عبدالله البقالي - ورطة حذاء.. قصة قصيرة

قطعت سبعة كيلومترات مشيا على الأقدام. ركبت بعدها سيارة اتجاه قرية صغيرة. ثم ركبت من جديد اتجاه قرية كبيرة حيث اتجهت إلى المدينة لصرف شيك من البنك.
البنك كان حديث البناء. ونظافته المفرطة نبهتني إلى أنه يجب أن أخجل من نفسي أن أنا دخلت إليه بذلك الحذاء القذر. استدرت إلى الشارع أجول ببصري باحثا عن ماسح للأحذية. لم أنتظر طويلا. كان يقطع الشارع. ويبدو وكأنه سمع توسلات حذائي. لكني ترددت من أن اسمح له بذلك. كان صغيرا جدا لم يتجاوز السابعة. لكن و هو يسير اتجاهي، كان يعزف على صندوقه بالشيتة عزفا بايقاع متقن، الشئ الذي أكد لي تمرسه.
تلاشى تحفظي و مددت الخف اليمنى. انطلق في العمل بكل نشاط. وفي لحظات قليلة كان الحذاء قد صار لامعا براقا. ضرب بالشيتة على صندوقه آمرا بذلك بوجوب تغيير الخف. وضعت الخف اليسرى على برج الصندوق لكن يده لم تصل اليه أبدا. كانت يد شرطي هي الأخف. امسكه من خناقه ثم حجز الصندوق و ما فيه.
بقيت مذهولا أنظر الى خف حذاء اليمنى وهي في منتهى الأناقة والخف الثانية وهي غارقة في قذارتها.
جريت الى الشرطي وقلت محتجا: لنفترض أن هذا الطفل قد ارتكب حماقة أوجبت اعتقاله. لكن ماذا فعلت أنا حتى أكون ضحية هذه المسخرة؟
رمقني الشرطي بنظرة أفادت الكثير.وقال وهو ينظر إلى : في الحقيقة كان يجب أن أعتقلك أنت بدل هذا الصبي، لأن أمثالك هم المسؤولون عن تكاثر هؤلاء. و إذا تماديت في احتجاجك فأنا لن أتردد في تنفيذ هذه الفكرة. ما رأيك؟ انت ام هو؟
بقيت واقفا محتارا أنقل بصري من سيارة الشرطة الى الحذاء ومن الحذاء الى السيارة. ولم أنتبه إلا على ضحكات العابرين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى