فوز حمزة

أنا لا أخافُ الوجوه، بل أخشى النوايا.. أندهشتُ لقراءتي هذهِ العبارة تحت صورة جاري ( محيسن ) حينما أرسلَ لي طلب صداقة جديد متذرعًا أن صفحته القديمة قد تعرضتْ للسرقة أو للـ ( التهكير ) على حد قوله!. قبلتُ طلبهُ مفكرًا في اللصِ الإلكتروني الذي لم يجد سوى صفحة محيسن ليسرقها، ربما - وما زال الحديث...
استيقظتُ هذا الصباح، لأجد في نفسي رغبةً شديدةً في الانتحارِ، شعرتُ كأننّي أمتلكُ عيونًا أخرى للحياةِ خالية من الدهشةِ التي فقدتها عندما كان عمري ثلاثة عشر عامًا. سأتحلى هذه المرة بالشجاعةِ أكثر من المرة السابقة التي انتهتْ بالفشلِ عندما تم انقاذي في اللحظات الأخيرة، أو ربما كانت لدي بقايا رغبة...
ماذا أحتاجُ لأكتبَ عنكَ ربما إلى سُلّم دونَ ذاكرة أو وردةٍ إثر سقوطها من الشجر إلى تسعينَ عامًا تومضُ في العروقِ إلى صوتِ المطرِ فوقَ زجاج نافذتي أو ساعات تسري ثوانيها في دمي أحتاجُ للقمر في أبهى التجلياتِ للشمسِ وقت المَغيبِ لليلِ عندَ الشواطئ لنبيذٍ أحمر نغرقُ فيهِ أحتاجُ إلى قُبلةٍ وضمةٍ...
أحبُّ كتابةَ القصصِ على ضوءِ النهارِ، لأمنحَ شخصياتي من الصبحِ إشراقتهِ، ومن الشمسِ وضوحها، أو ربما هو هاجسٌ كي أجعلها نسخًا مكررة مني ولِمَ لا ؟ ألستُ أنا مَنْ خلقها ؟. بطلٌ ورقي من أبطالي - كنتُ أفضلهُ على الآخرين - استفزهُ ما كتبتُ ، فقال لي بعد أن وضع ساقًا فوق ساق: ماذا قلتِ؟ تجعلينني...
حين اختمرتْ الفكرة في ذهنِ (كوشولو)، وأخذتْ حيزًا كبيرًا من تفكيرهِ، عزم على تنفيذ ما خططَ له، لم تكن المشكلة في مغادرة كوكبه (ودمدناسي ) لبضعة آلاف من السنين، بل ما أثار قلقهُ وربما حزنهُ حرمان نفسهِ من متعة كان قد تعود على فعلها كل يوم ألا وهي التخاطرُ مع ابنه الذي ما زال جنينًا في عامهِ...
سألني صديقي، الذي لا يقابل في غرفتي أحدًا غيري: ما الذي فعلته في الأيام الماضية حينما غبتُ عنك؟ أجبته: كالعادة، مرت الأيام بشكل روتيني، لكن الغريب هذه المرة أنني ما أن أضع رأسي على الوسادة، حتى تتزاحمُ الأحلام عندي! صديقي هذا لا يفكر في مقاطعتي أبدًا. اكتفى بهز رأسه مشجعًا لي على متابعة...
كبرتُ يا سيدي .. حقًا كبرتُ! حينما وجدتني أطيل المكوث مع أنا دون أن أضجر .. دون أن أشعر بالسخط كما في كل مرة كنت فيها أنطوي مع نفسي العجيبة .. كبرتُ حقًا حينما بدأتُ أبدلُ من بعض عاداتي في شرب القهوة .. فأحتسيها باردة لأتذوق طعم الصبر والتأني .. كبرتُ حينما وجدتُ نفسي متمردة على الواقع بكل...
عند الفجر، كتبتُ له على صفحتي في الفيس بوك: " أنا وفيروز وقهوتي وعصفور حائر خلف النافذة، كلنا بانتظارِ صباحكَ "!. حاولتُ بعدها العودة للنومِ كي لا أشعرً كم هو ثقيل الوقت فوق مقاعد الانتظار!. كم هي وقحة الساعات وهي تنصت لأمواج قلبي الهائجة!. عشرات التعليقات وجدتها تحت المنشور، لكني كنتُ أفتشُ...
وأنا أحتفلُ بعيد زواجي التاسع والعشرين من زوجي الخامس، تذكرتُ زوجي الأول، في الحقيقة لا عذر لي في الاقترانِ بهكذا رجل سوى قلة خبرتي، ورؤيتي السطحية آنذاك للأشياء. كنتُ في المرحلة الأولى من الجامعة حين قابلت طالبًا وسيمًا، طويلًا، لبقًا، هذه الصفات، جعلتْ منه محط أنظار الكثير من الطالبات، لكنه...
خيّرني زوجي بين الذهابِ معه لشراء دواء من الصيدلية التي تبعد مسافة عشر دقائق عن مكان تواجدنا أو أن أنتظره، وأحتسي على مهل قهوتي اللاتيه لحين عودته. بالتأكيد لم أفكر طويلًا، فالقهوة في هذا الجو لها تأثير كبير على تخفيف قسوة البرد مع منحي فرصة للصمت، وللتأمل. جلستُ على مصطبة حديدية تبعد تقريبًا...
لم يكن أمام سناء سوى الذهاب إلى بيتِ جارتها زهرة بعد مشاجرة حدثتْ بينها، وبين زوجها لتنتهي مشاجرتهما مثل كل مرة بالتراشق بالألفاظ، وتبادل الاتهامات، لكنْ هذه المرة تجاوز الأمر الحد حينما تلقتْ صفعة مباغتة من زوجها متوعدًا إياها بالمزيد إن لم تكف عن الكلام. ما في سناء من غضب، منع عنها الإحساس...
كم من المصادفات تجمعت هذا النّهار كي أراها بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على آخر لقاء لنا ؟!. وأنا داخل المقهى، رأيتها واقفة قرب إحد المحال التّجارية تحمي نفسها من المطر، في ثوان وقبل أن تملأ قطرات المطر لوح الزجاج لتغيم الرؤية بيني وبينها، عادت ذكريات وصور اليوم الأخير الذي قضيته برفقتها، لكن...
فتحتُ الباب ، وألقيتُ بنفسي داخل سيارة الأجرة. لم تصدرْ مني غير كلمة واحدة وجهتها للسائق : إلى البحر!. الجو الخانق، وضجيج السيارات، ووجوه الناس القلقة المتعبة، كل ذلك دعاني لأبحث عن متنفس آخر. لم أجد أفضل منه ، وهاهو أمامي ، كبير عظيم !. أيّ راحة تهبط عليَّ عندما أكون قربه ، نسماتٌ عذبة تداعبُ...
المصادفة جمعتني به في حفل لإحدى صديقاتي. كان قريبًا لزوج تلك الصديقة، ما إن عرفتني به حتى بادرني بسؤال: - هل أعرفكِ من قبل؟. أجبته وأنا أتفرس في ملامح وجهه: - لا أعتقد، فأنا لا أنسى وجهًا قابلته أبدًا!. زمَّ شفتيهِ وفتحَ عينيهِ دلالة الإعجاب ثم دعاني للجلوس قربه. بدا طوال السهرة هادئًا متزنًا...
استيقظتْ العصافيرُ والطّيورُ على صوتِ فأس الفلاح وهو يحاولُ قلعَ الشّجرة العجوز بعد أن أمرهُ سيد المزرعة بذلك، فرحتْ جميع الطّيور حينما علِمتْ بالأمر، فالشّجرة لم تعد نافعة وأغصانها يابسة لا يستطيعُ أي طائر من بناءِ عشٍ فوقها، لكن طائر الكركي الحكيم والذي يسميه سيد المزرعة " النبيل لزمنٍ مضى"...

هذا الملف

نصوص
193
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى