كان المد قويا.أشياء كثيرة جرفها حسبت قد انتهت الى اعماق سحيقة، وأخرى حملها على ظهر بسائطه وقذف بها اتجاهاتنا. سبل مغرية انفتحت. مجالات رحبة لا حت. أشياء رائعة وجدناها على مقاساتنا، لبسناها. أكاسير تنعش الاحلام التي هدها الانتماء. وصفات مقوية تعمد الآمال التي نخرتها النكبات. تصاميم دقيقة لأدراج...
....تحدد كل شى الآن. هنا القعر المشكل من إيام وشهور وفصول متشابهة وتتمدد كجزئيات لتمثال يجسد الزمن في شكل أسد وهنت قواه، ولم يعد بإمكانه أن يضيف شيئا لحكايات بطولاته. ولهذا اختار أن ينزوي بعيدا عن مسارح مفاخره. وفي الأعلى الملامس للمساحات التي ينساب ويسري فيها النسيم، تتطلع الأعناق لدفعة تسمح...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا ابدأ بالشكر الجزيل للاخوان والاخوات القائمين على تنظيم هذه المبادرة الطيبة، مبادرة تكريم الاستاذ عبد الله البقالي، الاديب الكبير والقاص المبدع الذي اصبح بحق يمثل بأدبه الرفيع ذاكرة مدينة غفساي الحبيبة، فمنذ ان قرأت باكورة انتاجه في منتصف التسعينات، بادرت...
في محبة المبدع السي عبدالله البقالي
السي عبدالله البقالي الأديب الأصيل.. والإنسان المتواضع الخدوم، والمربي النزيه.. والمثقف العضوي، أكثر من أديب، وأصدق من مؤرخ، وأكبر من مرب، أخلص لرسالته التربوية وشاهدنا مدى تعلق التلاميذ به ومعانقته والالتحام به كانه الاب الروحي الحنون لهم.. وحتى حينما احيل...
كان يبدو غريبا واستثنائيا. معظم الماركسيين كانوا من الشباب للحد الذي اعتقِدت معه أن الماركسية مرادفة لانفعالات الشباب واندفاعهم. ولم يكن ممكنا تخيل ماركسي بشعر أبيض ويتقدم بخطى حثيثة نحو الشيخوخة على الاقل في الوسط المحلي.
عرفته كأستاذ. لكن بدا لي أنه وُجد في تلك المهنة نتيجة خطإ ما، فهو لم يكن...
-1-
ذكريات وتجارب
كثير من الأصدقاء المرموقين يلحون علي لكتابة بعض التجارب التي عشتها أثناء مزاولة المهنة لما يرونه من فاىدة في ذلك. و الحقيقة اني لم أتحمس لهذا، وربما السبب أني وجدت ذلك يحتاج الى اجتهاد كبير يجعل الوقاىع اكبر من مجرد احداث منفصلة شبيهة بالصور التذكارية. وفي انتظار ان تتضح...
في صيف 1977، جرت أول انتخابات برلمانية بعد رفع حالة الإستثناء التي عمرت طويلا.و التي من خلالها تم ترتيب أشياء كثيرة ، منها أن السلطات أعادت ترتيب البيت الداخلي وفق ما يرضيها و يخدم استمراريتها بالشكل الي تراه مناسبا، و يجعلها الآمرة النهاية. كما أن ذلك كان يعني نجاحها في تقليم أظافر الخصوم و...
كان سليل مجتمع الحكايات. مع حليب أمه رضعها. و في مجالس جدته تنفسها. و في عالمه الصغير عاش ليسمع و يتعلم كيف يلتقطها من غير مجهر الأحاسيس و هي تتحول نقوشا تختزن الإشارات. و منارا يهدي السفن إلى المرافئ الآمنة.
ربما لهذا السبب لم يشكل له ضعف بصره عائقا كي يسلك درب الحكايات. فما خزنته جمجمته...
حين وقفت امام الطبيب اول مرة، أحسست ان شيئا ما غير محمود العواقب سينضاف لحكاية متاعبي الصحية. اذ من الوهلة الاولى شعرت اني امام مصارع اكثر مما احست اني امام طبيب. بنية جسمانية هائلة. كتف هرقلي، ورأس ضخم اصلع يشبه تماثيل المقاتلين القدامى. و عيناه حين ينظر للمرضى تفيد انهم ليسوا بالنسبة له سوى...
رجل بلا خيارات
تصاعد حنيني مع تحسن حالتي لرؤية الأهل ومسارح الذكريات . عوالمي القديمة التي طالما تبرمت منها . استبدت بي الرغبة لرؤية الوجوه القديمة خصوصا وقد منحني الطبيب رخصة لمدة ثلاثة أسابيع مع وعد بالعودة في الوقت المحدد لاستكمال التحاليل. اندهش الطبيب حين ابلغته أني سأسافر الى فاس ...
وأنت الآن قد سافرت إلى البعيد الممتد في الزمن ، أجد كل السبل لا تفضي لغير الذكرى. فماذا أهديك في عيدك و الأثير لا يحفل بما لا تقوى على حمله الريح؟
فراشة كانت هنا، تزرع الامكنة ألوانا وتسافر مع النسيم الذي يسكن الترحال. شحرورة كانت على الشباك، تعزف للمرح لحنا و للأرواح عذوبة وتطير ملاحقة الجمال...
الجزء الأول
مرضت . طال الوقت دون أن أسترجع عافيتي . زاد من هلعي أن الطبيب أفضى لي بهواجسه من امكانية اصابتي بالبلهارسيا. ولأن معدات المستوصف كانت متواضعة فقد نصحني بالتنقل الى مدينة بعيدة لاتمام الفحوص.الطبيب البولوني أمرني بالبقاء في المستشفى بعد قراءته للتقرير إلى حين التعرف على نوع مرضي.لم...
كان الزمن منتصف التسعينيات. وهي فترة تعد أشبه بالنفس الأخير لنضالات ابتدأت قبل عقود من الزمن. ولذلك كانت الصحف الوطنية والجهوية على السواء تعكس اصداء هذه النضالات من خلال تغطيات لمختلف قصايا الشأن العام لحد صار ذلك مع مرور الزمن امرا مبتذلا بسبب انها لم تفض الى نتائج نظرا لان اذان المسؤولين...
"كان يا ما كان" في حكاية لأثير أبطلَ مفعول سلطة المكان، فتصاعد نغم وعشق يترنم. يؤجج نبضه "الليل والنجوم والقمر"، لتطلى المسافات بلون فضي تأهبا ل "مولد القمر"، يحفها هفو وحنين منبعث من " الدار اللي هناك " التي تشرع الأبواب على مصراعيها ليصبح الماضي فيها إغراء يدعو للتوغل . زحف ينتهي إلى "الدار...
لم يضع نفسه في موقف العارف الملم بكل شئ. كان ينفش شاريه و ينظر للبعيد. ربما كان يستعيد على ضوء ما كان يسمعه خطواته الأولى على مسار صفحات غربته الطويلة. و ربما كان ينتشي كونه ضمن الخلود في ذاكرة مخاطبه لكون الغريب لا ينسى أبدا شبيها له التقاه على عتية مسار غربته.
كان يعي أن هذا القادم في حاجة...