وداد معروف - فراش من قش

اكتملت زينة العروس الصغيرة، أتى عريسها، أمسك بيدها، وخطا بها نحو بيته الجديد ، صحبها أهلها وأصدقاؤها وحين وضعت قدمها على أول درجة من درجات السلم أطلقت أختها زغرودة ممتدة ثم بدأت في أخرى قطعتها أخت العريس بصرخة حادة وهي تقول: توقفي جرحنا مازال جديدا . وجم المدعوون، انقبض قلب العروس، استمرت في الصعود، أشار لهم أخو العريس إلى الصالون لالتقاط بعض الصور، دخل كل من حضر كادر الصور صغار وكبار، انتظرت سلوى أن تسمع أغنية فرح أو موسيقى تنشر البهجة في أرجاء البيت، بدأت الفرحة تخفت شيئا فشيئا داخلها، بدا صلاح ضاحكا دائما يهش لكل من يسلم عليه مهنئا، خلا الفرح من أي مظاهر للفرح . ما ضاعف انقباضها كان كتمان الفرح في صدر أهلها, دار خلاف طويل بين أهلها وأهل صلاح لرفضهم ترك البيت لهما ليتزوجا فيه، كانت رغبتهم أن يظلوا معه وأن يتركوا بيت العائلة للإيجار وأخيرا رضخوا لرغبته فقد كان هذا البيت هو ثمرة عمله لسنوات طويلة في الخارج، مالت أختها الكبرى على أذنها تهمس لها أنهم مازالوا ينقلون أثاثهم حتى هذه اللحظة، فتحت فمها مندهشة، ولكنها حبست الكلمات داخلها، لم يكن هذا وحده هو ما حُفر في ذاكرتها من تلك الليلة ولكن هذه الطبقة الكثيفة من القش التي فُرش بها مطبخها وقد وقفت أمامها حائرة بعد أن خلا البيت من الناس وهي تُسائل نفسها أي عروس أنا التي تستقبل بهذا الفراش من القش ويمنع عنها أي صوت يبعث الفرح؟ توجهت لصلاح بالسؤال : ما هذا القش ؟ ولم تركوه خلفهم؟
وجاءت اجابته صادمة لها قال بنبرة مترددة : لقد كانت أمي تستقبل المعزين في زوج أختي هنا .
اليوم أيضا وبعد أسبوعين من الوفاة تستقبلهم وهنا ! !
و همست لنفسي ولم أبدها له" يا لها من أم حنون لم تشأ أن تغادر بيت العروسين وظلت تستقبل المعزين حتى آخر ساعة قبل حضور العروس المحظوظة" .
صحوت في صباح ليلة عرسي على الجردل والخيشة والمسّاحة ، كنست كل الغرف ، جمعت القش في جوال، مسحت كل شبر من أرض المنزل حتى استعاد بريقه، وبينما أنا منحنية على بلاط الأرضيات أعمل فيه الفرشاة لأميط عنه الأذى رفعت عيني فوجدتها منتصبة تنظر إليّ وتقول: نشيطة أنت, صحوت مبكرا ونظفت البيت جيدا.
خفضت رأسي و أكملت عملي .
كانت قد جاءت لتطمئن على أن ابنها قام بالمهمة كما يجب ومن عجب أنه لم يقم بها كما يجب .



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى