كانَ جاري عصمت الكوردي واقفاً أمامَ محلِ الجزارةِ حيث يعمل ، سلمْتُ عليهِ فاستوقفني و طلبَ التحدثَ معي بموضوعٍ .
" ما الأمرُ يا عصمت " قلْتُ لهُ .
" صاحبُ المحلِ يريدُ أنْ يتكلمَ معكَ في موضوعٍ ".
" أيُّ موضوعٍ ؟ " .
"عندما تدخلُ سيخبرُكَ " .
و أضافَ قائلاً :"أرجوكَ أنْ تساعدني فنحنُ جيرانٌ منذُ زمنٍ بعيدٍ " .
" لا عليكَ يا عصمت بكلِ تأكيدٍ سأساعدكُ إنْ استطعْت " .
دخلْت أنا و عصمت لداخلِ المحلِ . كانَ صاحبُ المحلِ جالساً أرادَ أنْ ينهضَ ليصافحني و يرحبَ بي محاولاً الإتكاءَ على عصاهْ ، طلبْتُ منه ألا يقومَ من على كرسييه ، صافحتُهُ و جلست . خمنْتُ أنَّهُ تجاوزَ السبعينَ سنةً .
" أنتَ المحامي ؟ " سألني .
قلتُ : " نعمْ " .
طلبَ منْ عصمت الخروجَ ثم اقتربَ مني هامساً :
"عصمت يعملُ لدي منذُ كانَ طفلاً ، هو الآنَ متزوجٌ وأبٌ لطفلين ، لا أخفي عليكَ يا استاذ عصمت إنسانٌ بسيطٌ و .. "
قاطعْتُهُ قائلاً : " معذرةً يا حاج عصمت جاري و أنا أعرفُهُ إنسانٌ بسيطٌ و خلوقٌ و مؤدبٌ لمْ نسمعْ عنه أي شيءٍ سيءٍ "
قال لي : " نعم ، لذلك أريدُ مساعدتَهُ ، أخافُ أنْ يقومَ أولادي بطردِهِ منَ المحلِ بعدَ أنْ أموتَ و هو كما قلتُ لكَ درويشٌ و لن يتمكنَ منَ العثورِ على عملٍ بسهولةٍ ".
" و ما المطلوبُ مني ؟ " قلت له .
" أريدكَ أنْ تنظمَ عقداً بيني و بينهُ تضعُ فيه بنداً يمنعُ أولادي من طردِهِ منَ العملِ في المحلِ بعدَ موتي .. "
قاطعتُهُ " بعدَ عمرٍ طويلٍ " .
" اسمعني يا أستاذ : " انا سأموتُ يومَ الجمعةِ ،
أرجوكَ أنْ تسرعُ ، سادفعُ لكَ أتعابَكَ و فوقهم حبةَ مسكٍ " .
" لا يمكنني تنظيمُ هكذا عقدٍ لأنَّ العقدَ يعتبرُ كأن لم يكن إنْ أنتَ متَّ بعدَ عمر طويلٍ " .
نظرَ لي بدهشةٍ ممزوجةٍ ببعضِ اليأسِ و قالَ :
" أنتَ محامي و لا بدَ أنَّكَ ستجدُ طريقةً لمساعدتِهِ " .
" لا يمكنْ يا سيدي لا يوجد هكذا عقدٌ في القانونِ " .
أطرقَ لبعضِ الوقتِ ثمَّ قالَ :
" ورقةٌ شكليةٌ ، أقصدُ ورقةٌ مكتوبةٌ على شكلِ عقدٍ يا أستاذ هل وصلتْكَ فكرتي ؟
أريدُ العقدَ لأوقعَ عليهِ قبلَ يومِ الجمعةِ لأني سأموتُ يومَ الجمعةِ ".
" كيف ستموتُ يومَ الجمعةِ يا رجل !؟ لا أحدَ يعرفُ في أيِّ يومٍ سيموتُ " قلت له .
" أنا أعرفُ و سأموتُ يومَ الجمعةِ كما قلْتُ لكَ ! "
رأيتُ أنَّه منَ العبثِ مناقشتَهُ في موضوعِ الموتِ يومَ الجمعةِ يا له منْ عجوزٍ يمتلكُ روحَ الفكاهةِ .
طلبْتُ منهُ بطاقتَهُ الشخصيةَ و بطاقةَ عصمت و ورقةً لأدونَ عليها المعلومات .
صاحَ : " يا عصمت تعالى أعطي الأستاذ بطاقتَكَ الشخصيةَ ثم ناولني ورقةً تفوحُ منها رائحةُ اللحمِ .
كتبْتُ المعلوماتِ التي في البطاقتينِ الشخصيتينِ
و قلْتُ لهُ : " اليومَ هو الإثنين سأجهزُ الورقةَ و أجلبُها غداً لتوقعا عليها أنت و عصمت " .
" المهمُ أريدُ أنْ يكونَ ذلكَ قبلَ يومِ الجمعةِ لأني سأموتُ يومَ الجمعةِ " .
" لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله أعادها مرة أخرى " قلت في نفسي . "
إبتسمت له : " لا عليك يا حاج إلى اللقاء ". خرجْتُ و أنا أقولُ في نفسي يا له من رجلٍ غبي و مجنون .
قبيلَ منتصفِ الليلِ تذكرتُ عصمت و معلمَهُ الجزار . قلتُ في نفسي لا بأس سأساعدُ عصمت فهو إنسانٌ طيبٌ سأحاولُ كتابة عقدٍ شكليٍ لعلّ و عسى يفيدُهُ مستقبلاً حتى لو لم تكنْ له أيةُ فائدةٍ قانونيةٍ و لأنَّهُ جاري و إنسانٌ فقيرٌ لن آخذَ منهُ نقوداً .
كتبتُ العقدَ و تركْتُ مكانَ رخصةِ المحلِ و الرقمَ و الجهةَ مانحةَ الترخيصِ فارغاً لأني لم اسألْ عنها من كثرةِ ما قالَ الجزارُ أنَّهُ سيموتُ يومَ الجمعةِ .
صباحِ الثلاثاءِ كنت عند السيد سميرٍ الذي كنت أضعُ لديه مسودات العقود و مذكراتي القضائية ليكتبها و يجهزها على الكومبيوتر ، سلمتهُ مسودة العقد و بعض المرافعاتِ الأخرى .
قبيلَ الانصرافِ مررتُ به سائلاً عن العقدِ فاعتذرَ مني و أخبرني أنّه كان هناك ضغط كبيرٌ عليهِ و لم يتمكنْ من انهاء العقدِ و أنَّهُ سيكونُ جاهزاً في الغدِ .
و دعتُهُ قائلاً له : " لا بأسَ ".
اضطرِتُ يومَها لعدمِ المرورِ من طريقي المعتادَ إلى بيتي ، غيرتُ الطريقَ متحاشياً المرورَ من أمامِ محلِ الجزارةِ كي لا أقعَ في حرجِ عدمِ جلبِ العقدِ .
الأربعاء مررْتُ بالسيد ِ سمير ،استلمْتُ نسخةً من العقدِ . بعدَ الانصرافِ من عملي مررْتُ بمحلِ الجزارةِ ،
طلبْتُ من صاحبِ العملِ ( الجزار ) رخصةَ المحلِ لأدونَ المعلومات .
" إنَّها معلقةٌ على الحائطِ خلفكَ هنا فوق " قالَ صاحبُ المحلِ .
وقفْتُ و درْتُ قرأتُ الرخصةَ فتفاجأتُ بإسمِ الشخصِ الممنوحِ لهُ الرخصةَ ، في الحقيقةِ كانتْ الرخصةُ بإسمِ إمرأةٍ
قلتُ : " الرخصةُ ليستْ بإسمِكَ " .
" نعمْ إنَ المحلَ لزوجتي و الرخصةُ بإسمها " قال لي صاحبُ المحلِ .
" لماذا لمْ تقلْ لي ذلك؟ ".
" لم تسألني " رد علي .
" الحقُ معكَ جوابُكَ منطقي ، كانَ عليَّ أنْ أسألَ و لكنْ منْ كثرةِ ما قلتَ لي أنكَ ستموتُ يومَ الجمعةِ نسيتُ أنْ اسألكَ ".
" ماذا ستفعلُ الآنَ ؟ " قالَ .
" سأدونُ إسمَ زوجتِكَ و رقمَ الترخيصِ
و اصححُ العقدَ ( الورقةَ ) و أجلبُها غداً لتوقعَ عليها زوجتُك " .
لا بأس قالَ لي و أضافَ " أرجوكَ أستاذ أنْ تجلبَ العقدَ غداً لأني سأموتُ يومَ الجمعة "
" يا إلهي لماذا تقولُ هذا ، هل انتَ عالم بالغيبِ لتعرفَ أنكَ ستموتُ يومَ الجمعةِ " .
" دعكَ من هذا الكلامِ يا استاذ أنا أعرفُ أني سأموتُ يومَ الجمعةِ ".
لم أشأ مجادلتَهُ ودعتُه و خرجتْ .
الخميس قبيلَ إنصرافي مررتُ بالسيدِ سمير كاتبِ العقودِ ، اخذتُ منهُ العقدَ المصححَ ، لكني لم اعدْ للبيتِ ،
حيثُ كانَ علي زيارةُ أحدِ الموكلين المعتقلين في سجنِ حلبَ المركزي .
هناكَ و بعد خروجي من السجنِ ، إلتقيتُ بمحامٍ صديقٍ ، ذهبنا لتناولِ الغداءِ في مطعمِ الفردوسِ القريبِ منَ السجنِ
في الحقيقةِ كانَ قد مَرّ وقتُ الغداءِ ، نستطيعُ اعتبارَهُ عشاء .
طلبنا بعض المقبلات و اللحم و لتر ويسكي ، سهرنا و تحدثنا و نحن نشرب و نتناول العشاءَ لوقتٍ متأخر ٍ.
وصلتُ يومها للبيتِ بعد منتصف الليل .
الجمعة كانَ يومَ العطلةِ مررتُ كانَ المحلُ مغلقاً .
السبت و أنا عائدٌ لبيتي لم أتمكنْ من إعطاءِ الورقةِ ( العقد ) لأنَ محلَ الجزارةِ كانَ مغلقاً .
الأحد كانَ المحلُ مغلقاً .
الإثنين كانَ المحلُ مغلقاً . استغربت كثيرا .
دخلْتُ للسوبرماركت المقابلِ لأشتري بعضَ الأغراضِ ، كانَ صاحبُه صديقي محمد المقلب ب حمادو البكاري .
إشتريتُ الاغراضَ و قبلَ أنْ أغادرَ سألتُهُ :
" حمادو هل تعرف لماذا محل ُالجزارِ مغلقٌ ؟" .
قالَ لي حمادو : " لقدَ ماتَ الحاجُ صاحبُ المحلِ ألم تعلم ذلك؟ " .
شردْتُ قليلاً ثمَّ سألتُهُ
" لم اسمع بذلك متى ماتَ ؟ " .
قالَ لي حمادو: " ماتَ يومَ الجمعةِ ".
نهاية الجزء الأول
https://www.facebook.com/janw.mrjanw/posts/2958686160890099
" ما الأمرُ يا عصمت " قلْتُ لهُ .
" صاحبُ المحلِ يريدُ أنْ يتكلمَ معكَ في موضوعٍ ".
" أيُّ موضوعٍ ؟ " .
"عندما تدخلُ سيخبرُكَ " .
و أضافَ قائلاً :"أرجوكَ أنْ تساعدني فنحنُ جيرانٌ منذُ زمنٍ بعيدٍ " .
" لا عليكَ يا عصمت بكلِ تأكيدٍ سأساعدكُ إنْ استطعْت " .
دخلْت أنا و عصمت لداخلِ المحلِ . كانَ صاحبُ المحلِ جالساً أرادَ أنْ ينهضَ ليصافحني و يرحبَ بي محاولاً الإتكاءَ على عصاهْ ، طلبْتُ منه ألا يقومَ من على كرسييه ، صافحتُهُ و جلست . خمنْتُ أنَّهُ تجاوزَ السبعينَ سنةً .
" أنتَ المحامي ؟ " سألني .
قلتُ : " نعمْ " .
طلبَ منْ عصمت الخروجَ ثم اقتربَ مني هامساً :
"عصمت يعملُ لدي منذُ كانَ طفلاً ، هو الآنَ متزوجٌ وأبٌ لطفلين ، لا أخفي عليكَ يا استاذ عصمت إنسانٌ بسيطٌ و .. "
قاطعْتُهُ قائلاً : " معذرةً يا حاج عصمت جاري و أنا أعرفُهُ إنسانٌ بسيطٌ و خلوقٌ و مؤدبٌ لمْ نسمعْ عنه أي شيءٍ سيءٍ "
قال لي : " نعم ، لذلك أريدُ مساعدتَهُ ، أخافُ أنْ يقومَ أولادي بطردِهِ منَ المحلِ بعدَ أنْ أموتَ و هو كما قلتُ لكَ درويشٌ و لن يتمكنَ منَ العثورِ على عملٍ بسهولةٍ ".
" و ما المطلوبُ مني ؟ " قلت له .
" أريدكَ أنْ تنظمَ عقداً بيني و بينهُ تضعُ فيه بنداً يمنعُ أولادي من طردِهِ منَ العملِ في المحلِ بعدَ موتي .. "
قاطعتُهُ " بعدَ عمرٍ طويلٍ " .
" اسمعني يا أستاذ : " انا سأموتُ يومَ الجمعةِ ،
أرجوكَ أنْ تسرعُ ، سادفعُ لكَ أتعابَكَ و فوقهم حبةَ مسكٍ " .
" لا يمكنني تنظيمُ هكذا عقدٍ لأنَّ العقدَ يعتبرُ كأن لم يكن إنْ أنتَ متَّ بعدَ عمر طويلٍ " .
نظرَ لي بدهشةٍ ممزوجةٍ ببعضِ اليأسِ و قالَ :
" أنتَ محامي و لا بدَ أنَّكَ ستجدُ طريقةً لمساعدتِهِ " .
" لا يمكنْ يا سيدي لا يوجد هكذا عقدٌ في القانونِ " .
أطرقَ لبعضِ الوقتِ ثمَّ قالَ :
" ورقةٌ شكليةٌ ، أقصدُ ورقةٌ مكتوبةٌ على شكلِ عقدٍ يا أستاذ هل وصلتْكَ فكرتي ؟
أريدُ العقدَ لأوقعَ عليهِ قبلَ يومِ الجمعةِ لأني سأموتُ يومَ الجمعةِ ".
" كيف ستموتُ يومَ الجمعةِ يا رجل !؟ لا أحدَ يعرفُ في أيِّ يومٍ سيموتُ " قلت له .
" أنا أعرفُ و سأموتُ يومَ الجمعةِ كما قلْتُ لكَ ! "
رأيتُ أنَّه منَ العبثِ مناقشتَهُ في موضوعِ الموتِ يومَ الجمعةِ يا له منْ عجوزٍ يمتلكُ روحَ الفكاهةِ .
طلبْتُ منهُ بطاقتَهُ الشخصيةَ و بطاقةَ عصمت و ورقةً لأدونَ عليها المعلومات .
صاحَ : " يا عصمت تعالى أعطي الأستاذ بطاقتَكَ الشخصيةَ ثم ناولني ورقةً تفوحُ منها رائحةُ اللحمِ .
كتبْتُ المعلوماتِ التي في البطاقتينِ الشخصيتينِ
و قلْتُ لهُ : " اليومَ هو الإثنين سأجهزُ الورقةَ و أجلبُها غداً لتوقعا عليها أنت و عصمت " .
" المهمُ أريدُ أنْ يكونَ ذلكَ قبلَ يومِ الجمعةِ لأني سأموتُ يومَ الجمعةِ " .
" لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله أعادها مرة أخرى " قلت في نفسي . "
إبتسمت له : " لا عليك يا حاج إلى اللقاء ". خرجْتُ و أنا أقولُ في نفسي يا له من رجلٍ غبي و مجنون .
قبيلَ منتصفِ الليلِ تذكرتُ عصمت و معلمَهُ الجزار . قلتُ في نفسي لا بأس سأساعدُ عصمت فهو إنسانٌ طيبٌ سأحاولُ كتابة عقدٍ شكليٍ لعلّ و عسى يفيدُهُ مستقبلاً حتى لو لم تكنْ له أيةُ فائدةٍ قانونيةٍ و لأنَّهُ جاري و إنسانٌ فقيرٌ لن آخذَ منهُ نقوداً .
كتبتُ العقدَ و تركْتُ مكانَ رخصةِ المحلِ و الرقمَ و الجهةَ مانحةَ الترخيصِ فارغاً لأني لم اسألْ عنها من كثرةِ ما قالَ الجزارُ أنَّهُ سيموتُ يومَ الجمعةِ .
صباحِ الثلاثاءِ كنت عند السيد سميرٍ الذي كنت أضعُ لديه مسودات العقود و مذكراتي القضائية ليكتبها و يجهزها على الكومبيوتر ، سلمتهُ مسودة العقد و بعض المرافعاتِ الأخرى .
قبيلَ الانصرافِ مررتُ به سائلاً عن العقدِ فاعتذرَ مني و أخبرني أنّه كان هناك ضغط كبيرٌ عليهِ و لم يتمكنْ من انهاء العقدِ و أنَّهُ سيكونُ جاهزاً في الغدِ .
و دعتُهُ قائلاً له : " لا بأسَ ".
اضطرِتُ يومَها لعدمِ المرورِ من طريقي المعتادَ إلى بيتي ، غيرتُ الطريقَ متحاشياً المرورَ من أمامِ محلِ الجزارةِ كي لا أقعَ في حرجِ عدمِ جلبِ العقدِ .
الأربعاء مررْتُ بالسيد ِ سمير ،استلمْتُ نسخةً من العقدِ . بعدَ الانصرافِ من عملي مررْتُ بمحلِ الجزارةِ ،
طلبْتُ من صاحبِ العملِ ( الجزار ) رخصةَ المحلِ لأدونَ المعلومات .
" إنَّها معلقةٌ على الحائطِ خلفكَ هنا فوق " قالَ صاحبُ المحلِ .
وقفْتُ و درْتُ قرأتُ الرخصةَ فتفاجأتُ بإسمِ الشخصِ الممنوحِ لهُ الرخصةَ ، في الحقيقةِ كانتْ الرخصةُ بإسمِ إمرأةٍ
قلتُ : " الرخصةُ ليستْ بإسمِكَ " .
" نعمْ إنَ المحلَ لزوجتي و الرخصةُ بإسمها " قال لي صاحبُ المحلِ .
" لماذا لمْ تقلْ لي ذلك؟ ".
" لم تسألني " رد علي .
" الحقُ معكَ جوابُكَ منطقي ، كانَ عليَّ أنْ أسألَ و لكنْ منْ كثرةِ ما قلتَ لي أنكَ ستموتُ يومَ الجمعةِ نسيتُ أنْ اسألكَ ".
" ماذا ستفعلُ الآنَ ؟ " قالَ .
" سأدونُ إسمَ زوجتِكَ و رقمَ الترخيصِ
و اصححُ العقدَ ( الورقةَ ) و أجلبُها غداً لتوقعَ عليها زوجتُك " .
لا بأس قالَ لي و أضافَ " أرجوكَ أستاذ أنْ تجلبَ العقدَ غداً لأني سأموتُ يومَ الجمعة "
" يا إلهي لماذا تقولُ هذا ، هل انتَ عالم بالغيبِ لتعرفَ أنكَ ستموتُ يومَ الجمعةِ " .
" دعكَ من هذا الكلامِ يا استاذ أنا أعرفُ أني سأموتُ يومَ الجمعةِ ".
لم أشأ مجادلتَهُ ودعتُه و خرجتْ .
الخميس قبيلَ إنصرافي مررتُ بالسيدِ سمير كاتبِ العقودِ ، اخذتُ منهُ العقدَ المصححَ ، لكني لم اعدْ للبيتِ ،
حيثُ كانَ علي زيارةُ أحدِ الموكلين المعتقلين في سجنِ حلبَ المركزي .
هناكَ و بعد خروجي من السجنِ ، إلتقيتُ بمحامٍ صديقٍ ، ذهبنا لتناولِ الغداءِ في مطعمِ الفردوسِ القريبِ منَ السجنِ
في الحقيقةِ كانَ قد مَرّ وقتُ الغداءِ ، نستطيعُ اعتبارَهُ عشاء .
طلبنا بعض المقبلات و اللحم و لتر ويسكي ، سهرنا و تحدثنا و نحن نشرب و نتناول العشاءَ لوقتٍ متأخر ٍ.
وصلتُ يومها للبيتِ بعد منتصف الليل .
الجمعة كانَ يومَ العطلةِ مررتُ كانَ المحلُ مغلقاً .
السبت و أنا عائدٌ لبيتي لم أتمكنْ من إعطاءِ الورقةِ ( العقد ) لأنَ محلَ الجزارةِ كانَ مغلقاً .
الأحد كانَ المحلُ مغلقاً .
الإثنين كانَ المحلُ مغلقاً . استغربت كثيرا .
دخلْتُ للسوبرماركت المقابلِ لأشتري بعضَ الأغراضِ ، كانَ صاحبُه صديقي محمد المقلب ب حمادو البكاري .
إشتريتُ الاغراضَ و قبلَ أنْ أغادرَ سألتُهُ :
" حمادو هل تعرف لماذا محل ُالجزارِ مغلقٌ ؟" .
قالَ لي حمادو : " لقدَ ماتَ الحاجُ صاحبُ المحلِ ألم تعلم ذلك؟ " .
شردْتُ قليلاً ثمَّ سألتُهُ
" لم اسمع بذلك متى ماتَ ؟ " .
قالَ لي حمادو: " ماتَ يومَ الجمعةِ ".
نهاية الجزء الأول
https://www.facebook.com/janw.mrjanw/posts/2958686160890099