تحية صادقة للحضور الكريم..
تحية إكبار واعتراف
وشكرا لمن سهروا على لم شمل هذا الجمع الرائع الذي يعكس في بعض أوجهه قيم النبل وآيات الاعتزاز برموزنا الوطنية، وهو ما يفتح صفحة جديدة من ثقافة الاعتراف، والانفتاح على قيم التنظيم والانضباط والتسامح.. ويشكل بالتالي منحى ايجابيا في المشهد الثقافي المغربي.. رب قائل إن دولة ليس فيها كتاب كبار وشعراء كبار وفنانون كبار لا يوجد فيها بالضرورة رياضيون كبار ولا سياسيون كبار ولا حرفيون كبار.. والشعوب التي لا يوجد فيها قراء منذورة للتخلف والتعصب والتطرف.. الكتاب والشعراء هم الثروة الحقيقية وهم رأسمال هذا الوطن وأسهمه في بورصة القيم وأعلامه الذين يعلون راياته في كل بقاع الدنيا وهم الأبقى أمدا والأكثر والأطول رسوخا في ذاكرة التاريخ
وإني أشعر بسعادة غامرة وأنا أجد نفسي بينكم هنا والآن للاحتفاء معكم بأحد سفراء الأدب المغربي الذين يؤسسون في المهجر لهوية عربية الوجه واليد واللسان.. واحد الروائيين المغاربة العصاميين الذين اثروا الخزانة الوطنية والريبرتوار الروائي العربي بأمات الروايات والمجاميع القصصية التي تعكس في مجملها تصورا واحدا ينحاز للهموم والمشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها المهاجرون
ربما هي الصدفة التي رشحتني لأن أكون ممن يدلون بشهادتهم حول مسار روائي وقاص مغربي استثنائي بكثير من المقاييس. وتجربة رائدة في الساحة الأدبية المغربية، يستحق بموجبها في تقديري أكثر من تكريم واعتراف واحتفاء. ولست محرجا من القول بأنني اعرف الأستاذ علي افيلال مبدعا منذ ربع قرن من الزمان أو يزيد من خلال نصوصه القصصية والروائية وعبر أحورته المتعددة على صفحات الملاحق الثقافية المغربية والمنابر الأدبية العربية بالرغم من أني لم أتعرف عليه شخصيا إلا منذ شهر تقريبا في احتفاءبهيج بتجربته الروائية بمدينة الصويرة، ولمست فيه صدق الكاتب ودفء الفنان وروعة الإنسان المهووس بالإبداع إلى حد الشغف والإنسان المتسامح المتفتح على كل الثقافات والحضارات والحساسيات الفكرية
علي افيلال من جبلة المبدعين الذين يتشوفون الواقع بمنظار سحري ويمارسون تطريز القول انطلاقا من نول الواقع حيث تفاجئنا في كتاباته تلك الفطرة البكر الأمارة بالخلق والتحليق في أجواء التخييل الواسعة الآفاق، الممهورة ببهجة الاستكشاف وجرأة القول وتشاكل الشجون الاجتماعية التي تكون التيمة الأصيلة لمواضيعه، ويؤمنون إيمانا صادقا بان الكتابة الإبداعية هي الرئة التي يتنفس عبرها المبدعون إذ يفرض الواقع نفسه بكل جسارة على المبدع لأجل تحقيق توازن نفسي ولاجل صياغة نص بمواصفات جمالية وأخلاقية أساسها كشف المضمر في العلاقات الإنسانية والنبش في المهمش والمقصي والمسكوت عنه من اجل تعريته ذلك: " ان الرواية التي لا تكتشف جزءا من الوجود ما يزال مجهولا هي رواية لا أخلاقية " بحسب تعبير ميلان كونديرا
يقول الأستاذ علي افيلال انه تعلم العربية من زبائن مهنته فهو من القلة القليلة من الأدباء العصاميين الذين لم ينتظموا في تعليم رسمي أسوة بباقي المبدعين خريجي الجامعات والدراسات الأكاديمية، ولا من أولئك المثقفين التنابلة الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب كما يقولون وينظرون لغيرهم نظرة فيها نوع من التجاهل والاستعلاء، لكنه ممن تقاسمتهم المحنة والهجرة والموهبة والفطرة أيضا، وممن تخرجوا من مدرسة اليومي والمعيش.. دون ان ينكسر فيه فرح البحث عن جذوة المعرفة، لم يتعلم الأستاذ علي افيلال إلا وهو على مشارف العقد الثالث من عمره بعد ان عركته الحياة وخبر أسرارها الخفية، وعلمته وصاغت منه روائيا حقيقيا كاملا من غير سوء.. يدبج بيراعته ما يتجاوز به واقعه إلى ابعد حدود المتخيل.. سواء في إبداعه الغزير، والذي يؤسس من خلاله لسرد مغربي مغاير، بلغة دقيقة رشيقة شائقة شفيفة شاعرية مشحونة بالكبرياء والعنفوان. موظفة بعناية وبانتقاء شديد، لنقل تصوراته المحلقة بإصرار واستقلالية المثقف فيه، موازيا بين الشغل وتوفير لقمة العيش والانشغال بحرفة الأدب، لأنه: " قل أن تجد صاحب صناعة يحكمها ثم يحكم من بعدها أخرى، ويكون فيهما على رتبة واحدة من الإجادة " كما يقول العلامة عبد الرحمن ابن خلدون
يتشكل القول في كتابات الرجل عبر تحريك المياه الراكدة وإعادة صياغة هذا العالم الضاج بالتناقضات الاجتماعية والاقتصادية التي لم يحد عنها قيد سطر ليفشي هموم وآلام المعذبين والمضطهدين، كم هي الكتابة هواية ولكنها السبيل الجميل لإفشاء لواعج الذات واستحلاب الذاكرة، إنه اختيار صعب من قبيل القبض على الجمر. ذلك أن القص عشق متأصل في حياة هذا الكاتب الشغوف بالسرود وبالمحكيات. تبرعم هذا الشغف حتى قبل ان تدركه حرقة الأدب وتلك حكاية أخرى عن بوادر تجربة أدبية يقول عنها: " أن جبران أعطاه الخيال والمنفلوطي أعطاه الحزن". لينغمس بعد ذلك في نهر الأدب العالمي الذي شغفه حبا، لهذا لا غرابة أن تكون رواياته ذات مسحة حزينة ما دامت الحياة لا تنتهي عادة بشكل جميل ومريح.. وإذا ما تأملنا جيدا قائمة كتاباته السردية على اختلافاتها الأجناسية سنجد ان الرواية تجسد قلبها النابض ضمن مؤلفاته التي تناهز 18 رواية و6 مجاميع قصصية، رقم - ولا حسد - يضمر طبعا أكثر من دلالة، فهو لم يتخذ من الكتابة ترفا فكريا بل ضرورة وجودية تستورق شجرتها اليانعة لفرط انبجاسها من ينابيع نفس مهووسة بالجمال وبشاعرية مفرطة لاستجلاء مظاهر القبح والبؤس الكامن في معيشنا اليومي.. إذ تنماز نصوصه الروائية بخصوصية الخوض في أوضاع المهاجرين، وتجاربهم الحياتية، حتى أصبحت كتاباته تؤرخ لهذه الشريحة المعذبة في الأرض، يستقصي مكابداتها ويوثق معاناتها الحياتية، ففي مدينة الجن والملائكة، عاش هجرته الإجبارية. جاس خلال سراديبها السرية، اكتشف خفايا المنافي الباريسية، ونهل من معين تاريخها المخفي بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا مدخل أساس لفهم جوهر إنسانية الأستاذ علي افيلال، خصوصا عرض حال النساء المهاجرات، والدفاع عن كرامتهن المهضومة، إذ يقول في أحد تصريحاته الصحافية: "معظم الروايات العربية التي قرأت أجد البطل دائما هو ذلك الرجل الذي يهيمن على الأحداث ويسيرها حسبما يتلاءم، وما في كينونته من الهيمنة على المرأة. وأنا عكس هذا التيار، معظم رواياتي، إن لم أقل كلها- البطلة هي المرأة.. هي التي تسوق السرد على حسب ما يتراءى لها وواقعها بجانب الرجل"
حصد الأستاذ علي افيلال العديد من الجوائز وحظي بالعديد من التكريمات والاعترافات من دول ودوائر أجنبية وترجمت أعماله للعديد من اللغات ودرست رواياته في جامعات شتى، واتخذت رواياته مواضيع للعديد من البحوث الأكاديمية لكنه في المغرب لم يحظ إلا بقليل من الاعتراف والاحتفاء.. "وأغرب الغرباء من كان غريبا في وطنه" كما يعلق أبو حيان التوحيدي
وهذا الواقع المزري يبين حجم الدمار الذي لحق بذاكرتنا الجمعية، وهول النكران الذي يلحق برموزنا الوطنية، نتاج سياسة التلميع الإشهاري وتكريس النجومية، حيث تسود نقائض وتستأسد أشباح وتستشري نقائص وتتمكن شوائب تكدر صورة المشهد الثقافي والسياسي والإعلامي المغربي الذي يستعصي على كل توصيف وتشبيه.. إنها الذاكرة الحرون المثخنة بالشروخ وبالعصيان والنكران
لكن لايهم. ما دامت هناك نوايا حسنة وثقة في النفس، وأمل في التغيير والتحدي .. فالعقاد يقول: " الصادقون في عواطفهم لا يبالون بالمظاهر"
حبنما يأتي الكلام عن الأستاذ علي افيلال تتبادر إلى الدهن أسماء عديدة شقت طريقها بعصامية مبارك الدريبي، محمد شكري، عقيل علي، حنا مينا، زكريا تامر.. ولا أدري إن كان يجوز لي أن انتحل بما يشبه قول الفتى النبيه في حضرة الحجاج بن يوسف الثقفي قائلا بدوري على مقاسه
"هو من دانت الهامات له = ما بين عربها واعاجمها
تأتي إليه الرؤوس صاغـرة = فيأخذ من فنها وعلومهـا"
ماذا يسعني قوله بعد كل هذا الكلام سوى أن اثني على القيمين على هذا الاحتفاء البهيج، وأسوق كلمة أثيرة لدي لشيخ الأدباء وإمام الفلاسفة أبو حيان التوحيدي من " مصنفه أخلاق الوزيرين": ( هذا مجلس يبتهى بحضوره لشرفه ويفتخر بالكلام فيه لكثرة من يعرف وينصف.. والمغالطة فيه مأمونة وليس كل أوان يتفق هذا الجمع)
تحية إكبار واعتراف
وشكرا لمن سهروا على لم شمل هذا الجمع الرائع الذي يعكس في بعض أوجهه قيم النبل وآيات الاعتزاز برموزنا الوطنية، وهو ما يفتح صفحة جديدة من ثقافة الاعتراف، والانفتاح على قيم التنظيم والانضباط والتسامح.. ويشكل بالتالي منحى ايجابيا في المشهد الثقافي المغربي.. رب قائل إن دولة ليس فيها كتاب كبار وشعراء كبار وفنانون كبار لا يوجد فيها بالضرورة رياضيون كبار ولا سياسيون كبار ولا حرفيون كبار.. والشعوب التي لا يوجد فيها قراء منذورة للتخلف والتعصب والتطرف.. الكتاب والشعراء هم الثروة الحقيقية وهم رأسمال هذا الوطن وأسهمه في بورصة القيم وأعلامه الذين يعلون راياته في كل بقاع الدنيا وهم الأبقى أمدا والأكثر والأطول رسوخا في ذاكرة التاريخ
وإني أشعر بسعادة غامرة وأنا أجد نفسي بينكم هنا والآن للاحتفاء معكم بأحد سفراء الأدب المغربي الذين يؤسسون في المهجر لهوية عربية الوجه واليد واللسان.. واحد الروائيين المغاربة العصاميين الذين اثروا الخزانة الوطنية والريبرتوار الروائي العربي بأمات الروايات والمجاميع القصصية التي تعكس في مجملها تصورا واحدا ينحاز للهموم والمشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها المهاجرون
ربما هي الصدفة التي رشحتني لأن أكون ممن يدلون بشهادتهم حول مسار روائي وقاص مغربي استثنائي بكثير من المقاييس. وتجربة رائدة في الساحة الأدبية المغربية، يستحق بموجبها في تقديري أكثر من تكريم واعتراف واحتفاء. ولست محرجا من القول بأنني اعرف الأستاذ علي افيلال مبدعا منذ ربع قرن من الزمان أو يزيد من خلال نصوصه القصصية والروائية وعبر أحورته المتعددة على صفحات الملاحق الثقافية المغربية والمنابر الأدبية العربية بالرغم من أني لم أتعرف عليه شخصيا إلا منذ شهر تقريبا في احتفاءبهيج بتجربته الروائية بمدينة الصويرة، ولمست فيه صدق الكاتب ودفء الفنان وروعة الإنسان المهووس بالإبداع إلى حد الشغف والإنسان المتسامح المتفتح على كل الثقافات والحضارات والحساسيات الفكرية
علي افيلال من جبلة المبدعين الذين يتشوفون الواقع بمنظار سحري ويمارسون تطريز القول انطلاقا من نول الواقع حيث تفاجئنا في كتاباته تلك الفطرة البكر الأمارة بالخلق والتحليق في أجواء التخييل الواسعة الآفاق، الممهورة ببهجة الاستكشاف وجرأة القول وتشاكل الشجون الاجتماعية التي تكون التيمة الأصيلة لمواضيعه، ويؤمنون إيمانا صادقا بان الكتابة الإبداعية هي الرئة التي يتنفس عبرها المبدعون إذ يفرض الواقع نفسه بكل جسارة على المبدع لأجل تحقيق توازن نفسي ولاجل صياغة نص بمواصفات جمالية وأخلاقية أساسها كشف المضمر في العلاقات الإنسانية والنبش في المهمش والمقصي والمسكوت عنه من اجل تعريته ذلك: " ان الرواية التي لا تكتشف جزءا من الوجود ما يزال مجهولا هي رواية لا أخلاقية " بحسب تعبير ميلان كونديرا
يقول الأستاذ علي افيلال انه تعلم العربية من زبائن مهنته فهو من القلة القليلة من الأدباء العصاميين الذين لم ينتظموا في تعليم رسمي أسوة بباقي المبدعين خريجي الجامعات والدراسات الأكاديمية، ولا من أولئك المثقفين التنابلة الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب كما يقولون وينظرون لغيرهم نظرة فيها نوع من التجاهل والاستعلاء، لكنه ممن تقاسمتهم المحنة والهجرة والموهبة والفطرة أيضا، وممن تخرجوا من مدرسة اليومي والمعيش.. دون ان ينكسر فيه فرح البحث عن جذوة المعرفة، لم يتعلم الأستاذ علي افيلال إلا وهو على مشارف العقد الثالث من عمره بعد ان عركته الحياة وخبر أسرارها الخفية، وعلمته وصاغت منه روائيا حقيقيا كاملا من غير سوء.. يدبج بيراعته ما يتجاوز به واقعه إلى ابعد حدود المتخيل.. سواء في إبداعه الغزير، والذي يؤسس من خلاله لسرد مغربي مغاير، بلغة دقيقة رشيقة شائقة شفيفة شاعرية مشحونة بالكبرياء والعنفوان. موظفة بعناية وبانتقاء شديد، لنقل تصوراته المحلقة بإصرار واستقلالية المثقف فيه، موازيا بين الشغل وتوفير لقمة العيش والانشغال بحرفة الأدب، لأنه: " قل أن تجد صاحب صناعة يحكمها ثم يحكم من بعدها أخرى، ويكون فيهما على رتبة واحدة من الإجادة " كما يقول العلامة عبد الرحمن ابن خلدون
يتشكل القول في كتابات الرجل عبر تحريك المياه الراكدة وإعادة صياغة هذا العالم الضاج بالتناقضات الاجتماعية والاقتصادية التي لم يحد عنها قيد سطر ليفشي هموم وآلام المعذبين والمضطهدين، كم هي الكتابة هواية ولكنها السبيل الجميل لإفشاء لواعج الذات واستحلاب الذاكرة، إنه اختيار صعب من قبيل القبض على الجمر. ذلك أن القص عشق متأصل في حياة هذا الكاتب الشغوف بالسرود وبالمحكيات. تبرعم هذا الشغف حتى قبل ان تدركه حرقة الأدب وتلك حكاية أخرى عن بوادر تجربة أدبية يقول عنها: " أن جبران أعطاه الخيال والمنفلوطي أعطاه الحزن". لينغمس بعد ذلك في نهر الأدب العالمي الذي شغفه حبا، لهذا لا غرابة أن تكون رواياته ذات مسحة حزينة ما دامت الحياة لا تنتهي عادة بشكل جميل ومريح.. وإذا ما تأملنا جيدا قائمة كتاباته السردية على اختلافاتها الأجناسية سنجد ان الرواية تجسد قلبها النابض ضمن مؤلفاته التي تناهز 18 رواية و6 مجاميع قصصية، رقم - ولا حسد - يضمر طبعا أكثر من دلالة، فهو لم يتخذ من الكتابة ترفا فكريا بل ضرورة وجودية تستورق شجرتها اليانعة لفرط انبجاسها من ينابيع نفس مهووسة بالجمال وبشاعرية مفرطة لاستجلاء مظاهر القبح والبؤس الكامن في معيشنا اليومي.. إذ تنماز نصوصه الروائية بخصوصية الخوض في أوضاع المهاجرين، وتجاربهم الحياتية، حتى أصبحت كتاباته تؤرخ لهذه الشريحة المعذبة في الأرض، يستقصي مكابداتها ويوثق معاناتها الحياتية، ففي مدينة الجن والملائكة، عاش هجرته الإجبارية. جاس خلال سراديبها السرية، اكتشف خفايا المنافي الباريسية، ونهل من معين تاريخها المخفي بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا مدخل أساس لفهم جوهر إنسانية الأستاذ علي افيلال، خصوصا عرض حال النساء المهاجرات، والدفاع عن كرامتهن المهضومة، إذ يقول في أحد تصريحاته الصحافية: "معظم الروايات العربية التي قرأت أجد البطل دائما هو ذلك الرجل الذي يهيمن على الأحداث ويسيرها حسبما يتلاءم، وما في كينونته من الهيمنة على المرأة. وأنا عكس هذا التيار، معظم رواياتي، إن لم أقل كلها- البطلة هي المرأة.. هي التي تسوق السرد على حسب ما يتراءى لها وواقعها بجانب الرجل"
حصد الأستاذ علي افيلال العديد من الجوائز وحظي بالعديد من التكريمات والاعترافات من دول ودوائر أجنبية وترجمت أعماله للعديد من اللغات ودرست رواياته في جامعات شتى، واتخذت رواياته مواضيع للعديد من البحوث الأكاديمية لكنه في المغرب لم يحظ إلا بقليل من الاعتراف والاحتفاء.. "وأغرب الغرباء من كان غريبا في وطنه" كما يعلق أبو حيان التوحيدي
وهذا الواقع المزري يبين حجم الدمار الذي لحق بذاكرتنا الجمعية، وهول النكران الذي يلحق برموزنا الوطنية، نتاج سياسة التلميع الإشهاري وتكريس النجومية، حيث تسود نقائض وتستأسد أشباح وتستشري نقائص وتتمكن شوائب تكدر صورة المشهد الثقافي والسياسي والإعلامي المغربي الذي يستعصي على كل توصيف وتشبيه.. إنها الذاكرة الحرون المثخنة بالشروخ وبالعصيان والنكران
لكن لايهم. ما دامت هناك نوايا حسنة وثقة في النفس، وأمل في التغيير والتحدي .. فالعقاد يقول: " الصادقون في عواطفهم لا يبالون بالمظاهر"
حبنما يأتي الكلام عن الأستاذ علي افيلال تتبادر إلى الدهن أسماء عديدة شقت طريقها بعصامية مبارك الدريبي، محمد شكري، عقيل علي، حنا مينا، زكريا تامر.. ولا أدري إن كان يجوز لي أن انتحل بما يشبه قول الفتى النبيه في حضرة الحجاج بن يوسف الثقفي قائلا بدوري على مقاسه
"هو من دانت الهامات له = ما بين عربها واعاجمها
تأتي إليه الرؤوس صاغـرة = فيأخذ من فنها وعلومهـا"
ماذا يسعني قوله بعد كل هذا الكلام سوى أن اثني على القيمين على هذا الاحتفاء البهيج، وأسوق كلمة أثيرة لدي لشيخ الأدباء وإمام الفلاسفة أبو حيان التوحيدي من " مصنفه أخلاق الوزيرين": ( هذا مجلس يبتهى بحضوره لشرفه ويفتخر بالكلام فيه لكثرة من يعرف وينصف.. والمغالطة فيه مأمونة وليس كل أوان يتفق هذا الجمع)