجوم الذي يعلو وجه كل من يفتح لي الباب منهم، كأني زائر غريب لم يدخل بيتهم من قبل ، في كل مرة أرى عليهم هذا التعبير و أراني تلك الغريبة المتطفلة علي تجمعهم...
كعادتي جلست أختم صلاتي علي سجادتي، جاء صوت بكائه المعهود، علي مدار اليوم يأتيني صوته من العمارة المجاورة لعمارتنا، منذ شهر و هذا الصوت يطربني، يحدث فيَّ شيئا لم أتوقف له إلا في هذه اللحظات، أمسكت بنفسي و أنا متلبسة بهذا الشعور، أيبكي هو و أنتشي أنا! لِمَ؟ تذكرت أني في كل مرة يصلني صوت بكائه...
انتهت من تناول قطعة الشيكولاته التي حرصت علي تناولها في صباح كل يوم عصيب كهذا اليوم، دست الأوراق في حقيبتها وأسرعت بمغادرة المؤسسة التي تعمل بها، قطعت المسافة من مكان عملها (بيت العنكبوت ) كما تسميه دائما وهي تستعرض في مخيلتها رحلتها خلف كل توقيع من هذه الوجوه العكرة التي ابتليت بالوقوف أمامها...
كان عليَّ أن أذه - ب مسرعا لأكمل مطلوبات السفر للخارج، بعدما أعادني مسئول السفارة لمرور أكثر من عام علي الصور التي قدمتها مع الأوراق، سألت عن استديو كي ألتقط صورا فورية لألحق مكاني في الطابور الطويل، بعد أن رجوت مَن أمامي ومَن خلفي أن يحفظوا لي موقعي حتى أعود بالصور الجديدة، عمارة قديمة جدا...
كنت خارجا للتو من مكتب المدير, ممتلئ قلبي بالغيظ والغضب, تعوَّد على أن يرفع صوته على كل موظفي الإدارة, يواري ضعفه بصوته المرتفع؛ هكذا قال لي زميلي شعبان, حينما خرج من عنده ملطخا بشتائمه وكلمات التنقيص التي أدمنها, قال لي بأسًى وقهر لا أنساهما: هذا الرجل يواري ضعفا ما في هذا الصوت الرهيب, -...
يسافر مسعد كل يوم إلى محافظة من المحافظات القريبة من محافظته ، إقترب من الستين ومازالت المسئوليات كما هى بل ربما زادت، تزوجت ابنته الكبرى ، وانتهى ابنه من الجامعة، لم يجد عملا بشهادته الجامعية، بعد طول بحث وجد عملا فى محل لبيع الهواتف المحمولة ، مازال لديه ثلاث أبناء مابين الثانوى و...
على مائدة فى زاوية من الغرفة وضع قارورة الزيت وزجاجة الماء المثلج ومجمرة البخور, أشار إليها أن تتمدد على السرير, انقبضت من هذا الطلب, لكن إشارة أمها جعلتها تلقى بطرحتها جانبا وتستجيب, ثبتت عيناها فى السقف لتهرب بهما من عينيه, بدأ يتلو عليها آيات القرآن ؛ لا تعرف لماذا خفت صوته وتطلسمت كلماته...
راعتني هذه الكلمة وأنا في أول يوم لي في هذا المكتب. إذ كيف تتعامل رئيسة القسم مع موظفة زميلة بهذا الأسلوب! فتقول لها: اخرسي لا تنطقي؟! لم تكن هذه أولى الزواجر التي سمعتها منها هذا اليوم، لكن بمعدل كل خمسة دقائق تصرخ فيها بمثل هذه العبارة، فتخضع لها سمية ، وما إن تهم بالكلام حتي يعود الزجر مرة...
على موعده الدائم "الخميس من كل أسبوع" تنتظره نساء قريتنا، ضعيف البنية، قصير، دقيق ملامح الوجه، له صوت جهوري، تتعجب حين تسمعه ، كيف لهذا الصوت أن يخرج من هذا البدن الهزيل! عباراته قاطعة لها قفلات محكمة، لو سمعت نداءه دون أن تراه لخيل إليك أنه قائد جيش ينادي على جنده ليتجمعوا في ساحة المعركة، تحول...
أنا التي تشبهها في كثير من ملامحها الجسدية، ورثت عنها اللون الأبيض الزهري، ووجهها المستدير ذا البشرة الناعمة، رقبتها الملفوفة اللافتة التي تدهش كل من يراني و يعرفها، فورا يقول لي: أنت من تشبيهين جدتك الضي، أسعد بانتسابي لها وأني أحمل ملامحها الطيبة، كنت أطير فرحا كلما أرسلتني والدتي إليها، أسباب...
اكتملت زينة العروس الصغيرة، أتى عريسها، أمسك بيدها، وخطا بها نحو بيته الجديد ، صحبها أهلها وأصدقاؤها وحين وضعت قدمها على أول درجة من درجات السلم أطلقت أختها زغرودة ممتدة ثم بدأت في أخرى قطعتها أخت العريس بصرخة حادة وهي تقول: توقفي جرحنا مازال جديدا . وجم المدعوون، انقبض قلب العروس، استمرت في...
الفقر بيني وبين امرأتي، حتى في فراشنا يشاركنا الفقر، يحرمني منها ويحرمها مني، هذه الكلمة التي قالتها الآن فلقت كبدي، تظنني أعطيتها ظهري غضبا عليها، لا والله فلها ألف حق. لن أسامحك يا عطوة! حرمتني من حقي فيك ومن حريتي في غرفة تجمعنا بعيدا عن فرقة العيال النائمة معنا فوق السرير وتحته...
عن دار النابغة صدرت المجموعة القصصية "لكنني أنثى"للأديبة وداد معروف . تحتوي المجموعة القصصية على سبع عشرةقصة منها: الجدة وسيلة قارورة العسل، خالتي فريدة ،مساؤك النسرين،رماد العمر وغيرها بالإضافة إلى سبع ومضات قصصية النص السردي حكاية وخطاب في الآن ذاته. إنه حكاية بإثارته لواقع ولمجموعة من الأفعال...
"ومن الكلمات طعنات" نطقتها وكانها تذرفها . فلم تكن تدرى أن كلمة نطقتها ستجر عليها كل تلك المتاعب وضعت يدها على قلبها لتوقف نزيف الطعنة التى صوبها لها حالا , أوشكت على السقوط أمسكت بطاولة الطعام ألقت نفسها على اقرب مقعد أسندت ظهرها وأغمضت عيناها وتركت سياط الندم تجلدها , وجاء السوط الاول...
- تأمّلتها... كسرات رقيقة على جانبي العينين... بعض التجاعيد الدقيقة بدأت تحاصر الفمّ... قناتان عميقتان أسفل الخدّين... - مسحت على لمتها المنسدلة وهى تخاطبها: " تبًّا لكِ أيُّتها المرآة... وددت لو حطّمتك... أهذه أنا؟!!! - لم يتبقَّ لي من جمال آسر إلا ذلك الّلون الخمريّ؟! - كدّرت بشاشته تلك...

هذا الملف

نصوص
52
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى