في إحدى أيام شتاء 1968 كان القايد "البركاني" يقود سيارته فياط 125 وهو في الطريق الرابطة بين غفساي وورزاغ. وفي احد المنعرجات، صادف مجموعة من الرجال، وبعد ان تجاوزهم قفل عائدا. امرهم بالتوقف وقال لهم: التقطت عبر اللاسلكي صوت احدكم قال لما رآني: "اصباحاتو لله" اما ان تدلوني الآن على القائل، أو...
وأنا أوالي كتابة هذه السلسلة من المقتضبات عن شباب غفساي الذين رحلوا باكرا، أنتبه إلى أن الأكثر عطاء وتفاعلا، كان يعاني من مشاكل صحية في القلب. فبعد المرحومين مصطفى الخمسي وعبدالرحمان السنون، نجد الحالة نفسها تتكرر مع المرحومة قاضي لطيفة.
قاضي لطيفة تنتمي للمناخ نفسه تقريبا الذي عاشته...
النمل والقديد
ترجمة اخرى للمترجم الاستاذ أحمد لحمام لأحد نصوصي. وهو عمل استقبله عادة بشكل مختلف عن اعمال اخرى قام بها مترجمون لشتى اللغات. و لعل احتفائي باعمال احمد لحمام نابع من الوله و الاجتهاد الملحوظ الذي سوليه لاشتغاله من جهة، و من جهة أخرى لطول المعاشرة التي تمت بيننا، وهو ما أهله دون...
ترسب في ذهني منذ الطفولة انطلاقا مما كان يحكيه الاهالي، ان ظهور طيارة في السماء هو دليل شؤم. و يسوقون عن ذلك مثال "الطيارة الحمراء" التي لم يجلب تحليقها غير الويلات و المآسي. و حتى بعيدا عن الحروب و المواجهات، فالطيارة ظلت في حدود الصورة نفسها. فهي تنتزع الافئدة من احضانها، و تلقي بهم في شتى...
لم تسر الأمور وفق ما خططت له. تعثر كل شئ وبت في نظر الكثيرين انسانا متهورا عاجزاعن تدبر أموره. كان بإمكاني أن أتحمل كل العواقب وحدي دون أن اعبأ بالأمر، لكن مشكلتي تلك اللحظة أن الآخرين سيشاركونني دفع الثمن. ماذنبهم؟ خرجت إلى الشارع باحثا عن اي شئ يسحبني لبعض الوقت بعيدا عن تلك الأجواء.كانت تلك...
هي لحظة تحدث فيها أشباء غريبة . فيها يجالس الجلاد ضحيته،و يربت الكتف نفسها التي لم تبارحها بعد آلام سياطه . و يراقص الظالم المظلوم،و كأن لا ثأر بينهما . و يخفق قلب المعدم طربا على ايقاع معدمه وهو يتقدم به الى المقصلة .لكن كيف يحدث هذا في زمن ما عاد فيه للالتباس مكانا ؟ ..وكيف تختلط الأمور بهذا...
بعد غروب الشمس، اتجه شباب جوق" الروينة" المشكل من الطلبة و بعض تلاميذ القرية إلى دار " بن احساين"، حاملين آلاتهم الموسيقية و بعض الأكل لقضاء سهرة هناك تضامنا مع " سان شيطان" الذي كان قد أودع السجن المحلي نتيجة تهمة بالسطو على خم أحد الأعيان.
لم يكن في الأمر مشكلة. فسجن دار بن احساين يتحول بعد...
الابداع هو تلمس موقع خارج المألوف و بعيدا عن اي توافق. وهو الجنوح الى مساحات غير مكتشفة، و لم يسبق ارتيادها. مسعى لا يخلص فيه المبدع لغير رؤيته و دون اي اعتبار يفرض تعديلا او تصويبا.
و الالتزام هو خريطة مليئة بالمعالم يجب ان تؤخذ في الاعتبار عند اي تحرك او ابحار. وهي معالم مجسدة في شكل ثوابت تصل...
من كل صوب وفدوا و في برشلونة تمركزوا ليقاوموا الموت القادم من الجنوب. إعصار دوامته من غطرسة و جبروت. يصهر كل ما يصادفه في طريقه و يندفع عبر هبات هدفت لفصل الكائن عن كنهه. و تشطيب خلاصات البشرية في مسعاها للتوحد مع مثلها العليا، ليخلف الإعصار في عبوره مجرد من اختاروا العيش كرعاع و خدام الاعتاب و...
الى امي التي لم يزدها الغياب الا حضورا
مع اول كتاب امتلكته، شدتني اليه صور . و كأي طفل تسحره الالوان، نظرت بانبهار لكتابي الملئ بالصور و الرسوم احتضنت الكتاب غير مصدق انه لي وحدي. ضممته لصدري مستطلعا من حولي، لأتأكد من ان لا أحد سيطالبني به او يشاركني اياه . وحين اطمأنت، عاودت فتحه مستعرضا...
فتش في جيوبه عن قلم. كان في حاجة إلى تسجيل و ترجمة الذبذبات التي كان يستقبلها بشكل متواصل وواضح، والواقعة بدروها تحت تاثير المشهد الخلفي الممتد وراء الهدوء الذي كان يعي انه لن يدوم طويلا.
عملية البحث لم تسفر سوى عن وجود ولاعة و نظارة طبية وقلم احمر. أعاد القلم إلى الجيب بعفوية. و عاد ليتامل...
هو مكوك عابر للسجون. من معتقلات النازية ابتدأت رحلته، مارا بالسجون الفرنسية و ليلفظ أنفاسه في السجون المغربية.
ما كان ممكنا إن يجد خيارا ثالثا داخل أرض أنتجت على الدوام صنفين من الرجال. الفقهاء أو المحاربين. و لأنه عاشق للحياة، فلم يكن ليختار إلا الممر المتفتح على شساعة الآفاق و خوض المغامرات...
الى منعم العيدوني
كان صوتي هو الاعلى.
لم يكن بمقدوري ان احضر كل سكان المعمور، و اطالبهم بالوقوف على حافة خط واحد، و امرهم بالصراخ دفعة واحدة، فينقطع صدى صراخهم، و يظل صدى صوتي هو الوحيد المسموع. لكني استنتجت ذلك بشكل مختلف. اذ لا صوت استطاع ان ينتزعني من تركيزي. و لا شئ تمكن من سحبي خارج ما...
لم يكن نجما و لا طمح في تحقيق شهرة . كما لم يعرف بنضال او ارتبط بقضية او حزب أو هيئة. و بالرغم من ذلك فقد شكل اغراء ومتابعة للمخبرين بكيفية ظلت مستعصية على الفهم و التفسير. فأن يكون الرجل منتميا لنخبة أو سليل أسرة عرفت بالنضال و الكفاح، فذلك قد يعد مبررا. أما أن يكون الرجل أميا و من حضيض...
قطعت سبعة كيلومترات مشيا على الأقدام. ركبت بعدها سيارة اتجاه قرية صغيرة. ثم ركبت من جديد اتجاه قرية كبيرة حيث اتجهت إلى المدينة لصرف شيك من البنك.
البنك كان حديث البناء. ونظافته المفرطة نبهتني إلى أنه يجب أن أخجل من نفسي أن أنا دخلت إليه بذلك الحذاء القذر. استدرت إلى الشارع أجول ببصري باحثا عن...