عبدالله عبدالإله باسلامه

24 فنجانا من الصيني الأصلي مع صحونها المطلية بالذهب (الحقيقي) كما تؤكد أمي لكل من يدخل بيتنا يتفرج على هدية الملك الخاصة لجدي نظير إخلاصه ووطنيته، والذي لم يهنأ - كما تقول أمي - بسبب قيام الثورة وإعلان الجمهورية. لكن مع تولي أبي منصبا كبيرا عادت أمي لتخرج الطقم وتقدم القهوة للضيوف حتى فاجأنا...
(الحوار والنشاط الديبلوماسي والسياسي أقوى أسلحة الشعوب لاستعادة حقوقها، وذلك عبر هيئة الأمم المتحدة التي أقرت وكفلت سيادة واستقلال الشعوب على ترابها الوطني). - الحوار والنشاط الديبلوماسي وال.... - والسياسي ... - اه .. والسياسي أقوى اااا... - أسلحة.. أسلحة... - ايوه .. أقوى أسلحة ال... - يوووه...
خاب ظنه حين لم يجدها في مكانها المعتاد داخل مكتبته حيث يطيب لها الجلوس على كرسيها الجلدي الأسود تحت مينوارة الشمعدان سباعي الرؤوس تطالع الكتب وتراجع مؤلفاته وترتب أوراقه وكتاباته. شعر بالقلق وهو يفتش عنها في حجرات البيت وبالغرابة حين ناداها فتجيبه من حديقة البيت ليجدها كامنة بين شجرتي الغرقد...
ربما تكون أسعد ثلاثين ثانية حظيت بها منذ وقت طويل حين غادرت المقهى، تاركا أصابعي تحت الطاولة وسط كيس نايلون معتم، أسرعت أحث الخطى مبتعدا عن المكان، إلى أن شعرت بوقع أقدام خلفي، وصوت أجش يناديني، ما أن التفت حتى قذفني أحدهم بكومة أصابعي وهو يحدجني بارتياب: - هييه.. هل تركت مخلفاتك سهوا ! نزعت...
(مؤامرة .. والله مؤامرة .. احنا بنموت يا خواتي.. احنا بنموت....) أفزعني صراخها، وعبراتها المختنقة، واستغاثتها المرعبة ومع اختفاء صورتها، بقى ضجيج أصوات مختلطة، تلاه صمت إلا من زحرات أنفاسها المتقطعة. كنت قد تعرفت على عشتار، وبلقيس، وحياة، ولبنى، وسعاد وأخريات عبر وسائل التواصل، ضمن مجموعة...
أقدّم رجلا وأؤخر أخرى... فلا أنا وصلت المكان ولا عدت أدراجي، توقفت هنيهة لأحزم أمري لكن صعقني إيقاع الطبل الرتيب بضرباته المتتالية تردفها دقات طبل الطاسة النحاسية يمتزج الإيقاعان - معلنين عن رقصة برع* الثنائية - اقتربت غير مصدق أن جواس أعلن علي الحرب ! يهرع الناس عبر أزقة البيوت الطينية،...
يحبو على حجري، يد يمسك بها زجاجة الرضاعة، وبالأخرى يتلمس وجهي، وعنقي، يداعبني - كعادته - لا ألبث أن أنفجر بالبكاء، فأضمه إلى صدري . لايزال شذاها عالقا بالثياب، والأثاث، وحتى الجدران تعبق برائحتها، لا يفتأ صوتها يتردد في كل أنحاء البيت، دافئا، مطمئنا، هل تريد شيئا يا حبيبي؟ الهاتف على يمينك، نصف...
ابتلع ريقه مرتبكا وهو يتطلع إلى عيوننا الشاخصة إليه، والمنصتين لحديثه الخافت، تزحزح قليلا في جلسته مائلا نحوي بجذعه - متوددا - وهو يمشط لحيته الكثة المطوية فوق بطنه الضخمة بأنامل رشيقة ذكرتني بصديقي عازف القيثارة ماركس : - ليس من هب ودب وقال أنا عالم يصبح عالما، الإسلام ياجماعة نظام عالمي عظيم...
غطاء محكم يحجب عني الضوء والضوضاء، فيغمرني شعور بالرضى، حتى يجلجل صوت الحاجب: "محكمة". تزعجني سخونة القاعة، المشحونة بمكابدة هموم الناس. ترقب، ونفاد صبر المتخاصمين خلف أقنعة التحدي، وأصباغ التجلد، والمكابرة. تزيدني بلةً تلك الرطوبة التي تحقنها الأنفاس الساخنة، والأجساد المتعرقة حين تكتظ بهم...
لم أصدق الإشاعة حتى صدمني وصول القرار ضمن الأوراق الواردة من الوزارة إلى مكتبي. فكرت بأن أقدم استقالتي فورا من منصبي كنائب للمدير، وتنظيم عصيان داخل المستشفى، وأن أشعل حربا عبر وسائل التواصل حتى يحترق القرار، وتتراجع الوزارة عنه، لكن خيل لي أن بيتي الجديد يحترق معه؛ فلم يبق غير مرتب شهرين مع...
ما أن ترجل من السيارة حتى أشار له السائق أن يتقدمه ليصعد الدرجات نحو البوابة الزجاجية، ألقى السلام على الحراس دون أن ينتظر ردا ؛ فقد تعود على تجاهل الجميع له من السائق إلى الحراس إلى المسؤلين الذين يستدعونه كل بضعة أسابيع . يتجه نحو غرفة الانتظار، يجلس مسترخيا على الكنبة الجلدية فربما تمر ساعة...
لعل أول درس يتعلمه طالب كلية الطب حيال رؤية الدم، والكسور ،والعمليات الجراحية المفتوحة...هو التعامل معها(بواقعية، وحياد، وموضوعية) . وبالفعل ينجح الطالب في ترويض مشاعره، والتحكم في رد فعله لكن ... مع مرور الوقت تتبلد مشاعره، وتتصلب عواطفه، وتتكلس إنسانيته....فيتحول الطبيب إلى كتلة من البرود...
تعبت من طول البكاء، والانعزال عن الناس، أدركت بأن علي الخروج من البيت؛ فكل شيء يذكرني به. غرفته المغلقة، الكرسي الذي كان يحب الجلوس عليه عند تلاوة القرآن الكريم، سجادة الصلاة، مسبحة أمي المعلقة التي سقطت من أصابعها وهي تلفظ آخر كلماتها : - سألحق بأبيك.. أوصيك بعماد لم يعد له أحد في الدنيا غيرك...
يطلق ضحكة قصيرة، ويواصل طريقه نحو المنصة، ليحيل الطابور إلى شعلة من الحماس والمتعة، لا شيء يبدد كآبة صباحي، وحموضة معدتي،ويجعلني ابتسم مثله، يدهشني نشاطه وحبه للطلاب، ومقالبه الطريفة التي تخلق جوا من المرح افتقدناه منذ فترة طويلة بسبب الحرب والحصار، حتى انقطاع الراتب منذ سنوات لم ينل منه، أو...
يروى أن ملك الروم أرسل رسالة عاجلة إلى معاوية بن أبي سفيان - قبل معركة صفين - يعرض عليه فيها استعداده لدعم قواته ومساندته بجيش جرار، ومال ورجال أولهم عند ملك الروم وآخرهم عند معاوية، وذلك دعما له في حربه ضد خليفة المسلمين (الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه) لكن معاوية رفض العرض، كما تقول...

هذا الملف

نصوص
23
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى