سرد

في زقاق الموتى أرتعد كلما تبدى بياض .كنتُ سيد أحلامي ،لكنها أحيانا ترهقني وأنا أمر مستندا إلى جدار الزقاق. تتحرك الكائنات في الزقاق وفي مخيلتي فترتعش ساقاي.آه يا بياض طفولتي ،كل شيء في زقاق الموتى في حلكة الليل أبيض ،حتى وأنا أغمض عيني وأركض تظل الأشياء حليبية تتراقص في غنج . وفي بياض النهار،...
1 حين الظلمة تبرك على الامتداد، على سهل نابت في مكان ما من الجنوب: القطعة الفائضة من الأرض، تمسح تضاريس كثيرة من الوجود، تتخفى،و يولد وجود آخر، مواز،إذ تشتعل حركة جديدة ليلية، تتحرك كائنات وسط الظلمة، وتتململ بعض الأصوات، تحملها الريح وتطوح بها بين أركان السهل : - كل. -لا كل أنت . 2 وسط السهل،...
العابرات من عنب إلى عنب، ومن عصيره إلى مائه، جرّبنَ تخمة الحب وتخمة الخيانة ودوخة المساء الأخير، فاكتفين بما تبقى من دخّان وأتقنَت أصابعهن نفضَ الأعقاب بعد تجربة طويلة من النظر في مرايا المحلات. من شجرة إلى شجرة أوحائط إلى حائط أو مقعد إلى مقعد أو سرير إلى مطبخ، حفاة أو عراة أو نصف هامسات، كما...
أعرف رجلا تدرّب قلبه على البداوة.لم يُعاند الصحراء فهو يعرف طبعها.حدث ذلك في البداية فقط.أعرفُهُ يمشي طوال الوقت، لا يتوقف.يُدرِّب قدميه وقلبه على السبل، وئيدا تختلج المسارات تحته، على غير هدى يخب في رمل الأرض، لا يركن لمكان لأن وجوده الأول علّمه أن البدوي الحق لا يستقر إلا حين يموت.هذا الرجل قد...
قال الحافظ: ولما افتضح أمر حب المرأة لامرئ القيس، نبذتها القبيلة، وقالت النسوة فيها ما لا يطاق من التعيير والطنز. فلم تجد مفرا من البحث عن ابن عمها طرفة بن العبد والتماسه في أطراف الجزيرة وعمقها، إلي أن اصطادته ذات مساء في حانة غرب يثرب، ليلها كنهارها، لا يدخلها إلا ماجن أو قانط. وفي هذه الحانة...
لم أكن وحدي في حفل ختان ابن جارنا أحمد، بل كنا خليطا من البشر والروائح: عرق نتن يفوح من تحت آباط نساء وشيوخ بلغوا من العمر عتيا، فتيات بعبير جنان التفاح وقد نضج حتى تهرى، وشباب بقوة عشرة خيول قد أطرقت رأسها، خوفا من رؤية ما قد يهيجها للسباق قبل قرع طبول الانطلاق، وبعض صبية كالقطط كانوا ينطون من...
كانت شمس الظهيرة ترسل أشعتها الملتهبة، والنسوة مجتمعات في "العين" وقد انصرفن إلى تصبين بعض البطانيات والأثواب الوسخة، وهن يرددن أهازيج محلية، وعلى بعد خطى انتصبت قبلة الولي الصالح سيدي محمد بلبصير(1) بلونها الأبيض، وقد حط على سقفها سرب من الحمام انساب هديله يملأ رحابة المكان، وتحت ظل كرمة مديدة...
عندما استيقظت هذا الصباح اِكتشفت أن هناك أشياء غير طبيعية قد حدثت في أعماقي، وأن هناك تغييرات جدرية قد مست جسدي، ظننت المسألة في أول الأمر مجرد حلم عابر.. لكن مع مرور الوقت اتضح لي أن الحلم حقيقة.. شربت قهوة سوداء علّ خلايا دماغي تسعفني وتضعني على السكة الصحيحة لكن التناقضات ازدادت وضوحا...
يتعالى صوت الموسيقى وينخفض آتيا من الصالة المقابلة للبهو الذي وُضعت بمدخله وبكل عناية أصص من الأزهار مختلفة الألوان والرائحة، مما أكسب الجو أريجا ربيعيا فواحا تضافر ونفحاتِ الموسيقى التي تستحوذ أحيانا على صوت الهمسات المنفلتة من حديث يدور هنا وهناك بين مدعوين، كل ثلة منهم تتخذ لنفسها مجلسا بركن...
كنت‏ ‏أجرى ‏فى ‏خلاء‏ ‏موحش‏، ‏يتصاعد‏ ‏من‏ ‏جوفى ‏شعور‏ ‏بأن‏ ‏ثمة‏ ‏من‏ ‏يطاردنى ‏غير‏ ‏أننى ‏لم‏ ‏أكن‏ ‏أعرف‏ ‏علام‏ ‏المطاردة‏ ‏أو‏ ‏الألم‏. ‏وحين‏ ‏نظرت‏ ‏الى ‏الخلاء‏ ‏أمامى ‏وحوالى ‏بدا‏ ‏لى ‏أنه‏ - ‏رغم‏ ‏اتساعه‏ ‏الذى ‏بلا‏ ‏حدود‏ - ‏ضيق‏ ‏غاية‏ ‏الضيق‏، ‏حيث‏ ‏لم‏ ‏أكن‏ ‏أعرف‏ ‏لى...
(ا) يقال ان كالمنجارو أعلى جبل فى أفريقيا، قمته تسمى( بيت الله)، بجوار هذه القمة هيكل لفهد متجمد، ولا يستطيع بشرى أن يتصور ما كان يبغيه الفهد على هذا الارتفاع . ( ترى هل هناك شئ بين الانسان ونفسه؟)...... ( لن أكون الا نفسى) ..... نطق بها يوما ما، بينه وبين نفسه..... قراره لا رجعة فيه، لن يكون...
الحكاية الأولى: لحظتها كنت أشرب شاى العصر أمام الدوار... اقترب منى شيخ الخفراء ومعه غلام فى العاشرة... قال لى ان رجالا من الحكومة موجودون فى جنينة عم "عوض" ويرويدونك.... بصراحة تشاءمت .... الحكومة لا يأتى من قبلها الا وجع الرأس... نسيت نفسى فلعنت شيخ الخفراء وطردت الغلام .... **** وجدت باب جنينة...
نظرة من بعيد، تكشف خط الأفق وهو يفتح فى المشهد كله ثغرة، تمنح من بين ثنايا الأشياء، رؤية فتحة الجب...... التى تستقر عندها الأعين مستشفة امتدادها لنقطة تضم كل ما كان. آثار أقدام لا يحجب تداخلها توقها لنقش الخطو على الأرض الصلبة قبل أن تغيب داخله. يعرف كل هذا..... ويعرف أن كفه لم تزل كما هى، ترتعش...
(1) وهن الخصلة الأولى: عينان محملقتان فى ضوء النهار.....ويد طويلة ممدودة... كنت أرتعش عندما تسلم علّى فى الصباح. تنفرد أصابعى الخمس.... تتعلق بجلباب أبى الواسع الطويل.... يضرب جلبابه بشدة.. تسقط يدى على أسفلت الشارع.... تتصارع خطواته على تيار الهواء المضاد يغيب.... تتساقط قطرات من دموعى على أرض...
الليلة الثانية قبل الألف من ألف ليلة وليلة ......... بلغنى أيها الملك السعيد.... ان الشاطر الفهلوى الذى لقبوه بالأمير، لم ينل لقب الأمير الذى لم تجربه ألسنة العامة، الا بعد جولته الشهيرة مع رفاقه الشطار، الذين كانوا يتوزعون فى أنحاء المعمورة ينشرون الفساد والظلم، لكنه نجح فى جمع الشطار والنظار...
أعلى