فوز حمزة

فتحتُ الباب ، وألقيتُ بنفسي داخل سيارة الأجرة. لم تصدرْ مني غير كلمة واحدة وجهتها للسائق : إلى البحر!. الجو الخانق، وضجيج السيارات، ووجوه الناس القلقة المتعبة، كل ذلك دعاني لأبحث عن متنفس آخر. لم أجد أفضل منه ، وهاهو أمامي ، كبير عظيم !. أيّ راحة تهبط عليَّ عندما أكون قربه ، نسماتٌ عذبة تداعبُ...
المصادفة جمعتني به في حفل لإحدى صديقاتي. كان قريبًا لزوج تلك الصديقة، ما إن عرفتني به حتى بادرني بسؤال: - هل أعرفكِ من قبل؟. أجبته وأنا أتفرس في ملامح وجهه: - لا أعتقد، فأنا لا أنسى وجهًا قابلته أبدًا!. زمَّ شفتيهِ وفتحَ عينيهِ دلالة الإعجاب ثم دعاني للجلوس قربه. بدا طوال السهرة هادئًا متزنًا...
استيقظتْ العصافيرُ والطّيورُ على صوتِ فأس الفلاح وهو يحاولُ قلعَ الشّجرة العجوز بعد أن أمرهُ سيد المزرعة بذلك، فرحتْ جميع الطّيور حينما علِمتْ بالأمر، فالشّجرة لم تعد نافعة وأغصانها يابسة لا يستطيعُ أي طائر من بناءِ عشٍ فوقها، لكن طائر الكركي الحكيم والذي يسميه سيد المزرعة " النبيل لزمنٍ مضى"...
إحدى الرّوايات القديمة تقول: أحبَّ رجلٌ امرأة حسناء، ولم يدرك ذلك إلّا في نهاية الرّواية، بعد أن توالت الفصول وسقطت الأوراق في وحل النسيان. عزاؤه أن ورقة واحدة بقيت عالقة في ذاكرة الأشّتياق، تركها بيضاء ليدوّن عليها بحبرهِ الأسّود هزائمه المسّتمرة، وحربه التي خاضها مع نفسه ولا يدري مَنْ منهما...
فتحتُ عينيّ ببطءٍ شديد، هديرُ أمواج البحر القادم من النافذة، كان أول ما تناهى إلى سمعي وحينئذ تذكرت حالما درتُ ببصري في أرجاء الغرفة أنني لستُ في بيتي، لستُ في فراشي. نهضتُ، بحذرٍ أبصر هذا العالم الغريب الذي وجدتُ نفسي فيه، كانتْ الأرض رخوة تحت قدميّ والفراشات تملأ المكان. هل أنا في حلم؟. ومتى...
بيرانديللو هو هر زوجتي .. لا تسألوني عن اسمه الغريب، لقد تزوجتها ولم يخطر ببالي مرة سؤالها عن اسمه، أخبرتني بعدها أن والدها أستاذ المسرح، قدمه لها هدية في ذكرى ميلادها الخامس عشر وهو مّنْ اختار الاسم. كنت أتعمد تجاهله، مَنْ بيرانديللو هذا لأضع نفسي في مقارنة معه؟!. مع ذلك، كلما سنحتْ لي الفرصة،...
سأبدأ الموضوع بسؤال قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين منا .. هل الأدب بخير؟!. ومن رحم هذا السؤال .. يلد لنا سؤالًا آخر أكثر أهمية ٠٠ مَنْ هو الذي يملك حق الإجابة؟. إذًا لابد من التوقف طويلًا عند سؤال يطرحه الموقف .. مَنْ يملك الحق في تقييم أي تجربة أدبية لأي كاتب؟. هل هو القارئ العادي الذي يُخضع...
بعد احتسائه للقليل من قهوته الساخنة .. نفث دخان سيجارته على وجهها المندهش قائلًا لها : - هل حقا تشعرين بالانتصار؟. تأكدي أنه شعور مؤقت .. عندها سترتدين الندم لأنه يليق بكِ .. عدوكِ الذي اخترتِ مقارعته .. هو الذي لا يليق بكِ . أما هي فالحذر الذي كان يملي عليها ما تفعل في هذه اللحظة الحرجة ...
كانت الإلهة الكبرى تتأمل الكون عبر نافذتها الفضية حينما سمعت همسًا خلفها : إلهتي المبجلة، على طرف لساني كلمات تأبى إلّا أن ألقيها أمامك، هل تسمحين؟. التفتتْ نحوه قائلة : - تكلمْ أيها النبي، أراك قلقًا!. سألها وعيناه متقدتانِ من الوجدِ : - لماذا يا مولاتي حينما أراكِ، يولد في داخلي إحساس عميق من...
عَبْرَ الواتس آب، والفجرُ يحاولُ التسللَ من بين ظلمة الليل لينثر بهاءه على كل شيء، كتب لها: حين ودعتكِ الليلة الماضية، وددتُ إخباركِ أن عينيكِ تائهتان في عتمة المساء، لكنهما مضيئتان من الداخل، بوابتان للأسرار، تخفي وراءها ما لا يمكن توقعه!. ثمة نور تسلل منهما وقفَ فوق ضفاف قلبي، أكد لي أننا...
استدار البائع قائلًا وفي نبرة صوته شيء من أسف: - اللون الذي طلبته قد نفد، هل ترغب بلون آخر؟!. ما رأيك بالرمادي؟. لم يسمع ما قاله البائع، إذ كان يحدق صوب فتاة تحاول العبور إلى الرّصيف المقابل، ترتدي فستانًا أرجواني اللون وعلى خصرها حزام أسود رفيع، قال بذهول محدتًا نفسه: - إنها هي .. هي! أسرعَ...
تحت سماء ذات لون دخاني كثيف وشمس على وشك الغروب، هبطتْ الطّائرة في مطار مدينة صوفيا. لم أكنْ أحمل سِوى حقيبة صغيرة وجهاز كمبيوتر كانا معي على متن الطائرة، لذا اتجهتُ مباشرة صوب محطة المترو التي تبعد أمتار قليلة عن المطار. وأنا أقرأ أسماء المحطات على الشّاشة داخل المترو، قطع عليّ أفكاري رجل مسّن...
رفعتْ رأسها من على كتاب الرياضيات لتقول لي: - عمة أريد أسألج سؤال باعتبارج من جيل الطيبين .. التفتُ إليها وعلامات استغراب بانتْ بوضوح على وجهي.. تماسكتُ ثم ابتسمتُ وقلت لها: - حبيبتي شنو تقصدين بجيل الطيبين؟. بثقة وإصرار ردّتْ: - عمتو قصدي إنتوا إللي اجاوزتوا الأربعين...
لا أدري إن كنتُ صائبة فيما أخفيتهُ عن زوجي المثقف، شديد العمقِ والملاحظة، من سرّ !. في العاشرة مساءً وبينما هو يقرأ في كتاب ما، وقد اعتلتْ عينيهِ نظارتهُ الطبية اللندنية، أوجّستُ خيفةً لئلا يلحظ اضطرابي، أوشرودي فيسألني إن كان هناك ما يشغلني؟. كنتُ على حافة الوقوع في إخباره بعد رؤيتي لتلك...
محمداوي رجل جزائري مجفف بالوحدة، مشدود للحلم، لم يلتقيها صدفة، ولم يكن على موعد معها، استأنف حديثه: محمداوي قَدِمَ إلى القاهرة بدعوة من مهرجان كبير نال فيهِ المركز الأول في الرواية ليمثل بها بلده، أما صابرين ابنة اليمن، فكانت شاعرة يشار لها بالقلب قبل البنان وبهذا استحقت أن تكون الأولى واستطرد...

هذا الملف

نصوص
151
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى