فوز حمزة

أنا لست قصتي .. فالقصة وهم من نسج الذاكرة .. أنا لست أفكاري .. لأنها وليدة المشاعر .. والمشاعر لا تعرف سوى الحزن .. أنا لست الماضي .. لأني لا أدركه .. لست المستقبل .. لأني لا أراه .. أنا بدون اسم بدون هوية .. هذا الكون وأنا واحد .. غير قابلين للقسمة ٠٠ لا أعرف الانتظار .. لا أحسن التأمل .. أنا...
فتحتُ عينيّ ببطء شديد، هدير أمواج البحر القادم من النافذة، كان أول ما تناهى إلى سمعي وحينئذ تذكرت حالما درتُ ببصري في أرجاء الغرفة أنني لست في بيتي، لست في فراشي. نهضت بحذرٍ أبصر هذا العالم الغريب الذي وجدت نفسي فيه، كانت الأرض رخوة تحت قدمي والفراشات تملأ المكان. هل أنا في حلم؟ ومتى كانت...
كورت أطراف عباءتها قبل أن تهم بصعود الحافلة التي غطى هدير محركها على كل الأصوات. وهي تخطو بين المقاعد، فكرت بالجلوس قرب امرأة ترتدي زي المدينة، لكن يد والدتها دفعتها للسير نحو المقاعد الخلفية لتجلس قرب نافذة مغبرة مليئة من الخارج ببراز الطيور. جسد والدتها البدين أجبرها على التزحزح نحو الداخل...
ذات ليلة، وكان ذلك في منتصف أكتوبر، حلمت كأني تحولت لامرأة أخرى، امرأة لا تشبهني ، ولأنها لا تشبهني، تعرفت عليها بسهولة. هذه المراة وأنا كنا نملك ذات الجسد، لكن أشياء كثيرة بيننا كانت مختلفة، مثلا كانت تجد متعة كبيرة في السفر بمفردها، لا تكره القطارات، تحب الجلوس على ساحل البحر وقت الفجر، لا...
هذا الصباح .. وأنا أحدق في سقف غرفتي .. طرأت في رأسي فكرة لا أدري كيف كانت غائبة عني ألا وهي التخلص من عاداتي القديمة .. وقت طويل من حياتي مرّ منذ أن أصبحت أسيرة لها .. شعور تمكن مني من أنني بتلك العادات بنيتُ سجناً كبيرا ومظلما وأدخلت نفسي فيه بإرادة مني ٠٠ حان الوقت للتحرر منها ... راقتْ لي...
بحثَ وليد حالَما أستيقظ عن هاتفهِ النقال، انتهتْ محاولاته بالفشلِ. بدأ ينادي بصوتٍ عالِ على والدته المنشغلة بإعداد الفطور، استغرابها كان كبيرًا وهي تسمع منه كلمة النقال، قالت له: ربما تقصد هذا، وأشارت إلى الهاتف الأرضي. كان يظن أنها تمزح معه بينما نظرات والده نحوه أكدتْ أن هناك شيئًا غريبًا قد...
ولدتني أمي في عربة صغيرة تجرها بجعتان، الوقت كان فجرًا و آلهة الجمال الأنثوي كانت تقود تلك العربة. بعد عدد لا يحصى من السنين، أصبحت نجمة، حينها أخبرتني السماء أن أشياء كثيرة تعاونت على أن أكون دائمًا مضيئة، وهذه الأشياء هي ذاتها من تصنع أقدار الناس ، قد تبدو مختلفة، لكن ثمة خيوط سحرية غير مرئية...
وجد نزارغالي بعد أن أُغلِقَ باب القطار أنه الراكب الأخير. توقف هنيهة ليستعيد أنفاسه ثم بدأ بالتخطي في الممرات باحثًا عن مقعد رقم 26 وما أن عثر عليه حتى ألقى بجسده عليه مادًا يده في جيبه الشمال ليتأكد من أن المسدس ما زال في مكانه. انتبه للفتاة الجالسة قبالته والتي كانت تنظر إليه بطرف عينيها وهي...
مرت ساعة منذُ أن تم إيقافه في مخفر الشرطة. اجترت ذاكرته أحداث اليوم السابق، والأسبوع الماضي، بل جاهد أكثر ليتذكر ما حصل الشهر الفائت. استحضر صور أشخاص تحدث معهم، وجوهًا قابلها، أعاد مع نفسه الأحاديث التي تبادلها مع آخرين عله يعثر على شيء يدينه، لكن ذلك لم يأتِ بنتيجة. صداع ألم به جرّاء هبوط...
شطيرةُ البيضِ المسلوقِ مع الطماطمِ والزيتونِ الأخضر إلى جانِبها فنجانِ شايٍ ساخنٍ جدًا جدًا هو فطوري المفضل، لكن ذهابَ زوجتي في زيارةٍ لبيتِ والديّها، هداني لفكرةِ تناول الفطور في أحد المطاعم لاسيما أنَّ التغييَر من وقتٍ لآخر أصبحَ حاجةٌ ماسة. اتجهت لمطعم يقع عند ناصية شارعنا. وجدتُ أنواعاً...
الجو شديد الحرارة والشمس عمودية كعادتها في مثل هذا الفصل حتى إنه شعر بقطرات العرق تنساب من كل مكان في جسده، كل ذلك لم يمنعه من البحث عن مجلة الوطن في عددها الأخير الصادر يوم أمس وكان الجواب واحدًا لدى أصحاب المكتبات في شارع المتنبي: لقد نفدت أعداد المجلة حال وصولها. ما العمل الآن؟ تساءل حائرًا...
فتح تطبيق الواتس آب ليجد ست رسائل صوتية بأطوال وترددات مختلفة. رائحة الشاي بالنعناع الذي كان يشربه، دغدغت حواسه ومنحته لحظة استرخاء تشبه تلك التي تسبق شروق الشمس. ضغط على السهم الأول ليستمع إلى الرسالة الأولى: - لم يكن حبًا من النظرة الأولى أو الثانية ولا العاشرة .. لم يلد حبي لك من نظرات...
مدتْ شجرة البلوط جذورها عميقًا في الأرض، شعورها بالأمان جعلها ترفع أغصانها المورقة عاليًا نحو السماء، فاحتضنت بحنان طيور الكركي التي اتخذت من تلك الأغصان موطنًا لها. لم ينل منها شيئًا تقلب الفصول فالخريف لا يغنم منها بعد كل معركة إلا ببضع وريقات صفراء متمردة تحملها الريح لتتركها تواجه قسوة...
سيثيركِ العنوان ويغريكِ للقراءة، حينها أكون قد نجحت! هذا السطر وجدته مكتوبًا بخطِ يده الجميل على أول ورقة وكتب تحت السطر اسمه. أثارني العنوان، فلم أكن أعرف قبل هذه اللحظة أنَّ لزوجي الراحل رواية بهذا الاسم ربما لأنني لا أدخل مكتبه إلا نادرًا ولا أحاول ترتيبه بناءً على طلبه فقد كنت أعد ذلك...
على مقربة من نهر مدينتي الذي أعشق السير حافية القدمين على ضفافه، وبينما أنا منشغلة بصوت جريان مياهه، تعثرت بشيء، إنها امرأة. دنوت منها حتى كدت التصق بها. إنها المرة الأولى التي أشاهد فيها جثة إنسان. ألقيت بجسدي قريبًا منها. قلت لنفسي وأنا أحاول العثور على بقايا حياة فيها: يا ترى ما الذي كانت...

هذا الملف

نصوص
125
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى