وداد معروف - صوت أخضر

كعادتي جلست أختم صلاتي علي سجادتي، جاء صوت بكائه المعهود، علي مدار اليوم يأتيني صوته من العمارة المجاورة لعمارتنا، منذ شهر و هذا الصوت يطربني، يحدث فيَّ شيئا لم أتوقف له إلا في هذه اللحظات، أمسكت بنفسي و أنا متلبسة بهذا الشعور، أيبكي هو و أنتشي أنا! لِمَ؟
تذكرت أني في كل مرة يصلني صوت بكائه أقول لزوجي : أتسمع هذا البكاء؟ يقول لي نعم، يبكي كثيرا
فأقول له : لا أدري لم تتركه أمه يبكي هكذا؟ تتركه طويلا يبكي!
لعلها مشغولة، هكذا يقول زوجي
كثيرا ما أتخيلها أنثى و ليست و لدا، ربما لأني دائما ما كنت أتمنى أن تكون لي إبنة، أنا الآن في وقت لا أتمنى بنتا و لا ولدا، فقد أغلقت هذا الجرح تماما وبرئت منه، ما الذي ربطني بهذا الصوت و جعلني أنتبه مهما كنت مشغولة حينما يتناهى لأذني؛ فأرهف سمعي و أنصت بسعادة لم أجدها في نفسي من قبل، عرفت الآن و أنا على سجادتي لِمَ يشغلني صوت الطفل حديث الولادة، و الذي لا أعرف وجهه ولا وجه أمه و لا من أي شقة في العمارة يأتيني، فهذا الصوت الأخضر يبث ماء الحياة في صحراءعمري، ربما لو كان عمره أكبر لم يكن ليشغلني كهذا الأخضر الرنان، صوت متقطع واء واء، حلم لم يتحقق لي، لست حزينة، فقد ولت أيام الحزن، قمت و طويت السجادة و خرجت للشرفة لأسمع هذا الصوت الأخضر بتلك الواء الواء ، أرطب قلبي اليابس بنداوة خضرتها، نظرت لكل الشرفات و تبسمت


- من مجموعة القصصية الجديدة مس كليوباترا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى