بدأت علاقتي بالكتاب في سن مبكرة وأنا طفل صغير. كان وراءها دافع طفولي داخلي لاكتشاف الحروف، قبل أن تتحول إلى رغبة لإزجاء وقت فراغ كان متسعا في زمن لم يكن فيه للتلفزيون سطوته الراهنة وهو ما عمل على تشكيل علاقة مبكرة مع الكتاب توثقت مع مرور الوقت لتصبح ركنا أساسيا وطقسا يوميا.
والدي كان صاحب الفضل في تشجيعي على القراءة وغرس حب المعرفة في نفسي فكانت أول ما اطلعت عيناي عليه هو كتب مكتبة جدي لأمي الذي كان أحد رجال الأزهر والذي لعب دورا كبيرا في اكتشافي عالم الكتاب، وجاء من بعدهما تشجيع مدرس الابتدائي الأستاذ عجمي عبد العال خلاف الذي لم أنسه أبدا فهو الذي اكتشف حبي للقراءة وراح يناقشني فيما أقرأ ويعمل على زيادة مساحة تعاملي مع مكتبة المدرسة المتواضعة. وما زلت أذكر تفاصيل قصة بعنوان «داعية سلام». كان حريصا على مناقشتي فيها بعد قراءتها وكانت مرحلة مهمة من مراحل تطور علاقتي مع الكتاب. وهو ما دفعني بعد ذلك للبحث عن الكتب واختيار ما يروق لي منها. وأذكر أن أول كتاب حرصت على اختياره للقراءة كان «ألف ليلة وليلة» وكتاب «سندباد نامة الحكيم».
تحولات كثيرة طرأت على علاقتي بالكتاب في فترة العبور ما بين الطفولة والشباب. ففي مرحلة الطفولة كانت القراءة مرتهنة بما هو متاح في مكتبة المدرسة الابتدائية وكان في مجمله قصصا للناشئة. ومع مرحلة الثانوية العامة وما بعدها انفتح الباب للأعمال العالمية في الأدب الروائي تحديدا فكانت جولتي في الرواية العالمية مما ترتب عليه معرفة واسعة بالرواية العالمية في معظم بلاد العالم وأصبحت معرفتي بالرواية العالمية تتفوق على أي معرفة.
وقد لعبت علاقتي بالرواية العالمية دورها الأكثر تأثيرا في اختياري التخصص الأكاديمي في الرواية في مرحلتي الماجستير «صورة الفلاح في الرواية» ونشرت بعنوان: رواية الفلاح / فلاح الرواية، والدكتوراه «المكان في السرد العربي» ونشرت بعنوان «استراتيجية المكان» فلا شيء يعادل قراءة الهواية قبل قراءة التخصص. في الأولى يتشكل وعيد بشكل أكثر انفتاحا، وفي الثانية تضيق المسارات الموجهة بفعل العمل وضروراته.
رواية «تونيو كروجر» للكاتب الألماني توماس مان كتاب لا أنساه أبدا لتأثيره الكبير في أعماق نفسي حيث شعرت أن الكاتب يكتبني وأنني أتوحد بالبطل تماما. أيضا كتابات الدكتور زكي نجيب محمود وخصوصا كتاب قيم من التراث ومقالته الأهم «نمل ونحل» و«الحرافيش» لنجيب محفوظ. أما أغرب الكتب التي حرصت على اقتنائها فكان كتاب «الفلاحون» للأب هنري عيروط الذي يمثل اكتشافا مبكرا للفلاح المصري في بيئته.
أكثر الكتاب الذين أتشوق لقراءة كتبهم دكتور زكي نجيب محمود ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ونيتشه والقاص السوري زكريا تامر والشاعر محمود درويش.
وفى المرحلة الحالية أقرأ كتاب «السيف والمرآة» للكاتب السوري علي كنعان وهو كتاب من أدب الرحلات عن اليابان التي أقرأ كل ما يقع تحت يدي عنها.
القراءة في الأدب تشحن الروح بما يجعلها قادرة على إعادة تشكيل العالم عبر تكوين رؤى لا تقبل البقاء في الذاكرة وإنما تسعى للتشكل على الأوراق، وهو ما يمنح الكاتب القدرة على مكاشفة العالم بالكتابة التي تمثل نوعا من الموقف من العالم والعلاج من همومك الخاصة.
* أستاذ النقد الحديث ووكيل كلية دار العلوم المصرية
aawsat.com
والدي كان صاحب الفضل في تشجيعي على القراءة وغرس حب المعرفة في نفسي فكانت أول ما اطلعت عيناي عليه هو كتب مكتبة جدي لأمي الذي كان أحد رجال الأزهر والذي لعب دورا كبيرا في اكتشافي عالم الكتاب، وجاء من بعدهما تشجيع مدرس الابتدائي الأستاذ عجمي عبد العال خلاف الذي لم أنسه أبدا فهو الذي اكتشف حبي للقراءة وراح يناقشني فيما أقرأ ويعمل على زيادة مساحة تعاملي مع مكتبة المدرسة المتواضعة. وما زلت أذكر تفاصيل قصة بعنوان «داعية سلام». كان حريصا على مناقشتي فيها بعد قراءتها وكانت مرحلة مهمة من مراحل تطور علاقتي مع الكتاب. وهو ما دفعني بعد ذلك للبحث عن الكتب واختيار ما يروق لي منها. وأذكر أن أول كتاب حرصت على اختياره للقراءة كان «ألف ليلة وليلة» وكتاب «سندباد نامة الحكيم».
تحولات كثيرة طرأت على علاقتي بالكتاب في فترة العبور ما بين الطفولة والشباب. ففي مرحلة الطفولة كانت القراءة مرتهنة بما هو متاح في مكتبة المدرسة الابتدائية وكان في مجمله قصصا للناشئة. ومع مرحلة الثانوية العامة وما بعدها انفتح الباب للأعمال العالمية في الأدب الروائي تحديدا فكانت جولتي في الرواية العالمية مما ترتب عليه معرفة واسعة بالرواية العالمية في معظم بلاد العالم وأصبحت معرفتي بالرواية العالمية تتفوق على أي معرفة.
وقد لعبت علاقتي بالرواية العالمية دورها الأكثر تأثيرا في اختياري التخصص الأكاديمي في الرواية في مرحلتي الماجستير «صورة الفلاح في الرواية» ونشرت بعنوان: رواية الفلاح / فلاح الرواية، والدكتوراه «المكان في السرد العربي» ونشرت بعنوان «استراتيجية المكان» فلا شيء يعادل قراءة الهواية قبل قراءة التخصص. في الأولى يتشكل وعيد بشكل أكثر انفتاحا، وفي الثانية تضيق المسارات الموجهة بفعل العمل وضروراته.
رواية «تونيو كروجر» للكاتب الألماني توماس مان كتاب لا أنساه أبدا لتأثيره الكبير في أعماق نفسي حيث شعرت أن الكاتب يكتبني وأنني أتوحد بالبطل تماما. أيضا كتابات الدكتور زكي نجيب محمود وخصوصا كتاب قيم من التراث ومقالته الأهم «نمل ونحل» و«الحرافيش» لنجيب محفوظ. أما أغرب الكتب التي حرصت على اقتنائها فكان كتاب «الفلاحون» للأب هنري عيروط الذي يمثل اكتشافا مبكرا للفلاح المصري في بيئته.
أكثر الكتاب الذين أتشوق لقراءة كتبهم دكتور زكي نجيب محمود ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ونيتشه والقاص السوري زكريا تامر والشاعر محمود درويش.
وفى المرحلة الحالية أقرأ كتاب «السيف والمرآة» للكاتب السوري علي كنعان وهو كتاب من أدب الرحلات عن اليابان التي أقرأ كل ما يقع تحت يدي عنها.
القراءة في الأدب تشحن الروح بما يجعلها قادرة على إعادة تشكيل العالم عبر تكوين رؤى لا تقبل البقاء في الذاكرة وإنما تسعى للتشكل على الأوراق، وهو ما يمنح الكاتب القدرة على مكاشفة العالم بالكتابة التي تمثل نوعا من الموقف من العالم والعلاج من همومك الخاصة.
* أستاذ النقد الحديث ووكيل كلية دار العلوم المصرية
د. مصطفى الضبع - القراءة أعادت تشكيل عالمي
بدأت علاقتي بالكتاب في سن مبكرة وأنا طفل صغير. كان وراءها دافع طفولي داخلي لاكتشاف الحروف، قبل أن تتحول إلى رغبة لإزجاء وقت فراغ كان متسعا في زمن لم يكن فيه للتلفزيون سطوته الراهنة وهو ما عمل على تشكيل علاقة مبكرة مع الكتاب توثقت مع مرور الوقت لتصبح