بزهو مبالغ فيه ، حمل الغالي ذراعه كل ثقله، و اتكأ على منضدة أفخم متجر في قلب القرية، وطلب مشروبا غازيا باردا، كان كنوع من الإحتفاء و الجزاء لنفسه ،على المجهود الجبار الذي بذلته. و نجاحه الباهر الذي حققه، باعتباره رئيسا للجنة تصفية الكلاب المتشردة في ربوع القرية .
لم يكن في الأمر مجازفة. فمواجهة...
هي لحظة تحدث فيها أشباء غريبة . فيها يجالس الجلاد ضحيته،و يربت الكتف نفسها التي لم تبارحها بعد آلام سياطه . و يراقص الظالم المظلوم،و كأن لا ثأر بينهما . و يخفق قلب المعدم طربا على ايقاع معدمه وهو يتقدم به الى المقصلة .لكن كيف يحدث هذا في زمن ما عاد فيه للالتباس مكانا ؟ ..وكيف تختلط الأمو بهذا...
كم سنة مرت به وهو هنا ؟ و أي شئ مهول ذاك الذي كان ثمنه أحلى سنوات عمره ؟ حلم سرمدي أم سراب خادع ؟ وهم تستر بجلالب الحقيقة أم ممكن شق طريق المستحيل ؟
يتساءل. يمارس وظيفته الوحيدة التي امتهنها منذ عقود خلت، والمقرونة دوما بقياس مختلف المسافات لأبعاد المكان. وحدة القياس تختلف كل مرة .فحينا تكون...
اختار قائد الموقع دركيا أكثر خبرة وحنكة لتأطير الدركي الشاب، و الذي أثبتت ملاحق خاصة بتقييم عمله أن هناك تعثرات قد سجلت في حقه تحول دون تحقيق التطور المهني المنشود
المودة كانت بادية بين الشاب ومؤطره الكهل الذي يميزه شارب كثيف، وبطن منتفخ. وقد بدا فخورا بأستاذيته للفتى بعد أن وضع تحت تصرفه خلاصة...
اليوم رحل كيو. أكيد أنه لم يوص بشئ. بل لم تكن له الرغبة في الحديث لأي كان. لم ينظر لا يمنة و لا يسرة . لم يحاول ان يعرف من حضر لوداعه و من تخلف . نبس بكلام مبهم يتلفظ به أي مقبل على الموت وراح، طافقا الباب بكل قوة.
و الاكيد أيضا انه لو كان ما يزال يحتفظ ببعض قوته، فانه سيبصق فيوجه الجميع...
ما اعتقد أحد قبل تلك اللحظة أن بركات "مولاي أحمد السيد" و من سار على نهجهم ستصبح في مهب الريح بتلك السرعة. و أن الناس سيكتشفون أن ما اعتقدوه مركزا للوجود، لم يكن سوى نقطة ضائعة منه.
قبو كان يبدو لساكنته أن فيه ابتدأ و فيه سينتهي كل شئ. ربوعه بدت أنها شهدت إشراقة و تسللات خيوط الشمس في أول طلعة...
الى صديق رداد ثانية
لم اتساءل يوما أيهما كان السباق عن الآخر. ليس لأني لم اكن قد بلغت مرحلة التعامل مع الأفكار في بعدها المجرد، و إنما لأني عشتهما كحياة تدحرجت فيها داخل ممرات دون ان تكون لدي أي فكرة عن البوابات التي ستنفتح عليها. و لذلك وجدت نفسي كجسم عائم، تتداول الامواج على حمله. تخفض به...
صوت قوي ينتزع الناس من اعماقهم، و نظرات قاتلة تشل المخاطب لتجرده من كل الدفاعات وتسكب فيها الرعب عبر مجار ضوئية تنطلق من عينيه. حاجبان مقوسان يؤلفهما شعر كثيف شديد السواد، يتحركان في انسجام مع ملامح قاسية، صارمة . يؤطرهما غليان داخلي لا يهدأ كشمس حياتها في توقدها.
طلق جل النساء اللواتي تزوجهن...
يمكنك الان في هذا الوقت المتبقى أن تضحك أو تغضب . تبكي او حتى ان تحول الموت الى لعبة ان شئت.فلم يعد هناك من شئ يمكن ان يشكل لك افقا تركض صوبه. و لا حتى الأطياف المكدسة في الماضي، يمكنها ان توجد طريقها اليك لتملأ بعضا من الفراغ الذي صار هو كل حصيلتك التي عدوت العمر كله من اجل بلوغها.
تتحفظ...
كان يبدو غريبا واستثنائيا. معظم الماركسيين كانوا من الشباب للحد الذي اعتقِدت معه أن الماركسية مرادفة لانفعالات الشباب و اندفاعهم. ولم يكن ممكنا تخيل ماركسي بشعر أبيض ويتقدم بخطى حثيثة نحو الشيخوخة على الاقل في الوسط المحلي.
عرفته كأستاذ. لكن بدا لي أنه وُجد في تلك المهنة نتيجة خطئ ما، فهو لم...
من الحكايات التراثية، تفيد إحداها أن أحد السلاطين اختار للأمير مجموعة من الأساتذة و الفقهاء من أجل تأديب الأمير. و شرع كل واحد منهم في تقديم الدروس في شتى العلوم. و كل ذلك في مناخ يعمل كل واحد فيه على بسط أجود ما لديه من أجل نيل استحسان السلطان، و ترسيخ صورته لدى الأمير بكونه أحد أساتذته.
غير أن...
على مهل راح يحدق في العالم المنتصب قبالة القضبان. و من ثنايا تفرعات تؤجج توقده الداخلي، امتدت بسائط نسجت رحابها السنون، و أحلام وردية قادته كي يشق الطريق التي انتهت به الى حيث هو الآن .
أكانت رغبته حقا الطاقة التي شحنت قواه ودفعته بلا هوادة كي يسلك ذلك المسار، أم أن انغلاق الأبواب في وجهه دفعه...
لا تجد الكلمات طريقها إلى حلقه. و حين يستدعيها بإصرار، يشعر أنها ذات حواف مسننة ، ترسم مجرى داميا يزيده ألما. كما تتتابع الأفكار عبر شريط متقطع يتوالى بعسر شديد، و كأنه يشفق على حاله حين سيرى بعينيه في النهاية موت آخر أحلامه.
لن تجده هذه المرة. و هي على الأرجح ما عادت في حاجة إلى هذا الوجود...
1\2
وكمثل تحول جرم سماوي إل كوكب ساطع، كان الناس أمام فرصة معاينة كيف يتحول رجل من عامة الناس إلى مصاف الأولياء و الصالحين بعد أن نصب سلما تسلق أدراجه، و مكنته الأعالي من رؤية سرح فيها بصره إلى ما وراء حدود الأفق
يحكي الأهالي أنه عند نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، زار " غفساي" وفد من...