سرد

مد رجليه مستريحا، وتأملهما برهة طويلة ثم خطرت له فكرة.. لماذا لا يستغلهما في الجري والسباق..سباق الحواجزالتي أحكمت عليه الخناق من كل الجهات .. لماذا لا يجرب حظه فيتخطاها بجريه.. لقد جرى كثيرا..طاف الشوارع والدروب..دق أبواب جميع المؤسسات..الخاصة والعمومية بحثا عن عمل..لكن الحظ لم يبتسم له..ظل...
بعد نقاش متواصل، استقر رأي سكان القرية على حسم الأمر، وإنهاء الموضوع الذي أخذ منهم وقتا طويلا، وجدلا مرهقا كاد يتحول أحيانا إلى خلافات عميقة تؤدي إلى تفرقة صفوفهم وكسر وحدتهم. اتفقوا على خطة واحدة، وقرروا تنفيدها دون تردد، استيقظ الجميع باكرا، وتوجهوا كلهم نحو الطريق الوحيدة المؤدية إلى المدينة،...
كان "شندويل" جالساً القرفصاء، معتمداً رأسه براحتيه، وقد ملكه تفكير مضطرب حائر، وران على الدار هدوء ثقيل، يشيع فيه هم وقلق ورتوب. وجب أن يحسم شندويل الأمر على أي نحو يكون. لم يعد طفلا ولا صبيا، إنه شاب مكتمل الشباب، بل إنه بلغ مبلغ الرجولة، وانصرم الوقت وشندويل لم يُغيِّر جلسته، يضرب في متاهة لا...
غادر المنزل وقد بنى عزمه على أن ينفّذ فكرته!.. وسار في الطريق زائغ النظرات، وفي رأسه أتون يتأجج، ولكن خطواته كانت متلاحقة محكمة تدلّ على عزيمة واقتدار، كأنّها خطوات جنديّ ماض إلى حومة القتال!.. إنّه يشبه الجنديّّ فيما يقصد إليه، من أداء مهمة وخوض معركة، ولكن الفارق بينهما أن الجنديّ يمضي وهو في...
يثور غاضباً في وجه سحنته المُتجعِّدة أمام المرآة، تكاد سباته المعقوفة إلى الجهة اليمنى أن تلامس أنفه: أنا من أنا، أقف عاجزاً لحد الهزء بين حُثالة هؤلاء القرويين. يَرتدُّ إليه صوته المنحبس في جوف محاصر بحموضة مقززة، كم نصحته زوجته بقلع أسنانه: هذه الرائحة الكريهة، لن تزول إلا بتغيير الفم...
لم يطب لحبيبي مالك أن أقول إن جده رجل بشع؛ فبرم شفتيه، وأدار ظهره، وكنت لأرى بداهة وجهه وقد تغضن، فعرفت أنه بذلك في طريقه لمخاصمتي، فحزنت، لكني لم أبذل كثيرا من جهد بعدها لإرضائه، فقط أرسلت له قبلة مكوّرة في الهواء محمولة على رؤوس أصابع يدي اليمنى، وضحكت ضحكة أنثوية، فخرّ مالك عند منبت شجرة...
طفولة و ... يستحمون بالسماء.. السماء تدلف وتكف: تارة تسكب فوق رؤوسهم وعاءها، تلعب معهم لعبة التخفي فتعتم ثمّ.. تضئ ، تلعب معهم لعبة الألوان ؛ فترسم قوس قزح على صدرها ثمّ.. تمحوه، تباغتهم وتمسكهم وتلقي بهم في الوحل.. يعودون للحظة الخليقة الأولى ممزوجين بالطين كديدان لزجة حديثة الولادة. تصيح...
(1) سرّحت شعرها وعقدته بمشبك مذهب تاركة خصلات نافرة فوق الجبين..نظرة أخيرة إلى الدمع الوردي المبتهج فوق الشفتين , الجاكيت الجلدية السوداء والكولون, ثم وقع قدميها: تيك تيك تيك, باتجاه الخارج.. الصباح ينتظر فاردا ذراعيه, وهي : تيك تيك تيك, لا تبالي بالنظرات المتقافزة نحوها كالفراش , بكراسي...
في غرفة عمي ذات خريف : لا تخفي عيناه كلّما تحسَّستا ظِلَّ صاعدٍ إليه، ما يُضمرُهُ بسبب التناوُب عليه في تفَقّدِ أحواله بين الساعة والساعة، في مواجهة تساؤل أصحابي عن اعتكافه الذي طال أكثر من عشر سنوات،لا أجد أشبهَ بِعمِّي المعتزل في غرفة السطح، غير أبي العلاء المعري رهين المحبسين، أقتربُ من...
أحس بضغط قوي في أمعائه، و شعر بضرورة التخلص من شحنتها في أسرع وقت لعل الألم يبارحه. ظل يسرع الخطى غير آبه بالوجوه و الأصوات. عيناه لا تبحث إلا عن يافطة تفيد أنه أمام مرحاض عمومي. وفجأة لاحت له في أعلى الشارع. هرول بما أوتي من قوة. ولج المبنى بسرعة . و لحسن حظه وجد بابا في الداخل مفتوحا. لم يعرف...
إهداء إلى الذين لا يتكلّمون أبدا بألسنتهم تقلّب الأخرس ليلا في فراشه، تذكر نظراته المختلسة في النهار الفائت نحو النساء الجميلات، وتذكر ضحكات النساء الجميلات عليه في النهار الفائت ذاته. انفطر قلبه، تجسد قلبه في نصفين، رأى نصفيّ قلبه معلقين على صدر فتاة ركبت إلى جانبه في حافلة القرية القديمة...
أفكر أن أكتب في مذكراتي الأخيرة عن الناس المملوئين بالخوف من الموت، بيكاسو كان مملوءا بالخوف من الموت؛لذا ظلّت جاكلين؛ المرأة التي لم يشوّهها في لوحاته،تحتاط لمثل هذه المخاوف، وقد نجح في التنبؤّ حول موته؛ فرسم لوحة العارية والرأس و بعدهما توفي بأحد عشر شهرا ،ورغم أنه كان لا يكتب وصيته حتى لا...
نمت نوما متقطّعا الليلة، تركت التلفاز مشعلا كما يحدث عادة، أشارت المرأة ذات الرداء الرمادي إلى التلفاز، فهمت من حركة يدها بواحد من الأصابع أنها تريد أن أطفئه، قلت للمرأة الممدّة على السرير بأني أخاف أن أنام وهو مطفأ، وهي بدورها تكلّمت بصوتها الواطيء وكأنه ندهة أخيرة، أخبرت المرأة ذات الرداء...
تنويه : هَُبل ، هو الرب الذي عبدته قريش في سالف الأزمان . وكانت تمجده وترفعه فوق كل الأرباب . ويا يوسف لا تنساني عند ربك . ***** سأحكي لكم حكايتي ، فاسمعوا وعوا ، وإذا وعيتم ، فانتفعوا . هي حكاية بسيطة جدا ، ولكن الجرائد جعلتها تكبر حتى سمع بها القاصي والداني . أما أنا ، فما زلت مقتنعا في قرارة...
أراقبها من تحت الغطاء.. تتسلل من جانبى.. تفتح شباك الحجرة فيسقط على صدرها ضياء البدر.. تغلق الشباك بحرص.. تخلع جلابيتها السوداء.. تدعك عينيها برفق فتنفتحان.. عينان زرقاوان صافيتان.. ترتدى قميص نوم سماوى نصف كم.. تخلع طرحتها السوداء.. فينسدل فوق كتفيها شعرها الأسود طويلا ناعما.. تتحرك خارجة من...
أعلى